﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(046) سافر معي في المشارق والمغارب

(046) سافر معي في المشارق والمغارب

في منزل الأخ محمد جلال الدين:

كان الأخ محمد جلال الدين، وهو من كبار أعضاء جماعة التبليغ، وهو من الذين هاجروا إلى نيوزيلندا من فيجي، دعانا إلى منزله لتناول طعام العشاء وهو محام يتفقد السجناء والمظلومين ويساعدهم، وقد حَمَلنا إليه الأخ ياسين علي، وهو أيضاً من فيجي، وأصله هندي ووجدنا أخاه أمجد لدى الأخ محمد جلال الدين، وهما أي ياسين وأمجد توأم ولكن أمجد أكبر من ياسين بخمس عشرة دقيقة، وقدم لنا الأخ محمد العشاء على سفرة أرضية.

معلومات عن جزر فيجي:

وبعد ذلك طلبنا منه إعطاءنا بعض المعلومات عن فيجي، فقال: فيجي كانت جزراً مهجورة إلى عام 1800م حيث اكتشفها الإنجليز ووجدوا فيها قبائل لا دين لهم ولا ثقافة ولا علم، ويشبه سكانها الأصليون الأفارقة والمصريين، وكان لكل قبيلة آلهة، فمنهم من كان يعبد النار، ومنهم من كان يعبد الشجر، وبدأ الإنجليز ينشرون بينهم المسيحية طوعاً وكرهاً! ووجدوا الجزيرة خصبة لإنتاج السكر، ووجدوا السكان كسالى يأكلون وينامون، وجلبوا جيشاً من الهند مسلمين وهندوس، وكثر عدد المهاجرين وعملوا في الزراعة وغيرها حتى أصبحت البلاد قوية وتطورت حتى بدأت فيها نهضة علمية وثورة عمرانية.

ورحل البريطانيون عن الجزيرة في عام 1970م واستقلت البلاد وتشكلت حكومة من المواطنين الأصليين وليس من المسلمين والهندوس، وكان ذلك بتخطيط من المستعمرين لأن السكان الأصليين مسيحيون [وهكذا تجد الدول الاستعمارية تسلم البلاد المستعمرة لمن ترى أن حكمه لها سيكون في مصلحتهم: سواء أكان من سكان البلاد الأصليين كالفيجيين، أومن الدخلاء كما في فلسطين والأوروبيين في جنوب إفريقيا...].

ويعيش المسلمون والهندوس بسلام في فيجي، عدد المسلمين 90 ألفاً، والباقون من الهندوس وغيرهم، والمجموع الكلي مليون إلا ربعاً. وعندما جاء الجنود المسلمون إلى فيجي كانوا يجهلون أمور الدين ولم يكونوا يعرفون إلا الاحتفال بالمولد النبوي وعيدي الفطر والأضحى.
وقد بدأت جماعة التبليغ منذ خمسة عشر عاماً في الدعوة إلى الله في الجزيرة، وأخذ بعض العلماء في زيارتها، فتحسنت أوضاع المسلمين وتعلم الناس أصول الدين والعبادة وبنيت المساجد.

وأسست مدارس ابتدائية وإعدادية بلغ عددها ثلاثين مدرسة، وبلغ عدد المساجد خمسة وثلاثين مسجداً، وكلها معمورة، والمسلمون الآن بخير ويزورهم جماعة التبليغ كل شهرين مرة، ومن أسباب تحسن أحوال المسلمين اختلاطهم بإخوانهم المسلمين في داخل الجزيرة وخارجها.

وتوجد فرصة عظيمة الآن لنشر الإسلام بين المسيحيين الفيجيين، إذ يستقبلون الدعوة برحابة صدر وقبول حسن، والحاجة ماسة إلى دعاة ومصروفات، وهم ينسجمون مع الداعي أكثر إذا كان من ذوي البشرة السمراء مثل السودانيين.

والمجال مفتوح لتولي الوظائف المهمة إذا وجدت الكفاءة في المسلمين، ويوجد في الحكومة وزيران مسلمان وثمانية أعضاء في البرلمان. المسيحيون والهندوس هم الأغلب والذي يُرضي المسلمين منهم ينتخبونه، ولذلك هم يتسابقون إلى إرضاء المسلمين، والحالة الأخلاقية في البلد جيدة.

والثروة الأساسية: السكر لكثرة زراعة قصب السكر، وهي بلد سياحي لجمالها، والمناخ فيها حار، وهي بلاد بركانية ذات جبال وسهول، والجزر التابعة لها 320 جزيرة، أكبرها جزيرتان مسكونتان والجزر الصغيرة كثير منها لا يوجد بها سكان.

