﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(023)علماء حاورتهم في موضوع البلاغ المبين

(023)علماء حاورتهم في موضوع البلاغ المبين


2-إجابات الدكتور حسن الشافعي على أسئلة البلاغ المبين


السؤال الخامس: ما معوقات البلاغ المبين الداخلية والخارجية؟


الواقع أن المعوقات كثيرة، وكما أشرتم هذه المعوقات منها ما يعود إلى أسلوب الدعوة وتنظيمها الداخلي، ومنها معوقات خارجية، وينبغي للدعاة أن يهتموا أكثر الاهتمام بالمعوقات الداخلية، لأننا إذا أصلحنا أنفسنا نكون في موقف يسمح لنا بأن نتحدث عن المعوقات الخارجية.



فمن المعوقات الداخلية في البلاغ، هو أن لا يكون على النحو الذي استظهرنا من منطق الشرع ودلائله المختلفة: أن يكون مبيناً وأن يكون بليغاً يصل إلى قلوب الناس وعقولهم، ولكن بعض الدعاة لا يهتم في أسلوب الدعوة بهذا الجانب وبعض الدعاة مع إخلاصه فيما نظن والقلوب بيد الله تعالى، يحرص على الناحية العاطفية وعلى تهيج المشاعر.

نعم إن هناك فرقاً بين إثارة الفكر وإثارة الشوق أو معاملة العقل ومعاملة القلب في الوقت نفسه، وهذا يدخل في البلاغ المبين ولكن الإثارة العابرة للعواطف أو إشعال المشاعر دون هدف، هو عيب من عيوب الدعوة المعاصرة.


السؤال السادس: وسائل الإعلام وأجهزته.


لوسائل الإعلام لو أحسن استخدامها في البلاغ المبين دور حيوي جداً، لأن هذه الوسائل تشمل كل أدوات الاتصال المتاحة الآن، سواء منها المكتوب أو المسموع أو المرئي، فكلها وسائل إعلامية، فهي في الحقيقة القناة التي يمكن من خلالها القيام بالبلاغ المبين وتأدية هذه الرسالة الكفائية للأمة الإسلامية، التي هي أساس قيامها كما قيل في البداية، قيام الأمة، والتي هي جوهر الاستمرار الحقيقي لهذه الأمة، والتي تتضمن عز الحاضر والمستقبل لها، وكذلك فيما بين يدي الله عز وجل، كل أولئك يمكن أن يقام به بشكل كبير جداً اعتماداً على أجهزة الإعلام المذكورة.



السؤال السابع: عن الخطة الإعلامية.


لو قيل لك ضع خطة إعلامية للبلاغ المبين، سأقول: أعطوني وقتاً، فهذه الخطة لا يمكن أن توضع في جلسة عابرة كالتي نحن فيها الآن، وإنما يمكن الإجابة على الفقرة الآتية: وما الأساس الذي تنبني عليه تلك الخطة، والمنهج؟



فلعل في أجوبتنا السابقة ما يتضمن بعض الأسس التي ينبغي أن تراعى، فقد قلت: إنها لا بد أن تتجه إلى المشكلات الرئيسية السائدة في العصر، ولا بد أن تتوافق مع الروح الفكرية السائدة في العصر، فكل عصر يختلف عن سابقه وعن لاحقه، بشيوع روح فكرية معينة أو أسلوب معين في الإحساس بالحقيقة وطرق التوصل إليها، والأساليب التي يمكن أن تحقق الإقناع بها والاطمئنان إليها، وقد قلنا: إنه لحسن الحظ أن الأسلوب العلمي السائد في وقتنا الحاضر، يلتقي تماماً مع الروح القرآنية في جوهر الحقيقة، وفي طرق التوصل إليها، وأساليب الإقناع بها كذلك، فيجب أن نراعي هذا، لكي تتوافق الدعوة مع العقل والفطرة ومع الروح السائدة، وكذلك نركز على القضايا الأولية، ذات الأولوية كما قلنا الآن: إنه فيما بين الشعوب الإسلامية ينبغي أن تكون قضيتنا الأولى هي قضية تهافت العلمانية، وإن جوهر الإسلام وحقيقته لا تلتقي مع هذا المفهوم للحياة والتوجيه لها، إذا راعينا ذلك فإن تناولنا للقضايا الجزئية بعد ذلك يكون أمراً يسيراً، فيما أظن.



كذلك فيما يتعلق بغير المسلمين ينبغي أن نعرف أن المداخل تتنوع، فحسب تجربتي البسيطة أن هؤلاء الذين عاشوا في الحضارة الغربية المعاصرة واستمتعوا بتيسيراتها المادية وصار لكل منهم حقوق إنسانية مرعية، على الأقل داخل مجتمعه، كانوا هم قديماً يمارسون الظلم، ولكن بالنسبة للشعوب الأخرى، ولكن في داخل شعوبهم ومجتمعاتهم هم قد استطاعوا فعلاً أن يوفروا للفرد العادي حقوقاً معترفا بها يلتقي فيها الخفير والأمير، وقد استطاعوا أو يوفروا للشخص العادي مهما كان حظه من الثروة أو التعليم قدراً معيناً أيضاً من الحقوق والتسهيلات والخدمات يتمتع بها الجميع، ينبغي أن لا يغيب عنا أن مخاطبة هؤلاء لا بد أن تتنوع، ولا بد أن تأتي إلى ناحية الجوع أو النقص الذي يعاني منه مثل هذا المجتمع.



