﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(031) سافر معي في المشارق والمغارب

(031) سافر معي في المشارق والمغارب



متى يشرع الجهر بالإسلام ومتى يسر به؟



سبق في الحلقة (30) أن بعض الناس لاموا المسلمين في الصين، على ثوراتهم ضد الحكام الذين اعتدوا عليهم، لما نتج علن تلك الثورات التي دافعوا بها عن أنفسهم، وسبق التعليق على ذلك، في النص الآتي: "والذين لاموهم على تلك الثورات، رأوا أنهم وقفوا أمام عَدد لا طاقة لمثلهم به عادة، إضافة إلى أن ذلك العدد هو جيش الدولة وقوته هي قوة الدولة بكل إمكاناتها، والمسلمون لا دولة لهم، ووضعهم شبيه بوضع المسلمين في مكة". ويتم وفي هذه الحلقة تكملة للتعليق فيما يأتي:



بل قد يكون المشروع في حق المسلمين العمل السري حتى في شعائر دينهم كالصلاة والصيام وتلاوة القرآن، عندما يرون عدوهم سيقضي عليهم ويستأصلهم إذا جهروا بذلك، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه في مكة فترة من الزمن، ولا عبرة بكلام بعض المنتسبين إلى العلم، ممن يجهلون السيرة النبوية وفقهها وأحوال المسلمين على مدى التاريخ، فينكرون العمل الإسلامي السري في كل الأحوال.



ولو أن هؤلاء عادوا إلى الثورة الكمالية على الإسلام في تركيا، وكيف كان علماء الإسلام يعلِّمون أبناء المسلمين القرآن الكريم سراً في الدهاليز التي أعدت مأوى للحيوانات ـ كإسطبلات الخيول ـ خشية من أن تعلم عنهم أجهزة العذاب (المسماة بأجهزة الأمن) لو أنهم علموا ذلك وعلموا ما حل بالمسلمين في القرن المسمى بالقرن العشرين في الدول الشيوعية، لاستحوا من تلك الفتاوى الجاهلة التي تحكم على كل عمل سري للإسلام بأنه من أعمال الماسونية.



وكثير من أبناء المسلمين في الدول الشيوعية - روسيا والصين وغيرهما - تعلموا القرآن والحديث والفقه والعقيدة في المخابئ التي يبقون فيها الليالي والأيام، بل الأشهر مع علمائهم، ولهذا عندما تمزق الاتحاد السوفييتي، وكشف الله بعض الغمة عن المسلمين ظهر طلاب ولدوا وترعرعوا في ظل الحكم الشيوعي القاسي، ظهروا وهم يحفظون القرآن وبعضهم يحفظون بعض كتب الحديث ومتوناً في الفقه واللغة العربية، فهل كان يجب عليهم عدم العمل السري، لأنه من أعمال الماسونية؟!



لكل مقام مقال:



نعم! الأصل في الإسلام الجهر به وبشعائره الدينية كلها، وبمبادئه الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية، وسياسته الشرعية، وقواعده الجهادية، وعلاقاته الدولية، ولا يجوز كتمان شيء من ذلك ما دام دعاة الإسلام يجدون مجالاً لبيان ذلك كله، كما هو الحال في البلدان التي تَحْكَم بشريعة الله، أو تأذن بالدعوة والبلاغ، لأن البيان واجب والكتمان محرم لَعن الله فاعله، هذا هو الأصل في الإسلام، وهو بيانه وإيضاحه كاملاً غير منقوص، ليصل إلى الناس كافة (وهو معنى البلاغ المبين).



ولكن إذا وجد المسلمون أنفسهم في بلد يحكمه طغاة جبارون، يمنعونهم من إظهار شعائر دينهم، ولا قدرة لهم على تحطيم سدود الطغيان، فعليهم أن يقيموا ما يقدرون عليه من هذا الدين سراً حتى يفرج الله همهم، وإذا كانوا في بلد يأذن فيه حكامه بمزاولة بعض هذا الدين ويحظرون عليهم بعضاً، ولا قبل لهم بمقاومة من حرمهم من إقامة ذلك، فعليهم أن يؤدوا ما أذن لهم بمزاولته علناً، وما لم يؤذن لهم به يزاولونه سراً؛ لأن ما يقدرون عليه لا يجوز لهم التفريط فيه، وما لم يقدروا عليه لا يكلفهم الله إياه {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}.



ولكن العمل السري يحتاج إلى فقهاء في الدين يوجهون أهله، وإلا وقعوا في محاذير، وتعاطوا ما يظنون أن لهم تعاطيه شرعاً، وهو غير مشروع، لأن بعض أحكام الإسلام لا تنفذ عن طريق الأفراد ولا الجماعات، وإنما تنفذ عن طريق أمراء المؤمنين، كإقامة الحدود وجهاد الطلب، أي غزو بلدان الكفار ونحو ذلك.

إن المقارنة بين المصالح الراجحة والمفاسد المرجوحة، وتقديم الراجح على المرجوح، ومتى يكون العمل سراً ومتى يكون جهراً، ومتى يشرع للمسلمين مقاومة الطغيان، ومتى يشرع الصبر على العدوان، كل ذلك أمر واجب في ضوء نصوص الشريعة وقواعدها.



وقد يبذل الفرد أو الجماعة أو الدولة الجهد المستطاع في سبيل الوصول إلى معرفة المصلحة الراجحة، لتقديمها على المصلحة المرجوحة، أو معرفة المفسدة الراجحة لدرئها وارتكاب المفسدة المرجوحة، وقد يصيب المجتهد ويفوز في إقدامه أو إحجامه، وقد يخطئ ويخفق في ذلك، وقد يرى الحاضر مالا يراه الغائب، وكل بلد أهله أدرى بخفاياه من غيرهم، والناقد من وراء الحدود قد يَنْقُدُ نَقْدَهُ إذا تجاوزها. وبعض الثورات الإسلامية في الصين نجحت كثورة (يعقوب بيك) في (تركستان) التي أقام فيها بعد انتصاره دولته المستقلة واستمرت مدة ثلاثة عشر عاماً كما مضى.



والمسلمون في مكة برغم قلتهم وضعفهم، ما كانوا ليصبروا على عدوان المشركين عليهم وإهانتهم وتعذيبهم، لولا وجود الرسول صلى الله عليه وسلم، بينهم يُصَبِّرهم بما ينزل عليه من الوحي. أما المسلمون في الصين فقد كان علماؤهم قلة، وقد يكون كثير من أولئك العلماء قليلي الخبرة بشئون الحرب وشئون السياسة، وقد تكون عندهم خبرة ولكنهم اجتهدوا وأخطئوا، وقد يكون بعضهم كان يرى الصبر على العدوان وعدم الدخول في صدام مع الدولة، ولكنهم غلبوا على أمرهم من تسرع عامة المسلمين الذين لم يستطيعوا الاستمرار في تحمل الهوان.



ويكفي أن نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان رأيه عدم الخروج من المدينة في غزوة أحد، ولكن كثيراً من المسلمين ألحوا عليه في الخروج فخرج، فكيف بالناس ـ ولو كانوا مسلمين ـ مع غير الرسول صلى الله عليه وسلم ؟! ثم إن استمرار الاعتداء على دين الأمة وأرضها وعرضها، وإهانة أعزتها، يصعب الاستمرار على تحمله، وقد يرى المسلمون أن موتهم في ميدان المعركة خير لهم من ذبحهم كالنعاج، وسفك دمائهم خير من انتهاك أعراضهم، وهم يشاهدون لا يحركون ساكناً.







السابق

الفهرس

التالي


16125438

عداد الصفحات العام

4053

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م