﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(044)الإيمان هو الأساس 7-أسباب التنازع الذي نهى الله عباده المؤمنين عنه:؟

(044)الإيمان هو الأساس 7-أسباب التنازع الذي نهى الله عباده المؤمنين عنه:؟



سبق الكلام على اجتماع كلمة المسلمين على الحق، وأسباب ذلك.



وهناك أسباب تفرق بين الناس، شرع الله لعباده المؤمنين تجنبها والابتعاد عنها:



( أ ) من ذلك: النهي عن الغيبة والنميمة والتجسس.



(ب) ومن ذلك: النهي عن التنافس في أمور الدنيا [بخلاف أمور الدين، فالتنافس الصادق فيها مطلوب.] المفضي إلى الضغائن والأحقاد، كبيع المسلم على بيع أخيه، وخطبته على خطبته وطلب الإمارة والحرص عليها.



(ج ) ومن ذلك: الغش، والخيانة، وخلف الوعد، والكذب، والغدر، والظلم، وشهادة الزور، والفجور عند المخاصمة.



ولقد حرص أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، ومن تبعهم بإحسان على تعاطي أسباب الاعتصام بحبل الله واجتماع كلمتهم على الحق، وعلى تجنب أسباب التنازع والشقاق، لقوة إيمانهم وحرصهم على طاعة الله ورسوله، واتجهوا بنشاطهم وأعمالهم إلى ما يرضي ربهم ويعز دينهم فحقق الله لهم بذلك العزة والقوة وألقي بذلك المهابة في قلوب أعدائهم ونصرهم عليهم، وكانوا يختلفون في مسائل الاجتهاد اختلاف مَن ينشد الوصول إلى الحق، لا اختلاف ذوي الأهواء والأطماع الذين لا يستقر لهم قرار إلا بصدع صف المسلمين وتفريق كلمتهم.



ولقد أعلن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه للناس شدة كراهيته للخلاف المؤدي إلى النزاع وآثر موافقته لمن سبقه من الخلفاء في بعض المسائل الاجتهادية، وإن خالفت رأيه، حرصاً منه رضي الله تعالى عنه على اجتماع الكلمة، ووقاية للأمة من النزاع المؤدي إلى الفشل، كما روى ذلك عَبِيدة بن عمرو السلماني، عنه t، أنه قال: "اقضوا كما كنتم تقضون، فإني أكره الاختلاف، حتى يكون الناس جماعة، أو أموت كما مات أصحابي" [صحيح البخاري: (7/71 رقم: 3707) بشرح فتح الباري.]. ؟؟؟



8 ـ نصيب المسلمين اليوم من القوة والعزة:



للعزة المقصودة ـ هنا ـ معنيان:



المعنى الأول: أن يتحرر قلب المؤمن من عبودية كل ما سوى الله بعبوديته لربه تعالى وحده، فيعتز - أي يتقوى - به تعالى وبدينه وشريعته، فيتوكل على الله ويعتمد عليه، ويخافه، ولا يخاف - خوف عبادة - سواه من المخلوقين، ويطلب العزة والنصر من الله، لا من غيره، ويوقن بأن الله تعالى - وحده - هو المعز المذل وأن من سواه لا ينفع ولا يضر إلا بما قدره الله تعالى.



وهذا المعنى لا بد أن يلازم المؤمن الصادق الإيمانِ في حياته كلها، سواء أكان حاكماً أم محكوماً، سيدا أم مسوداً، قوياً أم ضعيفاً، غنياً أم فقيراً، غالباً أم مغلوباً، آسراً أم مأسوراً، فرداً أم جماعة، طليقاً أم سجيناً، فإذا كمل هذا المعنى في نفس المؤمن، فهو دليل كمال إيمانه، وهذا هو العزيز الحق الذي قال الله تعالى فيه: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ(8)}[المنافقون].



وإن فقد هذا المعنى في من يدعي الإيمان فذلك دليل على أن دعواه كاذبة، وأنه ليس من أهل العزة، وإن بدا في ظاهر أمره عزيزاً بمال أو جاه أو ملك، أو غير ذلك، فهو ذليل في حقيقة الأمر لكل ذليل، كما سيأتي.



المعنى الثاني: امتلاك الأسباب المادية التي تكون عوناً للمؤمنين على الحياة الكريمة، من وسائل القوة، كالمال والصناعة، والتجارة والزراعة، والعلم الشامل لشؤون الدنيا والآخرة، بحيث يستغنون في ضرورات حياتهم عن غيرهم، فلا يكونون تحت رحمة أعدائهم في مأكلهم ومشربهم، وملبسهم ومركبهم ومسكنهم، وفي سلاحهم، وبيعهم وشرائهم ونقدهم، وصناعاتهم...



