﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(0078)سافر معي في المشارق والمغارب

(0078)سافر معي في المشارق والمغارب

وفي صباح الاثنين 25/12/1408 ﻫ ـ7/8/1988م سافرت إلى من مدينة برلين إلى مدينة ميونخ.

في مدينة ميونخ

الثلاثاء 26/12/1408 ﻫ ـ 8/8/1988م

حوار مع الأخ الدكتور الألماني المسلم أحمد فون دنفر:

هذا الرجل يختلف عن كثير من المسلمين في ألمانيا، بل في الغرب في شدة تمسكه بالإسلام، ومعرفته به، وعدم المبالغة في أسلوبه، ومع صراحته فيما يعتقده، وعنده من الوعي ما يفرق به بين الإسلام الذي دل عليه الوحي، ومن المسلمين الذين لا تدل تصرفاتهم المخالفة له، مع اتصافه بالتواضع، وعدم المبالغة.
ولما كان الحوار مع فيه طول نسبي، فقد قسمته هنا إلى حلقتين، هذه الحلق الأولى منه.

ففي يوم الثلاثاء اجتمعت بالأخ الألماني المسلم الداعية المؤلف أحمد فون دنفر (AHMAD VON DENFFER) في مقره في أحد مباني المركز الإسلامي في ميونخ، وهذا المبنى كان مصدر إيذاء للمركز الإسلامي، حيث كان يتخذ بيتاً للدعارة فنصر الله المسؤولين عن المركز وتم شراؤه وإلحاقه بالمركز، وهو الآن مصدر هداية، ولذلك سموه بيت الطهارة، بدلاً من تسميته ببيت الدعارة. ولد الأخ أحمد سنه 1949ﻫ.


الكاتب في الوسط وعلى يساره الأستاذ أحمد فون دنفر في المركز الإسلامي بمدينة ميونخ الألمانية
ولم أحتج إلى مترجم بيني وبينه في كل ما تقررنا عليه من الحوار، لأنه يتكلم العربية الفصحى.

تخصصه: علم الشعوب. ديانته قبل الإسلام: النصرانية (بروتستانتي). أول ما سمع عن الإسلام سماعاً واعياً سنه 1966م عندما سافر إلى تركيا. أما قبل ذلك فلا يذكر ماذا سمع عن الإسلام.

بداية تعرفه أحمد على الإسلام.

وكان يسافر كثيراً لقضاء إجازاته في دول أوربا. ثم سأل نفسه: ماذا يعمل بعد وإلى أين يسافر؟ فتقرر عنده إما أن يسافر إلى تركيا أو إلى إفريقيا، وتعينت تركيا لغلاء نفقه السفر إلى إفريقيا.. وقرأ عن تاريخ تركيا وديانتها، ليعرف عنها كل شئ يمكنه معرفته وتبين له الاختلاف بينها وبين دول أوربا، واشترى ترجمة معاني القرآن الكريم.

ثم اهتم بالقراءة عن الإسلام في أوقات فراغه، وكان عنده فراغ أكثر عندما التحق بالخدمة العسكرية سنة 1968م فقرأ عن الأديان وبخاصة الإسلام أكثر في هذه الفترة. وكان عنده اقتناع بأن الإسلام ممتاز بالنسبة للمسلمين، ولكنه لم يكن يفكر أنه هو سيصبح مسلماً مع أنه فهم الإسلام جيداً. وفي تلك الفترة كان يصعب على الأوربي التعرف إلى الإسلام في بلده، وعندما عرف هو الإسلام ووجد فيه أموراً كثيرة يرى أنها مناسبة كان لهما تأثير قوي لدخوله في الإسلام. سأل نفسه لماذا لا أكون مسلماً؟

التوحيد والعدل

وكان مما لفت انتباهه في الإسلام قضيتان:

الأولى: التوحيد، والثانية: العدل، ولم يجد ذلك في الكنيسة. ثم وجد أن كل ما عرفه في الإسلام كان مقبولاً عنده ما عدا أمرين: الأمر الأول: مفهوم القضاء والقدر، والأمر الثاني: موقف الإسلام من المرأة بحسب تفكير الأوربيين، ولكنه بعد تأمل رأى أن هذين الأمرين لا يمنعانه من الدخول في الإسلام [تأمل كيف يبحث الإنسان بنفسه عن فهم الإسلام وما تعترضه من شبهات تحول بينه وبين الدخول في الإسلام، ثم يرجح الجوانب الكثيرة التي بدت له مشرقة في الإسلام على الجوانب الأخرى التي ظن بحكم تفكيره السابق أنها سلبيات فيدخل في الإسلام، كل ذلك بجهده ـ بعد توفيق الله ـ دون أن يجد من يبصره أو يدعوه إلى الإسلام بسبب ترك المسلمين الدعوة إلى هذا الدين مباشرة أو عن طريق الكتب وغيرها].


