﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(018) سافر معي في المشارق والمغارب

(018) سافر معي في المشارق والمغارب

القسم الثاني: المذكرات اليومية لهذه الرحلة

السفر من جدة إلى جاكرتا:

الثلاثاء 5/6/1410ﻫ ـ 3/1/1990م

أقلعت بنا الطائرة من مطار الملك عبد العزيز بجدة في الساعة: 20/7 مساء إلى الرياض، ثم انتقلنا إلى طائرة أخرى من الرياض إلى جاكرتا من نفس النوع (747) جامبو. وكان إقلاعها من الرياض في الساعة العاشرة والنصف بعد العشاء، وهبطت في مطار سنغافورة في الساعة الخامسة، وفي الساعة السادسة إلا عشر دقائق من صباح الأربعاء أقلعت من سنغافورة إلى إندونيسيا، حيث هبطت في مطار سوكارنو في الساعة الثامنة والدقيقة العاشرة من صباح نفس اليوم.

زيارة مؤسسةمقابلة الشيخ صالح بن حاجي محمد علي عارف إسكندر، مؤسس ندوة المعاهد الإسلامية في جاوة الغربية:

الأربعاء: 6/6/1410ﻫ ـ 3/1/1990م.

في هذا اليوم زرنا جامعة ابن خلدون التي شيدت في مدينة تسمى: (بوغور BOGOR) وهي تبعد عن مدينة "جاكرتا" العاصمة ستين كيلاً تقريباً، وهي قريبة من الجبل السياحي الذي تغطي قمته السحب في الغالب، ولا ينقطع عنه المطر غالباً، وتوجد به مقصورات فخمة ومتوسطة، يؤجر كثير منها للزائرين والسائحين، وهذا الجبل يلتحف الغابات والأشجار المثمرة ومزارع الشاي، وهو كثير القمم والشعاب ذو هواء طلق ومناظر جميلة.

وفي هذا اليوم زرنا معالي الشيخ صالح بن حاجي محمد علي عارف اسكندر في منزله الذي يقع قرب مقر جامعة ابن خلدون ـ سيأتي الكلام عن الجامعة إن شاء الله ـ .

والشيخ صالح هو مؤسس ندوة المعاهد الإسلامية في جاوة الغربية، وقد أدلى عن نفسه وعن هذه المعاهد وغيرها ـ بطلب مني ـ بالمعلومات الآتية:

ولد الشيخ صالح في:22 يونيو من عام:1922م.



الشيخ صالح بن حاجي محمد علي ـ أندونيسيا بوغورـ جاكرتا 6/6/1410 ﻫ

درس في المعاهد التقليدية ـ وهي التي تدرس الكتب العربية والدينية بالأسلوب القديم. وكان في عهد الاستعمار الهولندي يشارك في نشاطات الحركات الإسلامية. وبعد أن استقلت إندونيسيا من الاستعمار الياباني كان الشيخ صالح ضابطاً في الجيش الإسلامي المسمى "حزب الله" كما كان عضواً في حزب "ماشومي" ومسؤول العلاقات الاجتماعية في هذا الحزب.

وأسس الشيخ صالح "معهد دار الفلاّح".

وقد سجن بسبب نشاطه ثلاث مرات في عهد الرئيس سوكارنو، لأنه كان يعمل في الحركات الإسلامية ضد الحكومة بسبب إصرارها على إقامة الحكومة على أساسٍ قومي علماني، واستبعاد أن يكون أساس الحكم هو الإسلام. كما سُجِن في عهد الرئيس سوهارتو مرة واحدة لمدة عشرة أشهر، للسبب نفسه.
وقال الشيخ صالح: إن دخول الإسلام إلى إندونيسيا كان في القرن السابع الميلادي [وهو القرن الأول الهجري] وكان بدء دخوله في سومطرة الشمالية، و جاوة الشرقية ثم جاوة الغربية عن طريق منطقة "بانتن".
ولا يعرف أول من دخل إندونيسيا من المسلمين.


