﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(09) سافر معي في المشارق والمغارب

(09) سافر معي في المشارق والمغارب

المعتز بالله يرافقنا إلى مدينة سونغ نام:

جاءنا الأخ المعتز بالله هونغ جنغ ركي إلى الفندق صباح هذا اليوم ليرافقنا إلى مدينة سونغ نام لزيارة مسجد السلام، ثم زيارة مساجد أخرى سيأتي ذكرها. ولد المعتز بالله سنة 1942م وأسلم قبل عشر سنوات من الآن أي سنة 1976م في جامع سيؤول، ودَرَسَ اللغة العربية في جامعة أم القرى سنة 1978م، سنتين، وكان يقوم بدعوة الكوريين في كل من مكة وجدة والمدينة المنورة لمدة خمس سنوات، وعمل مترجماً لشركة دونغ آه التي كانت تنفذ مشروعات الهاتف السعودي في مدن المملكة العربية السعودية.

وطلب من رابطة العالم الإسلامي أن تتعاقد معه ليقوم بالدعوة إلى الإسلام في كوريا قبل ثلاث سنوات، ورجع قبل سنة دون أن يتيسر له التعاقد مع الرابطة. وهو يقوم الآن بالدعوة في مدينة سونغ نام التي أقيم بها مسجد السلام، وقد سماه بهذا الاسم الدكتور عبد الله عمر نصيف أمين عام رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة.

ويوجد مسجد في قرية يونغ إن، يسمى مسجد الهدى سماه بذلك الدكتور نصيف أيضاً. ويقوم الأخ معتز بإمامة الناس في مسجد السلام، وقبل عشر سنوات كان يقوم بالدعوة في مدينة كوانجو بعد إسلامه، ويدرس في مدرسة كيونغ نام في سيؤول، وله زوجة وولدان وبنت.
أخذنا هذه المعلومات من الأخ المعتز بالله في الفندق. وفي الساعة العاشرة والنصف انطلقنا بالسيارة من سيؤول إلى مدينة سونغ نام ومكثنا في الطريق نصف ساعة.

في مدينة سونغ نام

وفي مسجد السلام التقينا عدداً قليلاً من المسلمين في هذه المدينة ومعهم بعض الأطفال الذين كانوا يدرسون بعض مبادئ الإسلام. وقد ألقى الأخ محمد باكريم كلمة تحدث فيها عن نعمة الإسلام وقلة المهتدين به، وضلال أكثر الناس عنه، مع كونه هو الدين الحق ووجوب الإيمان به على كل العالم، وقال: إن الناس يفرون مما يقيد شهواتهم مع أن في ذلك مصالحهم ورضا ربهم عنهم، وأوصى بالحرص على تطبيق الإسلام والدعوة إليه، وتنشئة الصغار على الإيمان والعمل الصالح. وفرغنا من الاجتماع في الساعة
الثانية عشرة ظهراً.


الكاتب في مسجد السلام بقرية سونغ نام ـ كوريا ـ وعلى يمينه الشيخ باكريم فأحد المسلمين في القرية وعلى يساره الدكتور حامد تشو

وعدد السكان في هذه المدينة نصف مليون، وعدد المسلمين الكبار مائة وعدد الصغار خمسون، وأكثر سكان هذه المدينة فقراء، وهي تقع في جنوب مدينة سيؤول. وهؤلاء المسلمون كلهم جدد إذ أسلموا خلال سنة ونصف.

في قرية يونغ إن زيارة مسجد الهدى:

و تقع قرية يونغ إن في جنوب شرق مدينة سونغ نام. وصلنا إلى مسجد الهدى في الساعة الثانية عشرة والنصف، وصلينا في مسجدها الذي يقوم بالإشراف على شؤونه الأخ أحمد هان هي سون، ولم نجد إلا أحمد المذكور وامرأتين. وقالوا: إن عدد المسلمين في هذه القرية ثلاثون كباراً، وعشرة من الصغار ونشاطهم حالياً لا يزيد عن إقامة الصلاة، وما يقوم به الأخ معتز بالله من تعليمهم مبادئ الإسلام كل يوم أحد.

