﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(02)سافر معي في المشارث والمغارب

(02)سافر معي في المشارث والمغارب
في مدينة كولمبو

هبطت بنا الطائرة في مطار كولمبو في الساعة الثانية عشرة والثلث بعد الظهر بتوقيت سنغافورة ـ أي أن مدة الطيران كانت ثلاث ساعات وخمس دقائق من سنغافورة إلى كولمبو.

ونفع التقليد:

ولم نتمكن من كتابة المعلومات ببطاقة الدخول السريلانكية فطلبنا من موظفة الاستعلامات في المطار أن تكتب لنا ذلك فأخذت واحدة وكانت تكتب كتابة الكسلان، وتشير لي أن أكتب مثلها في البطاقة الأخرى، فقلدتها ونفع التقليد.

إظهار الاحترام وغايته:

وقفنا في الصف أمام الضابط الذي يختم الجوازات وكان أحد الموظفين بجانبه، فنظر إلينا من بعيد، ونحن نتميز عن بقية الركاب بملابسنا العربية، فجاء ومر بجانبنا وهمس للشيخ بكلام لم يفهمها، وهز له الشيخ رأسه، ثم ذهب وعاد مرة أخرى فهمس له بكلام لم يفهمه كالمرة الأولى، فأعاد له الشيخ هز رأسه، ثم ذهب الرجل وقعد بجانب الضابط، وأشار إلى الشيخ أن يتقدم ولا ينتظر في الصف، ففرح الشيخ وصاحبُه، ظناً منهما أن الرجل احترمهما لما رأى لباسهما، وقد يكون مسلماً أحب أن يساعد إخوانه المسلمين!

فلما دنا الشيخ منه أخذ الجواز منه وبدأ يقلب صفحاته، ويلتفت إلى الشيخ، ففهم الشيخ أن الغاية من هذه العناية هي البخشيش، أو حق السليط [السليط في اليمن زيت السمسم، وحق السليط مصطلح للرشوة] ، كما يقول أهل اليمن، فقال لي الشيخ: إنه يريد قروشاً، فقلت له: أعطه، فقال دعه حتى يطلب، فالتفت الرجل وطلب، فأعطاه خمسة دولارات أمريكية، وهي تساوي مائة وخمساً وعشرين روبية، فطمع الرجل أكثر ونظر إليَّ فحولت وجهي عنه، ثم التفت إلى الشيخ وكلمه طالباً المزيد، فقال له الشيخ: خمسة دولارات؟! يعني أنها كافية. فأشار الرجل بيده يقللها، وكان أحد المسافرين الأوربيين ينظر إلى هذا المشهد ويضحك متعجباً. ثم خرجنا إلى الجمرك، وكانوا يفتشون الناس بدقة ونظر إلينا أحد الموظفين، وقال أمضوا. ولم يمسوا حقائبنا، فحمدنا الله على تيسيره، فقد كانت حقائبنا ممتلئة ولو فتشوها لأتعبنا ترتيبها.

هذا هو الخبء الذي خبأته لك في هوبرت!

عندما خرجنا من المطار قلت للشيخ: الآن يا شيخ لا بد أن أفتح حقيبتي، وأعطيك جبتي: (الخروف) لتلبسها، قال: أعوذ بالله! ألبسها في هذا الحر الشديد؟! قلت: لا يضيرك ذلك شيئاً. قال: هل جننتَ يا أهدل؟ أنت الآن في كولمبو ولست في سدني! قلت: أينما كنت لا يضيرك أن تلبسه. قال: من يقول هذا؟ قلت: أنت! قال أنا قلت: إنه يلبس في البلدان الباردة والحارة على السواء؟ قلت: نعم، وهل نسيت قولك لي في مدينة هوبرت:

البس خروفا ولو في غير موضعه،،،،،،،،فلا يضير خروف أينما وضعا

قال: هل ما يقوله الإنسان مزحاً يصلح دليلاً عليه؟ قلت: ألم أقل لك عندما قلت هذا البيت: إنني خبأت لك خبأً؟ هذا هو الخبء الذي خبأته لك في هوبرت.


