﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(015) دور المسجد في تربية الأحداث ووقيتهم من الانحراف

(015) دور المسجد في تربية الأحداث ووقيتهم من الانحراف



مكانة المسجد في الإسلام وشمول وظائفه لمصالح الدنيا والآخرة



إن مكانة المسجد في الإسلام، تظهر بجلاء، من كون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستقر به المقام عندما وصل إلى حَيّ بني عمرو بن عوف في قباء، حتى بدأ ببناء مسجد قباء، وهو أول مسجد بُني في المدينة، وأول مسجد بني لعموم الناس كما ذكر ابن كثير، رحمه اللّه. [في تاريخه الكبير: البداية والنهاية (3/209)].



وكذلك عندما واصل سيره إلى قلب المدينة - المسماة آنذاك بيثرب - كان أول ما قام به تخصيص أرض لبناء مسجده، ثم الشروع في بنائه. كما روى أنس بن مالك رضي الله عنته، وكان صغيراً في ذلك الوقت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة، فنزل في علو المدينة في حي يقال لهم: بنو عمرو ابن عوف، فأقام فيهم أربع عشرة ليلة، ثم إنه أرسل إلى ملأ بني النجار، فجاءوا متقلدين بسيوفهم، قال: فكأني أنظر إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على راحلته وأبو بكر ردفه، وملأ بنى النجار حوله، حتى ألقى بفناء أبي أيوب.



قال: فكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، يصلي حيث أدركته الصلاة، ويصلى في مرابض الغنم، ثم إنه أُمر بالمسجد، قال: فأرسل إلى ملأ بنى النجار، فجاءوا، فقال: (يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا) قالوا: لا واللّه لا نطلب ثمنه، إلا إلى اللّه، قال أنس فكان فيه ما أقول: كان فيه نخل، وقُبور المشركين، وخِرَبٌ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنخل فقطع، وبقبور المشركين فنبشت، وبالخرب فسويت، قال: فصفوا النخل قبلة، وجعلوا عضادتيه حجارة، قال: فكانوا يرتجزون، ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم معهم، وهم يقولون. [صحيح البخاري: 1/165، وصحيح مسلم: 1/373]:

اللهم لا خير إلا خير الآخرة





فانصر الأنصار والمهاجرة




قلت: إن اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم ببناء المسجد أول قدومه المدينة، يدل على



مكانة المسجد وأهميته في الإسلام، وأنه من مؤسسات الإسلام التي لا يستغني عنها المسلمون، لكن الذي يدل على مكانة المسجد، أكثر هو كون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكتف ببنائه للصلاة فحسب، بل لها ولغيرها من الشعائر التعبدية، وللوظائف الأخرى المتعلقة بسياسة الدولة بأكملها - كما سيأتي - فإن ذلك يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم قصد أن لا يفرق بين أداء الشعائر التعبدية، وغيرها من سياسة الدولة، ليُعَرِّفَ أمتَه أن الدين شامل لإقامة كل خير في هذه الأرض، وليس خاصاً بنوع معين من أنواع العبادة التي تؤدى للّه تعالى.



ولو لم يكن هذا المعنى مقصوداً له صلى الله عليه وسلم ولو كان المسجد خاصاً بأداء الشعائر الدينية المشهورة عند الناس، ولا يصلح إلا لها، لسارع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تخصيص مكان آخر لإدارة شؤون الدولة فيه، وما الذي يعجزه عن ذلك؟ والأنصار يتسابقون بكل ما يملكون من أرض ليضعوها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم والمهاجرون يتسابقون في عمل ما يريد من بناء وغيره.



ولعل فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذلك كان بأمر من ربه الذي يعلم أنه سيأتي بعد نبيه صلى الله عليه وسلم، من أمته من يدعو إلى التفريق بين الدين والدنيا، والعبادة والسياسة، كما يقول بعض أهل الأديان: "دع ما لله للّه وما لقيصَر لقيصر" أراد أن تكون الأعمال التي قام بها في هذا المسجد وثيقة عملية في صفحات التاريخ للمنافقين الذين يريدون أن يعتدوا على حكم اللّه، فيجعلونه ملكاً لهم ليرضوا أهواءهم، ويستعبدوا عباد اللّه من دونه، لغياب حكمه الذي فرضه على عباده. هذا هو الأساس الأول من الأسس التي أقام الرسول صلى الله عليها وسلم مصالح أمته ومنها الدولة الناشئة في المدينة.



أما الأساس الثاني من أسس من المصالح الشاملة التي قامت الدولة الإسلامية عليها في المدينة، فكان المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، الذين كان يجمعهم المسجد للعبادة والتشاور والجهاد وغيرها. [يراجع زاد المعاد لابن القيم (3/63)].



والسبب في ذلك أن الأمة التي لا تجمعها الأخوة الصادقة في الله تعالى، الأخوة التي لا يشوبها نفاق ولا خداع، لا يمكن أن تجتمع كلمتها وتنفذ ما أمرها الله تعالى إلا بالاعتصام بحبله؛ لأن كل أحد منها وكل فئة من فئاتها سيتبعون أهواءهم ويكيد بعضهم لبعض، فتكون بذلك لقمة سائغة لأعدائها المتربصين بها.



وأما الأساس الثالث، فكانت تلك المعاهدة التاريخية، التي ترتب عليها أن تكون القيادة في المدينة للرسول صلى الله عليه وسلم على المسلمين والمشركين واليهود. [راجع السيرة النبوية لابن هشام (1/496، 501،504). طبع مصطفى الحلبي، وزاد المعاد (3/65)].





السابق

الفهرس

التالي


15322057

عداد الصفحات العام

2001

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م