وهذا المعنى قد يضعف عند المسلمين أحياناً - والضعف يتفاوت - لأي سبب من الأسباب، التي غالباً ما تكون من أنفسهم. وهذا الضعف يجعل أعداءهم الذين يتربصون بهم، يطمعون فيهم، فيحتلون أرضهم، وينهبون أموالهم، ويستبيحون حرماتهم، ويأسرون رجالهم ويسبون نساءهم، ويهدمون مساجدهم، ويجعلون أعزتهم أذلة، وإن بدوا أهل أبهة وسلطان، كما حصل في فترات من تاريخ الأمة الإسلامية، وتلك ذلة لا يرضاها الله..



فإذا بقي في الأمة الإسلامية رجال فيهم المعنى الأول من معنيي العزة، فإن أولئك الرجال يَنتَدِبون [انتدب القوم لكذا.. أسرعوا إليه، لسان العرب.] للسعي في إزالة أسباب الذلة عن الأمة، وللأخذ بأسباب العزة التي فقدت أو ضعفت، فلا يزالون ينفخون روح العزة في المسلمين، ويحضونهم على الأخذ بأسباب القوة، ويذكرونهم بأمجاد أسلافهم، ويهونون عليهم ما يصيبهم من ابتلاء ومحن وخسائر في النفوس والأموال والذرية، في سبيل استعادة عزتهم وكرامتهم وحريتهم، بل وحرية العالم كله، إذا تحرروا من الذل لغير الله.



وعندئذ تهون عند المؤمن الحق الذي تحرر قلبه من عبودية غير الله كل المصائب، فلا يبالي بالجوع ولا العطش، ولا البرد ولا الحر، ولا السجن ولا الأسر، ولا التشريد ولا الطرد، ولا الجراح ولا القتل حتى ينال عزته التي أرادها الله له.



وفي التاريخ الإسلامي نماذج لهؤلاء الرجال، تبدأ بالخليفة الأول، أبي بكر الصديق الذي أنفذ جيش أسامة، وجاهد المرتدين في وقت كان غالب الصحابة يرون في ذلك مغامرة قد تعصف بالمسلمين بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام، مباشرة!!



ولنطوِ التاريخ لنرى كيف أعاد صلاح الدين الأيوبي إلى الأمة الإسلامية عزتها بعد أن فقدتها في الحروب الصليبية، ثم لنختصر الزمن بذكر حدثين لا يزال المسلمون يروونهما:



الحدث الأول: تحرير أفغانستان من أعظم غزو كافر -الاتحاد السوفييتي - في هذا العصر لشعب أعزل إلا من إيمانه [ستأتي الإشارة إلى محنة هذا الشعب، بقادته الذين حرموه من قطف ثمار انتصاره بما قدمه من شهداء وتضحيات].



وهاهم طلاب العلم - طالبان - حفاة الأقدام يرتدون ملابسهم العادية التي كانوا يلبسونها في حلقات دراستهم، يعيشون اليوم في الكهوف ورءوس الجبال وشعوبها، يتصدون لأعظم قوة مادية -أمريكا وحلفائها - ملأت جيوشها أرض بلادهم، في برارها وقفارها، ومندنها وقراها، وجميع أجواهائها، وأنفقت المليارات من نقودها، واقفين أمام تلك القوة الجبارة، أربع عشرة سنة متوالية، خذلتهم أمتهم الإٍسلامية، بسبب تواطؤ زعمائها مع العدو المحتل، وتمكنوا من تصدير النعوش المعتدية، وإقلاق العملاء من أبناء شعبهم الذين تواطئوا عليهم، بالتفجيرات المستمرة في كل مدينة وقرية ومحافظة، حتى في قلب العاصمة: كابل.



وها هي إمبراطورية العصر وقوتها الجبارة، تخرج مرغمة صاغرة خاسرة ذليله، أمام ساكني الكهوف والشعاب في قمم الجبال ووهادها ووديانها، أهل العمائم واللحى التي يهزأ بها ويسخر منها أتباع ابن أبي من منافقي المسلمين اليوم _ ممن يسمون أنفسهم: علمانيين ولبراليين، وتلك آية على العزة الحقيقية لمن اعتز بالله، وليس بالمال والسلطان والجيوش الجرارة الخالية من ذلك!



ما سبب هذا الموقف وهذا التصدي، مع ضعفهم المادي، وتكالب الأمم عليهم، حتى من إخوانهم المدعين للإسلام؟ أليس اعتزازهم بريهم وجهادهم في سبيله، وتوكلهم عليه وحده، اقتداء بمن قال الله تعالى فيه وفي أصحابه: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ... الآيات (172-174)}[آل عمران].