الوجود الحقيقي للبريطانيين والأمريكان، أما الروس فإنهم يحاولون إيجاد موضع قدم لهم في الجزيرة عن طريق السفارة الهندية ويحاولون تشكيل نواة للحزب الشيوعي ويمدون بعض الأشخاص الذين يتعاونون معهم بالمال. أعضاء الحكومة الفيجية متخرجون من أستراليا وبريطانيا ونيوزيلندا.

وتوجد في فيجي جامعة واحدة أسست عام 1970م، وتسمى بـ(جامعة جنوب الباسفيكي] يتعلم فيها أبناء الجزر المجاورة مثل: سافو وتونجا وغيرهما، والناس وسط فيها بين الغنى والفقر، وأقرب الحكومات المجاورة لها حكومة جزيرة تاهيتي وهي محمية فرنسية وتقع بين فيجي وأستراليا.



نجدة الكبار وحماية الصغار:

ثم بدأ الإخوة يشرحون لنا أوضاعهم ويستنجدون لتحسينها، فقال الأخَوَان أمجد وياسين ـ التوأم ـ : هل يمكن أن تساعدونا على تعلم ديننا وتفقيهنا فيه في بلادكم؟ ونحن مستعدون لترك كل مشاغلنا هنا فترة معينة نستفيد فيها ثم نعود لنواصل الدعوة إلى الله على بصيرة. فأجاب الشيخ: إن الدراسة في الجامعة الإسلامية ومثيلاتها تبنى على استكمال شروط القبول.

وقال الأخ محمد جلال الدين: إننا نطلب طلباً عاماً: إن أطفالنا الذين يولدون وينشئون في هذه البلاد سنخسرهم في المستقبل لعدم مقدرتنا على المحافظة على إيمانهم وسلوكهم، وقد كنت أنا السكرتير العام للجماعة وأستاذ إعدادي في نيوزيلندا، وأعرف ماذا يجري في المدارس الحكومية، فحاجتنا ماسة إلى حماية أطفالنا من الذوبان، ومن أهم الأسباب التي تساعدنا على ذلك وجود مدرسة خاصة، ولو كانت صغيرة في أول الأمر، لأن الأولاد إذا كبروا لا يسمح للأب أن يجبرهم على التربية التي يريدها هو، بل هم أحرار بحكم القانون.

وأجيب بأنهم يمكن أن يكتبوا خطاباً يشرحون فيه حاجتهم للمسؤولين في المملكة العربية السعودية ودول الخليج، لبعث أستاذ أو أستاذين يعلمان أولادهم، فقال الأخ جلال: لقد كتبنا عدة مرات ولم نتلق أي جواب.

قيل له: أما ما يتعلق بالمدرسين فاكتبوا ونحن نحمل طلبكم إن شاء الله، وأما فتح المملكة العربية السعودية مدرسة في نيوزيلندا، فهذا يحتاج إلى إذن من الحكومة النيوزيلندية وهي قد لا تسمح بذلك، ولكن عليكم أن تسعوا في بناء مدرسة بأنفسكم وتطلبوا المساعدة، فقال بعض الحاضرين إن الحكومة هنا لا تمنع من مساعدة المسلمين من بعض حكوماتهم، سواء كان بناء مدارس أو مساجد أو غيرها وقال جلال: إن حاجتنا العاجلة هي إيجاد مدرسين لأولادنا.

قلنا لهم: إن تعليم الأولاد يوم السبت ويوم الأحد فقط لا يكفي لأنها ساعات قليلة تقابل بتعليم رسمي خمسة أيام، قال جلال إذا وجدنا المدرسين يمكن أن يدرسوا إضافة إلى يوم السبت ويوم الأحد بعد الظهر من كل يوم.

قلت: هذه كلها حلول جزئية غير كافية وأنفع الحلول في نظري ما طلبوه وهو إنشاء مدرسة خاصة تدرس فيها مبادئ الدين الإسلامي، ويربى عليها الطلاب في كل الأوقات، وكذلك يدرس فيها منهج المدارس الحكومية حتى تأذن الحكومة بإنشائها ويتمكن الأولاد من مزاولة أعمال وظيفية أو متابعة الدراسة في الجامعات. ثم نصحوا بأن يتصلوا بسفير المملكة العربية السعودية في أستراليا ليساعدهم في ذلك.

اقتراحات لتعليم الراغبين في التفقه في الدين:

وهنا لا بد أن أسجل وجهة نظري لتطَّلِع عليها المعاهد والجامعات الإسلامية والمؤسسات المهتمة بالدعوة إلى الله: إنه يوجد في العالم شباب من المسلمين مثقفون ثقافات غير إسلامية ولهم اهتمام خاص بالثقافة الإسلامية، يطلعون على ما يقع بأيديهم من الكتب سواء كانت باللغة العربية لمن يجيدها أو باللغات الأجنبية، وغالب تلك الكتب ذات ثقافة عامة تُحْدِث عند الشباب حماساً للإسلام، وجداً في نشره حسب الفهم الذي فهموه.

