[
الصفحة الرئيسية
] [
حول الموقع
] [
تعريف بصاحب الموقع
]
﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب
::
66- سافر معي في المشارق والمغارب
::
(34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف.
::
(067) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(066) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(065) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث
::
::
::
::
::
::
::
::
::
::
جملة البحث
جميع محتويات الموقع
المقالات العامة
مقالات الحدث
الجهاد في فلسطين
2 أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع المسلم
المقالات العامة
الإيمان هو الأساس
غيث الديمة الجزء الأول
غيث الديمة الجزء الثاني
حوارات مع أوربيين مسلمين
حوارات مع أوربيين غير مسلمين
الحدود و السلطان
حكم زواج المسلم بالكتابية
رحلة هونج كونج
جوهرة الإسلام
كتاب الجهاد
المسئولية في الإسلام
دور المسجد في التربية
كتاب سبب الجريمة
كتاب الشورى في الإسلام
كتاب السباق إلى العقول
الإيمان إصطلاحاً و أثره سلوكاً
كتاب طل الربوة
كتاب الوقاية من المسكرات
الكفاءة الإدارية
معارج الصعود إلى تفسير سورة هود
مقدمة سلسلة في المشارق و المغارب
المجلد الأول : رحلات الولايات المتحدة الأمريكية
المجلد الثاني : رحلات المملكة المتحدة (بريطانيا) و آيرلندا
المجلد الثالث : رحلات اليابان وكوريا وهونغ كونغ
المجلد الرابع:رحلات إندونيسيا الجزء الأول 1400هـ ـ 1980م
المجلد الخامس : الرحلة إلى إندونيسيا الجزء الثاني 1410هـ ـ 1990م
المجلد السادس : رحلات إندونيسيا الجزء الثالث 1419هـ ـ 1989م
المجلد السابع : رحلات أستراليا و نيوزيلاندا و سريلانكا
المجلد الثامن : رحلات كندا و إسبانيا
المجلد التاسع : رحلات سويسرا و ألمانيا و النمسا
المجلد العاشر : رحلات بلجيكا و هولندا و الدنمارك
المجلد الحادي عشر:رحلات السويد و فنلندا و النرويج
المجلد الثاني عشر : رحلات فرنسا و البرتغال و إيطاليا
المجلد الثالث عشر : رحلات سنغافورة و بروناي و تايوان
المجلد الرابع عشر : رحلات باكستان و الهند
المجلد الخامس عشر : رحلات تايلاند (بانكوك)
المجلد السادس عشر : الرحلة إلى ماليزيا
المجلد السابع عشر : رحلات الفلبين
المجلد الثامن عشر : رحلة كينيا
الفهرس
ماذا أقول لمسلمي جنوب أفريقيا؟
ماذا أقول لمسلمي جنوب أفريقيا؟
لا بد أن قول للمسلمين في جنوب أفريقيا شيئاً.
لقد أمضيت ثلاثة وثلاثين يوماً في جنوب أفريقيا، من يوم الاثنين 1/3/1420 ـ 4/4/1420هـ ـ 14/6/ 1999 ـ 17/7/1999م زرت فيها أربع مناطق، وهي: جوهانسبرج، وكيب تاون ودربن وبريتوريا.
زرت في المناطق الثلاث الأولى عواصمها وكثيراً من ضواحيها، ولم أزر في بريتوريا ـ وهي العاصمة الإدارية ـ إلا السفارة السعودية.
زرت مساجد ومؤسسات ومراكز ومدارس إسلامية، وبعض الجامعات، واجتمعت بأئمة المساجد وعلماء المسلمين وزعمائهم وأساتذتهم ودعاتهم واجتمعت ببعض المسلمين الجدد، وقابلت بعض المستشرقين، وحاورتهم جميعاً عن تاريخ الإسلام والمسلمين في هذا البلد، وعن أحوال المسلمين الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها.
وسجلت في دفتري كل ما تمكنت من تسجيله من تلك المعلومات.
هذا مع العلم أنني كثيراً ما أكرر السؤال الواحد على كثير ممن قابلتهم، حرصاً مني على الاستقصاء والاطمئنان، وقد تتفق إجاباتهم وقد تختلف، وأنا أسجل إجابة كل واحد كما هي، وقد أعلق على بعضها بما أرى، وقد أرجح إجابة على أخرى لسبب بدا لي.