الحدث الثاني: الجهاد في سبيل الله في فلسطين التي سلمها الصليبيون المعاصرون لليهود، واستسلم لذلك التسليم قادة العرب من (المحيط الهادر إلى الخليج الثائر!!) [عبارة كان يرددها رائد القومية العربية الذي هدد بإلقاء اليهود في البحر، فلم يمت حتى احتل اليهود أرض الكنانة، وبيت المقدس، وكادوا يحتلون دمشق، وكان ذلك سبباً في فتح باب السعي إلى الاستسلام السياسي والاقتصادي لليهود!!.] واقتدى بقادة العرب غيرهم من قادة المسلمين، من لاغوس [عاصمة نيجيريا.] إلى جاكرتا [عاصمة إندونيسيا.] فإذا أطفال المسلمين في فلسطين الذين ولد آباؤهم في ظل الاغتصاب اليهودي - ذكوراً وإناثاً - يزلزلون الأرض من تحت أقدام اليهود بالحجارة، الذين يربطون أنفسهم بأحزمة المتفجرات التي تمزق أجسامهم ليمزقوا أجسام أعدائهم، حتى أدهش ذلك يهود الذين كانوا يظنون أن الشعب الفلسطيني وبخاصة الشباب الذي ولد في ظل جبروتهم قد ألف الذل واستسلم للهزيمة وسلم بالأمر الواقع، وإذا الشيوخ والنساء يتسابقون إلى ميدان التحدي، يستقبلون رصاص العدو بصدورهم، ويقول من نجا منهم: السجن أحب إلينا من العبودية لغير الله [قدوة الجميع الشيخ أحمد يس الذي استشهد في يوم الاثنين 1صفر 1425ه لدى عودته من صلاة الفجر، بالصواريخ الإسرائيلية التي أطلقتها مروحياتهم العسكرية رحم الله الشيخ أحمد وبلغه منازل الصديقين والشهداء]. ولا زالوا صامدين رغم ضعفهم المادي وقوة عدوهم من اليهود وخذلان زعماء المسلمين لهم.



وهذه الفئة القليلة المظلومة -حماس - بالحصار من أهل الدنيا كلهم، إلا القلة المناصرة لهم، غير القادرة على كسر الحواجز الآثمة، لا تزال واقفة أمام الظلم العالمي الغاشم، ليس من سبب لوقوفها وصبرها إلا اعتزازها بخالقها.



وهكذا يكون أهل العزة الربانية لا يَهِنون ولا يذلون، وهم تحت مطارق العذاب، وفي غياهب السجون، وجدران الحصار، أحرار القلوب، وإن استعبدت أجسامهم، أعزة النفوس، وإن وطئت أقدام أعدائهم على رقابهم [وقد اضطر اليهود استقدام بعض الفلسطينيين ليسلموهم بعض المرافق الخدمية في قطاع غزة وفي الضفة الغربية، ليضربوا بهم المجاهدين، وينجوا هم من العمليات الجهادية التي أنزلت بهم خسائر مادية وبشرية فادحة، ولكن الأبطال لا زالوا يواصلون الكفاح، بل نقلوه إلى قلب تل أبيب العاصمة اليهودية. {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ} المنافقون: 8.].



والعزة بالمعنى الأول هي الحرية الحقة التي إذا فقدها الإنسان صار رقيقاً للمخلوقين الذين يحتاج إليهم، ولو كان ملكاً مطاعاً في ظاهر الأمر، ومن اتصف بها صار حراً، ولو كان رقيقاً أو أسيراً.



وقد عبر عن ذلك ابن تيمية أصدق تعبير فقال: "..فإن أسر القلب أعظم من أسر البدن، واستعباد القلب أعظم من استعباد البدن، فإن من استُعبِد بدنه واستُرِق، لا يبالي إذا كان قلبه مستريحاً من ذلك مطمئناً، بل يمكنه الاحتيال في الخلاص، وأما إذا كان القلب - الذي هو الملك - رقيقاً مستعبداً لغير الله، فهذا هو الذل والأسر المحض.. فالحرية حرية القلب، والعبودية عبودية القلب..... ـ إلى أن قال ـ: وكذلك طالب الرئاسة والعلو في الأرض، قلبه رقيق لمن يعينه عليها، ولو كان في الظاهر مقدمهم والمطاع فيهم.. فهو في الظاهر رئيس مطاع، وفي الحقيقة عبد مطيع لهم.."[من رسالة العبودية، مجموع الفتاوى: (10/186 ـ 189).].





السابق

الفهرس

التالي


15330506

عداد الصفحات العام

2639

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م