والغالب أن يكتشف أولئك الشباب جهلهم بكثير من أمور الدين التي يجب أن تعلم، فيفكروا في السبل التي تمكنهم من التفقه في الدين، وهم في مستوى من الثقافة العامة والمناصب الوظيفية وإعالة الأسر، ويرغبون أن يحصلوا على معلومات مركَّزة في أوقات قصيرة متكررة، فلا يجدون من الجواب إلا أن شروط التعليم في المعاهد والجامعات الإسلامية غير مستكملة فيهم، فيبقون على وضعهم ذلك فيكثر خطؤهم في فهم الإسلام ولكنهم ينشرون الخطأ غير عالمين أنه خطأ، وقد يقتنصهم بعض علماء السوء من ذوي العقائد الفاسدة فيملأون الفراغ الذي عندهم بتلك العقائد أو البدع، بل وقد تُيسر لهم دورات متتابعة من قبل أهل تلك العقائد أو المنح الدراسية، فيصبح ذلك الشباب في وادٍ غير وادي الدين الحق وقد لمسنا ذلك فيما يفعله الروافض.

وأرى أن الواجب على الجامعات الإسلامية والمؤسسات المهتمة بالدعوة، أن توجد حلاً لهذا الأمر وتتعاون على إيجاد وسائل مناسبة. واقترح لذلك ما يأتي:

أولاً: إيجاد معهد تدريبي في إحدى الجامعات يكون على مستويات ثلاث:

المستوى الأول: لمن يجيد اللغة العربية وعنده ثقافة إسلامية جيدة في الجملة، تنقصه فهم الأحكام الفقهية أو قواعد العقيدة السليمة، ويكون لمدة سنة دراسية ـ يوضع لهم منهج مختصر فيه شمول، ويستدعي له أساتذة زائرون أو يتعاقد معهم يتعاونون مع أساتذة الجامعة التي يتبعها المعهد، وبعد انتهاء السنة الدراسية يعطي وثيقة بما درس.

المستوى الثاني: لمن عنده نفس الثقافة، ولكنه لا يجيد اللغة العربية ويوضع لهذا منهج دراسي لمدة سنتين: السنة الأولى لتعلم اللغة العربية وبعض المبادئ الإسلامية، والسنة الثانية تكميل المنهج الذي درسه صاحب المستوى الأول.

المستوى الثالث: لمن ليس عنده ثقافة إسلامية ولا لغة عربية، ويكون لمدة ثلاث سنوات حتى يصبح مثل أصحاب المستوى الأول والثاني.

إن مهمة هذا المعهد هي إسعاف الشباب بما تيسر من المعلومات لمواصلة دعوتهم وبقائهم في أعمالهم، لأنهم لا يقدرون على مواصلة الدراسة الطويلة وبلادهم في حاجة إليهم، ولا ينبغي أن يلتزم هذا المعهد بما التزمت به المدارس والمعاهد الأخرى من الشروط، بل كل من كان صالحاً لتلقي العلم والدعوة إلى الإسلام تتاح له الفرصة صغيراً كان أو كبيراً، ويمكن أن تدرس الأسس التي لا بد منها فيه.

ثانياً: إقامة دورات في نفس البلدان التي يوجد فيها أمثال هؤلاء الشباب وتكون أيضا ذات مستويات:
المستوى المتفوق، والمستوى المتوسط، والمستوى الأدنى، وتوضع مناهج مدروسة على ضوء حاجة أولئك الشباب وبلدانهم، ويعين لإقامتها أساتذة قادرون على تنفيذ المهمة من ذوي العلم والخبرة والثقافة العامة المعاصرة وسعة الصدر، وتكون أقل مدة للدورة ثلاثة شهور ليمكن فيها استيعاب المنهج وغيره من الندوات والحلقات.

ثالثاً: يعين بعض العلماء لشهور محدودة يبقون في البلد، لتدريس من يرغب بعض المواد الإسلامية.
رابعاً: اختيار كتيبات مناسبة وترجمتها وتوزيعها.

خامساً: تسجيل محاضرات في موضوعات معينة تدعو إليها الحاجة في أشرطة فيديو وكاسيت، وبعثها إلى أولئك الشباب عن طرق المراكز الإسلامية أو السفارات، وعلى الجماعات الإسلامية أن تبادر لإلحاح هذا الشباب وإعداده، وأهم من ذلك كله إيجاد أئمة مساجد من الفقهاء والدعاة يعلمون الناس دينهم يكونون على مستوى ثقافة تلك البلدان.

بعد هذه الجولة من المعلومات والمناقشات رجعنا إلى الفندق بعد منتصف الليل، والحمد لله على طول الليالي هناك لأن الفصل عندهم شتاء، وذلك يساعدنا على أخذ النوم الكافي قبل صلاة الفجر.




السابق

الفهرس

التالي


16130670

عداد الصفحات العام

1396

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م