﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(1)سافر معي في المشارق والمغارب رحلات بريطانيا وإيرلندا

(1)سافر معي في المشارق والمغارب رحلات بريطانيا وإيرلندا



تمهيد


هذا التمهيد في الحقيقة هو لرحلة أمريكا الأولى، لأن وجودي في لندن هذه الأيام القلية إنما هو انتظار للرحلة التي حجز لنا عليها إلى نيويور، ولكني أثبته هنا لحصول مضمونه في لندن.



الأحد: 20/7/1398ه ـ 25/6/19978م.


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد:



فهذه أول رحلة لي أقوم بها خارج المملكة العربية السعودية، بتكليف رسمي من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ولم أكن قد قمت برحلة قبلها لأي بلد من البلدان العربية وغير العربية، ماعدا مصر التي سافرت إليها لإكمال دراسة الماجستير، ولم أزر فيها غير القاهرة

[زرت القاهرة عدة مرات، وزرت الإسكندرية مرة واحدة. ثم زرت بعد ذلك تونس مرة واحدة والمغرب مرتين، والأردن مرتين، وكذا الإمارات العربية المتحدة وقطر، والبحرين والكويت والسودان، ولكنها زيارات قصيرة غالب تلك الزيارات كان شخصياً.].



سبب الكتابة:


ولما كانت هذه الرحلة هي الأولى من نوعها، إضافة إلى امتداد رقعتها وتعدد دولها، وكون غالب تلك الدول ذات حضارة مادية عالية، وعادات وأخلاق كثيرة ـ جيدة أو سيئة ـ غير مألوفة عندي، وأدهشني كثيرٌ مما رأيت أو سمعت فقد حملني ذلك على أن أسجل في هذه الصفحات ما تذكرته أو دونته في هذه الرحلة التي أتاحت لي أن أعبر الكرة الأرضية من شرقها إلى غربها، وأن ألتقي في هذه الرحلة أجناس العالم المختلفة، إما لقاء مقصوداً أو لقاء غير مقصود، ولكنه لا يخلو من فائدة يسجل من أجلها.



وإني أعتبر نفسي في هذه الرحلة شبيها بمولود بقي في أحضان أمه وفي منزله الريفي الذي لم يغادره، من يوم ولادته إلى أن بلغ عامه السادس، ثم اصطحبته أسرته في رحلة فرأى مدناً ذات قصور عالية، تزين شوارعها أنوار الكهرباء، وتسير بها السيارات التي لم يكن قد شاهدها قبل، ورأى غابات ذات أشجار باسقة، وشاهد أنهاراً جارية تحلق في سمائها أنواع الطيور ذات الأصوات المتنوعة، ورأى بحاراً تتلاطم أمواجها المتتابعة، فأدهشه كل ما رأى لغرابته عليه.. فطلب منه والداه أن يصف لهما ما شاهد وما سمع، هل تراه قادراً على التعبير بالكلام أو الكتابة؟ كلا..! ولكن غالب ما رأى من مناظر وما سمع من أصوات ستبقى مرتسمة في سمعه وبصره، لشدة إعجابه بها وغرابتها عليه.



هكذا كُنتُ في هذه الرحلة التي لم أسجل كل شيء فيها كاملاً في حينه، ولكني كنت أسجل يومياً النقاط التي تسترعي انتباهي.. فلما انتهت الرحلة ورجعت إلى البلدة الحبيبة "المدينة المنورة" كتبت ما تيسر لي في هذا الكتاب الذي يعتبر ـ مع صغر حجمه وضحالة معلوماته ـ بكر سلسلة كتب: (في المشارق والمغارب). وسيرى القارئ الذي يتابع هذه السلسلة أن كل رحلة من الرحلات التي قمت بها، أكسبتني خبرة أفادتني في الرحلة التي تلتها.



وفي السير في أرض الله عبر لمن اعتبر، وفيه الجديد الإيجابي المفيد والسلبي الذي يجب أن

يجتنب، وهذا هو السبب الذي جعلني أقدم على التسجيل، أسال الله أن يكون فيه لي أولاً، ثم لإخواني المسلمين _ في كل أنحاء الأرض _ ثانياً ما ينفعنا في ديننا ودنيانا.


تردد، وترجيح، وسبب:


عرض عليّ فضيلة نائب رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، فضيلة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد، في الربع الأخير من السنة الدراسية الماضية ـ (1397ه) ـ السفر إلى أمريكا لحضور مؤتمر علماء المسلمين الاجتماعيين في إنديانا بولس. فطلبت إمهالي أياماً قلائل لأدرس أموري الخاصة وأقرر ما إذا كانت تسمح لي بالسفر أم لا؟



وكانت الرغبة في السفر شديدة، لأني أود أن أرى إخواني المسلمين في البلدان الأجنبية، وكيف يعيشون مطبقين تعاليم دينهم هناك في جو كله عقبات في طريق ذلك التطبيق، وأرى أيضاً المجتمعات الغربية وحياتها التي أسمع عنها من أفواه الزوار، وعلى صفحات بعض المجلات والجرائد الإسلامية وغير الإسلامية، وكذلك بعض الكتب التي تتضمن بعض المعلومات عن المجتمعات الغربية قديماً ـ أيام انحطاطها مادياً ومعنوياً ـ وحديثاً ـ في عنفوان رقيها المادي.


