﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(037) سافر معي في المشارق والمغارب

(037) سافر معي في المشارق والمغارب



ما للجمعية الإسلامية الصينية وما عليها:



قاعدة مهمة:



إن العدل يقتضي - مع ذكر السلبيات لأي شخص أو مؤسسة أو جماعة أو دولة - أن تذكر معها الإيجابيات، بل ويقتضي مع ذلك دراسة ظروف السلبيات، ومعرفة ما إذا كان صاحبها قد تعمدها، أو عملها مكرهاً أو جاهلاً، ولا يجوز لمن تنقل إليه الأحداث وآثارها من موقعها، أن يتسرع في الحكم على أهلها، وهو بعيد عنها لم يعلم أحوال أهلها علماً يسوغ له إصدار حكمه جزافاً، كما قد يفعله بعض من يدعون العلم وينصبون أنفسهم مجرحين معدلين، بدون روية ولا تثبت! وإذا عدنا إلى السيرة النبوية رأينا فيها ما يرشدنا إلى هذه القاعدة المهمة.



فقد أذن الله تعالى لمن أوذي أذى لا قدرة له على تحمله، أن ينطق بلسانه كلمة الكفر ـ مع اطمئنان قلبه بالإيمان، كما في قصة عمار بن ياسر رضي الله عنه، وقد أنزل الله تعالى ذلك في كتابه الكريم فقال تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [106 النحل]..



وقد ثبت في الحديث الصحيح أن الصحابة رضي الله عنهم، عندما نزل قوله تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [284 البقرة]. اشتد عليهم الأمر، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بركوا على الركب، فقالوا: أي رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق... وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها. قال رسول الله فقالوا: أي رسول الله! كلفنا من الأعمال ما نطيق. الصلاة والصيام والجهاد والصدقة. وقد أنزلت عليك هذه الآية. ولا نطيقها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا؟ بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. فلما اقترأها القوم ذلت بها ألسنتهم. فأنزل الله في إثرها: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير} [2 /البقرة/ آية 285] فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى. وأنزل الله عز وجل: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها...الحديث) [صحيح مسلم]



فقد عذب كفار قريش (عمار بن يا ياسر) رضي الله عنه، عذاباً شديداً لم يطق الصبر، من أجل أن يسب دين محمد صلى الله عليه وسلم، ففعل بلسانه وقلبه مطمئن بالإيمان، وجاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، خائفاً من أن يكون قد خرج بذلك من زمرة المؤمنين، فأنزل الله تعالى آية النحل السابة دالة على أنه معذور فيما فعل، وأن إيمانه باق، وهي شاملة لكل من ناله من الأذى ما نال عماراً، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. وآيات البقرة واضحة في أن الله لا يحمل خلقه ما لا يطيقون، وأنه لا يكلف نفساً إلا وسعها.



والمؤمنون ليسوا سواء في قوة الصبر على الأذى وتحمله، فقد يصبر مؤمن على أذى لو نزل جزء منه على مؤمن آخر نفد صبره، وقصة بلال رضي الله عنه، مع قصة عمار خير شاهد لهذا وهذا، فقد اشتد على بلال عذاب المشركين، فصبر وكان يقول: أحدٌ أحد! وقصته معروفة في السيرة النبوية.



وعلماء الصين في عهد الحزب الشيوعي ـ وبخاصة في وقت الثورة الثقافية التي سميت بالقفزة الكبرى ـ لا أظن أن وسائل تعذيب عمار في عهد قريش تبلغ عشر معشار وسائلها التي توافرت لدى أعدائهم لتعذيبهم، وإيمان علماء الصين ـ وغيرهم ـ لا يبلغ مبلغ إيمان عمار، فضلاً عن إيمان بلال، رضي الله عنهـما.



فإذا ما حصل لهم من التعذيب والإكراه ما لا طاقة لهم به وكان فوق وسعهم، أو خافوا من وقوعه بهم خوفاً حقيقياً دلت عليه الظروف المحيطة بهم، فهم معذورون فيما حصل منهم كما تدل عليه الآيات والأحاديث. لكن قد يقال: إنه يوجد فرق بين ما حصل من عمار وما حصل لأعضاء الجمعية الإسلامية الصينية من وجهين:



الوجه الأول: أن ما حصل من عمار من الاستجابة لما طلبه المشركون، كان قاصراً عليه، أما ما حصل من بعض علماء الصين من تحريف لبعض معاني القرآن، استجابة للحزب الشيوعي، فإنه متعد إلى غيرهم من المسلمين، وهو تأثرهم بذلك التحريف الذي يجعلهم يفهمون منه غير مراد الله تعالى، والضرر المتعدي غير الضرر القاصر، لأن الضرر المتعدي تفتن به أمة، وليس فرداً، وما تفتن به الأمة لا يعذر صاحبه، بل يجب عليه أن يصبر على ما يناله، ومن هنا صمد الإمام أحمد رحمه الله للفتنة، ولم يستجب لما طلب منه خصومه وأخذ بما أخذ به بلال من العزيمة.

