﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(05) حكم زواج المسلم بالكافرة

(05) حكم زواج المسلم بالكافرة

حكم الزواج بالكتابية:

أما زواج المسلم بالكتابية - وهي اليهودية والنصرانية فقط. [وقد رأى بعض العلماء، ومنهم ابن حزم رحمه
الله، كما في المحلى (9/445) بأن حكم المجوسية حكم الكتابية، وهو رأي الإمام الشوكاني رحمه الله، كما في السيل الجرار (2/252-254). وراجع المغني لابن قدامة رحمهم الله جميعا (7/130-131)]. - على الصحيح من أقوال العلماء، فالكلام فيه ينحصر في المسائل الثلاث الآتية:

المسألة الأولى: حكم زواج المسلم بالكتابية في دار الإسلام.

المسألة الثانية: حكم زواج المسلم بالكتابية في دار الحرب.

المسألة الثالثة: حكم زواج المسلم بالكتابية في دار الكفر اليوم.

المسألة الأولى: زواج المسلم بالكتابية في دار الإسلام.

تمهيد:
ورد النهي صريحاً في نكاح المشركات وعدم حلهن للمسلمين، في آية البقرة: {وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}، وآية الممتحنة: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} وظاهر النهي العموم في كل كافرة ومشركة.
وورد الإذن بحل طعام أهل الكتاب ونسائهم للمسلمين، على وجه الخصوص في قوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ} [المائدة].

وعندما نزلت هذه الآيات الحاظرة أو المبيحة، كانت الأرض تنقسم قسمين:

القسم الأول: دار الإسلام التي ترتفع فيها راية الإسلام، ويقام بها هذا الدين، وتنفذ فيها أحكام الشريعة.

القسم الثاني: دار الحرب التي بينها وبين المسلمين حرب لا يوقفها إلا دخول أهلها في الإسلام، أو خضوعهم لنظامه العام ودفع الجزية، مع بقائهم على دينهم، فيكونون بذلك أهل ذمة تدخل أرضهم في دار الإسلام، وقد لا يدخلون في دار الإسلام وتتم بينهم وبين المسلمين عهود يتفقون عليها، فتسمى دارهم دار عهد.

ولم يكن المسلمون يسكنون في دار الحرب؛ لأن الله تعالى أمرهم بالهجرة منها إلى دار الإسلام، ونهاهم عن المقام بين ظهراني المشركين، لا فرق بين أهل مكة - قبل فتحها - وغيرها، والأصل أن الهجرة من بلاد الحرب إلى دار الإسلام باقية إلى يوم القيامة.

والمقصود من ذكر هذا التمهيد هنا، أن يُعلم أن كلام علماء المسلمين في جواز نكاح الكتابية أو عدم جوازه، إذا أطلق؛ يراد به نكاحها في دار الإسلام، أما دار الحرب، فإنهم يصرحون بذكر حكم الزواج فيها، ولم يكن يدخلها من المسلمين إلا الأسير، أو التاجر، أو الرسول، كما سيأتي الكلام على ذلك.


مذاهب أهل العلم في زواج المسلم بالكتابية في دار الإسلام:

وقد اختلف العلماء رحمهم الله في حكم زواج المسلم بالكتابية في دار الإسلام:

المذهب الأول: مذهب الجمهور:

ومنهم الأئمة الأربعة: وهو جواز نكاح الكتابية في أرض الإسلام، مع الكراهة. قال السرخسي رحمه الله: "ولا بأس أن يتزوج المسلم الحرة، من أهل الكتاب لقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المبسوط (4/210)، والآية من سورة المائدة: 5، ولم أتعرض لحكم الأَمَة الكتابية، لانقراض ذلك في هذا العصر، بخلاف الحرائر]. وقال علاء الدين الكاساني رحمه الله: "ويجوز أن ينكح الكتابية لقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} بدائع الصنائع (3/1414)، والآية من سورة المائدة: 5].

وقال في تنوير الأبصار: "وصح نكاح كتابية"، وقال شارحه في الدر المختار: "وإن كُرِه تنزيها". [حاشية رد المحتار (3/45)]. وقال في الشرح الصغير على الدردير: "وحرمت الكافرة - أي وطؤها، حرة أو أمة بنكاح أو ملك - إلا الحرة الكتابية فيحل نكاحها بِكُرْهٍ عند الإمام". وقال محققه: "وإنما حكم مالك بالكراهة في بلد الإسلام؛ لأنها تتغذى بالخمر والخنزير وتغذي ولدها به، وزوجها يقبلها ويضاجعها، وليس له منعها من التغذي ولو تضرر برائحته، ولا من الذهاب إلى الكنيسة، وقد تموت وهي حامل، فتدفن في مقبرة الكفار، وهي حفرة من حفر النار". [الشرح الصغير (2/420) بتحقيق الدكتور كمال وصفي]..

وقال النووي رحمه الله: "ويحرم نكاح من لا كتاب لها… وتحل كتابية، لكن تكره حربية، وكذا ذمية على الصحيح". " ـ لما مر من خوف الفتنة ـ. وقال الخرقي رحمه الله: "وحرائر نساء أهل الكتاب وذبائحهم حلال للمسلمين"، وقال ابن قدامة رحمه الله ـ بعد أن ذكر أقوال العلماء وناقشها: "إذا ثبت هذا فالأولى أن لا يتزوج كتابية]".