وأبرز الجوانب الجوع الروحي الذي لا تستطيع تلك الأنظمة المادية العلمانية أن تسد الرمق فيه، أو تحفظ الرمق فيه، فعلى الداعية المسلم أن لا يتردد إذا علم أن المدخل الروحي إلى هؤلاء ربما يقدم، نعم نحن لا بد أن نقدم الإسلام كاملاً، وأن لا نكتم شيئاً من حقائق الدين، ولكن أنا فقط أتكلم عن الأولويات، فالمدخل إلى نفوس الناس ينبغي أن نعرف مثلاً أن الإسلام قد انتشر في إفريقيا عن طريق الطرق الصوفية، هذه حقيقة تاريخية لا مشاحة في ذلك، وإنما كان ذلك لأن هؤلاء الدعاة والأسلوب الذي اصطنعوه، كان ببساطته واقترابه من نفوس الناس وواقع حياتهم مؤثراً، وأنهم استطاعوا عن طريق هذا الالتحام بالفرد الأفريقي العادي بذلك الأسلوب الذي تحققه الحياة الصوفية والطرق الصوفية ناجحين، فلا يعني ذلك أنني سأقدم له تراث الطريقة، وأذكار الشيخ وأقف عندها.



ولكن لا مانع أبداً من أن تكون البداية على هذا النحو، ثم أحرص عن طريق وسائل التعليم الإسلامية على عرض حقائق الإسلام كاملة على هذه الشعوب، فإذا كان هذا الأسلوب قد نجح داخل البيئات الإسلامية وداخل العالم الإسلامي المعاصر في خلال القرون الأخيرة، فلماذا لا نستخدمه مع الشعوب المعاصرة لنا الآن خارج الدائرة الإسلامية؟ أظن أن الأسلوب الذي نتناوله والمنهج خصوصاً مع غير المسلمين يتنوع حسب الحاجة، وحسب مستوى هذا المجتمع في التطور، وحسب الخدمات والتيسيرات والتسهيلات الفكرية والعملية المتاحة لهؤلاء الناس، فليس الذي يصلح في مثل غرب أوروبا هو الذي يصلح في شرقها، أو الذي يصلح في الأمريكتين، الأمر قد يختلف، وهذا أيضاً بدوره يختلف عن الشعوب الأفريقية غير المسلمة، كما يختلف عن حاجة الناس في آسيا وأطرافها.



السؤال الثامن: ما دور التعليم في القيام بالبلاغ المبين؟


وهذا يربطنا بالسؤال الأخير وهو دور التعليم، لأنه كما قلت أسلوب الدعوة والإقناع بأصل الدين شيء، ثم أن يحسن إسلام المرء وأن يكتمل له دينه وأن يحيا حياة إسلامية كاملة شيء آخر يلي ذلك، ولا ينبغي أن نربط أحدهما بالآخر، فإذا كسبنا الناس لصالح دعوة التوحيد والحنفية فيأتي بعد ذلك دور حسن الإسلام، واكتمال الشخصية الإسلامية، وتلك هي وظيفة التعليم الإسلامي، فوظيفة التعليم الإسلامي هي أن توفر ليس فقط الحقائق الفكرية، والأحكام الشرعية مشروحة ومبينة-لا شك أن هذا هو واجب من واجباتها- ولكن أن توفر أيضاً البيئة والمناخ و (الأوتوسفير) كما يقولون الذي يهيئ ويتيح نمو الشخصية الإسلامية في ضوء الأحكام الشرعية، كلاهما مهمة عملية روحية تربوية، ومهمة عقلية فكرية أكاديمية.



هاتان الشعبتان أو هذان الجانبان لجهود مؤسسات التعليم الإسلامية بالأخص الجامعات الإسلامية سواء في داخل العالم الإسلامي أو خارجه هو ما ينبغي أن يكون.

أما عن مدى نجاح المؤسسات الموجودة الآن، وهي للأسف قد بدأت تتناقص أو بدأ يضمحل دورها، أو يضيق رغم الانتشار العددي للمسلمين والانتشار العددي لهذه المؤسسات أيضاً، لكن الدور والفاعلية والتأثير قد بدأ للأسف يضعف في العقود الأخيرة.



أقول يصعب جداً على مثلي وأنا أحد المعلمين المنتسبين إلى هذه المؤسسات سواء في مصر حيث كنت أزهرياً في حياتي، والآن صرت أعمل في جامعة القاهرة وهي إحدى الجامعات المسلمة لا شك، الموجودة في البلاد الإسلامية، والآن أعمل في الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام أباد، أنا لا أستطيع أن أصدر حكما،ً لكن أقول انطباعاً عاماً: إن الأداء الذي تقدمه هذه الجامعات غير مرض، وإنها لكي تنهض بعملها في المجالين العلمي الأكاديمي والتربوي الروحي، هي بحاجة إلى دفعة جديدة.