أحد المباني في المقر الجديد لجامعة ابن خلدون في بوغور
أندونيسيا ـ جاكرتا ـ 6/6/1410 ﻫ

وأول من أسس معهداً إسلامياً في إندونيسيا هو الشيخ إبراهيم في جاوة الوسطى في منطقة "ديماك" في القرن الخامس عشر الميلادي، وقد وجدت آثار قديمة من المساجد وغيرها في: "ديماك". وأسس الشيخ صالح ندوة المعاهد الإسلامية في جاوة الغربية:20/1/1392ﻫ مايو سنة: 1972م، والغرض من هذه الندوة هو تطوير تلك المعاهد وتقدمها، وقد بلغ عددها 2386:معهداً.

أصناف هذه المعاهد: وهذه المعاهد ثلاثة أصناف:

الصنف الأول: المعاهد السلفية، وهي التي تسير على المناهج القديمة في دراسة الكتب الدينية والعربية "دراسة قديمة". والصنف الثاني: معاهد تجمع بين النظامين: المنهج القديم والمنهج الجديد.
والصنف الثالث: معاهد تخصصية للتعمق في العلوم الإسلامية.

عقبات تقف في سبيل تطوير المعاهد:

وهذه المعاهد تسير سيراً حسناً، إلا أن بعض العقبات تقف في طريق تقدمها. من ذلك أن أكثر المسؤولين عن المعاهد يتمسكون بالأساليب القديمة ومناهجها وكتبها، ولا يرضون بتطوير المناهج وأساليب الدراسة وتحديث الأسلوب للكتب، والسبب في ذلك جهلهم بالأوضاع المعاصرة.

ومن ذلك أن الصنف الثاني من المعاهد تطبق مناهج وزارة الشؤون الدينية، والمفروض أن تكون نسبة العلوم الدينية فيها: 30% وهي في الواقع لا تطبق من ذلك إلا: 20% في أكثر الحالات، وتركز على مادة الأخلاق. [وهي مبنية على أخلاقيات البانتشاسيلا التي فرضتها الحكومة على كل المؤسسات الشعبية، فضلاً عن الرسمية].

أما الصنف الثالث من المعاهد، فهي تحاول التعمق في بعض العلوم كتلاوة القرآن الكريم، واللغة العربية من نحو وصرف وبلاغة وبعض المهن كالزراعة. وقال الشيخ صالح: إننا في حاجة إلى المساعدة في اقتراحات الكتب والمناهج وأساليب التدريس على أساس إسلامي، ولا زلنا نبحث عن أفضل الطرق المناسبة، ولذلك نجتمع كل يوم أربعاء للبحث في هذا الموضوع. أ. ﻫ.

ضرورة الاهتمام بتطوير مناهج المؤسسات التعليمية:

قلت: إن الاهتمام بهذا الأمر في البلدان الإسلامية من الأمور الضرورية التي يجب أن يكون لها الأولوية عند المتخصصين والمفكرين والباحثين الإسلاميين. وإن من واجب علماء الإسلام والمؤسسات الإسلامية، سواء كانت حكومية أو شعبية أن يسهموا في إعانة المؤسسات التعليمية الشعبية في البلدان الإسلامية أو الأقليات الإسلامية على وضع مناهج لتلك المؤسسات ـ من مدارس ومعاهد وجامعات وروضات أطفال، أو حلقات علمية مسجدية أو غيرها ـ يراعى في تلك المناهج تحقيق أهداف محددة ووسائل تحقق تلك الأهداف.

أهداف تطوير المناهج: وأهم تلك الأهداف ما يأتي:

الهدف الأول: تعميق الإيمان بأصوله وفروعه، ودعائم الإسلام وفروعها في نفوس الدارسين.

الهدف الثاني: تحقيق التعبد الصادق لله تعالى والفهم الشامل لمعنى العبادة الذي يجعل الإسلام منهج حياة

للفرد والأسرة والمجتمع والدولة.

