﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(05)قاعدة في سبب الجريمة:

(05)قاعدة في سبب الجريمة:



المبحث الثالث: دلالة الواقع على بطلان دعوى تأثير تلك الأسباب



ننبه -هنا-على أربعة أمور:



الأمر الأول: أن المقصود إنكار أن يكون كل سبب من تلك الأسباب سببا مستقلا، بإنشاء الجريمة أو أن يكون السبب المدَّعَى أصلاً لإنشائها، أما كون بعض تلك الأسباب قد يكون فرعاً من الفروع التي قد تساعد على ارتكاب الجريمة، فهذا ليس محل إنكارنا، فالفقر قد يكون من الأسباب المؤدية إلى ارتكاب الجريمة، ولهذا نجد من يسرق المال من حرزه، ولكنه ليس سبباً مستقلاً بها ولا هو أصل ارتكابها دائما.



الأمر الثاني: أن علماء الإجرام الذين عنوا بأسباب الجريمة، هم من أهل الغرب الذين لا يعيرون الإسلام اهتماماً، وبخاصة مناهجه المنظمة لحياة البشر على أساسه، والدالة على أن السعادة ملازمة لتطبيقه، والشقاوة ملازمة للبعد عنه..

والسبب في موقف علماء الغرب - في الغالب - هو الحقد الشديد على الإسلام وكراهة انتشاره وانتشار مبادئه، ولذلك يهملون ذكره إلا على سبيل الطعن فيه حيث أمكنهم ذلك، وقد يكون السبب في ذلك جهل بعضهم بحقيقة الإسلام.



وإن الأمانة العلمية التي يدعونها هم كانت تفرض عليهم أن يبحثوا في الإسلام كما بحثوا في غيره عن أسباب الجريمة.. ولكن هذه الأمانة المدعاة تفقد عندهم، إذا ذُكر لهم الإيمان بالغيب الذي يعتبرونه خرافة ويطلقون عليه "ميتافيزقيا" والعلم عندهم لا يطلق إلا على ما يدخل في عالم المادة.



الأمر الثالث: أن علماء الإجرام اعترفوا أن الأسباب التي ذكروها كلها، غير صالحة للاستقلال في سببية الجريمة؛ لأنها تفسيرات جزئية غير مؤهلة لأن تكون نظريات تفسيريه عامة..



فقالوا: "فالحقيقة أن أي تفسير مهما كان جديداً.. أو حديثاً في صياغة فرضيات علمية جديدة، لا يقوى على مجابهة هذه الظاهرة المتعددة التي ندعوها بالجريمة، والتي لا تخضع لأي منطق سببي يقوم على تفسير جزئي واحد، ليكون نظرية تفسيرية عامة في مجال سببية السلوك الإجرامي وعلة الجريمة [أسباب الجريمة وطبيعة السلوك الإجرامي ص: 168، ومعلوم أن الجديد عندهم يرجى منه ما لا يرجى من القديم، بسبب توافر البحوث والإمكانات التي سبقته، والأساليب الحديثة المستخدمة فيه.].



الأمر الرابع: أن المتتبع لتلك الأسباب التي ذكرها علماء الإجرام، يرى أن كثيراً منها يخالف الواقع في كل أجزاء الأرض، حارها وباردها، غنيها وفقيرها، سواء كان أصل أهلها مجرمين أو أسوياء، مرضى أو أصحاء، مهاجرين أو مستقبلين في بلادهم للمهاجرين، بشرط واحد فقط وهو أن يطبق دين الله في تلك الأجزاء من الأرض..



والشاهد على هذا ما كان عليه العرب في الجزيرة، من التناحر والتقاتل والنهب والسلب والإغارة، بل وأد الأطفال أحياء..



فلما جاء الإسلام ودخلوا فيه، أصبحوا دعاة إصلاح وقادة خير، وأصبح منهم المهاجرون والأنصار الذين شهد التاريخ لهم بما لم يسبق له مثيل من الحب والإيثار والتعاون على البر والتقوى..



وهاجر الكثير منهم إلى بلاد الشرق والغرب، فاتحين فكانوا في بلدان مختلفة الأجواء من حرارة وبرودة وغنى وفقر، ومختلفة السلالات وبها من الجرائم ما لا يعد ولا يحصى..



ولكنهم ما إن وطئت أقدامهم تلك البلدان، حتى شيدت المساجد وارتفع ذكر الله، وعمَّ الإخاء، وثبت الإيثار والحب، واختفت الجرائم إلاَّ ما لا بدَّ منه بسبب فقد الإيمان أو ضعفه، عند بعض الأفراد أو الفئات كما سيأتي.



وإنك لترى شخصاً مجرماً في وقت غناه، فإذا سكن الإيمان في قلبه تحول إلى محسن إلى الناس، كما ترى آخر فقيراً مجرماً، فإذا خالط الإيمان قلبه أصبح زاهداً ورعاً..



وترى من ينتقل من بلده مهاجراً إلى بلد آخر وهو مجرم كذلك، فإذا خالط أهل البلد الذي هاجر إليه فتأثر بالإيمان، أصبح من أولياء الله، وكذلك يهاجر الرجل المؤمن الصالح إلى بلد يكثر في أهله الإجرام، فيؤثر فيهم فيتحولون إلى مصلحين.



وشواهد التاريخ على ذلك لا تحصى، وهذا كله يدل على أن تلك النظريات المدعاة في أسباب الجريمة غير صحيحة، بل إن الواقع التاريخي يكذبها.. ولعل في هذا ما يكفى لننتقل إلى الفصل الثاني الذي هو مقصود هذا البحث.




السابق

الفهرس

التالي


15251563

عداد الصفحات العام

357

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م