وقد استدل الجمهور لما ذهبوا إليه من الجواز بالكتاب، والأثر، والمعقول:

أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} كما مضى، ورأوا أن هذه الآية - وهي آية المائدة - إما مخصصة لعموم قوله تعالى في سورة البقرة: {وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}، وإما ناسخة لها؛ لأن نزول سورة المائدة متأخر عن نزول سورة البقرة، وإما أن لفظ المشركين لا يتناول أهل الكتاب. [راجع في هذا المغني لابن قدامة (7/129) والسيل الجرار (2/252) ومجموع الفتاوى لابن تيمية (22/178) وجامع البيان عن تأويل القرآن لابن جرير (2/326) والجامع لأحكام القرآن (3/69)]. وأما الأثر: فما ورد في نكاح الصحابة الكتابيات من اليهوديات والنصرانيات، منهم طلحة بن عبيد الله، وحذيفة بن اليمان، وعثمان بن عفان، رضي الله عنه].

وأما المعقول: - أي المعنى فإن الكتابية، وقد آمنت في الجملة - بالله وبعض كتبه واليوم الآخر وبعض الرسل - قد تميل إلى الإسلام إذا عرفت حقيقته، فرجاء إسلامها أقرب من رجاء إسلام الوثنية، كما قال الكاساني: "إلا أنه يجوز نكاح الكتابية لرجاء إسلامها؛ لأنها آمنت بكتب الأنبياء والرسل في الجملة، وإنما نقضت الجملة بالتفصيل، بناء على أنها أخبرت عن الأمر على خلاف حقيقته. فالظاهر أنها متى نبهت على حقيقة الأمر تنبهت، وتأتي بالإيمان على التفصيل، على حسب ما كانت أتت به في الجملة، وهذا هو الظاهر من حال التي بُنِيَ أمرها على الدليل دون الهوى والطبع، والزوج يدعوها إلى الإسلام وينبهها على حقيقة الأمر، فكان في نكاح المسلم إياها رجاء إسلامها، فيجوز نكاحها لهذه العاقبة الحميدة، بخلاف المشركة، فإنها في اختيارها الشرك، ما ثبت أمرها على الحجة، بل على التقليد بوجود الآباء على ذلك…" [المغني (7/129)].

وقال في حاشية المنهاج للنووي: "وقد يقال باستحباب نكاحها، إذا رجي إسلامها، وقد رُوي أن عثمان
رضي الله عنه، تزوج نصرانية فأسلمت وحسن إسلامها، وقد ذكر القفال أن الحكمة في إباحة الكتابية ما يرجى من ميلها إلى دين زوجها، إذ الغالب على النساء الميل إلى أزواجهن وإيثارهم على الآباء والأمهات، ولهذا حرمت المسلمة على المشرك". [المنهاج مع الحاشية (3/187)].

المذهب الثاني: تحريم الزواج بالكتابية على المسلم في دار الإسلام:

واشتهر هذا المذهب عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنه. قال السرخسي رحمه الله: "ولا بأس أن يتزوج المسلم الحرة من أهل الكتاب، لقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} الآية. وكان ابن عمر لا يُجَوِّز ذلك، ويقول: الكتابية مشركة". [المبسوط (4/210)].

وقال ابن حزم رحمه الله: "وروينا عن ابن عمر تحريم نساء أهل الكتاب جملة، - ثم ساق بسنده عن نافع - أن ابن عمر سئل عن نكاح اليهودية والنصرانية؟ فقال: إن الله تعالى حرم المشركات على المؤمنين، ولا أعلم من الإشراك شيئاً أكثر من أن تقول المرأة: ربها عيسى، وهو عبد من عباد الله سبحانه".[المحلى (9/445)].

ونقل ابن جرير رحمه الله عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ، ما يدل على عدم صحة نكاح المسلم الكتابية، فقال: "وقد نكح طلحة بن عبيد الله يهودية، ونكح حذيفة بن اليمان نصرانية، فغضب عمر غضباً شديداً، حتى همَّ بأن يسطوَ عليهما، فقالا: نحن نُطَلِّق يا أمير المؤمنين ولا تغضب، فقال: لئن حل طلاقهن لقد حل نكاحهن، ولكن أنتزعهن منكم صغرة قماء [يعني صغاراً وذلة.!"].

ثم رد ابن جرير رحمه الله ما نقل عن عمر من التفريق بين طلحة وحذيفة وامرأتيهما بالإجماع على خلافه، وذكر أنه قد نقل عن عمر خلاف ذلك بإسناد أصح. [جامع البيان (2/376)].
كما ذكر ابن جرير روايةً عن ابن عباس رضي الله عنهمـا، يفهم منها أنه يقول بالتحريم، فقال: "بل أنزلت هذه الآية - يعني آية البقرة - مراداً بها كل مشركة، من أي أصناف الشرك كانت، غير مخصوص منها مشركة دون مشركة، وثنية كانت أو مجوسية أو كتابية، ولا نسخ منها شيء - ثم ذكر بسنده عن ابن عباس - يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النساء، إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات، وحرم كل ذات دين غير الإسلام، وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ}. [نفس المرجع، والآية من سورة المائدة: 5. ورواه أحمد في المسند، وقال عنه أحمد شاكر: "إسناده صحيح".، إلا أنه قال في عمدة التفسير: "لكن هذا المتن غريب جدا، شاذ يخالف سائر الدلائل].

ومن الذين حرموا نكاح الكتابية الإمامية، كما نص على ذلك في متن الأزهار، فذكر من المحرمات في النكاح "المخالفة في الملة" وقد أطال الشوكاني رحمه الله في الرد عليهم بمخالفة كتاب الله في ذلك. [راجع السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار (2/252-254).





السابق

الفهرس

التالي


16125346

عداد الصفحات العام

3961

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م