بداية ممارسته للإسلام

فبدأ يترك شرب الخمر وأكل لحم الخنزير. وطلب كتاباً عن تعليم الصلاة، وحاول أن يصوم رمضان، وكان ذلك كله يحدث في حياته بالتدريج، إذ حصلت هذه الأمور خلال، أربع سنوات، ولم تكن توجد فيها مساجد يعلن فيها إسلامه، ولكنه كان مقتنعاً بالإسلام (ثم قال معلقاً): إنه يوجد بعض الألمان الذين هم مقتنعون بالإسلام ولكنهم لا يحتكون بالمسلمين ولا يجتمعون بهم. وما زال الأخ أحمد - كما قال ـ يزداد في علمه وعمله وتغيرت عنده كثير من المفاهيم.

قلت له: ما الفرق بين حياتك قبل الإسلام وحياتك بعده؟ فقال: الفرق كبير، ولكنه بسبب تغير حياته بالتدريج لم يشعر بمشكلات، بخلاف الذي يدخل في الإسلام فجأة فإنه يواجه مصاعب جمة.
[قلت: ولهذا اقتضت حكمة الله أن ينزل القرآن منجماً وأن يتدرج في التشريع ـ تحليلاً وتحريماً وواجبات].

الكتب المترجمة إلى الألمانية عن الإسلام:
وسألت الأخ أحمد: هل توجد كتب تشرح مبادئ الإسلام باللغة الألمانية وهي في متناول أيدي الناس؟
فقال: توجد كتب كثيرة عن الإسلام، وكانت قبل مائة سنة ترجمات حرفية، والكتب التي كتبت في بداية هذا القرن أغلبها ضد الإسلام من قبل المستشرقين.

ومنذ خمسة عشر عاماً تقريباً وجدت كتبا مؤلفة من قبل الألمان، وهى جيدة وبعضها أجود من بعض.
ومن الكتب القديمة سيرة ابن هشام، وهى في مكتبات الجامعة، وليست في متناول أيدي الناس، والدولة لا تعارض الطبع لهذه الكتب أو غيرها.

وقال الأخ أحمد: إنه يحاول إعادة طبع هذه الكتب بأسلوب العصر الطباعي وأحرفه الجديدة. وتوجد كتب أخرى في المكتبات الجامعية. وقبل أربع سنوات كان المسلمون يطبعون بعض الكتب الإسلامية ويوزعونها على المراكز الإسلامية والمساجد وأماكن التجمعات الإسلامية، ثم نهجوا الآن نهجاً آخر، وهو تسجيل هذه الكتب في فهارس المكتبات التجارية العامة، بحيث يتمكن أي شخص أن يطلب الكتاب الذي يريده، وإن كان لا يوجد في بلده فإنه يستطيع أن يطلبه من بلد آخر على العنوان الذي كتب في الفهارس.

قلت للأخ أحمد: هل تغطي هذه الكتب موضوعات مبادئ الإسلام إذا اطلع عليها الإنسان قامت عليه بها الحجة؟ فقال: يصعب الجواب عن هذا السؤال، إذ يوجد في ألمانيا ستون مليون شخص، وقد ترجمت خمسون مادة في موضوعات مختلفة، ومن كل مادة طبع عشرة آلاف نسخه.. وقد ترجمت معاني القرآن الكريم عدة تراجم، ومن قرأ هذه التراجم ولم يسلم فقد قامت عليه الحجة، وكتاب محمد حميد الله "الإسلام" يشتمل على النقاط المهمة من مبادئ الإسلام، والذي يطلع عليه يمكن أن تقوم عليه الحجة، ويبقى الأمر بين الإنسان وربه تعالى.

قلت هل يظن الأخ أحمد أنه يوجد في أوروبا من لم يسمع عن الإسلام؟ قال: الإسلام سمع عنه الجميع، ولكن كيف سمعوا؟ إن تسعة وتسعين من كل مائة سمعوا عن الإسلام أموراً محرفة ومشوهة تنفر عن الإسلام.

الموضوعات الإسلامية المؤثرة في الألمان:

قلت: ما الموضوعات التي يرى البدء بها للتعريف عن الإسلام؟ قال: قبل مائة سنة كان الفكر في الدين والثقافة غير متشعب، أما الآن على ضوء الحرية الفكرية الموجودة فتوجد أفكار كثيرة واختلافات وأسئلة كثيرة.

ولذلك تكون الأولوية حسب أسئلة الناس وفئاتهم للإجابة عن أسئلتهم، وضرب مثلاً لذلك بالحياة بعد الموت، فالكبار لهم تصورات كنسية، والصغار لهم تصورات بوذية وغيرها. ويوجد سؤال يومي تقريباً، وهو كيف يكون العيش في المستقبل بعد عشرين أو ثلاثين عاماً، في إطار ما هو موجود من مشكلات السلام والحروب الاقتصادية والسياسية والعسكرية؟ الناس يسألون المسلمين هنا اعتقاداً منهم أنه يجب أن يكون عند المسلمين حل وإجابة عن هذا السؤال، فإذا لم يجدوا عند المسلمين حلاً اعتقدوا أن المسلمين أسوأ حالاً منهم.

