﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(081) سافر معي في المشارق والمغارب

(081) سافر معي في المشارق والمغارب

خواطر ورُؤَى مستخلصة مما مضى في رحلة جنوب أفريقيا:

مستقبل البلاد في ظل حكم الأفارقة السود:

إن حرمان الأفارقة السود من حقوقهم ووضع العراقيل بينهم وبين وسائل تمكنهم من قيادة حكم بلادهم، ثم تمكنهم بعد عناء شديد من تولي مقاليد الأمور فيها، جعلهم يسرعون في تعويض ما فاتهم من مال ومنصب وجاه وسيادة، ومعلوم أن غالبهم غير مؤهلين لقيادة البلاد في كل مرافقها قيادة مستقلة سليمة، وقد أصبحوا بحكم القانون الجديد يتمتعون بالسكن حيث شاءوا، والتجول أينما أرادوا، وأن تكون لهم الأولوية في غالب الوظائف، وقد ترتب على ذلك أن أصبحوا يسرحون ويمرحون في مراكز المدن التي كان يستأثر بها البيض دونهم في الماضي، ولم يكونوا يجرؤن على ارتيادها أو المرور بها إلا خدماً في أوقات محددة، ونزح البيض إلى ضواحي المدن، مع اتخاذ الحراس الأشداء على مساكنهم، خوفاً على أنفسهم من اعتداء السود الذين تكثر جرائمهم في داخل المدن.

وأصبح السود هم الأغلبية في البرلمانات المركزي منها والمحلي، كما أصبحوا هم الوزراء المسئولين عن مرافق الدولة وإدارتها، وأصبحت ميزانية الدولة بأيديهم، وهم الذين يستطيعون ـ إذا توافرت فيهم الكفاءة الإدارية ـ أن يعمروا البلاد، بل يستمروا في عمارتها، لأن البيض قد عمروها، ويستطيعون أن يدمروا ما شيد في بلادهم من بناء ـ إذا لم تتوافر فيهم تلك الكفاءة.

وأهم صفات الإداري الكفء الناجح:

1 ـ الأمانة التي تحفظ بها موارد البلاد وحقوق المواطنين جميعاً، وتجنب الخيانة التي يهلك صاحبها ـ إذا تولى ـ الحرث والنسل.

2 ـ الخبرة التي تمكن صاحبها من تدبير أمور الناس تدبيراً حكيماً مبنياً على دراسة وعلم، لا على جهل وفوضى.

3 ـ العدل الذي يساوي من اتصف به بين الناس مساواة تعطي كل ذي حق حقه، بناء على مؤهلاته وعمله واستحقاقه.

4 ـ القوة التي يتمكن المتصف بها من تنفيذ ما توجبه عليه إدارته بدون تردد ولا تراخ.

وإن الذي سمعته ممن اجتمعت بهم - والعهدة على من سمعته - في وقت زيارتي القصير يدل على وجود سلبيات خطيرة في هذه الحكومة:

منها: تبذير الأموال فيما لا يعود بفائدة على الشعب، كالاحتفالات الرئاسية الأخيرة. ومعلوم أن تبذير ولي الأمر لأموال الدولة من أهم أسباب خرابها.

ومنها: التلاعب بميزانية الدولة وتحويل كثير من الأموال إلى بنوك في الخارج لمصالح بعض المسئولين في الدولة. وغالب أسباب الفساد والدمار المالي والاقتصادي التي تحصل في كثير من الدول من هذين الأمرين: تبذير الأموال وسرقتها.

ومنها: التسرع في توظيف غير المؤهلين من السود قبل تدريبهم وتأهيلهم في وظائف الدولة، أو فيما يسمى بالقطاع الخاص، وتوظيف غير الكفء جناية على الوظيفة وعلى الأمة.

ومنها: إباحة محظورات اجتماعية مدمرة، والعزم على إصدار قوانين بإباحتها، ومن أمثلة ذلك: زواج المرأة بالمرأة والرجل بالرجل، وقد كان ذلك محظوراً في عهد البيض.

ومنها: تسهيل ارتكاب الجرائم بسجن من دافع عن نفسه بقتل المعتدِي على نفسه أو ماله أو عرضه، إذا اقتضى الأمر ذلك، وإذا جرح المجرم في مثل تلك الأحوال تُعنى به الحكومة وتعالجه في أرقى المستشفيات الحكومية، وقد كان القانون في عهد الحكومة البيضاء يبيح دفاع المعتدَى عليه ولو أدى ذلك إلى قتل المعتَدِي، مع أن ظلم البيض كان أخطر، لأمرين: الأمر الأول: الاستئثار الكامل بكل خيرات البلاد، الأمر الثاني: الاستبداد الي كان من آثاره إذلال أهل البلد كلهم، والسياسة لمستبدة عليهم.