لا بد من رفيق:


وبعد يومين أو ثلاثة قررت أن ألبي رغبة فضيلة نائب رئيس الجامعة ورغبتي معاً، وكان فضيلة الدكتور أحمد الأحمد أحد المدرسين السوريين مرشحاً لنفس المهمة وأنا شديد الرغبة في أن يوافق كما وافقت، ولكنه اعتذر لظروف خاصة.



عندئذٍ ألححت على فضيلة نائب الرئيس في أن يرشح شخصاً آخر يجيد اللغة الإنجليزية، إذ من الصعب على مثلي وأنا لا أقدر على التفاهم مع القوم أن أسافر وحدي، لما أتصوره من صعوبة العيش مأكلاً ومشرباً ومسكناً دون تفاهم مع الناس، لا سيما مع علمي أن كثيراً من طعامهم وشرابهم لا يخلو من حرام عليّ في ديني، فقال لي فضيلته: رشح من ترى.



فرشحت الأخ الدكتور محمد بلو بن أحمد بَكر السوداني أحد أساتذة اللغة العربية، لأنه قام بتدريس اللغة الإنجليزية لطلبة السنة الأولى في الكلية [كلية اللغة العربية التي كنت عميدا لها.] عندما تعذر الحصول على مدرس آخر، لأنه لا بد أن يكون في مقدوره التفاهم مع الناس ولو بصعوبة، فوجود شيء خير من لا شيء.



وافق فضيلة نائب رئيس الجامعة على الترشيح وطلب مني أن أبلغ فضيلة الدكتور بذلك فبلغته فطلب مني إمهاله ليفكر في أمره، فإذا سنحت له ظروفه فإنه لا مانع عنده، فقلت له لا بأس ولكن أرجو أن يكون ذلك في أسرع وقت ممكن للحاجة إلى أخذ تأشيرات دخول من الدول التي نريد السفر إليها من قبل سفاراتها والوقت قد اقترب.


السبت: 19/7/1398ه ـ 24/6/1978م

يوم السفر في مطار المدينة:


وفي اليوم التالي جاء الدكتور بجوازه موافقاً على السفر وبدا كل منا يستعد لذلك. وقبل ظهر يوم السبت الموافق 19/7/1398ه تحركنا إلى مطار المدينة المنورة، وبعد انتهاء الإجراءات ودعنا إخواننا الذين رافقونا إلى المطار، وودعت أنا أبنائي الخمسة الذين كانوا معي، وذكرتهم بالله وأوصيتهم بتقواه.


تطبيق سريع!


وفي داخل قاعة الانتظار قعدنا أنا وزميلي على مقعدين متجاورين فجاءت مناسبة، لا أذكرها الآن، فذكرت له بيتاً من الشعر يقال فيمن لا يضبط الأمور، وكان يردده لنا فضيلة شيخنا العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (رحمه الله) في دروسه:



أقول له زيدا فيسمع خالداً ويكتبه عمراً ويقرؤه بكراً



وبعد ذلك بقليل أخذ الزميل ينظر إلى أرقام الرحلات التي تظهر على الجهاز في القاعة ليتيقن من موعد إقلاع طائرتنا، وبدلاً من قراءة رقم الإقلاع قرأ رقم الوصول، وتعجب لذلك! فقلت له: عد مرة أخرى فاقرأ.. فقرأ فعرف الخطأ، فقلت له: لقد طبقنا بيت الشعر ولا زال رطباً على ألسنتنا وفي مذكرتك، وكان قد أعجبه البيت فكتبه في مذكرته عندما سمعه مني، فضحكنا جميعاً، وجاء الموعد فخرجنا إلى الطائرة وأقلعت بنا في موعدها المحدد والحمد لله، إلى جدة.


فندق الإخاء واللقاء المفيد:


وصلنا مطار جدة، وكان بعض الإخوان في انتظارنا في المطار، وكنا نظن أن نزولنا في جدة سيكون في فندق الشركة أي إقامة مرور "ترانزيت" وعندما سألنا الموظف المختص في علاقات الركاب، ذكر لنا أنه لا يحق لنا ذلك؛ لأنا حجزنا على رحلة في اليوم التالي، وفي نفس اليوم رحلات إلى لندن، فقال صاحبنا الذي كان ينتظرنا في المطار الحمد لله الذي حال بينكم وبين فندق الشركة، فَبَيْتُنا فندق للإخوان فحياكم الله، وفعلاً نزلنا ضيوفاً على أخينا واجتمعنا ببعض الأحبة الذين جاءوا يودعوننا عندما علموا بوجودنا وسفرنا إلى الخارج.