ويبدو أن أهل القرى أكثر قبولاً للإسلام من أهل المدن، ولذلك نصحنا الإخوة أن يجتهدوا في دعوتهم ومتابعة تعليم من أسلم منهم، لأنهم إذا كثروا ودرس أولادهم المسلمون في المدارس بالمدن سيختلطون بزملائهم ويؤثرون فيهم، ونصحنا الأخ أحمد والأختين الحاضرتين أن يحرصوا على تطبيق الإسلام وتعليم غيرهم ما تعلموه. وهذا المسجد عبارة عن قاعة أرضية مستطيلة يبدو أنه من الخشب وأرضه مفروشة بفراش جيد، وجميع جدرانه وسقفه من الداخل عليها ستائر من القماش وهو نظيف جداً. وبجانبه شجرة كبيرة قالوا: إن عمرها أربعمائة سنة ولا زالت خضراء قوية.

السفر إلى مسجد كوانجو:

ثم تحركنا من قرية يونغ إن في الساعة الواحدة والنصف ودقائق بعد الظهر إلى مسجد كوانجو الذي وصلنا إليه بعد عشرين دقيقة قضيناها في الطريق، وكان المطر ينهمر.


الكاتب يلقي محاضرة في مسجد الهدى ـ قرية يونغ إن ـ

لم نجد في أول الأمر المسؤول عن المسجد، وهو يتكون من طابقين: الطابق الأرضي وفيه سكن المشرف عليه بعائلته ومكتب الإدارة، والطابق العلوي مسجد واسع نسبياً، فصعدنا إلى المسجد، فإذا أربعة أشخاص من ذوي اللحى الذين بدا لنا أنهم من جهة الهند نائمون في المسجد، ثلاثة منهم كبار، بعضهم أسن من بعض وشاب واحد.

جماعة التبليغ في أرياف كوريا:

فسلمنا عليهم ورحب كل منا بإخوانه، وسألناهم على الفور: من أين أنتم يا إخوان؟ فقالوا: نحن من جماعة التبليغ، جئنا من بنغلاديش، وهم: مبارك الله بن توكومياجي، ومحمد أبو طاهر، وحمد محسن، وزين العابدين، ولهم في كوريا أربعة أشهر، وفي هذا المسجد لهم أسبوعان. وقالوا: إن الكوريين يحبون الإسلام جداً، ولكن مشكلة اللغة هي التي تحول بينهم وبين فهم الإسلام. وقد أسلم على يدهم ثمانية عشر شخصاً في مدينة سيؤول، وفي كوانجو أسلم سبعة، وقد جاءت قبلهم فئة من الجماعة من باكستان، وهذه الدفعة الثانية.

وستتبعهم جماعات أخرى من الهند وغيرها، وقد أثنوا على المسلمين الكوريين، بأنهم يتعاونون معهم ويدعونهم إلى منازلهم ويكرمونهم. وقالوا: إنهم سيقيمون في كوريا شهرين ونصف الشهر تقريباً، ثم يغادرونها في يوم عشرة من شهر أغسطس إلى تايوان. وقال بعض الإخوة: إن عدد المسلمين في مدينة كوانجو أربعمائة وثلاثون، وسماها بعضهم قرية المسلمين وأنكر بعض الإخوة هذه التسمية وقال: إن فيها مبالغة.

هذا وقد أغرينا الإخوة الأربعة الذين هم من جماعة التبليغ بالإكثار من زيارة اليابان، وأعطيناهم بعض العناوين، لأنهم أقدر على البقاء والصبر من غيرهم، وإذا أثروا في بعض اليابانيين فأسلموا، فعلى من عندهم علم وفقه في الدين متابعتهم وتثقيفهم في الدين.

بساطة الجماعة وضيافتهم:

وقام أحدهم مسرعاً إلى خارج المسجد، فأحضر طبقاً فيه طماطم مقطعة، وآخر فيه قطع من الكعك الذي حملوه معهم من بنغلاديش، وزجاجات من البيبسي، ووضعوا ذلك أمامنا، وهم مسرورون بلقائنا، وقالوا: تفضلوا فتناولنا ما تيسر.

ذكرت هذه الضيافة لأستدل بها على تواضع جماعة التبليغ، وصبرهم وتحملهم مشاق السفر، والإنفاق على أنفسهم من جيوبهم، وأكلهم ما تيسر من الطعام، ونومهم في أي مكان يتيسر لهم، وبخاصة المساجد وهذا هو السبب الذي جعلهم يجوبون كل أقطار الدنيا بأعداد كبيرة. إن المرء يقدر أن يأكل شيئاً مما قربوه، ويشرب شيئاً من العصير والماء ويكتفي بذلك، وهذا يمكنه أن يبقى فترة طويلة في بلد دون أن يتضرر من كثرة النفقات. لهذا أرى أن جماعة التبليغ أكثر قدرةً وتحملاً من غيرهم للانطلاق في الأرض للدعوة، وعلى منتقديهم أن يأخذوا محاسنهم هذه ويدعو إلى الله بما يرون أن الله يرضاه.