لكن إعطاء البيض حق الإنسان الدفاع عن نفسه، ولو أدى دفعه إلى قتل المعتدي، فهذا هو العدل الإلهي الذي يتفق مع العقل والفطرة، وهو داخل في ضرورات الحياة التي يجب حفظها، وهي الدين والنفس والنسل والعقل والمال، فإذا يُسِّرت سبل الاعتداء - قانوناً وعملاً - على أي منها، اضطربت أحوال البشر وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، واستحالت الحياة السعيدة إلى حياة شقاء وضنك.

فإذا ما صحت نسبة هذه الأمور إلى الحكومة السوداء، واستمروا في إباحتها، فإن ذلك مؤذن بخراب ودمار ماديين ومعنويين لبلادهم.

ما الوسائل التي اتخذها البيض لحماية أنفسهم؟

أولاً حماية أنفسهم في السكن.

بعد أن أصبح القانون يبيح للسود الانتقال من أي مكان إلى أي مكان آخر في المدن والضواحي والبوادي، أحس البيض بالخطر وخافوا من الاعتداء عليهم من قبل السود في مساكنهم ودكاكينهم، فتركوا مراكز المدن التي كانوا يستأثرون بها دون غيرهم وانتقلوا إلى الضواحي القريبة من المدن في مساكن راقية ومناطق غالية جميلة، كانوا قد ملكوها من قبل.

وأصبحت مراكز المدن تعج بالمتسكعين وذوي البطالة من السود الذين تسمع صياحهم وخصومتهم فيما بينهم، بل وترى تعاركهم بالأيدي وبالعصي وقد رأيت شيئاً من ذلك في مركز مدينة جوهانسبرج، والناس في هذه المراكز يخافون من الاعتداء عليهم والسطو على أموالهم، وقد خلت الأسواق والشقق السكنية وبعض الفنادق الموجودة في المركز الذي كان قبل ذلك عامراً بالسكان والمتسوقين والسائحين.

وليس معنى هذا تبرئة البيض الذين حكموا البلاد أكثر من 300 سنة من المسئولية، فهم أساس البلاء والفوضى وأساس الفساد الذي يحصل من السود الذين تعمدوا تجهيلهم وحرمانهم وإذلالهم، فاجتمع فيهم ـ السود ـ حب الانتقام المبني على الحقد المتراكم، وحب الزعامة والسيطرة بدون وجود المؤهلات الإدارية التي يستحقون بها الزعامة.

ثانياً: حماية أموالهم واقتصادهم وسياستهم.

البيض عندهم قدرة على مواجهة التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك باتخاذ الأساليب التي تمكنهم من حفظ حقوقهم، ومن قيادة البلاد من وراء ستار، وقد اتبعوا ـ لذلك الأمور الآتية:
الأمر الأول: الاحتياط الاقتصادي والمالي. وذلك باتباع الوسائل الآتية:

الوسيلة الأولى: نقل قسط من أموالهم وتجارتهم إلى الخارج.

الوسيلة الثانية: تمكين السود من العمل في مؤسساتهم الاقتصادية في البنوك والفنادق والأسواق، في وظائف ليست ذات شأن في الغالب، وأبقوا الوظائف العليا وإداراتها التي هي مواقع توجيه وضبط بأيديهم، ومعنى ذلك أن السود ما زالوا يخدمون البيض مع بقائهم سادة في تلك المواقع.

الوسيلة الثالثة: تجزئة شركاتهم الكبرى وتقسيمها، بحيث تظهر شركات صغيرة استجابة لرغبة الدولة في عدم وجود شركات كبرى تسيطر على اقتصاد البلد، فقد صَغَّروا شركاتهم في الظاهر، وهي لا زالت شركات كبرى في حقيقة الأمر.

الأمر الثاني: تحسين علاقاتهم بكبار موظفي الدولة.

وذلك عن طريق المال وقضاء الحاجات، بحيث يبقى أولئك الموظفون محتاجين إلى البيض، مستجيبين لتنفيذ رغباتهم بطريقة خفية ذكية.

الأمر الثالث: حيازة القيادة السياسية الخفية.