ومن هؤلاء الأخ الشاب الصالح حامد البار، أحد الطلبة السعوديين الذين يتلقون تعليمهم في أمريكا وكان قد عاد منها قريباً، وكان لقاؤنا به فرصة للاستفسار عن بعض الأمور التي يهمنا معرفتها، كالحصول على الأكل الحلال، وقائمة بالأطعمة التي يجب اجتنابها، وكذلك أرقام هواتف بعض الأشخاص في بعض المدن الأمريكية، للاتصال بهم لمساعدتنا عند الحاجة، ولقد كان ذلك مفيداً جداً لمسنا فائدته في أوقات الحاجة.



وبهذه المناسبة فإني أوصي كل مسلم يريد السفر إلى بلاد الغرب أو الشرق من البلدان غير الإسلامية أن يسجل أي عنوان أو رقم هاتف لمن يمكنه مساعدته شخصياً أو في أمور الدعوة إلى الله.



الأحد: 20/7/1398ه ـ 25/6/19978م.


أقلعت بنا الطائرة السعودية من مطار جدة الدولي إلى لندن في الساعة العاشرة والدقيقة العشرين صباحاً، وكان وصولنا إلى مطار لندن في الساعة الرابعة والدقيقة العشرين، أي كانت مدة الطيران الفعلي ست ساعات.



تمتع وتكدير!


وكان الجو في هذا اليوم صحواً، وكنت أنظر من النافذة إلى الأرض لأتمتع بالمناظر الطبيعية، فكنت تارة أرى الصحاري الغبراء وتارة ماء البحر، وأخرى أرى نهراً جارياً يتلوى، ومرة خضرة غابات أو بساتين، وحيناً بعض السحب المتراكمة أو المتفرقة، كما كنت أرى بعض المدن ذات التخطيط الجميل والشوارع المستقيمة، وهكذا مرت ساعات وأنا لا أشعر بأني مسافر لما كنت أتمتع به من جمال خلق الله.



ولكن مضيفي الطائرة عكروا عليّ ذلك الجو الممتع عندما أخذوا يغلقون النوافذ وطلبوا مني إغلاق نافذتي التي كنت أطل منها على خلق الله لماذا؟ لأن فيلما سينمائيا سيعرض ليشاهده الركاب ويستمتعوا به..!



عند ذلك قلت في نفسي: ألا ما أحقره من فيلم..! وإنه لاستبدال الذي هو أدنى بالذي هو أعلى. ولقد تحملت مشقة فراق المناظر العليا دون أن أحفل بالدنيا، وكنت أختلس رفع غطاء النافذة بين حين وآخر، لألمح شيئا من ذلك الجمال، وكان الفيلم ثقيل الظل عليّ، لأني أريد أن أفتح النافذة بمجرد انتهائه.



وبالقرب من مضيق دوفر انتهى الفيلم، فرفعت ستارة النافذة لأرى مضيق سباق السباحة العالمي المشهور. وعندما قطعنا المضيق حال السحاب بيننا وبين الأرض، فما كنت أرى منها قطعة إلا ليغطي السحاب أختها، ولي مع السحاب حوار، سيأتي عندما تعبر بنا الطائرة فوق المحيط الهادي، في رحلتنا من لوس إنجلوس إلى طوكيو، وهبطت بنا الطائرة في مطار لندن (هثرو) عاصمة الدولة العجوز التي لم تكن الشمس تغيب عنها.




خريطة بريطانيا



متى تنتهي إجراءات هذه الأمم؟!


وعندما نزلنا من الطائرة كنت أقول في نفسي: متى تنتهي إجراءاتنا في مطار لندن الدولي الذي تهوي إليه الطائرات المليئة بالركاب من كل حدب وصوب؟ وزاد التساؤل عندما دخلنا مبنى المطار ورأيت تلك الجموع الغفيرة التي ملأت ساحات المباني، والتي يموج بعضها في بعض، فقلت: متى ينتهي الموظفون في هذا المطار من إكمال إجراءات هذه الأمم؟!



وما إن بدأنا نسير نحو موظفي الجوازات، حتى تبددت تلك المخاوف، فلكل رحلة جناح خاص، وفي كل جناح موظفون ينقسم القادمون فيه إلى مجموعات صغيرة، فلا تمضي ربع ساعة إلا وقد انتهى كل الركاب من إجراءات الجوازات، وذهبنا إلى مكان تسلم العفش، فإذا حقائبنا قد وضعت بجانب الساحب الموزع…وهكذا كنا نتسابق نحن وحقائبنا في مطارات الغرب كلها وفي اليابان، لسرعة المعاملة والإجراءات.





السابق

الفهرس

التالي


15388253

عداد الصفحات العام

2909

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م