وعندما استقلت بي الطائرة في سماء جنوب أفريقيا، وألقيت نظرة وداع على أرضها، سألت نفسي هذا السؤال: ما ذا أقول لمسلمي جنوب أفريقيا؟
وقلت لنفسي: لا بد من الإجابة على هذا السؤال الآن لأمرين:
الأمر الأول: أن حواراتي ولقاءاتي ومشاهداتي وملحوظاتي لا زالت غضة طرية، والإجابة الآن ستكون أكمل وأسهل من الإجابة غداً، لكثرة المشاغل وطروء النسيان.
الأمر الثاني: أن خير البر عاجله، والحرص على النافع مشروع، وتأخير عمل اليوم إلى الغد ممنوع.
القول الأول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ووداعا أيها المسلمون في جنوب أفريقيا، إلى أن يكتب الله لنا أو لبعضنا اللقاء في أي زمان أو مكان، وأرجو أن يجمعنا الله تعالى بكم جميعاً في دار كرامته.
القول الثاني: لقد وفقكم الله لغرس دينه في هذا البلد منذ أكثر من ثلاثمائة سنة، على غير رغبة من أعداء هذا الدين الذين جاءوا بأجدادكم ـ من الملايو والهند ـ عبيداً وخدماً منفيين معتقلين مسجونين مهانين، لا قيمة لهم إلا عند مولاهم الذي أراد لهم أن ينشروا دينه الحق ويوطنوه في بلد بعيد ناء عن بلدانهم.
وقد بذل العلماء من أجدادكم جهوداً مضنية في سبيل المحافظة على تمسك ذريتهم بدينهم، إضافة إلى دعوة غيرهم، حتى أصبح الإسلام منتشراً في غالب البلاد، وأصبحت المعاقل العلمية والمساجد والمراكز الإسلامية المتنوعة منتشرة في كل مكان حل به المسلمون.
وقد حافظ بعضهم ـ الهنود ـ على الدم النَّسَبيِ، كما حافظوا على الدين الإسلامي. ولقد أصبحت لفظتا الحلال والحرام في المطاعم والفنادق والطائرات والبواخر وغيرها معروفة في مناطق جنوب أفريقيا كلها، بل إن المطاعم والأسواق الكبيرة تعلق لروادها لافتات كتب عليها
(حلال HALAL )
ولا يسمح لتلك المطاعم بتعليق تلك اللافتات إلا بإذن من مجلس القضاء الإسلامي في كيب تاون أو أي مؤسسة إسلامية معترف بها لدى الدولة. وهذا يدل على أن الإسلام قد غرس في هذا البلد غرساً قوياً.
القول الثالث: لقد أراد الأوربيون العنصريون أن يحولوا بين دعوة الإسلام ووصولها إلى غير المسلمين من سكان جنوب أفريقيا، فعزلوا كل فئة عن الأخرى وكان لذلك العزل جانبان:
[
1
]
.
الجانب الأول: إيجابي وهو المحافظة على ذراري المسلمين من اختلاطهم بغيرهم من الفئات غير الإسلامية، كما حصل للمسلمين الأفغان في أستراليا، وكما حصل لبعض المسلمين في بلدان أخرى كأمريكا الجنوبية.
الجانب الثاني: سلبي، وهو أن اختلاط المسلمين بغيرهم قد يكون له أثره الفعال في دخولهم في الإسلام ـ وبخاصة الأفارقة السود ـ إذا تحلى المسلمون بالقدوة الحسنة، وقاموا بالدعوة إلى الإسلام ـ كل في حدود قدرته ـ كما حصل ذلك في كثير من البلدان، في أفريقيا وفي جنوب شرق آسيا، حيث أصبح غالب سكان تلك البلدان مسلمين، مثل إندونيسيا وماليزيا وبروناي، وكذلك بعض بلدان أفريقيا، مثل نيجيريا والسنغال وغيرها ...
القول الرابع: من النصيحة الصريحة لكم أن أقول لكم: لقد قصرتم تقصيراً شديداً في دعوة من اختلطوا بكم من السود إلى الإسلام، فقد كان يوجد بينكم الخدم: رجالاً ونساء، صغاراً وكباراً، ولم يكن غالبكم ـ بل أكاد أقول: كلكم ـ حسب إجابات كثير من علمائكم وزعمائكم الذين قابلتهم يهتمون بدعوة أولئكم الخدم إلى الإسلام، وقد بقوا مع أجدادكم ومع آبائكم ومعكم مدداً طويلة من الزمن، وكان في إمكانكم في تلك المدد الطويلة أن تنقذوهم من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام، إذا وجدوا فيكم القدوة الحسنة والاهتمام بدعوتهم، لا سيما أن فطرهم أقرب إلى فطرة الإسلام وعاداتهم أقرب إلى عاداتكم من عادات المسيحيين الذين نصَّروهم على مرأى ومسمع منكم، وكان الإسلام سينتشر بين أسر خدمكم وجيرانهم وأصدقائهم إذا دخلوا في الإسلام.