وذلك من واجبات العاملين فيها، وأظن أن هذه هي القضية الأساسية، قضية الأستاذ الجامعي في العالم الإسلامي، وقضية المعلم بوجه عام، وقد يرتبط بها قضية الكتاب المناسب وأسلوب العمل والمنهج، هذه الأمور كلها وحدها لن تنهض، إلا إذا وجد الشوق أو عشق المهنة أو الإخلاص بالمفهوم الإسلامي لدور المعلم الذي يحاول أن يحقق للمسلمين حسن الإسلام، وأن يوفر رقي البحث العلمي وتقدم العلوم الشرعية والإسلامية، وفي نفس الوقت نمو الشخصيات الإسلامية عن طريق القدوة والمثال والتربية والبيئة والحضانة الروحية التي أشرنا إليها.



السؤال الثامن: ما دور الجهاد في البلاغ المبين؟


الجهاد مفهوم شرعي واسع، وإن كان أعلاه بذل النفس في سبيل الله، فالقتال ضرب من الجهاد، ولكن للجهاد مفهوم أعم، والذين يخلصون لله تعالى في طلب ذروة سنام الجهاد هم في غالب الأمر موفقون إلى ما دون ذروة سنام الجهاد، فهم لا يقصرون في جهاد المال ولا في الجهاد القولي ولا الجهاد العلمي، وجهاد الدعوة، وما داموا حريصين على أقصى الأمر، وأعلاه وهو بذل النفس في سبيل الله، فالجهاد بكل صوره لا شك أنه سبيل أساسي من سبل الدعوة، والدعوة الإسلامية هي من نتاج بعض ثمار الجهاد في سبيل الله، وهي من أسباب الجهاد في سبيل الله، لأنه من المعلوم أن أحد أسباب الجهاد الثلاثة المعترف بها في الشرع هي إزالة العقبات أمام الدعوة لكي تبلغ الدعوة الإسلامية الكافة، فهي سبب من أسباب الجهاد وهي في الوقت نفسه ثمرة من ثمراته، لأن إزالة السلطات الباغية وأئمة الكفر الذين يحولون بين الناس وبين دعوة الله تبارك وتعالى ودعوة التوحيد والحنيفية، يعقبها فتح القلوب والنفوس والبلاد التي هي طبيعة الفتح الإسلامي، وليس الحرب ولا الغزو ولا الغلبة، لاشك أنه عندئذ تكون الدعوة والبلاغ المبين الذي قلنا: إنه هو بلوغ العقل والقلب والنفس من المدعوين تكون ثمرة من ثمرات الجهاد في الوقت نفسه.



فالارتباط بين الجهاد وبين الدعوة واضح بدءا ومنتهى، وسبباً وغاية، ولا أظن أنه يمكن فصل مفهوم الجهاد شريطة أن يؤخذ بمعناه العام الشامل، وألاَّ يهمل منه شيء، سواء ما كان أقرب إلى القمة، أو ما كان دون ذلك، وعنوان الصدق أن يؤدي المرء الجهاد في مراحله الأولى، فإن صدقت نيته فليحققن الله له تبارك وتعالى ذروة السنام.



أهمية هذا البحث.


لا شك أن هذا هو نوع من الجهاد كما قال واضع الأسئلة وصاحب البحث الذي أدعو له من صميم قلبي، وقد تصدى لمسائل خطيرة جداً بعضها مؤلم لأنها تذكرنا بمصيرنا، وموقفنا الشديد أمام الله سبحانه وتعالى وبين يديه وتقصيرنا، تذكرنا بتقصيرنا في ذات الله عز وجل فيما فرض علينا من واجبات، وفي الوقت نفسه جهاد مرير لذيذ أيضاً لأنه يفتح أبواب الهداية أمام الآخرين، ولأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من الدنيا وما فيها، أدعو لصاحب هذا البحث ولكل المنتمين إلى الدعوة الإسلامية وإلى العمل الإسلامي والتعليم الإسلامي بوجه خاص، أن يغفر الله لي ولهم تقصيرنا وأن يعيننا على أداء واجبنا وأن يهيئ لنا جواباً أصح على هذه الأسئلة هنا، بوضع الخطط الملائمة للدعوة وهناك بين يدي الله سبحانه وتعالى، هذا هو الواقع، فأنا أشجع على الاستمرار في هذا البحث، تشجيعاً خاصاً لك، وتشجيعاً للهيئة العلمية التي تتعاون معك، وأدعو لكم جميعاً بالتوفيق، ولكافة الدعاة والعلماء والمعلمين المسلمين.



وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وأقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، وصلى الله على سيدنا محمد.



السائل: جزاك الله خير فضيلة الدكتور: وأنا أشكركم كثيراً على إجاباتكم على هذه الأسئلة، مع ضيق وقتكم وأظن من خلال جوابك أنكم تشجعون على الاستمرار في هذا البحث وتدعون لنا بالتوفيق.

جزاك الله خير، بارك الله فيك..... أ. هـ.







السابق

الفهرس

التالي


15327418

عداد الصفحات العام

3712

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م