﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(060)سافر معي في المشارق والمغارب

(060)سافر معي في المشارق والمغارب



مشكلة أخرى من مشكلات الفنادق الأمنية.



ثم عدنا إلى الفندق وقد جاء الشيخ ومعه بعض الشباب من الأردن و المملكة العربية السعودية، ولا ندري عن رقم غرفته وهو أيضا لا يدري عن غرفتي، وحاولنا مع موظفي الفندق أن يعطونا رقم غرفته فرفضوا، وأحالونا إلى موظف آخر عن طريق الهاتف فرفض كذلك، والظاهر أنه من رجال أمن الفندق.



وأخبرنا الشيخ أيضا أنه حاول معرفة رقم غرفتي فرفضوا أن يعطوه، ولكنهم شبكوا بهاتف غرفتي رسالة أخذ على أثرها يلقي إشارته الضوئية طول الليل، وبعد إلحاح شديد عرفتني إحدى الموظفات، لأني أنا الذي حجزت الغرفتين معا فاتصلت به بالهاتف دون أن تخبرنا برقم غرفته، حتى لا تكون عليها المسؤولية الأمنية، فأجاب الشيخ، وحمدنا الله جميعا أنه لم يحصل لنا ما حصل في ميامي، وبخاصة أنه قد غاب كل منا عن زميله يوما وليلة، وهذه أول مرة في أسفارنا نفترق لمصلحة الدعوة.


المسلمون في منطقة: سانتاكلارا.


فنزل الشيخ ومعه الإخوة الذين رافقوه، وهم من منطقة سانتاكلارا وهي تبعد عن مدينة سانفرانسسكو بخمسة وأربعين ميلا. والمسجد الذي فيها يسمى مسجد النور، وكان كنيسة اشتروها وحولوها إلى مسجد في غرة رمضان سنة 1404ه، وكان المسلمون في المنطقة من سنة 1978م، وأغلبهم من الهنود والباكستانيين وبعضهم عرب، والطلاب قليلون.



ألقى الشيخ فيهم محاضرة وأجاب عن أسئلتهم، وألقى محاضرة للنساء وأجاب عن أسئلتهن كذلك. وعدد المصلين في المسجد يوم الجمعة يتراوح ما بين مائتين وخمسين وثلاثمائة وكانوا في سنة 1979م يصلون في غرفة صغيرة.



ونشاطات المسجد كثيرة: ثقافية، وهي حلقات تقام في يومي السبت والأحد، وتعليم اللغة العربية مساء الأربعاء، وتفسير يوم الأحد، وللمسجد إمام راتب، ومدرسة للأولاد يوم الأحد، ويقوم الإمام بحل مشكلات الزواج والطلاق.



والإخوة الذين كانوا مع الشيخ هم: الأخ محمد محمود عبد الهادي وهو متخصص في هندسة الكمبيوتر، بكالوريوس، يعمل مع شركة، والأخ نضال كذلك ومعهما أردنيان، و رياض المهيدب وهو من دبي، والأخ أسامة محمد حلواني مهندس في الحرس الوطني بالمملكة العربية السعودية، جلسنا مع الإخوة في إحدى قاعات الفندق قليلا، ثم ودعونا وعادوا إلى مكانهم. وصعدنا نحن لننام استعداداً لسفر طويل.


الثلاثاء: 13/11/1405ه.

السفر إلى مدريد عن طريق نيويورك.


جاءنا في صباح هذا اليوم الثلاثاء الأستاذ عبد الحميد سنو الذي نقلنا من الفندق إلى المطار الذي أنهينا فيه إجراءات السفر، وصعدنا إلى الطائرة البوينج التي أقلعت بنا في العاشرة صباحا إلى نيويورك.


زاجر الكفار والمشركين!


عندما ركبنا في مقدمة الطائرة كان على يميننا راكب واحد، ووراءنا راكبان، وبقية المقاعد في الدرجة الأولى والتي تليها فارغة تقريبا، بخلاف الدرجة السياحية، فإنها مملوءة بالركاب.