[كثير من الأفارقة يختنون أبناءهم ولا يعتبرون الشاب مكتمل الرجولة بدون ختان، كما ذكر ذلك
(مانديلا)
في كتابه
(طريقي إلى الحرية)
في طبعته العربية]
.
وإني لأخشى عليكم أن تكونوا تركتم ثلاث قواعد مهمة من قواعد الدعوة الإسلامية، دلت عليها سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وسيرة أصحابه، ومن تبعهم من دعاة الحق وعلماء الإسلام:
القاعدة الأولى: دعوة المواقع التي لا عذر لأي واحد منكم في تركها، وهي أن يقوم كل مسلم بالدعوة إلى الله بالقول أو بالفعل
(القدوة الحسنة)
في موقعه الذي هو فيه، إن لم يقدر على الانتقال إلى غيره.
وفي قصة يوسف ما يرشد إلى هذا المعنى، فقد دعا إلى الله وهو في سجنه، عندما قال:
{يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمْ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}
[سورة يوسف، الآية: 39].
القاعدة الثانية: وجوب البيان لمن يحتاجه في وقت حاجته وعدم جواز تأخير ذلك، وتأخير ذلك من غير عذر هو كتمان لما أنزل الله، ومعلوم عقاب الله لمن كتم بيان ما أنزل، وهو مخالفة لتكليف الله رسوله صلى الله عليه وسلم القيام بالبلاغ المبين، وقد انتقل تكليف الله رسوله بذلك ـ بعد وفاته ـ إلى تكليف أمته في كل جيل من أجيالها، والنصوص الدالة على هذه القاعدة من القرآن والسنة والسيرة النبوية كثيرة معلومة لدى طلبة العلم.
القاعدة الثالثة: وجوب نشر الإسلام نشراً سريعاً إلى كل من يمكن الداعيةَ الوصولُ إليه قَرُب أم بَعُد، إما مباشرة وإما بأي وسيلة أخرى، وهذا ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث دعا كل من استطاع الوصول إليه إما بنفسه، وإما عن طريق رسله ورسائله، وربى أصحابه على ذلك وقاموا به بعده.
ولا زال الأفارقة السود إلى الآن يختلطون بكم خدماً في المنازل وسائقين وعاملين في المكاتب والشركات، فهل من تلافٍ لهذا التقصير ممن قصر فيما سلف من عمره؟
القول الخامس: لقد فتح الله الباب الآن على مصراعيه لاختلاطكم بغيركم من أهل الأديان الأخرى من الفئات الثلاث: السود والملونين والبيض،
[
3
]
. وفي ذلك فرصة سانحة لاجتهادكم في الدعوة إلى الله وتبليغ دينه إلى جميع سكان جنوب أفريقيا وما جاورها، والدعوة إلى الله ليست من نوافل الطاعات، بل هي فريضة لازمة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى يوم الدين، كل من هذه الأمة بحسب طاقته وموقعه: العالم يدعو ويبين ما لا يقدر على بيانه غيره، وإذا كتم أصبح في صف من لعنهم الله من علماء بني إسرائيل، والغني ينفق من ماله على أي وسيلة يُتَوصل بها إلى الدعوة، وهكذا الإعلامي...
ولا بد أن تكون الدعوة التي تقام بها حجة الله على عباد الله بينة واضحة لا لبس فيها ولا خفاء:
{أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ}
[سورة المائدة، من الآية: 92]. ويمكن لغير العلماء أن يبينوا للناس ما هو ظاهر من أمور الدين كأركان الإيمان وأركان الإسلام، وفرائض العين، وأمهات المحرمات.
القول السادس: إن قيامكم بالدعوة إلى الله ـ حسب طاقتكم ـ وتعاونكم على ذلك، سيكثر الله به أنصاركم ويقوي به صفكم، ويرفع به راية الإسلام وتكون لكم به العزة والغلب.