وقد استقبلنا في المطار بعض الإخوة المسلمين في سريلانكا وهم: من الهند وباكستان وبنغلاديش، رئيس الجماعة الإسلامية في سريلانكا منهم محمد إبراهيم، وبدأت المناظر المعتادة في أغلب بلدان العالم، تظهر وقد اختفت في أستراليا ونيوزيلندا اختفاء جعلنا نتعجب: مناظر الجنود المسلحين المقطبين وجوههم الذين يذرعون الشوارع وساحات المطارات وأرصفة البنوك، والذين يتجمعون على أبواب المكاتب الحكومية المهمة.

إن أستراليا ونيوزيلندا، لا بد أن تكون لديها أجهزة أمن مسلحة معدة لأي طارئ وعندها من الأجهزة الخفية التي تنقل لها تحركات البشر في الشوارع والأسواق والمكاتب ما قد يغنيها عن مراقبة البشر المسلحين، ولكن الشيء الغريب أننا لم نرها ظاهرة، لا في المطارات، ولا في البنوك، ولا في الإدارات الحكومية، ولا أمام أبواب حكام الولايات، وقد سبق ذلك وإنما ذكرته هنا بمناسبة عودة حليمة لعادتها القديمة!.

وأوصلنا الإخوة إلى فندق (هوليدي إن) على ساحل البحر، الذي يفصل بين سريلانكا وجنوب الهند، وهو جزء من المحيط الهندي.

الجمعة: »13/11/1404هـ.

في الساعة الخامسة والنصف صلينا الفجر، ثم قرأنا وردنا "وهو جزء من القرآن الكريم، وصفحات من رياض الصالحين" ثم اتبعناه بالبرنامج الثالث، وهو الإفطار.

منظر البحر يغري بزيارته:

وبعد تناول طعام الإفطار، وقفنا بجانب النافذة في غرفة الشيخ وسحبنا الستارة، فإذا أمواج البحر ترتفع ارتفاعاً عالياً، فقلت للشيخ: ما رأيك في أن ننزل نتمشى على الساحل، لنتمتع بهذا المنظر الرائع، ونستنشق الهواء العليل في هذا الصباح الباكر؟ والشيخ يعلم شدة شوقي للتمتع بمنظر البحار، وأراد أن يزيد من شوقي، فقال: الأحسن أن نذهب في الساعة التاسعة، فقلت له: هذا وقت طويل وستكون الشمس قد ارتفعت، ولا يكون الجو مناسباً كالآن، و سيأتينا بعض الإخوة، فلا نحصل على وقت كاف للتمتع بالبحر.

ثم نظر إلى الأمواج وهي ترتفع وتصطدم السابقة باللاحقة، وقال ـ مبالغاً في التشويق ـ: شف شُف ـ أي انظر انْظر ـ كيف ترتفع أمواجه؟ قلت: إذاً فلنذهب، فقال: هيا توكلنا على الله، فلبسنا ثيابنا ونزلنا نتجول بجانب البحر والأمواج تتواثب كأنها في مظاهرة، حتى كان الرشاش يصل إلينا مع بعدنا عنه.

ورأينا شباباً يتسكعون وبعضهم يتكففون، وآخرين يزاولون الرياضة، رجالاً ونساء. ورأينا سفناً كبيرة تمخر عباب البحر، ورأينا زورقاً صغيراً كان يرتفع بارتفاع الموج، كأنه كرة تقذفه الموجة إلى السماء، ثم ينخفض حتى يختفي عن أعيننا.

الشيخ يستثير صاحبه ليقول شعراً:

وهنا وقف الشيخ يتأمل هذه الأمواج العارمة، وتحركت قريحته فقال ـ معبراً عن شعوره نحو هذا البحر ـ:
فناجه ثم ناجه ثم قل لي،،،،،،،،،،ما باله يثور بالأمواج

فأجبته:

هزه الشوق للقاء فأضحى،،،،،،،،،،،في سرور راقصا بابتهاج
قائلا إنكم ضيوف كرام،،،،،،،،،،،،،عندنا من غرائب الحجاج
قد لبستم ملابسا ذات حسن،،،،،،،،،زان أرضي بريقها وفجاج
خبروني من أين جئتم وما ذا،،،،،،،،،أنتم طالبون من أمواجي
إن عندي من الغنى ما يواسي،،،،،طالب الررق من فتى محتاج
فأجبنه يا أخا الكون إنا،،،،،،،،،،،،،في غنى عنك والإله نناجي
إنه الله قد حباك جمالا،،،،،،،،،،،،،،،،،،وثراء بخلقه في الفجاج
إنه ذو الغنى وأنت فقير،،،،،،،،،،،،،،،مثلنا فاستمع بغير حجاج
ما دعانا للقائك إلا،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،ما رأينا من رؤية للهياج
وبلاد التوحيد قد أتيناك منها،،،،،،،،،،،،،،،،نور والسنا الوهاج
طهر الله من طغاة رباها،،،،،،،،،،،،،فاستنارت بأفضل المنهاج

