﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(015)سافر معي في المشارق والمعارب

(015)سافر معي في المشارق والمعارب

الأربعاء: 18/11/1404ﻫ.

إلى مطار كولمبو:

صلينا الفجر وتدارسنا حزبنا من القرآن الكريم، وقد وصلنا إلى آخر الجزء التاسع في سورة الأنفال، بعد أن ختمنا المصحف مرة واحدة قبل ذلك، ووصلنا في رياض الصالحين هذا اليوم إلى آخر باب بر الوالدين وصلة الأرحام، كما قرأنا بعضاً من كتاب العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

وقد أسمعني الشيخ قصيدته التي أنشأها بعد أن سمع قصيدتي السابقة، وقال: لو أنك كنت تنشئ القصائد من أول رحلتنا لكنتُ الآن شاعراً، فقلت له:

سمعتُ من الشيخ الكريم قصيدة وقد كاد بالإشعار أن يتفجرا

ثم جاءنا الأخ الشيخ أحمد محمد مبارك إلى الفندق في الساعة الثامنة إلا ربعاً، أما الشيخ إبراهيم مولوي فقد ودعنا في الليل، لأنه مسافر إلى الجامعة التي يدرس فيها وهي جامعة سريلانكا التي سبق ذكرها، وهي تقع في منطقة قرب مدينة كندي، وقد زرناها يوم الاثنين الموافق 16/11/1404ﻫ.

وعندما جاءنا الشيخ أحمد محمد المبارك المخدوم، حاسبنا الفندق وخرجنا إلى المطار في الساعة الثامنة إلا ربعاً والمسافة بين الفندق والمطار خمسة وعشرون ميلاً.

أحوال المسلمين في شمال سريلانكا:

وفي الطريق إلى المطار تذاكرنا أحوال المسلمين مع الأخ الشيخ أحمد المبارك، وما يجري الآن في المنطقة الشمالية [ولا زال جارياً حتى هذه اللحظة التي ابيض فيها هذا الجزء 10/11/1404ﻫ.] من سريلانكا من الاضطرابات، فقال الأخ أحمد: لا ندري ماذا يجري للمسلين هناك، ولكن سمعنا أن كثيراً من الدكاكين قد أحرقت، وأغلب الأسواق هناك للمسلمين، وذكر الأخ أحمد أن عندهم اجتماعاً اليوم لمجلس اتحاد المسلمين، لمناقشة ما يجري وسيرفعون للحكومة احتجاجاً إذا علموا أن أضرارا قد لحقت بالمسلمين. وأبدى الأخ أسفه لضعف تمسك المسلمين بدينهم، وقال: إن القدوة الحسنة هي التي تجعل غير المسلمين يتأثرون بهم ويحترمونهم وذكر لذلك أمثلة:

المثال الأول:

قال: أذكر وأنا صغير أن إحدى النساء البوذيات كانت جارة لنا، وقد تأثرت بكل ما رأت من سلوك المسلمات، فكانت تتطهر بالماء من النجاسات، وتغتسل كما تغتسل النساء المسلمات، وغير ذلك من التصرفات، ولم يبق عليها إلا أن تعلن إسلامها.

المثال الثاني:

أن البوذيين والهندوك، كلهم كانوا يحترمون المرأة المسلمة التي ما كانت تخرج إلى السوق إلا لحاجة مع الاحتشام، وكانوا إذا رأوا المرأة تصعد إلى السيارة قاموا لها احتراماً. أما الآن فإن المرأة المسلمة خرجت إلى الشارع وتوظفتْ ولبست كما تلبس نساء الكفار، وأصبحت لذلك غير محترمة.

المثال الثالث:

أن المسلمين لهم سوق، وكانوا يعطلون يوم الجمعة، ثم فقدوا هذا السوق وأصبح بيد غيرهم، وهؤلاء الذين أصبح السوق بأيديهم يعطلون يوم الجمعة تأثراً بفعل المسلمين، وكثير من البوذيين يقلدون المسلمين في كثير من أفعالهم استحساناً لها. ولكن المسلمين مع الأسف لم يحافظوا على دينهم، ليبقى تأثيرهم في غيرهم اقتداءً بهم واحتراماً لهم، ولو كان المسلمون متمسكين بدينهم لكان دخول غيرهم في الإسلام ميسراً.

