﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(07)سافر معي في المشارق والمغارب

(07)سافر معي في المشارق والمغارب

حوار مع الأب الدكتور ميشيل لولونغ: [هذا الرجل من أندر زعماء المسيحيين في موقفه من الإسلام، كما سيأتي]

كنا على موعد مع الأب الدكتور ميشيل لولونج، في مكتبه في باريس، وكان معي الدكتور أحمد جاب الله رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا. رحب بنا الرجل وأظهر سروره بقدومنا، وحيانا باللغة العربية، وهو يتحدث بها.

وقبل أن أبدأ الكتابة عنه ذكرت له بأني أزور المبشرين والمستشرقين في هذه الجولة، وأحاورهم في بعض القضايا مع أخذ بعض المعلومات منهم، فقال: أنا لست مبشراً ولا أرى أن المسلمين في حاجة إلى التبشير، لأن عندهم ما يكفيهم، وهو الإسلام الذي جاء به القرآن والرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
قلت: وماذا أسميك مستشرقاً؟ قال: سمني مؤمناً أنا مؤمن. قلت: متى ولد الأب لولونج وما تخصصه وما وظائفه؟ قال: إنه ولد سنة 1925م في فرنسا في عائلة متدينة، وعنها أخذ دينه، وخاصة الإيمان بالله والمسيح والارتباط بالكنيسة الكاثوليكية. قصده أنه مؤمن بدينه، ومؤمن بأن الإسلام حق ولكنه غير ناسخ لغيره من الأديان فالدين المسيحي الموجود حالياً كالإسلام كما سيأتي لذلك صريحاً من كلامه...


الكاتب مع الآب لولونغ

ولم يكن يعرف الإسلام جيداً عندما كان شاباً ولا يعرف عن المسلمين شيئاً ذا أهمية، وعندما درس في جامعة السوربون وجد فرصة للالتقاء بالمسلمين، وبخاصة طلبة المغرب العربي فتعرف على الإسلام عن طريقهم، وعرف أن الإسلام فيه ثروة للبشرية، وأن هناك علاقة قوية بين المسلمين والمسيحيين، وبخاصة أنه حصل اجتماع للكنيسة سنة 1934م دعت فيه إلى التعرف على الديانات الأخرى، واحترام الإسلام والتعاون مع المسلمين، وبخاصة في نشر القيم الأخلاقية وغير ذلك.

ودعا بولس السادس والبابا بولس الثاني إلى الصداقة بين المسيحيين والمسلمين واحترام بعضهم بعضاً، نعم هنالك اختلاف بين الديانتين، وبخاصة حول المسيح باعتباره عند المسيحيين بالإضافة إلى أنه رسول فهو كذلك إله، وكذلك حول بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. ومع هذا الاختلاف، فلا مانع من الاحترام والعمل المشترك لوجود ما يجمع المسلمين والمسيحيين، كالاعتقاد في الله وبأننا كلنا عائدون إلى الله ومحاسبون بين يدي الله، وكذلك القيم والأخلاق.

وسألته: متى تظن أول صلة حصلت بين فرنسا و المسلمين؟ وفهم الدكتور أني أريد الصلة في هذا العصر، فصحح له الأخ أحمد جاب الله وهو الذي كان يساعدنا في الترجمة أن المقصود في القديم والحديث، فأجاب: أن السؤال عن التاريخ مهم باعتبار أن الحاضر متأثر بالماضي.

