﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(013)ما المخرج

(013)ما المخرج

الثامن من المخارج: الجهاد في سبيل الله

لقد أكَّد الله تعالى تحقيقه المخرج للمجاهدين في سبيله، الجهاد الشامل - المعنوي والمادي - الذي أمرهم به في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أكَّد ذلك سبحانه بأساليب متنوعة، ودلَّت الآيات القرآنية أن الجهاد في سبيل الله، من أعظم ما يحقق الله به المخرج لهذه الأمة، فينصرها به ويعزها على أعدائها ويذلهم لها به.

ولنتأمل بعض الآيات المتعلقة بالجهاد وكيفية دلالتها على أن الله تعالى يمنح الأمة الإسلامية إذا قامت به المخرج من الضيق والضنك والحرج، قال تعالى: {فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ(194)} [البقرة].

هذه الآية تتضمن جهاد دفع عدوان المعتدين على المسلمين، ومعلوم أن جهاد الدفع فرض عين على كل المسلمين القادرين عليه، من كل سكان البلد المعتدى عليه، لا فرق بين ذكر وأنثى وشيخ وشاب، تأمل قوله تعالى بعد أمره برد عدوان المعتدين: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} ومعيته تعالى هنا تعني النصر والتأييد، ومعنى ذلك أن الله تعالى سيجعل لمن قاتل عدوه دفاعاً عن دينه ونفسه وماله وعرضه مخرجاً، لأنه معه.

وقال تعالى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ..(251)} [البقرة].

هذه الآيات نزلت في المسلمين من بني إسرائيل وأعدائهم الكافرين، ولكن معناها يشمل هذه الأمة؛ لأن الله تعالى يذكر لنا في كتابه قصص الأمم الماضية للاعتبار وبيان أن الأخذ بسننه الكونية مشروع كالأخذ بسننه الشرعية لكل الأمم، كما قال تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنْ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ (111)} [يوسف].


فقد بيَّن تعالى في آيات البقرة الثلاث: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ...} بياناً واضحاً أن الفئة القليلة إذا قامت بالجهاد في سبيل الله كما أمرها الله، ينصرها الله على عدوها ولو كانت فئته أكثر من فئتها، ففي الآية الأولى منها علق غَلَب الفئة القليلة على إذنه وعلى كونه معها بنصره، وفي الآية الثانية ذكر توكل هذه الفئة عليه واستنصارها به، وعقب على ذلك بذكر انتصارها وهزيمة عدوها، وعلق النصر والهزيمة بإذنه تعالى، فالآيات تضمنت معنى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} لأن قيام الفئة القليلة بالجهاد الذي أمر الله به هو من تقوى الله، ونصر المجاهدين وهزيمة عدوهم من المخرج الذي وعد الله تعالى به من اتقاه.

وقال تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ(160)} [آل عمران]. وهذه الآية من آل عمران، اشتملت المخرج وشرطه، والحرمان منه وسببه، أما المخرج ففي قوله تعالى: {فَلا غَالِبَ لَكُمْ}؛ لأن نفي الغلب لهم هو نصر لهم، والآيات الأخرى تدل على أنهم هم الذين يغلبون عدوهم لنصر الله تعالى إياهم، وأما شرط ذلك فهو التوكل عليه سبحانه كما هو واضح في آخر الآية.

وأما الحرمان فتضمنه قوله تعالى: {وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} والسب يشير إليه قوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ} إذ مفهومه أن من لم يتوكل على الله يستحق الخذلان منه، وهو ضد المخرج.

وقال تعالى: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)} [الحج]. وفي هذه الآية وعد مؤكد بثلاثة أقسام من التوكيد: الأول القسم الذي دلت عليه لامُه، والثاني نون التوكيد الثقيلة، والثالث ختم الآية بأنه تعالى قوي عزيز، فهو يبيِّن بذلك أنه كامل القدرة على إنفاذ ما وعد به إذا وجد شرطه، فنصر الله الذي هو نصر لدينه من التقوى، ونصره تعالى لمن قام بذلك من المخرج الذي وعد به المتقين.
وقال تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ...(15)} [التوبة].

وهاتان الآيتان واضحتان كذلك في أن قتال أعداء المسلمين المشروع، شرط في نصره فهو نوع من أنوع التقوى، وجزاؤه وهو تعذيب العدو بأيدي المؤمنين ونصرهم عليهم وشفاء صدورهم وإذهاب ما في قلوبهم من غيظ، كل ذلك مخرج جازاهم الله تعالى به على قتال عدوهم؛ لأن قوله: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمْ} هو بمعنى: "إن تقاتلوهم يعذبهم" كما قال القرطبي في تفسيره للآية: "قوله تعالى: { قَاتِلُوهُمْ} أمر. {يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ} جوابه. وهو جزم بمعنى المجازاة: والتقدير: إن تقاتلوهم يعذبهم الله...".

وهذا العدو لا يهدأ عن قتال المسلمين على دينهم: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا..(217)} [البقرة]. ولا جهاد بدون إعداد: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (60)} الآية من سورة الأنفال، وراجع موقع الروضة الإسلامي على الرابط التالي:
http://al-rawdah.net/r.php?sub0=rahalat&sub1=a5_general&p=77&key [الأنفال].

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ(7)}. [سورة محمد .ومعناه واضح في أن المخرج وهو نصر الله، لا يتحقق للمسلمين إلا بوجود شرطه، وهو نصرهم لدين الله].







السابق

الفهرس

التالي


15330372

عداد الصفحات العام

2505

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م