كان الرجل الذي عن يميننا يسارقنا النظر، وبِيَدِي حقيبة صغيرة فيها جواز السفر والتذاكر والشيكات وأشياء أخرى خفيفة، والحقيبة تبدو منتفخة، وقد سميتها بالحبلى بسبب ذلك، وكنت أحتاج بين حين وآخر إلى فتحها وغلقها، والرجل ينظر ويتحفز، والظاهر أنه من رجال الأمن وأنه كان يخاف أن يكون الحبَل خطيرا ـ أي حبل الحقيبة ـ وقمت إلى المرحاض ولما خرجت منه وجدته بجانبه، وظننت أنه يريد المرحاض، ولكنه عندما رآني قعدت رجع هو إلى مقعده.



واستأذنت من المضيفة في أن أنتقل إلى مقعد في الخلف بجانب النافذة، لأطل منها على الأرض، فقالت: لا بأس. والتفت صاحبنا، فلم يرني على مقعدي السابق، فأخذ ينظر يمينا ووراء، فرآني على المقعد الخلفي، وكنت أسارقه النظر وكأني لا أدري عنه، وأكثرت من فتح الحقيبة وغلقها متعمداً، فرجع هو إلى الخلف، ووقف ورائي لا ينظر إليَّ مباشرة، ولكن كلانا يسارق صاحبه النظر، ثم عاد إلى مقعده.



وقمت فذهبت إلى الشيخ وقلت له: المقاعد فارغة في الوراء فإذا شئت أن تنتقل بجانبي، فانتقل الشيخ، وقلت له: أنا سأكثر من فتح الحقيبة وغلقها وأتحرك يمينا ويسارا، وأنت انظر إلى الرجل، فزاد قلق الرجل، فكان يقوم ويقعد ويسير هنا وهناك وأنا منكس رأسي، ومر بنا فوقف هذه المرة ونظر بدون مسارقة، فوجدني أكتب في مذكراتي، والظاهر أنه اطمأن.



وعندما عرف الشيخ ذلك تذكر الفتاة الصينية التي رقصت هلعاً، والحارسين الذين فزعا في شركة الكاديلاك في لوس إنجلوس، ثم قال الشيخ: إن رجلاً في نيجيريا سمى نفسه: زاجر الكفار والمشركين، يتجول في مساجد نيجيريا، وعصاه في يده، وأنت ينبغي أن تُسَمَّى



مخيف النصارى والملحدين.



كان النهار مشمساً، مما ساعدني على التمتع بجمال مناظر الأرض التي كنا نسبح فوقها، وهي مشابهة للأراضي التي مر أن وصفتها في كثير من الولايات الأمريكية.



ثم هبطت بنا الطائرة في نيويورك في الساعة الثانية والنصف بتوقيت سانفرانسسكو، الخامسة والنصف بتوقيت نيويورك، فكانت مدة الطيران من سانفرانسسكو إلى نيويورك أربع ساعات وثلاثين دقيقة، وكان هبوطها في مطار كندي.

ترقب وهرولة.


عندما نزلنا من الطائرة أرينا الموظفة المرشدة في المطار بطاقاتنا وهي بطاقات مرور: ترانزيت،

وكانت معنا امرأة كينية تتحدث اللغة العربية ولا تتحدث اللغة الإنجليزية، وهي مسافرة إلى القاهرة عن طريق أثينا، فسألتنا: الإخوة عرب؟ قلنا: نعم، قالت: أنا لا أتكلم الإنجليزية وأريد القاهرة عن طريق أثينا، فتذكرت عندئذ مثلا يمنيا مناسبا للمقام، لأنا نحن وهي في الإنجليزية سواء تقريبا، والمثل يقول: "عمياء تخضب مجنونة"! ولكني قلت لها: اتبعينا، ولعل الله ييسر أمرنا وأمرك.



وقالت لنا الموظفة: اقعدوا هنا وإذا جاء موعد سفركم سآتيكم، قال الشيخ: الأحسن أن نصلي، فذهبت لأتوضأ، وعندما رجعت وجدت الشيخ يتلفت هنا وهناك فلما رآني، قال: هيا ذَهبوا! وأخذنا نهرول ونسأل، ونخرج من قاعة إلى أخرى، ومن مبنى إلى آخر، وفي آخر المباني، رأينا المرأة الكينية راجعة فقلنا لها: أين الموظفة التي كانت معك؟ قالت: لا أدري، قلنا لها: الحقي بنا، قالت: حقائبي لم أجدها، قلنا: حقائبك ستجدينها في القاهرة إن شاء الله، ونحن حقائبنا سنجدها في مدريد فلحقتنا، وسألنا إحدى الموظفات: إلى أين نذهب؟ فأشارت إلى سهم قد رسم على البلاط في الأرض، وهو مرشد صامت هكذا:

A A A

رمزا للشركة، فأخذنا نهرول مع تلك الأسهم، أنى اتجهت اتجهنا، حتى دخلنا إحدى القاعات، فسألنا الموظفة فأخذت بطاقاتنا وكتبت عليها رقم الرحلة ولم تقل شيئا، وانطلقنا لا ندري إلى أين نتجه، وقد انقطعت عنا الأسهم، والقاعات والممرات كثيرة، والناس سائرون في كل اتجاه بسرعة هائلة، لا يلتفت أحد إلى أحد.



ورأينا أحد المسافرين وهو عربي فقلنا له: إلى أين؟ قال: إلى أثينا، ففرحنا به من أجل تلك المرأة المسكينة، فأوصيناه بها ووعد خيرا وعسى أن يصدق.



ووجدنا موظفة أخرى فسألناها: إلى أين نسير؟ فكتبت لنا رقم باب الخروج على البطاقات، فتنفسنا الصعداء، وقد بلل ثيابنا العرق من شدة الجري، وعندما وصلنا إلى الباب سألنا الموظفة متى الإقلاع؟ قالت: اقعدوا، فصلينا الظهر والعصر، وقعدنا إلى الساعة السابعة والربع.



وصعدنا إلى الطائرة الجامبو ذات الطابقين، ولم تقلع من مطار كندي بنيويورك إلا في الساعة الثامنة والدقيقة العشرين، لشدة الزحام في المطار، الطائرات صاعدة وهابطة والناس داخلون وخارجون.. وبصعودنا إلى هذه الطائرة تركنا الولايات المتحدة الأمريكية، سائلين الله أن يحفظ المسلمين فيها، ويوفقهم للمحافظة على أبنائهم، وللاهتمام بالدعوة إلى الله، وأن يوفق المسلمين في خارجها حكاما وشعوبا لمساعدتهم، كل بما يستطيع، وأن يأتي يوم من الأيام ترتفع فيه راية الحق على سمائها كلها، وسماء العالم الغربي والشرقي وما ذلك على الله بعزيز.



وأخذت الطائرة بعد انطلاقها من زحام مطار كندي تنهب الجو نهبا، وأخذت الشيخ غفوة، لم تدم إلا أربع ساعات تقريبا! ولعل الشيخ أراد بهذه الغفوة أن ينسي هرولة مطار كندي المتعبة.



وأخذت أنا أكتب في مذكراتي هذه، اغتناما لطول المسافة ومعرفتي بضيق وقتي إذا رجعت إلى المدينة. طلبت من المضيفة أن تكتب لنا في البطاقة الأسبانية المعلومات اللازمة ففعلت، والبطاقة الأسبانية أقل بطاقات الدول التي زرتها معلومات، فهي لا تزيد عن كتابة الاسم والعنوان والعمر والتاريخ.



الأربعاء: 14/11/1405ه.


ولما قام الشيخ من غفوته كنت قد توضأت، وقام هو فتوضأ، وكانت الساعة تشير إلى الواحدة صباحا بتوقيت نيويورك، الساعة السادسة بتوقيت مدريد، والسابعة بتوقيت المملكة، وقد قطعنا ما يزيد على خمس ساعات في الجو فنظرنا من نافذة الطائرة، وإذا الفجر قد طلع، فمددنا غطاء من أغطية المسافرين في مقدمة الطائرة وصلينا.



ثم أخذت أطل من النافذة، فبدا لي منظر الشمس في السحاب كالنار التي شبت في مواد قابلة للاشتعال، حمرة شديدة وهي تزحف شيئا فشيئا نحو الغرب المعتم، الذي مازالت بعض دُنَاه [جمع دنيا] متلفعة بظلمة الليل الناشئة عن ظل الأرض، فإذا نظرت من الجانب الآخر رأيت السحب الداكنة المتراكمة التي تنتظر تلك الأشعة الزاحفة إليها.



وبهذه الحلقة انتهت رحلات الولايات المتحدة الأمريكية، وتليها إن شاء الله حلقات رحلات بريطانيا، أما رحلة إسبانيا فستأتي في وقتها.





السابق

الفهرس

التالي


16130753

عداد الصفحات العام

1479

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م