﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(03)وقاية المجتمع من تعاطي المسكرات والمخدرات

(03)وقاية المجتمع من تعاطي المسكرات والمخدرات



غرس الإيمان بقدرة الله التامة على كل شيء، وغرس الإيمان بكتاب الله.



إن المجرم إذا علم أن أحداً يعلم جريمته إذا ارتكبها، ولكنه يعلم أن هذا العالم بجريمته، عاجز عن متابعته وعقابه، فإنه يستطيع أن يرتكب تلك الجريمة وينجو من عقاب العالم بجريمته، ولو كان يبغضها غاية البعض، لكنه إذا اجتمع عنده العلم والإيمان، أن أحداً يعلم ما يرتكبه من معصية، ويقدر على متابعته ومحاسبته وعقابه، ولا يستطيع أبداً على الإفلات منه، فإنه لا يقدم على ارتكاب المعصية التي يعلمها ويعاقبه عليها.



ولهذا جمع الله سبحانه بين علمه المحيط بكل شيء، وقدرته التامة على كل شيء في قوله تعالى: {قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدير} [آل عمران: 29]. وقال تعالى: {أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم، كانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليماً قديراً} [فاطر: 44].



فإذا أردنا أن نوجد الإنسان الذي يجتنب ما يضره ويضر مجتمعه من الجرائم، بل إذا أردنا إيجاد شعب يكون كله حارساً على مصالحه في السر والعلن، فلا بد أن نربي ذلك الإنسان أو الشعب، على العلم والإيمان بقدرة الله التامة على كل شيء، مع إحاطته تعالى علماً بكل شيء. ولعل هذا يبين حكمة أمر الله تعالى عباده، أن يعبدوه بأسمائه الحسنى التي تملأ القلب المؤمن حباً لله، وخوفاً ورهبة منه، فيقدم على ما يحب الله ويبتعد عما يكرهه، قال تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} [الأعراف: 180]. لأن كل اسم من أسمائه تعالى يحمل من المعاني، ما لو فقهها المؤمن وثبتت في قلبه، لازداد تقرباً إلى الله بطاعته، بأداء حقوقه وحقوق عباده، وترك معصيته، بعدم الاعتداء على حقوقه وحقوق عباده.



ولهذا كان المكثر من حفظ أسماء الله الحسنى المتعبد بها جديراً بوعد الله أن يدخله الجنة، كما قال الرسول صلّى الله عليه وسلم: (إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة) [البخاري (3/185) ومسلم (4/2062) وفي مسلم زيادة في رواية: (من حفظها)]. وليس المقصود مجرد حفظها باللسان، وإنما فقه معانيه واستحضارها عندما تُطلب منه طاعة، أو ترك معصية، فيبادر بالأولى، وينتهي عن الثانية.



قال ابن القيم رحمه الله: (ولو شهد بقلبه صفة واحدة من أوصاف كماله، لاستدعت منه المحبة التامة عليها، وهل مع المحبين محبةٌ إلا من آثار صفات كماله، فإنهم لم يروه في هذه الدار، وإنما وصل إليهم العلم بآثار صفاته وآثار صنعه، فاستدلوا بما علموه على ما غاب عنهم) [طريق الهجرتين وباب السعادتين ص:561-562 طبع قطر].



غرس الإيمان بكتاب الله في النفوس:



إن هذا القرآن لم ينزل إلا لهداية البشر وإقامة الحجة عليهم، قال تعالى: {ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين} [البقرة: 1-2]، وقال تعالى: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} [الإسراء: 9]، وقال تعالى: {وهو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} [الصف: 9].



فإذا رُبِّيَ الإنسان على الإيمان بأن هذا القرآن كلام الله، وأنه لا اهتداء إلا به في هذه الحياة، وأن ما شرعه الله فيه يجب أن يطاع أمراً كان أو نهياً، وأنه لا يجوز أن يطاع أحد في معصيته، وأنه يجب أن يُتَعلم حلاله وحرامه، ويُطَبق في واقع الحياة، إن الإنسان إذا ربي على ذلك، فسيكون إنساناً صالحاً، يحب الخير ويدعوا إليه ويأمر به، ويبغض الشر ويحذر منه وينهى عنه، ومن ذلك المسكرات والمخدرات التي حذر الله تعالى منها. وإذا لم يربَّ المسلم على ذلك، فأي قانون قادر على قيادته بسهولة ويسر غير هذا القرآن؟



لقد كان لهذا القرآن أثره في نفوس الذين أخذوه علماً وإيماناً وعملاً، من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكانت لهم بذلك السعادة والعزة، والأمن والاستقرار، والإيثار والمودة والإخاء، وهذه المعاني هي التي ينشدها العالم اليوم، لفقدها أو ضعفها التي يكاد يكون كالفقد، ولا يمكن أن تعود هذه المعاني إلى أهل الأرض، إلا إذا سلك المسلمون مسلك سلفهم الصالح في تعلم كتاب الله والإيمان به وتطبيقه في حياتهم.



قال ابن كثير رحمه الله: "قال الأعمش: عن أبي وائل عن ابن مسعود رضِي الله عنه، قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات، لم يجاوزهن، حتى يعرف معانيهن والعمل بهن، وقال عبد الله السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرؤوننا، أنهم كانوا يستقرؤن النبي صلّى الله عليه وسلم، وكانوا إذا تعلموا عشر آيات، لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعاً) [تفسير القرآن العظيم (1/3) وانظر مجموع الفتاوى لابن تيمية رحمه الله (13/331)].



هكذا كان تأثير القرآن على النفوس التي آمنت به، كانوا يقفون عند آياته تلاوة، وتفهماً لمعانيها، وتطبيقها لأوامرها ونواهيها.



وسنة رسول الله صلى اله عليه وسلم وسيرته، كالقرآن في التكليف ووجوب الإيمان بها، فهي وحي مثله في ذلك، والواجب الإيمان بما صح منها والعمل بها كالقرآن، لأن الله قد أمر بطاعة رسوله كما أمر بطاعته، قال تعالى: {قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول، فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين} [النور: 54].



فإذا غرس الإيمان بالكتاب والسنة في نفوس الناس، تغيرت نفوسهم من الجنوح والفسوق إلى الإقبال إلى الله والطاعة، وأثّر ذلك في تصرفاتهم المتعلقة بخالقهم وبغيره من مخلوقاته، لأن الكتاب والسنة قد حسم فيهما الأمر بكل نافع، والنهي عن كل ضار، في الدنيا والآخرة.



وكان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، لشدة إيمانهم بهذين المصدرين: القرآن والسنة عندما قال لهم الله عز وجل: {فهل أنتم منتهون} [المائدة: 91، تفسير القرآن العظيم (2/92)] قالوا: انتهينا يا رب، وكان ذلك في أم الخبائث كلها وهي الخمر.





السابق

الفهرس

التالي


15330210

عداد الصفحات العام

2343

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م