كان في القديم صراعات بين أوربا المسيحية والإسلام، وكان الإسلام يعتبر عدواً وخطراً في أوربا لعدة قرون، فقد ارتبط الإسلام في أذهان الأوربيين بمعركة: بواتيه التي وقف فيها القائد الفرنسي شارل مارتيل المد الإسلامي، وكانت الحروب الصليبية، وأرسلت الجيوش لمحاربة المسلمين في بلادهم، وجاء المسلمون إلى أوربا الوسطى، وكانت العلاقة بين المسلمين والمسيحيين علاقة خوف واستشعار الخطر من الجانبين.
كان المسلمون يظنون أن المسيحيين يكونون خطراً عليهم، وعلى دينهم، وكان المسيحيون يظنون أن المسلمين يكونون خطراً عليهم وعلى دينهم، بالإضافة إلى ذلك شاركت الكنيسة في استعمار أوربا لبلاد المسلمين ـ واستدرك الدكتور فقال ـ لا يقال الكنيسة ولكن بعض المسيحيين ـ. [كان استدراكه على المترجم، لأن المترجم عبر بالكنيسة، وهو أراد كما قال بعض المسيحيين تبرئة للكنيسة من أن تكون فعلت ذلك بإجماع].

ولكن كانت هناك علاقات بين الشرق الأوسط وأوربا إيجابية، على رغم هذا الجو الذي فيه نوع من الصراع والخلافات. في الشرق الأوسط احترم المسلمون المسيحيين، ومكنوهم من تطبيق ديانتهم بحرية وكذلك في القدس، حيث كان المسلمون متسامحين مع اليهود ومع المسيحيين، وفي أوربا ـ في أسبانيا ـ كانت هناك فترات تعايش وتفاهم، والآن رغم المشكلات الدولية، نعتقد أن الذي يجمع بين المسلمين والمسيحيين هو أهم من الذي يفرقهم. الذي يفرقهم هو المشكلات السياسية، فالمسلمون – مثلاً - قريبون من مشكلات العالم الثالث، بينما أوربا في محور الدول الصناعية، لأن في العالم قطبين: قطب الدول الضعيفة التي يطلق عليها الجنوب، والدول القوية التي يطلق عليها الشمال.
فالمشكلة في الحقيقة الآن بين المسلمين والمسيحيين هي سياسية وليست دينية [لم نتمكن من مناقشة هذا الرأي لأن الأب كان مستعجلاً، وكان الهاتف يرن بين آونة وأخرى يذكرونه باقتراب وقت الصلاة، وهو الذي يتولى الصلوات في أوقاتها، كالإمام عند المسلمين].

ولا بد أن يجتهد المؤمنون - يعني المسلمين والمسيحيين - في مقابلة الملحدين - في إقرار السلام في الشرق الأوسط، مثلاً فلسطين لا بد أن يتعاون المسلمون والمسيحيون في الدفاع عن حقوق الإنسان فيها، مهما كانت ديانتهم. والبابا يدعو إلى تعاون المسلمين والمسيحيين وتجاوز الخلافات الماضية، ويقول: إن الذي يجمعنا أكثر من الذي يفرقنا، المشكلة الآن هي كيف يعمل المسلمون والمسيحيون في إحلال السلام.

(وأخرج كتابا من مكتبته، وقال): ترجمت في هذا الكتاب عدة خطابات لـ"بولس" السادس والبابا الحالي، وكلها تدعو إلى ضرورة الانفتاح والتعاون بين المسلمين والمسيحيين، وفي الزيارة الأخيرة للبابا لأمريكا، تكلم في لقائه مع الطائفة اليهودية عن ضرورة وجود وطن للفلسطينيين في فلسطين، [وقال الأب باللغة العربية: حق تقرير المصير].

ولكن هذا الكلام وهذه التعليمات التي يكررها البابا دائماً ليست محترمة من قبل الكنائس المحلية. وقد يكون من المفيد أن توجد لقاءات دائمة بين المسؤولين عن المؤسسات الإسلامية وغيرها، وكذلك المؤسسات الكنسية مثل الفاتيكان والطوائف المسيحية الأخرى - وذكر مؤسسة مسيحية في جنيف - الظاهر أنه قصد مجمع الكنائس العالمي - ويمكن في مثل هذه أن يتدارس المسلمون والمسيحيون مشكلاتهم، مثل مشكلة الأقليات الإسلامية في بلاد المسيحيين والأقليات المسيحية في بلاد المسلمين، وكيف يمكن لهذه الأقليات أن تطبق دينها وتكون محترمة، لأن عدم تسوية هذه المشكلات ستستغل من قبل جهات أخرى لإشعال الخلاف بين المسلمين والمسيحيين، كما يحصل الآن عندنا من بعض المسيحيين في أوربا حول وجود المسلمين، يرون أنه نوع من الغزو لأوربا المسيحية. فلو حصلت لقاءات بين المسؤولين من المسلمين والمسيحيين لكان في ذلك نوع من التفاهم في نطاق العقيدة المشتركة.