وذلك بجعل القيادة الظاهرة بيد السود، والقيادة الواقعية الخفية بأيديهم، بأن يكون الأسود وزيراً، ويكون نائبه أبيض، ويكون الأسود مديراً عاماً، ويكون الأبيض مديراً لمكتبه أو سكرتيراً له، ويكون للنائب أو مدير المكتب أو السكرتير من النفوذ ما يجعله المسير للأمور، والسبب في ذلك ما عندهم من خبرة وإمكانات قد لا تتوافر للوزير أو المدير العام، ويترتب على ذلك تسخير نفوذهم لخدمة أبناء جنسهم بطرق وأساليب يصعب على غيرهم اكتشافها.

مصالح حققها الله للمسلمين في عهد الحكم العنصري:

كثير من المفاسد لا تكون شراً محضاً، وكثير من المصالح لا تكون خيراً محضاً، بل قد يصاحب المفاسدَ شيءٌ من المصالح، وقد يصاحب المصالحَ شيءٌ من المفاسد، والعبرة بالغالب، فإن غلب الخير قيل: إنه خير، وإن غلب الشر قيل: إنه شر.

ومن الأمثلة على ذلك الجهاد في سبيل الله، فإن المجاهدين قد تزهق أرواحهم ويصابون بالجروح وقطع الأطراف، وقد يسبي أعداؤهم نساءَهم وأطفالهم ويأسرون رجالهم، وقد ينهبون أموالهم وقد يغلبونهم لسبب ما فيهزمونهم ويحتلون أرضهم، هذه الأمور كلها مفاسد تصيب المسلمين إذا وقعت، ولكن مصالح الجهاد في سبيل الله والثمار المترتبة على إقامته تغلب مصالحُها كلَّ تلك المفاسد، لأن في الجهاد في سبيل الله رفعَ راية الإسلام وعزةَ المسلمين، والدفاع عن الأرض الإسلامية وأعراض المسلمين وغيرهم، ونشر العدل وتثبيته في الأرض، ونصر المظلوم ـ مسلماً كان أو غير مسلم ـ على ظالمه، وبث الرعب في نفوس أعداء الله وتقوية مهابة المسلمين في الأرض.

والغالب أن المسلمين إذا أقاموا راية الجهاد في سبيل الله كما أمرهم الله، أن يكون النصر حليفهم على عدوهم، وأن لا ينالهم من الأذى والمفاسد إلا القليل، فالجهاد في سبيل الله مصالحه عظيمة عميمة، ومع ذلك يوجد فيه شيء من المفاسد التي قد تصيب المسلمين، هذا مثال للمصالح الراجحة المحتوية على شيء من المفاسد المرجوحة.

ومثال ما هو مفسدة محتوٍ على شيء من المصلحة المعاملات الربوية، التي تدمر الدول والشعوب وتحطم اقتصادها، كما تحطم شركات وتفقر أسراً وأفراداً، ومع ذلك توجد فيها بعض المصالح للدول والشركات والأفراد، فقد تأخذ دولة قرضاً ربوياً تقيم به مشاريع ضرورية، وقد يستدين فقير مالاً بربا فيقيم شركة ويربح ويصبح غنياً، ولكن الغالب في المعاملات الربوية أن تكون مفاسدها أعظم من مصالحها، ومثلها الخمر التي قال الله فيها: {يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}. وقد رتب الله على كثرة مفاسد الربا والخمر وقلة منافعهما تحريمهما، كما هو معروف.

وبناء على ما سبق أقول: لقد كان في بعض تدابير الحكم العنصري التي فرقت بين بني الإنسان على أسس جاهلية، بعض المصالح للمسلمين جاءت بدون قصد لا من الحكام ولا من المسلمين. لمست ذلك من زيارتي القصيرة هذه، ذات الحوارات الميدانية مع زعماء المؤسسات الإسلامية وأئمة المساجد وبعض الأساتذة في الجامعات والمدرسين في المدارس الخاصة والشخصيات ذات النفوذ بين المسلمين، ويتلخص ذلك في الأمور الآتية:

