﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(01) قاعدة في سبب الجريمة والوقاية منها

(01) قاعدة في سبب الجريمة والوقاية منها
مقدمة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له.

وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}. [آل عمران: 102] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}.[النساء: 1]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}.[الأحزاب: 70-71، هذه الخطبة تسمى خطبة الحاجة، وكان الرسول ‘ يعلمها أصحابه، وكانوا يفتتحون بها كلامهم. راجع رسالة خطبة الحاجة لشيخنا العلامة المحدث الشيخ ناصر الألباني.]

أما بعد.. فإن الله جل وعلا إنما خلق الخلق لطاعته وعبادته.. كما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}. [الذاريات: 56] وبعث رسله للدعوة إلى تلك العبادة والطاعة والنهى عن الشرك به ومعصيته.. كما قال تعالى: { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}[النحل: 36]

وفصَّل تعالى لعباده ما تتحقق به عبادته في كتبه التي أنزلها على أنبيائه ورسله هداية لخلقه، وكان آخرها كتابه العزيز المهيمن على كل كتاب نزل قبله.. كما قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ}[المائدة:48 ]. وجعل سبحانه طاعته واتباع هداه، أساس سعادة الخلق في الدنيا والآخرة، كما جعل معصيته باتباع عدوه إبليس، أساس شقائهم في الدنيا والآخرة..

كما قال تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى}[طه 123-127].

الواقع في الأرض دل على ما دل عليه شرع الله

وقد دل الواقع التاريخي على ما دل عليه كتاب الله، بأن العزة والسعادة والطمأنينة، لا ينالها إلا أهل طاعته ومتبعي هداه، وأن الذل والشقاء والقلق وضنك العيش لا تنزل إلا بمن أعرض عن ذكره وطاعته وهداه، باتباع الشيطان والنفس الأمارة بالسوء والهوى، وما قد يناله أعداء الله من متاع الدنيا وزخارفها، ومن القوة التي يتسلطون بها على غيرهم من المسلمين ليس دليلَ رضا الله عنهم، أو مصدر سعادة وطمأنينة لهم، بل هو ابتلاء من الله لهم ليأخذهم أخذ عزيز مقتدر، كما قال تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)}[الأنعام].

وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36)}[الأنفال: ]. وقال تعالى: {فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55)}[التوبة].

قد يبتلي الله المسلمين، بإدالة الكافرين عليهم لسبب أوابتلاء

وقد يديل الله تعالى أعداءَه الكافرين على المؤمنين، ابتلاء لهم بسبب عصيانهم لأمره، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمْ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152)}[آل عمران].
وقال تعالى: {وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4)}[محمد].

وقد يصدر من بعض المسلمين إجرام، ولكنهم يتوبون

وقد تصدر من بعض أولياء الله معصيتُه سبحانه، ولكنهم يتوبون إليه ويذكرونه، وإذا نزل بهم بلاء بحثوا عن أسبابه في هدي ربهم، وأخذوا منه الوقاية من البلاء، أو القضاء عليه وطرده..

الكفاريصرون على الإجرام فما منبع الجرائم في الأرض؟

أما من لم يؤمن بهدي الله وابتعد عنه، فإنهم في غيهم سادرون كفراً وفسوقاً وعصياناً، وإذا نزلت بهم المصائب والمحن والشقاء أخذوا يبحثون عن أسبابها رغبة في طرد ما نزل، ودفع ما يتوقع نزوله..ولكنهم يسلكون لمعرفة تلك الأسباب كل سبيل، إلا السبيل الموصلة إليها، ويلجون لكشفها كل باب، إلا الباب المؤدى إلى كشفها، فيسألون عنها غير الخبير بها، ويكلفون البحث عنها من لا طاقة له بها، وهو العقل البشرى البعيد عن هدي الله، فتراهم بسبب ذلك يخبطون خبط عشواء في كل شؤون حياتهم.

ومن هذا القبيل صنيعهم في أسباب الجريمة التي أقلقت العالم، وأقضت مضجعه من قديم الزمان، في شرق الدنيا وغربها.. فقد بدأ الباحثون عن أسبابها بالخرافات والسحر والأساطير، وانتهوا بالعلوم التجريبية التي نجحت أيما نجاح في عالم المادة، ولكنها فشلت أيما فشل في عالم الإنسان..

وعلى رغم فشلهم في الوصول إلى مبتغاهم واعترافهم هم بذلك الفشل في كل نظرياتهم في هذا الباب، فإنهم ما زالوا متجلدين جادين ظناً منهم أن سفينة بحثهم سترسو يوماً من الأيام، في آخر ميناء للحقيقة المطلوبة في هذا الباب، كما رست في آخر ميناء للحقيقة في أبواب المادة.

ولو أنهم علموا فساد قياسهم أصلاً وفرعاً وعلةً وحكما،ً لأراحوا أنفسهم من عناء هذا البحث المضني الذي لا جدوى من ورائه إلا تعارض النتائج وتصادمها، كما يعلم ذلك من اطلع على مؤلفات القوم الكثيرة في هذا الباب..

وإن أقرب ما يقال عن هؤلاء القوم وجهودهم: إن مثلهم كمثل ذباب في غرفة مقفلة مظلمة، لها نافذة مسدودة بزجاج يُرى منه قليل من الضوء، وظن الذباب أنه منفذه الوحيد، فأخذ يرتطم به مرة بعد أخرى ليخرج منه حتى أتاه الأجل وهو على ذلك..

وهذا هو السبب الذي دفع كاتب هذه الرسالة المختصرة، إلى اختيار موضوعها، وهو: "قاعدة في سبب الجريمة والوقاية منها".





السابق

الفهرس

التالي


16131079

عداد الصفحات العام

1805

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م