مع الأخ عبد الله جون:

وبعد أن ودعنا الإخوة في المسجد ودعونا لهم بالتوفيق، خرجنا لنعود إلى مدينة سيؤول، وإذا إمام المسجد الأخ عبد الله جون قد جاء فجلسنا معه وأخذنا منه بعض المعلومات، وأوصيناه بما يسر الله. ولد الأخ عبد الله سنة 1935م، وتخصصه في البيولوجيا "ليسانس" درّس" في الثانوية لمدة عشرين سنة. أسلم سنة
1978م عن طريق أستاذ مصري اسمه سليمان وما زال يدرس في جامعة ميونجي، وكان الأستاذ سليمان ألقى محاضرة عن الإسلام في المدرسة التي كان الأخ عبد الله يدرس فيها، فتأثر بتلك المحاضرة وأسلم، وعنده ثلاثة أولاد ذكور، وبنت تدرس الإسلام في إندونيسيا في مدينة باندونغ، لها هناك خمس سنوات في قسم الدعوة وأصول الدين، والهدف من ذلك أن تعود داعية إلى الإسلام في كوريا.

وقال الأخ عبد الله: إن المسجد أنشئ في سنة 1981م أسهم في بنائه الشيخ عبدالعزيز الريّس بمائة وعشرين ألف دولار أمريكي، وهو مدير الصحافة في الكويت سابقاً. وفي الشهر الماضي دخل في الإسلام ستة وأربعون شخصاً، وقال: إن الأخ فؤاد تشوي، وهو طالب من نفس هذه المدينة يدرس الآن في الجامعة الإسلامية، له نشاط طيب جداً، وعمره خمس وعشرون سنة، وقد أسلم على يده عشرة أشخاص، وهو قد أسلم قبل أربع سنوات، ومعظم المسلمين الجدد من المسيحيين. والذين يسلمون يتابَعون بالتعليم والتربية.
وقال الأخ عبد الله: إن أهم الطرق للدعوة إلى الله في الشعب الكوري: تربية الأولاد الصغار، ومتابعتهم، فإنهم يستجيبون أكثر من غيرهم، والطلاب هم التربة الخصبة للدعوة.

وقد تكونت لجنة لنشر الإسلام بين الطلاب من المدرسين مكونة من أربع وعشرين مدرساً مسلماً، منذ شهر نوفمبر في السنة الماضية 1985م. وكل مدرس يرشح في مدرسته خمسة من الطلاب الممتازين، وهم غير مسلمين، فيكون عدد المرشحين مائة وخمسة وعشرين طالباً، ويجتمع هؤلاء الطلاب في مخيم لتعريفهم بالإسلام، وهذا يفيد كثيراً.

وقال الأخ حسين: إن رئيس شرطة هذه المدينة، ورئيس بلديتها، ورئيس لجنة التعليم، وهم ليسوا مسلمين ولا يعتنقون أي دين، هم مستشارون للجنة الأساتذة الذين يقومون بنشر الإسلام بين الطلاب.
قلت للأخ عبد الله: كيف تجعلونهم مستشارين وهم غير مسلمين؟ فقال: إنهم يتعاونون معنا تعاوناً إنسانياً، وهم يفهمون الإسلام جيداً، وقد ألقيت محاضرات في الشرطة والمدارس، وفي اللجنة التعليمية، ولم يدخل هؤلاء الثلاثة في الإسلام، بسبب خوفهم من مواقف أهل الأديان الأخرى المتعصبين ومناصبهم ملك للجميع، ولكنهم لا يساعدون غير المسلمين في انتشار الأديان الأخرى، واهتمامهم بالإسلام كبير.

وقد جعلنا ذلك نشتاق لزيارة هؤلاء الثلاثة ولهذا طلبنا من الأخ عبد الله أن يتصل ببعضهم إن أمكن أن نزوره فقال: إن اليوم يوم إجازة ولعلنا نحاول فيما بعد. ثم ودعنا الإخوة ورجعنا إلى سيؤول، خرجنا من مدينة كوانجو في الساعة الثالثة والربع، ووصلنا إلى سيؤول في الساعة الرابعة.





السابق

الفهرس

التالي


16130886

عداد الصفحات العام

1612

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م