الوجه الثاني: أن ما حصل من عمار لم يكن يخشى منه التباسه على الناس بالتشريع وفهمهم له أنه من الإسلام، لأن قريشاً كانوا يعلمون أنه فعل ما فعل استجابة لطلبهم الذي أكرهوه عليه وهو إعلان سبه للإسلام، وليس الاعتراف بمعان جديدة تخالف الإسلام، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان بين أظهرهم، ينزل عليه الوحي ويبلغ به الناس، أما ما حصل من الجمعية فهو تحريف بعض معاني الإسلام وزعم أنها من الإسلام مع تسجيلها كتابة في ترجمات معاني القرآن أو الحديث، أو غيرهما من كتب العقيدة أو العبادة أو الأخلاق، وإعلام المسلمين ـ وعامتهم جهال ـ بأن ذلك حق يرضاه الله ورسوله، ولم يكن أحد يجرؤ على إعلان ما يخالف ذلك، وإن وجد من صبر على البلاء ورفض الانضمام إلى من وافق على التزييف. وهنا يكمن الخطر وهو إضلال المسلمين بما حصل من التحريف.



والجواب: أن الإنسان مكلف بما يطيق، وما لا يطيقه لا يكلفه الله به، لا فرق بين قاصر ومتعد، ولهذا لم يصبر زملاء الإمام أحمد من العلماء على ما صبر عليه هو، ولم يستطيعوا الصمود مثله، فأخذوا بما أخذ به عمار، فهو من عذر المكره الذي لا يؤاخذ الله صاحبه ما دام قلبه مطمئناً بإيمانه. أما فيما يتعلق باللبس الذي يخشى على عامة المسلمين منه، فالواجب على من أكره على شيء من ذلك أن يتقي الله جهده، وأن يحاول اتباع المعاريض التي قد يتخلص بها من فتنة المُكْرِه (بكسر الراء) ويكون الاحتمال الراجح فيها هو الحق لا الباطل، فإذا فعل ما استطاع من ذلك، فهو معذور أيضاً لعموم النصوص، فإذا كان قادراً على التخلص من اللبس ولم يفعل كان آثماً...



هذا، وقد وجد من علماء الصين من صبر على البلاء كما صبر بلال، كما سيأتي في قصة الشيخ محمد أمين. كما وجد غيرهم من دعاة الإسلام الذين صمدوا حتى أزهقت نفوسهم في سبيل الله، في بلدان كثيرة في العصور الغابرة والحاضرة، ومنهم سيد قطب وإخوانه الذين قتلهم عبد الناصر بعد أن أنزل بهم من التعذيب ما يزلزل الجبال لو كانت لها أرواح، وغالبهم لم يستطيعوا ذلك.



ونقل الصحفي المصري فهمي هويدي ما يدل على أن الدولة كانت تراقب أفراد المسلمين في بيوتهم، لتعاقب من تجده يصلي، وهذا نصه: (قال لي الحاج محمد علي رئيس الجمعية الإسلامية: إن من كان يريد أن يؤدي الصلاة العادية في بيته آنذاك، كان يتخفى في ركن جانبي ويؤدي الفريضة، بينما هناك من يحرسه ليحذره من أي قادم يضبطه متلبساً بالوقوف بين يدي الله) [الإسلام في الصين، صفحة: 147]..

كما نقل أنه تعرض للتعذيب والإهانة في عهد الثور ة الثقافية كبار العلماء، بما فيهم رئيس الجمعية ونائبه [نفس المرجع: ص: 145. فهمي هويدي]. والله تعالى هو العالم بمن أكره منهم وقلبه مطمئن بالإيمان، ومن باع دينه بدنياه أو دنيا غيره، وهو وحده الذي يحاسبهم، أما نحن فعلينا بيان الحق والتواصي به، وحسن



الظن بالمسلم ما وجدنا إليه سبيلاً، والله المستعان.



أما من استجاب للشيوعيين وحرف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لينال منصباً أو جاهاً، أو لمجرد توهم أن يصيبه أذى، فهو آثم داخل في زمرة أهل الكتاب، كما سيأتي، إذ يجب أن يعلم أن من أكره على إعلان شيء يخالف الإسلام، يجب عليه أن يبين للناس ذلك إذا تمكن سراً، وأنه إذا زالت أسباب الإكراه وجب عليه أن يبين ذلك علناً، وهذا هو الواجب على أعضاء الجمعية الإسلامية الصينية وغيرهم ممن دخل في حكمهم بعد أن خف الضغط عليهم..



فإذا استمروا على إقرار تحريفهم مع قدرتهم على بيانه فذلك دليل على رضاهم به، فهم آثمون عند الله ولا عذر لهم، وعليهم إثم تحريفهم وإثم من عمل به إلى يوم القيامة وهم داخلون في زمرة أهل الكتاب الذين حرفوا كتاب الله ليشتروا به ثمناً قليلاً.. كما قال الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} [79 البقرة.








السابق

الفهرس

التالي


16130896

عداد الصفحات العام

1622

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م