﴿بَشِّرِ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ بِأَنَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِیمًا﴾ [ ١٣٨] ٱلَّذِینَ یَتَّخِذُونَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ أَوۡلِیَاۤءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۚ أَیَبۡتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلۡعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِیعࣰا﴾ [النساء ١٣٩]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


وهنا لا بد من تنبيهات:

وهنا لا بد من تنبيهات:
التنبيه الأول:
أن هذا الدين يجد إقبالاً ممن بلغه لهيمنته على النفوس وموافقته للفطرة والعقول السليمة، لما يشتمل عليه من العقيدة الواضحة السهلة التي لا تصطدم بالعقل والفطرة، ولا فرق بين متعلم وعامي، إلا أن كلاً منهما يحتاج إلى أسلوب يتناسب معه في إبلاغه هذا الدين، والأستاذ رجاء جارودي من ذوي الثقافة العالية عند الأوربيين، و إن كان وقع في حمأة الإلحاد، فهذا عند الأوربيين ليس عيباً، وربما يكون أكثرهم غير مقر بدين وإن كانوا ينتسبون إلى النصرانية المحرفة المبدلة التي رموا بها في زوايا الكنائس، لقلة من الناس يرتزقون منها ولا يفهمون حقيقة ما يقولون للناس.
التنبيه الثاني:
أن الأصل في الذي يوفقه الله للإسلام أن يتتلمذ على أيدي مَن فقهه الله في الدين، ليتعلم أولاً فروض العين [1] التي أوجبها الله سبحانه وتعالى عليه بنفسه، حتى يؤدي ما فرض الله عليه عن علم وليس عن جهل، فإن الله لا يقبل إلا صالح الأعمال وهي التي يتوافر فيها الإخلاص والصواب، والصواب لا يوجد إلا بالعلم به عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم.
وإذا أراد المسلم أن يطرق أبواباً أخرى غير فروض العين من أحكام الإسلام، فإنه يجب عليه كذلك أن لا يدخل نفسه في أبوابها مفتياً أو قاضياً أو واعظاً أو آمراً بمعروف وناهياً عن منكر، إلا بعد أن يتعلم ذلك من علماء الإسلام ويتفقه فيه على أيديهم، وإذا أراد أن يكون مجتهداً فلا بد أن تتوافر فيه شروط الاجتهاد، سواء كان اجتهاداً جزئياً أو اجتهاداً مطلقاً، وهذا الأخير قلما تجد من يدعيه من العقلاء في العصور المتأخرة.
التنبيه الثالث:
الواجب على علماء المسلمين إذا سمعوا عن شخص دخل في الإسلام له ثقافة عالية في قومه ومركز اجتماعي، ويرجى من مثله أن يكون داعية إلى الله تعالى، أن يجتهدوا في تفقيهه في الدين، إما ببعث أحد العلماء الفقهاء في الدين ليلازمه فترة طويلة حتى يعمله ما يحتاج إليه، سواء كان في فرض العين أو فرض الكفاية، أو استدعائه إلى بعض المؤسسات الإسلامية في أحد البلدان الإسلامية لتعليمه دين الله، وأن لا يترك بمجرد دعواه الإسلام بدون تعليم.
التنبيه الرابع:
أن يتريث المسلمون والمؤسسات الإسلامية وأجهزة الإعلام في الشعوب الإسلامية، عن الإشادة به وكثرة مدحه وإطرائه، قبل الاجتماع به وتفقيهه في الدين، لأن ذلك قد يجعله يغتر بنفسه ويصدق نفسه - إذا كانت قد حدثته - بأنه مفكر إسلامي وداعية إسلامي، وهو لا يفقه في الدين إلا القليل، وعنده كثير من الأفكار القديمة التي كان يعتقدها لا تزال تسيطر على عقله وسلوكه، ويزداد غروراً عندما تنهال عليه الدعوات من العالم الإسلامي، لإلقاء محاضرات عن الإسلام، وهو لا يزال أقل علماً في الإسلام من طالب مسلم عاش في بلاد إسلامية، وهذا الأسلوب الذي يعامل به أمثال هؤلاء يجعلهم في نظر أنفسهم فوق الحاجة إلى التعليم، لأنه أصبح مفكراً إسلامياً وداعيةً ومناظراً... وتكون النتيجة أن يتجول بعقله في أي مرجع من الكتب التي ألفت في الإسلام، سواء كانت سليمة أو غير سليمة، يأخذ من هذا ما يوافق ثقافته وتفكيره ويأخذ من ذلك ما يناسبه، وقد يتمكن من قلبه بعض المعاني المنحرفة.
