﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(013) حوارات مع غير مسلمين

(013) حوارات مع غير مسلمين

حوار مع: أندريه لندر سويسرا -جنيف ( ANDRI LINDER )
بعد أن التقيت الأخ المسلم السويسري "حاتم كول" الذي سبق الحديث عنه. [انظر الكتاب الأول حوارات مع مسلمين أوربيين]. طلبت منه أن يختار لي بعض من يعرف من أصدقائه غير المسلمين، لأجري معه حوارا.
والهدف من الاتصال بغير المسلمين أمران رئيسان:

الأمر الأول: دعوتهم إلى الإسلام بالطريق المناسبة، وأفضل الطرق فيما بدا لي الحوار الهادي الذي لا تشعر الشخص فيه من أول وهلة أنك تدعوه إلى الإسلام مباشرة. وإنما تسأله عن دينه، وهل هو متمسك به أو لا؟، وإذا لم يتمسك به فلماذا؟ ثم تسأله أعنده علم عن دين الإسلام؟ وتحاوره في ذلك حتى تلفت نظره إلى صحة دين الإسلام… وهكذا. وهم يفهمون من معرفة المحاور أنه مسلم، ومن ذكره لدين من يحاوره أن الهدف هو الدعوة إلى الإسلام، لكن الدعوة المباشرة لا يقبلونها.

الأمر الثاني: أخذ معلومات عن ديانته وموافقتها للفطرة وعدمها، ومعرفته بدين الإسلام، وماذا يعرف عنه وعن أي طريق، ومعرفة ما يفكر فيه الأوروبي نحو الأديان، وهل قامت عليه الحجة بإبلاغه الإسلام؟

كل ذلك لأمهد لبحثي الذي أنوي كتابته بعنوان: "البلاغ المبين"، الذي أسأل الله أن يوفقني فيه لإبراز هذا الجانب إبرازاً تقوم به الحجة، أولاً على المسلمين، في أن البلاغ المبين فرض عليهم لا تبرأ ذمتهم حتى توجد طائفة تقوم به كما أراد الله قياماً كافياً، وستكون لقاءات إن شاء الله مع دعاة الإسلام ومؤسساتهم، لأجري معهم حواراً حول مفهوم البلاغ المبين أو معناه، وهل قاموا به أو لم يقوموا؟ وما حكم من لم يُبَلِّغ الإسلام البلاغ المبين وهو قادر على ذلك، وما حكم من بلغه الإسلام بلاغا بينا ولم يدخل فيه.؟

فاتصل الأخ حاتم بهذا الرجل وهو مدرس اللغات في مدرسة ثانوية في مدينة جنيف فوافق الاجتماع به، بعد أن سأل عن سبب رغبتي في الاجتماع به وأخبر بذلك. وجاءني في الفندق الذي نزلت فيه: إنتر ناشيونال هوتيل [ويقع في وسط مدينة جنيف قرب محطة القطار] في الساعة الخامسة والنصف مساء من هذا اليوم، وكان المترجم بيني وبينه أيضاً الأخ يحيى باسلامة..

ودار الحديث فيما نريد جميعاً: الرجل عنده أسئلة وأنا عندي أسئلة. وعندما عرف أنني لا أجيد إلا اللغة العربية وقد عرف مؤهلي ووظيفتي عندما تعارفنا، قال لي: أنا أتعجب من كونك في هذه المرتبة من الثقافة والعلم، وليس عندك لغة أخرى غير لغتك، فهل يعود هذا إلى خوفكم من الغرب فلم تتعلموا لغته، وتحبون أن تنغلقوا على أنفسكم؟.

فأجبته: إن وجود مثقف في لغته وثقافة بلده أو غيرها عن طريق التعلم وقراءة الكتب المترجمة مع عدم إجادته للغة أخرى ليس بغريب، هذا من جهة.. ومن جهة أخرى كانت لي ظروف عندما كنت في سن التعلُّم لم أتمكن معها من تعلم لغة أخرى، ومع ذلك فإني أرغب أن أتعلم الآن شيئاً من اللغة الإنجليزية، وعندي محاولة ولكنها ضعيفة بسبب كثرة المشاغل.

ثم أخبرته أن المسلمين لا ينغلقون على أنفسهم كما يقول، ولا يغلقون أبواب المعرفة التي من أهم مفاتيحها اللغة، لأنهم أهل رسالة عالمية، يجب عليهم إبلاغها للعالم. وعندما كان للمسلمين شأن وكانوا متمسكين بدينهم، فتحوا العالم واستطاعوا أن يستوعبوا كل العلوم التي وجدوها في البلدان المفتوحة في عصرهم، وترجموا كتب العلم التي وجدوها في البلاد المفتوحة وغيرها..