الأمر الأول: تسخير الله تعالى أعداء الإسلام ـ من حيث لا يشعرون ـ لإيصال الإسلام إلى مناطق في الأرض قد لا يدور ببال المسلمين أن الإسلام سيصل إليها عن طريقهم، وهذا ما فعله الأوربيون عندما احتلوا شرق وجنوب شرق آسيا، وقاومهم المسلمون هناك بقيادة بعض زعمائهم من العلماء والأعيان، فأراد المغتصبون أن يعاقبوا أولئك القادة فأسروهم عبيداً ونفوهم من شرق الأرض إلى غربها، من جزر الملايو إلى رأس الرجاء الصالح في أقصى الجنوب الأفريقي، فإذا العبيد المنفيون يبذرون غرس الوحي الإلهي في تلك البلاد وينشرون دين الله هناك، ويستوطنون في بلد ناء عن بلادهم، ليبنوا المساجد ويرفعوا من مآذنها صوت الحق لنداء المؤمنين بالله من أجل عبادته وحده لا شريك له، ويؤسسوا المدارس ليحفظ أطفالهم القرآن الكريم، ويتعلموا مبادئ الإسلام فيها، وإذِ الإسلام يغرس جذوره في أعماق بلاد المنفَى برغم أنوف من ظنوا أنهم قد أصابوه في المقتل.

ويأتي العدو بعد ذلك بالمسلمين عبيداً له من بلاد أخرى ليخدموه في الزراعة ـ وبخاصة زراعة قصب السكرـ جاء بالهنود من الهند لهذا الغرض ظناً منه أنهم سيذوبون في المجتمع الأوربي والأفريقي وينسون دينهم الحق، فإذا هم يحافظون - بسبب عزله لهم في السكن عن الاختلاط بغيرهم - على دمهم الهندي الذي تراه رأي اللعين في كبارهم وصغارهم ورجالهم ونسائهم أينما اتجهت، حتى لتشعر وأنت تراهم كأنك في شوارع دلهي ولاهور، وبومباي ولكنو ومدراس وكراتشي… ويحافظون كذلك على دينهم فيبنون المساجد ذات المآذن الممتدة في عنان السماء، ويؤسسون الكتاتيب والمدارس الخاصة، ويقومون بإنشاء دور العلوم تأسياً بأمهاتها في الهند وباكستان وبنغلاديش، وتجد كثيراً منهم يلقب بـ(قاري) أو (حافظ) لحفظهم القرآن الكريم، وتسمع لقب: (مولانا) و(الشيخ) لعلماء ومفتين يلتف حولهم المسلمون من الأغنياء والفقراء وذوي الكفاءات العملية المتنوعة، من أطباء ومهندسين ومحامين ونواب ووزراء واقتصاديين وسياسيين. ولقد بلغت هيبتهم في نفوس المسلمين أنهم إذا أصدروا فتوى في موضوعٍ مَّا من الموضوعات، لم يجرؤ أحد على الإعلان عن مخالفتها، وإن خالفها بعضهم عملياً.

الأمر الثاني: إقدام الأوربيين على تدبير ظنوه صمامَ أمان دائم لحكمهم وسيطرتهم على البلاد وإذلال العباد، وهو عزلهم كل فئة من فئات المجتمع عن الأخرى في السكن بتشريع قانوني وتطبيق تنفيذي: فللبيض مساكنهم المقدسة التي لا يجوز أن تطأ شوارعها قدم غيرهم إلا بإذن وللخدمة، وللملونين أحياؤهم التي لا يحق لغيرهم أن يساكنهم فيها، وللهنود قراهم الخاصة، وللسود أكواخهم المعزولة، لقد كان هذا التدبير بغيضاً سيئاً مخالفاً للفطرة والعدل والدين والأعراف والقوانين الدولية.

ولكنه كان من المنح الإلهية للمسلمين، وهو أن عزلهم في أماكن معينة لم يختلطوا بغيرهم مدة الحكم الأوربي

الطويل، مكنهم من المحافظة على أنفسهم ودينهم وذريتهم ومساجدهم ومدارسهم، وأحياناً أنسابهم - وبخاصة الهنود - وإني لأظن أن المسلمين لو اختلطوا اختلاطاً تاماً بالأوربيين وغيرهم تلك الفترة الطويلة لذاب كثير من أبنائهم في مجتمعات الكفر، كما ذاب كثير منهم في بلدان أخرى، مثل الأفواج الأولى من الأفغان في أستراليا.

الأمر الثالث: قيام المسلمين بإنشاء مؤسسات دينية، مثل المساجد والمدارس ومجالس العلماء وحلقات التعليم، وكان لهذه المؤسسات أثرها في ترابطهم الديني والاجتماعي، كما أقاموا مؤسسات تجارية واقتصادية مكنتهم من تحسين وضعهم الاجتماعي ومن الإنفاق على نشاطاتهم الإسلامية ومساعدة المحتاجين من المسلمين.






السابق

الفهرس

التالي


16130730

عداد الصفحات العام

1456

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م