وقد يفهم من الكلام المنحرف انحرافاً أشد لم يقصده المؤلف، ويصبح عنده خليط من أفكاره القديمة وفلسفته، ومن الأفكار التي أطلع عليها مما يوافق أفكاره القديمة وفلسفته، وعنده شئ من المعاني الإسلامية الصحيحة، ويظن أنه أعلم العلماء، ويرى أن علماء المسلمين الذين أفنوا حياتهم في تعلم شرع الله أقل شأناً منه، حتى لو دخلوا هم الجنة التي يؤمنون بها، فإنه يفضل أن يدخل النار، ولو كان لا يؤمن لا بهذه ولا بتلك!
وهذا يبدو لي هو الذي حصل للأستاذ جارودي، فإنه يتهكم بشيخ الأزهر ومشايخ العلم الذين قابلوه في الملتقى الفكري في الجزائر، ومنهم الشيخ محمد الغزالي والدكتور يوسف القرضاوي [2].
ويأخذ ذلك من بعض العبارات التي أطلقها الصوفية - وهي تخالف بظاهر ها القرآن والسنة وما فهمه علماء الإسلام من الصحابة ومن تبعهم - وهم مع ذلك لم يقصدوا ما قصده جارودي من إنكار لليوم الآخر والجنة والنار، ومن ذلك قول رابعة العدوية الذي نقله الغزالي في إحياء علوم الدين (4/310): "وقال الثوري: لرابعة: ما حقيقة إيمانك؟ قالت: ما عبدته خوفاً من ناره ولا حباً لجنته، فأكون كالأجير السوء، بل عبدته حباً له وشوقا إليه..." ونقل الغزالي عبارات تشبه هذه العبارة، ثم قال في آخر ما نقل: "وما أرادوا بهذا إلا إيثار لذة القلب في معرفة الله تعالى على لذة الأكل والشرب والنكاح، فإن الجنة معدن متعة الحواس، وأما القلب فلذته في لقاء الله فقط".
ورجاء جارودي إنما يقرأ هذه الأمور عن طريق الترجمة من العربية إلى غيرها، ويجوز أن يكون المترجم قد حرف إما قصداً، وإما عن سوء فهم، فيضاف إلى ذلك ما قد يحصل لجارودي وأمثاله من سوء فهم أو موافقة فكرهم السابق، فيصل في النهاية إلى إنكار ركن من أركان الإيمان وقد سمعت أنه كذلك لا يؤمن بوجود ملائكة، ولكن لم أسأله عن ذلك نسياناً وهو كان مستعجلاً. [3].
1 - وفي مقدمتها أصول الإيمان وأصول الإسلام
2 - هكذا ذكر لي المترجم الدكتور يوسف القرضاوي، ولكني سمعته في إحدى الفضائيات ينكر حضور حوار جارودي في هذا الأمر، فربما كان ذكره سبق لسان من المترجم] بسبب أنهم ناقشوه في ركن من أركان الإيمان لا يصح الإسلام بدونه، وهو اليوم الآخر، وقد صمم على رأي له، وهو أنه لا يوجد يوم آخر، وإنما هو عبارة عن السعادة في الدنيا بطاعة الله والشقاء في الدنيا بمعصية الله، ويرى أن الذي يؤمن بوجود الحور العين والخمر والعسل الذي ذكره الله في القرآن، إنما هو عبد لتلك الأشياء وليس عبداً حقا لله. [وهذا مذهب الملحدين الذين كان جارودي واحداً منهم قبل إعلان إسلامه
3 - ولم أتمكن من كتابة بعض الأمور عن جارودي، كسبب إسلامه وديانته قبل الإسلام لأنه سلمني أوراقاً، قال: إن ذلك موجود فيها وهو باللغة الفرنسية تحتاج إلى ترجمة ولعلي أتدارك ذلك بعد أن تتيسر ترجمتها، وعمر جارودي أربعة وسبعون عاماً لأنه ولد سنة 1913م



السابق

الفهرس

التالي


14948204

عداد الصفحات العام

808

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م