ونقلوا نظريات العلماء والفلاسفة والمفكرين قبلهم وحولوها من النظريات المجردة إلى التطبيق العملي، وكانت نواة للحضارة الغربية المادية التي تشاهد اليوم، وأحلته أن يقرأ بعض كتب المستشرقين في هذا الباب، مثل "حضارة العرب" لـ"غوستوف لوبون" الفرنسي، و"شمس الله تسطع على الغرب" للدكتورة "زغرد هونكة" الألمانية.

ثم سألني عن الحماس الذي يسمع عنه الغربيون من قبل المسلمين الذين يريدون العودة إلى أصول الإسلام، وسبب ذلك؟. فأجبته: إن المسلمين يجب عليهم الرجوع إلى أصول الإسلام كما جاءت في القرآن والسنة، وهذا هو الأمر الطبيعي، فلا إسلام بدون ذلك، ولو رجع المسلمون فعلاً إلى أصول دينهم وطبقوها كما أراد الله، لما رأيتم في العالم إلا السعادة والسلام والخير من المسلمين.

وليس كما يظن أهل الغرب من أن العودة إلى الإسلام ستكون سبباً في الاعتداء وسفك الدماء والقضاء على الحضارة المادية النافعة، ويجب عليكم أن تعرفوا هذه الأصول التي يريد المسلمون الصادقون أن يطبقوها قبل أن تحكموا عليها. والتصرفات التي تصدر من بعض المسلمين الآن من اختطاف الطائرات أو تفجير القنابل أو غيرها بين المدنيين الذين لا يحاربون المسلمين، ليست من الإسلام.

ثم قلت له: هل تريد أن تعرف شيئاً عن الإسلام؟!.

فقال: نعم، ثم قال: أنا كنت مؤمناً عندما كنت صغيراً، ولما بلغت ست عشرة سنة بدأت أشك في الإيمان، وازداد شكي عندما بلغت عشرين سنة، وأنا من أسرة متدينة، وأدعو الله أن يوفقني ولكنه لم يسمع دعائي، وأنا لم أقل إنه غير موجود، ولكن أقول: ربما تركنا وذهب بعيداً عنا يريد منا أن ندبر أنفسنا.

فقلت له: لعله قد أجاب دعاءك وذلك بمجيئي إليك من المدينة النبوية، وطلبت أن أجتمع بشخص غير مسلم، فكان أول لقائي بك أنت في سويسرا، وأحب أن تسمع مني ثلاثة أسئلة مختصرة، ثم تسمع الجواب عن كل سؤال منها مع شيء من التفصيل، فهل تحب أن تسمع ذلك؟ فقال: نعم.

قلت له: إن الإجابة الصحيحة والتطبيق السليم لهذه الإجابة على هذه الأسئلة يتحقق بهما الخير والسعادة للبشرية وفيها الإيمان الذي تريده أنت.

السؤال الأول: من أين جاءت المخلوقات، ومنها الإنسان؟.

السؤال الثاني: لماذا جاء هذا الإنسان إلى الأرض؟.

السؤال الثالث: ما مصير هذا الإنسان بعد الموت؟.

ثم بدأت بالإجابة عن السؤال الأول بما خلاصته ما يأتي: ن كل مصنوع لا بد له من صانع، وهذا الكون بما فيه من مخلوقات عظيمة متقنة لا بد له من خالق، وهذا الخالق لا بد أن يكون عالماً قادراً حكيماً، تدل على ذلك آثاره في هذا الكون. وطال النقاش كثيراً في هذا الأمر، وانتهى بالتسليم بصحة ذلك.

ثم قال لي الرجل قال لي: هل توافق أن تذهب معي إلى المنزل لتناول طعام العشاء حتى نكمل الحديث هناك؟ وإذا وافقت فسأتصل بزوجتي لأخبرها بذلك. فقلت له: لا مانع عندي من ذلك، وسبب تلبيتي لطلبه أنه غلب على ظني أنه يريد أن تشترك أسرته في هذا النقاش الذي أظهر ارتياحاً له، فاتصل بزوجته ووافقت على ذلك وطلبت منه التأخر قليلاً حتى تعد العشاء.

واصلنا الحديث مع الرجل إلى الساعة الثامنة إلا ربعاً تقريباً، ثم انطلقنا معه إلى منزله، وهو يقع في مكان هادئ قرب أحد الجبال المحيطة بمدينة جنيف وواصلنا الحديث في السيارة. وعندما وصلنا إلى منزله، استقبلتنا أسرته زوجته وأولاده وقربوا الطعام وأكلنا من بعض السلطات والفواكه، وحاولنا إكمال الحديث معه، ولكن لم نتمكن لأن أولاده كانوا يتحدثون فيما بينهم حال تحدثنا، مع أن الرجل عندما طلب منا إكمال الحديث كان في غالب ظني يطمع أن تسمع أسرته الحوار لتدخل في الإسلام معه.