الهدف الثالث: تحقيق الاتباع للرسول r، تحقيقاً يقضي على البدع والخرافات والعادات الجاهلية التي اختلطت بالمعاني الإسلامية، حتى أصبح كثير من المسلمين لا يميزون بين ما هو من الإسلام وما هو من غير الإسلام.

الهدف الرابع: غرس الإخلاص لله تعالى في نفوس الدارسين، ليتحقق بذلك التوحيد الخالص النقي الذي لا يشوبه شرك أصغر ولا أكبر، ويتمخض العمل لله تعالى ويعرف به حقيقة قاعدة قواعد الإسلام: "لا إله إلا الله" مع تحقق شهادة أن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الهدف الخامس: ضرورة الاحتكام إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أي الحكم بما أنزل الله، وتبصير الدارسين بخطر ما يسمى بالعلمانية ـ وهي التي دأبت على نبذ تحكيم شريعة الله في حياة البشر ومحاربة كل من يدعو إلى الحكم بها، وأنه لا بد من محاربة هذا الخطر والقضاء عليه بالجهاد الدعوي الإعلامي، والجهاد المادي ـ بعد الإعداد المطلوب المكافئ ـ وأن الفكر العلماني هو فكر لا يجوز السكوت عنه بل يجب أن يحذر منه في مناهج التعليم في البلدان الإسلامية. وإذا لم يستطع التنصيص على ذلك في مناهج التعليم، فلا بد له من وضع منهج موسع خاص يدرس في حلقات خاصة، حتى لا تمر أزمان على أجيال المسلمين وهم خاضعون لهذا الخطر غير عالمين بآثاره المدمرة ولا معدين لمحاربته المناسبة العدة.

وسائل تحقيق تطوير مناهج التعليم:

أما الوسائل التي يمكن أن تتحقق بها هذه الأهداف في الحقل التعليمي فأهمها ما يأتي:

الوسيلة الأولى: دراسة أوضاع البلد الذي يراد وضع مناهج تعليمية له دراسة ميدانية من قبل علماء متفقهين في الدين، بحيث تعرف في هذه الدراسة الأديان الموجودة في البلد ومؤسساتها ونشاطاتها وأفكارها وشبهاتها، التي تنشرها ضد الإسلام وإمكاناتها، ومن يتعاون معها من الداخل والخارج، مع معرفة خططها الثابتة والمتغيرة. كما يجب أن تعرف المؤسسات المناوئة للإسلام: الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعسكرية والرياضية والإعلامية، وخططها وأساليبها ووسائلها الواضحة والخفية. وتعرف العادات والأخلاق المنتشرة في البلد، وتحصر حصراً شاملاً، ويعرف ما يوافق الإسلام وما يخالفه.
وتدرس أحوال المسلمين من كل الجوانب: الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وعلاقاتهم مع غيرهم، وتأثير تلك العلاقات على الإسلام والمسلمين.

الوسيلة الثانية: دراسة أوضاع البلدان المجاورة وأثرها على البلد في أي مجال سلباً أو إيجاباً.

الوسيلة الثالثة: دراسة الأوضاع الدولية وما يؤثر منها على البلدان الإسلامية سلباً أو إيجاباً، والعلاقات القائمة بين البلد الذي يراد وضع مناهج له، وبين الدول التي لها تأثير على ذلك البلد ونوع هذا التأثير.

الوسيلة الرابعة: بعد تلك الدراسة الميدانية في البلد، ودراسة المؤثرات الإقليمية أو الدولية على البلد، يَحضر الدارسون ما يحتاج إلى دراسته من العلوم والمواد التي يجب دراستها لتحقق الأهداف المذكورة أولاً، وعلى ضوء ذلك يضعون الخطط والمناهج والمواد ويقترحون الكتب التي يجب إعدادها، أو اختيارها إن كانت موجودة ومحتوياتها.