وإن قعودكم عن الدعوة إلى الله وتكاسلكم عن ذلك يزيدكم على قلتكم قلة، ويزيد من كثرة أهل الأديان الأخرى التي قد لا يدوم تسامحها معكم، وفي ذلك ضعفكم وضعف دينكم، ومن ضعف دينه خف وزنه وهان على الناس وذل، لأن سنة الله اقتضت أن يتسابق أهل الحق بحقهم وأهل الباطل بباطلهم إلى عقول الناس، ومن كان أكثر سبقاً بما عنده كان أكثر أنصاراً، فاستبقوا الخيرات لتكسبوا نصر الله في الدنيا وثوابه في الآخرة.
القول السابع: إن الواجب عليكم جميعاً أن تتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، وأن تجتهدوا في اتخاذ كل سبب يؤدي إلى اجتماع كلمتكم على الحق، وترك كل سبب يؤدي إلى فرقتكم وتصدعكم، وإن الواجب عليكم أن يسعكم ما وسع سلفكم في العصور المفضلة، وعلى رأسهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن تبعهم بإحسان وأئمة الهدى من علماء الحديث والتفسير والفقه الذين كانوا يختلفون في المسائل الاجتهادية، ولكن ذلك الاختلاف لم يكن يفسد الود بينهم ومعرفة كل واحد فضل مخالفه، بل كانوا متحابين متعاونين على البر والتقوى.
ومن الأمور التي يجب عليكم أن تسعوا في الاجتماع عليها والسعي في إزالة الفرقة بينكم فيها، بعض الشعائر العامة، مثل بداية الصيام ويومي العيدين، وإن ما سمعته من خلاف بينكم في هاتين المسألتين من تفرق في مدينة واحدة لأمر محزن لا يليق بالمسلمين أن يحصل بينهم، لما في ذلك من الفرقة ومن تنفير غير المسلمين من إقبال على هذا الدين.
وإنني على يقين أنكم لو اجتمع علماؤكم اجتماعاً يقصدون من ورائه أن يرضوا ربهم دون تعصب، لدراسة ذلك لهداهم الله لما اختلفوا فيه من الحق.
القول الثامن: إن الواجب عليكم أن توجدوا العدد الكافي بالتعليم والتدريب لمن يقوم بفرض الكفاية في العبادات، من طلبة العلم الذين يفقهون فروض العين فقهاً مفصلاً، ليسقطوا عن المسلمين ـ وبخاصة العلماء ـ فرض الكفاية في هذا الأمر، بحيث يقومون بتعليم المسلمين هذه الفروض، ويكون عددهم كافياً لتعليم كل المسلمين في جنوب أفريقيا، وتعلمون أيها العلماء أن المراد بفرض الكفاية هو أن يوجد العدد الكافي للقيام به، وليس المراد مجرد وجود فرد أو أفراد لا يكفي عددهم المسلمين.
وهكذا يجب على المسلمين أن يوجدوا العدد الكافي في إمامة مساجد المسلمين، والعدد الكافي من المدرسين، والعدد الكافي من المفتين، والعدد الكافي من القضاة. هذا فيما يتعلق بشئون الدين.
واضرب مثلاً يوضح معنى العدد الكافي: لو أنا احتجنا إلى ألف إمام لألف مسجد، فأوجدنا خمسمائة فقط ونحن قادرون على إيجاد العدد الباقي فنحن آثمون حتى نوجده، وهكذا بقية الأمور...
ويجب كذلك أن توجدوا من يقوم بفرض الكفاية في الأمور العادية، مثل الأطباء، والمهندسين، والتجار والخبازين والزراع، وهذه أمرها أسهل لأن بعضها قد يتوافر في غير المسلمين..
وهذا يقتضي منكم أيها المسلمون التخطيط والدراسة، في شئون التعليم والدعوة والإفتاء والقضاء والإمامة، بل والسياسة والاقتصاد والإعلام وغيرها، بحيث يُخَصَّص لكل جانب من تلك الجوانب عدد يبدأ في إعداد القائمين به دراسة وتدريباً حتى يكمل العدد المطلوب في الأوقات المناسبة.
القول التاسع: إن الدعوة إلى الإسلام تحتاج إلى فريقين من الدعاة، لكل فريق وظيفته ومجاله:
الفريق الأول: يُختار من نجباء الطلاب الذين يظهر عندهم استعداد للجد في طلب العلم والتفقه في الدين في كل العلوم الإسلامية والعربية، ويهتم ـ مع تعليمهم ـ بتزكيتهم وتربيتهم تربية إيمانية وعبادية وأخلاقية، وتخليته من كل صفة تخالف الإسلام، وتحليته بكل صفة من صفات كمال الداعية المسلم، ليكون بذلك قدوة حسنة لمن يعلمهم ويدعوهم إلى الله.