وهناك نقطة مهمة يجب على الباحث أن ينتبه لها وهى أن الوضع في الغرب وأمريكا وضع حرج ومهم، فالناس يخافون على مستقبلهم ومستقبل أولادهم، فترى المرأة التي عندها أطفال تسأل عن مستقبلهم وقد تجد أجوبة مشابهة لما هو عند المسلمين ولكن لا يعرف الناس أن حل مشكلاتهم في الإسلام. وهناك مثالان: أنوه قبلهما بشيء وهو أنه يجب علينا أن لا نكون عمياً، لا ننظر إلى واقع الناس الذي يعيشون فيه:

المثال الأول: الخمر قبل عشر سنوات أو خمس عشرة سنة كانت الكحول هي الشراب الرئيس في الحفلات، وكان المسلمون إذا أقاموا حفلات دعوا كبار رجال الدولة، فيحضر ممثلون عن اليهود والنصارى، وكان المسلمون يتحرجون من تقديم غير الكحول على عكس الحال الآن، إذ يوجد اختيار بين الكحول وغيرها.

وقد نقص معدل استخدام الكحول ما بين 1986 ـ 1987م 2% وهذه النسبة مع قلتها يجب أن يهتم المسلمون بإبرازها، فعندما يجتمع المسلمون في حفلة مع غير المسلمين ويطلبون شراباً غير كحولي تجد بعض النصارى يطلبون شراباً غير كحولي أيضاً لأسباب: منها التأثير على الصحة، أو أن جار المسلم قد فقد ابنه في حادث سيارة نتيجة شرب الكحول، أو ما شابه ذلك، ونحن المسلمين ننسى في مثل هذه المناسبات أن نبين لهم أن الذي يعملونه صحيح، ولكن هذا العمل الصحيح في حد ذاته لا يقودهم إلى ما يرجون من الخير لعدم ارتكازه على الإيمان.

والنظام يقتضي سحب رخصة القيادة ممن تزيد نسبة الكحول في شرابه بقدر معين، والمسلمون لا يستغلون ذلك في بيان محاسن الإسلام وموقفه من الكحول أصلاً. والأطباء المسلمون يمكنهم أن يراسلوا الجهات الرسمية التي تقوم بمحاولات في هذا الموضوع وأشباهه وقد يجدون منهم آذاناً صاغية لنصيحتهم، ولكن المسلمين لا يفعلون ذلك، وإنما يهتمون بمرتباتهم فقط. والواجب عليهم أن يبلغوا الجهات المسؤولة أنها لا تستطيع تجنب مشكلات الكحول إلا إذا منعت الخمر على الناس، وهذا وإن كان تأثيره قليلاً في أول الأمر سيفتح الباب. والألمان عندهم استعداد أكثر من غيرهم.

صفات الداعية المؤثر في الألمان:

قلت: ما صفات الداعية الذي يمكن أن يؤثر في الألمان؟ قال: أن يتصف بصفات الرسول صلى الله عليه وسلم، حسب الطاقة، ويجب أن تكون صفات الداعية الحميدة معروفة عند أهل بلده حتى يجد الناس فيه مثلاً حياً يتأثرون به. ويجب أن يكون الداعية مجيداً للغة أهل البلد الذين يدعوهم إلى الإسلام حتى يتمكن من تفهيمهم معاني الإسلام على حقيقتها بوضوح.

وقال الأخ أحمد ـ مؤكداً هذا المعنى ـ :إنه لو طلب منه إخوته الذين يعمل معهم أن يذهبوا للدعوة في بلد آخر غير بلده مثل أمريكا اللاتينية فانه سيلبي طلبهم، ولكنه يفضل أن يتركوه ليقوم بالدعوة في بلده الذي يفهمه أهلها أكثر من غيرهم. وهذا الأمر هو الذي اختاره الله لرسله، حيث لم يرسل منهم رسولاً إلا بلسان قومه، وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يبعث إلى كل قوم شخصاً منهم إذا وجد. ولا بد من معرفة ثقافة أهل البلد الذين يدعوهم، ومعرفة الأسئلة الآنية المهمة والإجابة عنها، ولا بد من الصبر والأمانة، وليس من الضروري أن يعلم الداعية فقه المذاهب الأربعة، ولكن من الضروري أن يعلم الإجابات عن الأسئلة التي تهم الناس، كدور المرأة في الإسلام ـ مثلاً ـ ولا بد أن يكون الداعية حكيماً رفيقاً ليناً.





السابق

الفهرس

التالي


16130655

عداد الصفحات العام

1381

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م