كما يبينون الكفاءات التي تحتاج إليها المدارس والمعاهد والجامعات من إداريين وفنيين ومعلمين، ويُحصَر الموجودون من هذه الكفاءات، وتقام لهم دورات للارتقاء بهم في ذلك، ويُنتَقى دارسون آخرون وتخصص لهم منح دراسية في تلك المجالات: إدارية وفنية وعلمية لتتمكن تلك المدارس والمعاهد والجامعات من تكميل ما ينقصها في كل تخصص.

إن وضع المناهج والخطط والكتب وإيجاد المدرسين بعد تلك الدراسات، يمكِّن المؤسسات التعليمية من النهوض بدارسيها في كل بلد ليكونوا على مستوى المسؤولية، فيؤدون واجباتهم على بصيرة ويحولون بعلمهم وعملهم أمتهم ـ بإذن الله ـ من ضعف إلى قوة ومن جهل إلى علم، ومن ذلة إلى عزة، ومن كسالى إلى نشطين، ومن منحرفين إلى مثقفين، ومن متلقين فقط إلى مبتكرين و دعاة إلى الله تعالى، كما يحولون بلدهم من مستهلك إلى مثمر ومصدر.

وإن الواجب على مسؤولي تلك المؤسسات التعليمية إن يجدوا في تحقيق كل ذلك إن كانوا قادرين على ذلك بأنفسهم ـ وهذا بعيد في الغالب ـ فإن لم يكونوا قادرين بأنفسهم فعليهم أن يستعينوا بغيرهم ممن هو قادر على ذلك من المؤسسات الإسلامية والعلماء والمفكرين، كما صرح بذلك أخونا الكريم صالح اسكندر الذي جعلني أكتب هذه السطور وقد كانت على بالي من قبل وقد أشرت إليها في بعض رحلاتي التي سجلتها. [وفصلت القول فيها في كتابي: "السباق إلى العقول"].

والواجب على المؤسسات الإسلامية القادرة والمفكرين والعلماء أن يلبوا الطلب، وأن يعينوا تلك المؤسسات المحتاجة إلى العون بما تقدم، وما يستلزم ذلك من مال ورجال، وعلى أغنياء الأمة الإسلامية مسؤولية ما نقص من التمويل في هذا المجال.

فإذا قصر المسؤولون عن تلك المؤسسات المحتاجة إلى العون، فلم يسعوا إلى تطويرها بالمستطاع مما تقدم، فإنهم آثمون وستكون الآثار الناتجة عن ذلك التقصير سيئة جداً. وإذا سعوا وأبلغوا القادرين على إعانتهم في ذلك فقد سقط عنهم الإثم، وانتقل هذا الإثم على ظهور أولئك القادرين، إن هم قصروا في واجبهم الذي يقدرون عليه، وأنبه هنا إلى أن أكثر المسؤولين عن المؤسسات الإسلامية التعليمية في العالم عندهم استعداد لقبول النصح والاقتراحات في المناهج والكتب، ولكنهم لم يجدوا حادياً فهل من حاد؟ [هذه الصفحات كتبتها عند التبييض بتاريخ: 8/1/1413ﻫ وكنت أشرت إليها إشارة في المذكرة عندما التقيت الشيخ إسكندر].

ثم قال الشيخ صالح: ونحن الآن نبذل جهداً في فتح معهد عال لتخريج متأهلين للقيام بالدعوة والتعليم في هذه المعاهد، وفي المجتمع الإسلامي في إندونيسيا. كما أننا نتبع في طريقة تغيير أفكار العلماء التقليديين ـ الذين نجد صعوبة في تغيير أفكارهم ـ ونشر الكتب الإسلامية المعاصرة التي ألفها رجال الدعوة الإسلاميون، مثل الأساتذة: حسن البنا والمودودي وسيد قطب. والعلماء التقليديون كثيرون، ونحن مقيدون بكتب المذهب الشافعي، ولكنا نريد من العلماء هؤلاء أن يقرأوا بعض الكتب غير التقليدية، مثل بداية المجتهد وفقه السنة ومنهاج المسلم.





السابق

الفهرس

التالي


16130673

عداد الصفحات العام

1399

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م