﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(026) المسئولية في الإسلام

(026) المسئولية في الإسلام

حقوق العبيد على السادة

عناية الإسلام بتحرير الرقيق.

تمهيد
مضت سنة الله الكونية أن يختلف الناس، وأن يتبع ذلك الاختلاف حروب بين طائفة وأخرى، تستولي الطائفة المنتصرة على أموال الطائفة المهزومة وتسبي نساءها وذراريها، وتأسر رجالها، وتسترق الجميع ويكونون عبيداً يتصرفون فيهم تصرفهم في أموالهم. هكذا كان الناس يفعلون قبل الإسلام من العرب وغيرهم. وكانت معاملة العبيد عندهم سيئة جداً، بل كانت طرق الاسترقاق متعددة، فمنهم من يسترق الأجير، ومنهم من يسترق المرأة، ومنهم من يسترق ذا لون معين.

فلما جاء الإسلام أبطل تلك الطرق كلها، ما عدا طريقاً واحداً وهي استرقاق أسرى الحرب، فقد أبقاها لأن في إلغائها ضرراً على المسلمين؛ لأن الكفار إذا انتصروا عليهم سيسترقونهم، وترك استرقاق الكفار مع كونهم يسترقون المسلمين ليس من العدل، فالطريق الوحيد للاسترقاق في الإسلام هي استرقاق أسرى الحرب فقط، وهي طريق عادلة كما مضى لأنها معاملة بالمثل.

عناية الإسلام
اهتم الإسلام بتحرير الرقيق لقد اهتم الإسلام بعتق المماليك اهتماماً عظيماً وفتح له نوافذ

كثيرة، تمكيناً لهم من الحرية، وتكريماً لآدميتهم. {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة 60]. {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}[النور 33]. والظاهر أن الخير يشمل صلاح العبد في دينه وأخلاقه، وفي قدرته على الكسب لنفسه.

النافذة الأولى: حث المؤمن أن يعتق مملوكه ووعده على ذلك جزاءً عظيماً:فجعل تعالى عتق الرقاب، من أنواع البر الدالة على صدق صاحبها وتقواه، كما قال تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ} [البقرة 177].

وجعل تعالى فك الرقاب، أي عتقها، مما يحض عليه ويرغب فيه، كما قال تعالى: {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد 11-13]. ولهذا فسر بعضهم كلمة (فلا) بـ(هلّا) وهي للحض والحث على فعل الشيء، والمراد بالعقبة ما ذكر الله تعالى بعد ذلك في قوله: {فَكُّ رَقَبَةٍ} إلى آخره.. وقد أوضح المفسرون معاني هذه الآيات الكريمة، فليرجع إلى كتب التفسير، ومنها تفسير ابن كثير، وتفسير القرطبي.

ووردت في الحث على عتق الرقاب أحاديث كثيرة؛ منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل إرْبٍ منها - أي عضو - إرباً منه من النار) [مسلم (2/1147)]. ومنها أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، من ضرب مملوكه فأوجعه أن يعتقه وجعل ذلك كفارة له.كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه) [مسلم (3/1278)].

وعن معاوية بن سويد قال: لطمت مولى لنا فهرب ثم جئت قبيل الظهر فصليت خلف أبي فدعاه ودعاني ثم قال: امتثل منه، ثم قال: كنا بني مقرن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس لنا إلا خادم واحدة فلطمها أحدنا، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (اعتقوه) قالوا: ليس لهم خادم غيرها، قال: (فليستخدموها فإذا استغنوا عنها فيخلوا سبيلها) [مسلم (3/1279)].

النافذة الثانية: أن الله تعالى جعل عتق الرقاب من مصارف الزكاة: قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة 60].

النافذة الثالثة: أمر الله تعالى السادة، أن يستجيبوا لطلب عبيدهم العتق على مال: وذلك بأن يكاتبونهم عليه، وأمر تعالى بإعانتهم وإعطائهم من مال الله تعالى ليحرروا أنفسهم به، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور 33].

النافذة الرابعة: وجوب عتق الرقاب في كفارات في أربع حالات:
الحالة الأولى: أن يقتل مؤمناً خطأ، إذا كان أولياؤه مؤمنين، فيسلم لهم الدية ويعتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين.

الحالة الثانية: أن يقتل مؤمناً خطأ وليس له أولياء مؤمنون، كأن يكون ممن يقاتل مع قوم كفار

محاربين، أو كان ذمياً فعلى القاتل أن يعتق رقبة فإن لم يجد صام شهرين متتابعين كذلك.

الحالة الثالثة: أن يقتل ذمياً فعليه دية وعتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين أيضاً. قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً} [النساء 92].

الحالة الرابعة: أن يظاهر من زوجه، ثم يعزم على إبقائها زوجا له، فأوجب الله عليه أن يعتق رقبة، ولا ينتقل منها إلى غيرها إلا إذا لم يجدها. قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة 3].

الحالة الخامسة: تخيير من حلف وحنث، أن يُكفِّر بواحدة من ثلاث، إحداها تحرير رقبة. قال تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة 89].

النافذة الخامسة: وجوب عتق من أعتق نصيباً له في عبد مشترك: بعتق نصيب شركائه، وتعويضهم عن ذلك، فإن لم يكن له مال، طلب من العبد أن يسعى في تحصيل نصيبهم من غير أن يشق عليه في ذلك. كما في حديث أبي هريرة صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (من أعتق شقصاً له في عبد، فخلاصه في ماله إن كان له مال، فإن لم يكن له مال اسْتُسْعِيَ العبد غير مشقوق عليه) [البخاري (3/113) ومسلم (3/1288) ومعنى قوله: "شقصاً" نصيباً، ومعنى قوله "اسْتُسْعِي" أي كلف العبد الاكتساب من غير مشقة، حتى تحصل قيمة نصيب الشريك الآخر فإذا دفعها إليه أعتق].

النافذة السادسة: ترغيب المسلم في أن يعتق أمته ثم يتزوجها بعد تأديبها:كما في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما رجل كانت عنده وليدة، فعلمها فأحسن تعليمها، وأدبها فأحسن تأديبها، ثم أعتقها وتزوجها فله أجران) [البخاري (6/120) ومسلم (1/134-135)] الحديث..ومعنى هذا أن المطلوب من المؤمن أن يحول جاريته الخادم إلى ربة بيت راعية فيه.

النافذة السابعة: جعل عتق الأمة صداقها، إذا أراد سيدها أن يتزوجها:عن أنس رضي الله عنه، "أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وتزوجها، فقال له، أي لأنس بن ثابت: ما أصدقها؟ قال: نفسها.. أعتقها وتزوجها". [متفق عليه البخاري (6/121) ومسلم (2/1045)].
هكذا وقف الإسلام من عتق الرقيق، وفتح له أبواباً وسبلاً ومنافذ كثيرة كما ترى، رغبة في تحريره وتقليل الرق، كما قطع كل سبل الاسترقاق التي كانت سائدة في العالم قبل الإسلام، إلا طريقاً واحدة عادلة، وهي المعاملة بالمثل، وقد مضى بيانها.






السابق

الفهرس

التالي


16130679

عداد الصفحات العام

1405

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م