يشير البيت الأخير إلى تطهير الجزيرة العربية من الشرك بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.
وكما استثار أثير

وأطلعتُ الشيخ على هذه الأبيات، فإذا هو قد هاج وماج كالبحر ذي الأمواج، وجاءه شيطان الشعر في هذه الفجاج، فقال:

فناجه ثم ناجه وقل لي،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،ما لعذا الأثير والأمواج
ألأنَي أتيت أرنو إليه،،،،،،،،،،،،،،،،، أم لأني غريب هذي الفجاج
قد برانا إلهه وإلهي،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ما لهذا العتو والإزعاج
تارة يرسل العباب ويرغو،،،،،،،،،،،،،، مرة ثم يمعن في الإدلاج
غره أن جزءا من الأر،،،،،،،،،،،،،،،، ض أحاطت به مياهٌ دواج
رب هذا المخلوق قاسٍ علينا،،،،،،،،،،أنت قد أبدعته بهذا النهاج
ثبتنه وأرسلنَّ عليـه سافيات،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، بوارحاً وعواج
والبسني أزكي ثيابِ تقاةٍ،،،،،،،،،،،،،،،واخلُفنِّي منك بخير التناج
وأعدني إلى منازل طه،،،،،،،،،،،،،،، عند خير الأحباب والأزواج
لأصلي في مسجد قد بناه،،،،،،،،،خير رسل الإله أرسلت بالمنهاج
وأطوفن بالمطاف كثيرا،،،،،،،،،،،،،،،،، وأروِّي من قبلة الأفواج
إن حبي تلك الديار عظيم،،،،،،،،،،، ليس بوذا ولا هياكل الأهواج
ليس فيها خزعبلات هنود،،،،،،،،،،،،،،،، لا ولا شرك جين وتاج
إن فيها ثورا وأحدا وسلعا،،،،،،،،،،، وطفيلا وشامة نور وراجي
أين أيْن حواء أين أبونا،،،،،،،،،،،،،،،، آدم يروا فعال قوم عواج
يعبدون الأحجار والأشجار وإلها،،، خُلِقَ وأسواقهم تمور بالأزواج
رب إن الهدى هداك وآيا،،،،،،،،،،،،،،،،،، تك بينات بغير ازدواج
حط عني خطيئتي وذنوبي،،،،،،،،،،واكفني المقت إنني يارب راجي
منك رحمة ونعمة وقصورا،،،،،،،،،،،،،،،،،،،شماء في دارك الخلاد
هذه ومضات شعر إليك،،،،،،،،،،، قلتها صحبة القادري خلِّ العواجي
عند بحر كبير محيط صبح يوم الـ،،،،،،،،،،،جمعة في ثورة الأمواج

ثلاث ملحوحظات:

الأولى: أني حذفت البيت قبل الأخير، لأن الشيخ رحمه الله بالغ في تواضعه مع زميل سفره، مبالغة لم أرها تناسبني، فهو من هو وزميله يعرف قدر نفسه.

الثانية: أن قافية البيت الثالث قيل الأخير، كتبت دالا، وقافية الأبيات كلها جيم، ولم أنتبه لها إلا بعد وفاته رحمه الله، فلا أدري هو الذي كتب ذلك غير منتبه لها، لأنه يكتب على عجل، أو كانت خطأ مني.

الثالثة: أن الشيخ رحمه الله ليس بشاعر، ولس زميله كذلك بشاعر، ولكن عندهما جميعا مشاعر أدرجاها في هذه السطور، فلتكن شعراً أو نثراً، فقد كتبت في مناسبة تاريخية، ولهذا سجلتها في يومياتي، ورجعنا بعد أن قضينا على شاطئ البحر ساعة إلى الفندق.




السابق

الفهرس

التالي


15251351

عداد الصفحات العام

145

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م