وهذا الفريق يحتاج في إعداده وبنائه إلى وقت طويل ومتابعة دقيقة، ولعل هذا ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم في العهد المكي، وإعداد هذا الفريق يمكن أن نسميه
(البناء البطيء)
.
وهذا الفريق هو الذي يتحمل عبء إعداد الأعداد الكثيرة بالتعليم والتدريب لمن يقومون بنشر الإسلام نشراً سريعاً بين الناس، وهم الذين يمكن أن يكونوا رؤساء مراكز كبيرة للدعوة، ومديري مدارس إسلامية، وأئمة وخطباء للجوامع الكبيرة، ويعقدوا حلقات العلم، ودورات التدريب للدعاة الذين ينتشرون في مناطق السود لدعوتهم وتعليم أبنائهم.
الفريق الثاني: إعداد من يُلِمُّ بمبادئ الإسلام ـ وبخاصة فروض العين ومكارم الأخلاق ـ من عقيدة وعبادة وحسن خلق، ليتولوا القيام بتعليم أبناء المسلمين مبادئ الإسلام، ويعلموا المسلمين فروض العين، ويدعوا غير المسلمين في مناطقهم، فهم الذين يقومون بنشر الإسلام نشراً سريعاً.
وهذا النشر السريع أثر للبناء البطيء، ويمكن أن يديروا بعض مراكز الدعوة الصغيرة وكتاتيب تعليم القرآن ومبادئ الإسلام، ويؤموا المصلين في المساجد الصغيرة.
وهذا الفريق هو الذي يتولى إعدادَه الفريقُ الأول: يعلمه ويدربه ويشرف عليه ويوجهه ويتابعه.
وإذا وجد هذان الفريقان وجوداً كافياً نجحت الدعوة الإسلامية نجاحاً رأسياً بالفريق الأول، ونجاحاً أفقيا بالفريق الثاني، وانتشرت انتشاراً واسعاً مضبوطاً بضوابط شرعية لا تفريط فيها ولا إفراط.
القول العاشر: إن الواجب على الأغنياء والتجار القادرين أن يبذلوا من أموالهم ما يُمَكِّن الفريقين من القيام بواجبهم، من إقامة مراكز ومدارس ومساجد ومرافق اجتماعية وصحية، في كل موقع بما يناسبه.
ويجب أن يكون الاهتمام شاملاً لكل الفئات والمناطق، وعدم استئثار فئة معينة بمساعدة المتبرعين والمحسنين وحرمان الفئات الأخرى من ذلك، لأن استئثار جهة معينة دون غيرها يحدث آثاراً سيئة:
الأثر الأول: شعور الفئات المحرومة بعدم الاهتمام بها، وهذا ما صرح به بعض المسلمين السود، فقالوا: إن المسلمين الهنود لا يهتمون بنا وأنهم يعاملوننا باحتقار وازدراء كما كان البيض يعاملوننا، ومما يدل على عدم اهتمامهم بنا أنهم يقيمون لأنفسهم المساجد الكبيرة والمراكز الخيرية والاجتماعية، والمدارس الصغيرة والكبيرة، ونحن في أمس الحاجة إلى مدارس لأبنائنا ومساجد نصلي فيها ومدرسين وأئمة، ولا نجدهم يهتمون بنا، وكأننا لسنا مسلمين.
[
4
]
.
الأثر الثاني: نمو حقد السود عليكم ـ وبخاصة المسلمين منهم ـ بسبب شعورهم بإهمالكم لهم، وتركهم للمنصِّرين الذين أدخلوهم في النصرانية ولا زالوا يتابعونهم ويربون أبناءهم، فيزداد بذلك أنصارهم ويكثر أعداؤكم.
1
- لم يكن هذا هو هدفهم الوحيد من العزل، ولكنه أحد أهدافهم
2
- كثير من الأفارقة يختنون أبناءهم ولا يعتبرون الشاب مكتمل الرجولة بدون ختان، كما ذكر ذلك (مانديلا) في كتابه (طريقي إلى الحرية) في طبعته العربية
3
- الملونون هم ذرية التناسل المختلط من شعوب متنوعة، كالبيض يتزوجون بملايويات
4
- وقد صرح بذلك بعض علماء الهنود، ومنهم الأخ محمد خليل غاردي كما مضى، والأخ خالد يعقوب كما سيأتي في خطابه الذي بعث به إلي وأثبت نصه في آخر الكتاب
الفهرس
15983313
عداد الصفحات العام
1489
عداد الصفحات اليومي
جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م