يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118) هَاأَنْتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنْ الغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119) إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120) - (آل عمران)
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


الغاية من الأسفار:

الغاية من الأسفار:
أما بعد: فإن من المعلوم أن لكل أمة غاية تسعى إلى تحقيقها، وهدفاً تتعاون وتتسابق للوصول إليه، فالأمة المهتدية بهدى الله أمة الصراط المستقيم، تجند لتلك الغاية وذلك الهدف كل أفرادها وأسرها ودولها، تعد له المناهج تعليماً وتربيةً وإعلاماً، وتخطط له سياسةً واقتصاداً وجهاداً، ويكون هو محور نشاطها وقطب رحى حركاتها وسكناتها، من أجله يقدح القادة عقولهم قدحاً، ويكدح الأتباع أنفسهم إليه كدحاً.
فهما غايتان:
غاية ترفع إليها الأبصار، ويسمو إليها ذوو الهمم الكبار الذين لا ترضى نفوسهم بما دونها، ولا يسلكون في دنياهم طريقاً لا يؤدي إلى مستقرها وعرينها، يستسهلون للوصول إليها الصعاب ولو كانت أسفاراً كلها قطع من عذاب، لأنهم قد علموا أن في الوصول إلى تلك الغاية كل السعادة، وهي لا تحصل بدون عزم وتوفيق وتعب وإرادة، كما تيقنوا أن في الحِرمان منها ضنكاً وشقاء على الدوام، أعدهما الله في الدنيا والآخرة للكسالى اللئام.
هذه الغاية هي رضا الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، والطريق المؤدي إليها هي أن يعبده العابدون، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}. [الذاريات: 56].
عبادة تشمل الحركة والسكون، فلا تكون صلاة العابد ونسكه وموته وحياته إلا لرب العالمين: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. [الأنعام: 62، 63].
وغاية أخرى هي تحت الأقدام في أسفل الدركات، تهبط إليها نفوس الأراذل الهالكات، ولو نالت بذلك الخسران المبين في الدنيا الفانية ويوم القيامة عندما يحاسب الله تعالى حساباً سريعاً جميع المخلوقات، نفوس تستهويها مُتَعُ الحياة وتستعبدها ملذاتها، فلا ترى في مسعاها إلا بريقها وخيالاتها، وتنسى الغاية التي يجب أن يشمر إليها المشمرون تشميراً، وبذلك يكون صاحب الغاية الأولى مهتدياً مسروراً، كما قال تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى}. [طه:123]. وقال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً (8) وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً}. [الانشقاق:7-9].
ويصلى صاحب الغاية الثانية في الدنيا ضنكاً، وفي الآخرة سعيراً، كما قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}. [طه: 124].
وقال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً (11) وَيَصْلَى سَعِيراً (12) إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً (13) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14) بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً}. [الانشقاق: 10-15].
وإذا كانت تلك الغاية العليا هي مطلب الأمة الإسلامية وأفرادها، فإن نشاط المسلم في مقامه وسفره يجب أن يكون لتحقيقها، وهي رضا الله تعالى بعبادته الشاملة لأداء الشعائر الإسلامية المفروضة عينا أو كفاية، والقيام بكل ما ينفع الإسلام والمسلمين.
وإني لأرجو من الله تعالى أن تكون أسفاري الكثيرة التي جُلْتُ فيها في العالم شرقاً وغرباً، نائلةً منه التوفيق لتكون محققةً لتلك الغاية، وأن يجعل كل تنقلاتي وتحركاتي خالصةً لوجهه الكريم، وأن ينفعني بما أجهدت نفسي في عمله وتسجيله، مما يتعلق بأحوال المسلمين والدعوة إلى الله في صفوفهم وصفوف غيرهم، وينفع به من يريد الإسهام في الدعوة إلى الله بالبلاغ أو بالمال أو الجاه، أو الكتابة أو غير ذلك، وأن ينفع به كذلك كل من يحتاج إلى الدعوة والتوجيه من المسلمين، وبخاصة أولئك الذين هجروا بلدانهم الإسلامية واستوطنوا غيرها من البلاد غير الإسلامية، أو هداهم الله للإسلام من أهل تلك البلدان.
وقد اعتدت في رحلاتي أن أسجل غالب مشاهداتي مما يتعلق بالكون وجماله، في الجو والبر والبحر والجبل [وقد سماني بعض المسلمين المهتدين في اليابان: شيخ البحر والجبل، لما رأى من شوقي الشديد للوقوف على شواطئ البحار أو خوضها في سفينة أو قارب، والصعود إلى قمم الجبال عندما تتاح لي الفرصة] في وسط غابة أو بين كتل جليد، أو على حافة نهر، وبجوار شلال صغير أو كبير، أو متحف قديم فيه عبرة للمعتبرين، أو حديث لا زال أهله ممن قال الله فيهم: {خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ}. [النحل: 4].
وتسجيل ما أتمكن من معرفته عن البلدان التي أزورها، مما يسر أو يسوء، أو ما يحدث لي من انفعالات وعواطف، وما أصادفه من يسر وهو الأعم الأغلب، أو عسر وهو قليل نادر وذلك من فضل الله تعالى، ومن مَسْكن ملائم مريح أو مأوى منافر غير مريح، ومن ذكر المسافات التي أقطعها بأي وسيلة من وسائل السفر، طائرة أو باخرة، سيارة أو قاطرة، دراجة (ركشة) في أزقة ضيقة موحشة، أو مركب كهربائي (تلفريك) صاعدٍ بالسائحين إلى قمم الجبال أو هابط، أو سحب متراكمة موقرة بما ينعم الله به على عباده من الأمطار الغزيرة التي يحيي الله بها الأرض بعد موتها وتخضر به الأشجار بعد ضمورها.
ومن معلومات عن الأشخاص الذين أجتمع بهم، وما يدور بيني وبينهم من حوار، أو ما يلقى من أحاديث أو محاضرات، وما يوجد من أعمال إيجابية في بعض مراكز الدعوة أو سلبية، وما يعترض الدعوة في المراكز من المشكلات واقتراح حلولٍ لها مناسبات، وتقييد ما يحتاج إليه الدعاة من مساعدات مادية، أو كتب أو منح دراسية، أو دعاة أو مدرسين أو أئمة، وغير ذلك، هذه الأمور هي التي اعتدت كتابتها في رحلاتي السابقة في المشارق والمغارب.
وقد زدت عليها في الرحلات الأوربية في سنواتها المتعددة وما تلاها من رحلات في بعض الدول الآسيوية أموراً أخرى كنت أتوق إليها فيما سبقها من الأسفار، ولكني لم أتمكن منها، إما لعدم الإثقال على المرافق وإما لضيق الوقت، وإما لعدم تشجيع بعض المسلمين القائمين بالدعوة في تلك البلدان التي أزورها.



السابق

الفهرس

التالي


14752411

عداد الصفحات العام

1091

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م