على يسار الكاتب المترجم الأخ أحمد جاب الله

(وسأله المترجم أحمد جاب الله: لماذا لا تأخذ الكنائس المحلية بالتعليمات التي تصدر من البابا؟ فأجاب): الكنيسة تأخذ بتعليماته إلى حد ما، وأنه هو- أي الأب لولونغ- كان مسؤولاً عن لجنة السكرتارية المسؤولة عن العلاقة مع المسلمين، والكنيسة يجب أن تأخذ بتعليمات البابا، وتوجد مجموعة تعمل لهذا الهدف، ولكن يجب أن نعترف أنه يوجد في فرنسا وفي غيرها من لا يوافق على هذا التوجه.

ويعود السبب إلى بعض المشكلات، فإن الفاتيكان له موقف من قضية فلسطين ويرى أن مدينة القدس يجب أن تكون محايدة وليست تحت نفوذ إسرائيل، وهذا هو موقف الأمم المتحدة، وهذا الموقف ليس مقبولاً في الظاهر عند الكنيسة الفرنسية بسبب الجو العام السائد هنا، لا يجرؤ مسؤولو الكنسية أن يصرحوا بمثل هذا الموقف ولكن هو - أي الأب لولونغ - يتمنى دائماً لو أن الكنائس المحلية تلتزم بالتعليمات العامة للبابا.

وقال: لو كان المسلمون مسلمين حقاً، والمسيحيون مسيحيين حقاً لحصل بينهم التفاهم، وعدم التفاهم من قبل المسلمين، هو أنهم لا يلتزمون تماماً بتعليمات دينهم، وكذلك المسيحيون. والكنائس لها مشكلات خاصة، فالبابا – مثلاً - يدعو في أمريكا إلى احترام مبادئ المسيحية، ولكن الأساقفة لا يأخذون كلهم بكلام البابا، فدور البابا هو التذكير بهذه المبادئ.

وسألت الأب لولونغ: بعض المستشرقين الذين قابلتهم، وكذا وسائل الإعلام في الغرب ينسبون إلى الإسلام ما يفعله بعض المسلمين، مما يخالف الإسلام، فما رأيكم في هذا؟ قال: هذا ليس عدلاً، وأنا معك في هذا الأمر، ليس عدلاً أن نقوِّم الإسلام بسلوك سيئ لبعض المسلمين، لأنه يوجد مسلمون جيدون أوفياء لدينهم، وأعرف في فرنسا كثيراً من المسلمين الذين يلتزمون بإسلامهم، فلا بد أن نقوم الإسلام بعمل هؤلاء الملتزمين، وليس بعمل المنحرفين [الإسلام يعرف بمنهجه ونصوصه، و لو خالف بعض المسلمين الملتزمين في بعض الجزئيات].

وكذلك بالنسبة للمسيحية فلا ينبغي أن نقوم موقف الكنيسة من خلال مواقف بعض المسيحيين، فلا نقول - مثلاً -: إن الكنيسة وراء الاستعمار، لأن هذا موقف بعض المسيحيين وليس موقف الكنيسة ككل [يحاول الأب بشتى الوسائل أن يقنع المسلمين بسلامة موقف الكنيسة المركزية من الإسلام والمسلمين في الجملة].







السابق

الفهرس

التالي


16111390

عداد الصفحات العام

3188

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م