فأشرت للأخ يحيى باسلامة الذي كان يترجم بيننا، أن الجو غير مناسب لإكمال الحديث، فاطلب منه أن يعيدنا حتى نكمل الحديث معه في السيارة، وكنا على موعد لتناول طعام العشاء مع بعض الإخوة ففعل.

وفي الطريق حاولت أن أذكر له الجواب عن السؤال الثاني، وهو أن كل شيء في هذا الكون وجد لحكمة، ومن ذلك الإنسان فإنه وجد لحكمة، وهي عبادة الله، وكان هو قبل أن أذكر العبادة قد قال: الحكمة هي تسبيح الله؟

فقلت له: نعم إذا فهمنا من هذا التسبيح الشمول وذكرت له العبادة وعرفتها له، وذكرت له أن هذه الحكمة لا يعلمها حق العلم إلا الله الذي خلق هذا الإنسان من أجل تلك الحكمة، ولا أن يفسرها إلا هو تعالى، ولو أن الله ترك الخلق يفسرون هم تلك الحكمة، لوقع بينهم خلاف شديد، لما يعتريهم من جهل وهوى وظلم…

وضربت له عدة أمثلة، وحاولت أن أواصل الإجابة عن السؤال الثالث، ولكن الرجل وصل بنا إلى المكان الذي نريد، فقلت له: هل تستطيع أن تنزل معنا لنكمل الحديث؟ فأجاب: إنه من الصعب عليه الآن أن يتأخر عن أسرته فقلت له: إذاً يكمل الحديث معك الأخ يحيى باسلامة، فقال: نعم، وكذلك الأخ حاتم، وأظهر أنه مسرور جداً بهذا اللقاء والزيارة وتمنى أن ألقاه مرة أخرى..

وقال: أحب أن أسألك سؤالاً قبل أن أغادر، قلت له: تفضل، فقال: ذكرت لي أن تخصصك في القانون الإسلامي - يعني الفقه - ولكن أشعر من مناقشتك أنك متخصص في الإلهيات، فما سبب ذلك؟.

فقلت له: إن المسلم يجب عليه أن يكون إيمانه مبنياً على الحجة والبرهان، حتى يكون إيماناً يقينياً وليس تقليدياً، ولهذا تجد المتخصص المسلم في أي مجال من المجالات على علم بإيمانه، فقال: نعم، لأن تصرفات الإنسان كلها مبنية على ما يعتقد.

تعقيب: إن هذا اللقاء مع هذا الرجل يؤخذ منه عدة أمور:

الأمر الأول: عدم صعوبة الوصول إلى غير المسلم، بل يمكن أن يصل الداعية إلى غير المسلم، إما عن طريق المسلمين أو بأي طريق أخرى، وقد وصلت إلى هذا الرجل عن طريق صديق له مسلم.

الأمر الثاني: أن دعوة أهل الغرب إلى الإسلام تحتاج إلى رجال عندهم علم واسع عن أصول الإسلام وفروعه، وعندهم إلمام بثقافة العصر والأديان المقارنة، وعندهم قوة تحمل وصبر على الحوار وتقبل الأسئلة والشبهات والإجابة عنها بأسلوب مناسب.

الأمر الثالث: أن الداعي إلى الإسلام بين هؤلاء، لا بد أن يكون قادراً على الاستماع إلى كلامهم وأفكارهم بصبر وأناة، وأن يكون قادراً على الإجابة عن أسئلتهم، سواء كانت تتعلق بأصول الدين أو فروعه وسواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية..

الأمر الرابع: أن يكون عنده إلمام بالشبهات التي يوردونها على الإسلام والرد عليها. فإن أهل الغرب -وخاصة المثقفين منهم ثقافة راقية-ليسوا عاطفيين في الغالب، يسمع الواحد منهم الكلمة فيطير موافقاً أو رافضاً، وإنما يسمع الكلمة فيُطرق ويفكر ثم يتحدث، وهذا النوع في حاجة إلى من يصغي ويفكر مثله ويحسب حسابه في كل كلمة يقولها، ولا يرمي الكلام جزافاً.

الأمر الخامس: أن المسلمين الموجودين في الغرب لو كانوا قدوة حسنة، قادرين على الاتصال بالغربيين بأساليب مناسبة، مجتهدين في تبليغ دين الله لنفع الله بهم كثيراً من الناس بالدخول في الإسلام، واقتلاع جذور ما غرسه أعداء الإسلام في نفوسهم من تشويه للإسلام.





السابق

الفهرس

التالي


15331946

عداد الصفحات العام

3

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م