وشربنا أربع آبار كاملة!

وقبل الوصول إلى المطار قال الشيخ عمر للأخ أحمد المبارك: يا شيخ أحمد أشربنا من النارجيل قبل أن نغادر بلادكم، فأمر الأخ أحمد السائق ليقف عند أحد الدكاكين على جانب الطريق، وفتحوا لنا بئرين فشربنا، ثم طلبنا بئرين آخرين ففتحوهما لنا وشربناهما، وهذه الآبار منتشرة في كل بقعة من سريلانكا، معلقة في أشجارها، لا تمر بمكان إلا وجدت أكواماً تباع بثمن بخس، وهي من عجائب نعم الباري سبحانه

بطاقة توديع:

وقبل أن ندخل المطار بنصف كيلو تقريباً وقف بنا السائق أمام مكتب على يسارنا، ونزل الأخ أحمد فأخذ بطاقة لا يدخل المسافر إلى قاعة المطار إلا بها وقيمتها خمس عشرة روبية. والمكان الذي يؤذن للمسافرين بالدخول بتلك البطاقة، هو الحد الفاصل بين مرافقة المودعين للمسافرين، لهذا وقف الأخ أحمد هناك ودخلنا نحن، أمامنا وراء دافع عربة الحقائب.

أعوذ بالله من شيطانك!

كانت حقائبنا مملوءة ـ الصغيرة منها والكبيرة ـ وقد ربطت حقيبتي بحبل، خشية من أن تنفك لأنها ممتلئة، وكانت حقيبة الشيخ أكثر امتلاءً، فإنها لم تقفل إلا بعد مشقة، ومع ذلك فإن الموظفين في الجمارك لم يتركوا أي حقيبة بدون تفتيش سواء كانت مما يشحن في الطائرة أو مما يحمل في اليد، ولهذا فتحوا حقائبنا الصغيرة والكبيرة، وتحملنا مشقة ترتيبها وقفلها بعد التفتيش.

وبعد أن أكملنا الإجراءات اللازمة في الجوازات وغيرها دخلنا قاعة انتظار المسافرين، وذكرت أنني أريد شراء خريطة سريلانكا، فقلت للشيخ: هل بقيت عندك روبيات سريلانكية؟ قال: نعم، عندي مائتان، فأخذتها وأردت أن أعود إلى دكان رأيت فيه بعض الكتب قبل دخول قاعة المغادرة، ورآني أحد جنود أمن المطار وأنا أريد الدخول فمنعني وحاولت معه كثيرا فلم يرض، وقال: آسف، الدخول بعد ختم الجواز ممنوع، فقلت له: أعوذ بالله من شيطانك، فهز رأسه وقال: ماذا تقول؟ ـ باللغة الإنجليزية ـ قلت: أعوذ بالله منك ومن شيطانك، فضحك وأشار لي بالعودة إلى صاحبي.

آخر يوم من أيام الغربة في هذه الرحلة!

أين تلك من هذه؟‍

أعلن عن صعود الطائرة السعودية، فصعدنا وانتظرنا قليلاً، وكان المضيفون يرحبون بنا مرة بعد أخرى، بلغتنا التي فقدنا الترحيب بها في جميع الطائرات الأجنبية، وكان الشيخ منتشياً مسروراً، فالتفت إليه وقلت له: حق لك أن تنتشي، فقد عاد إلى آذانك ـ التي كان مصمومة! ـ الترحيب باللغة العربية الحبيبة، التي لم نسمع أحداً من المضيفين يرحب بنا بها منذ غادرنا سنغافورة إلى أستراليا، قبل شهر ونصف الشهر إلى اليوم، كما أنك بدأت تطير إلى أهلك في الجو فطار قلبك فرحاً بذلك، فحق لك يا شيخ أن تنتشي!. فقال: هذا آخر يوم من أيام الغربة في هذه الرحلة!

وعندما تحركت الطائرة تستعد للإقلاع من الأرض، قرأ أحد المضيفين دعاء السفر، كان ذلك نوراً على نور. وكان إقلاع الطائرة من مطار كولمبو في الساعة الحادية عشرة والثلث بتوقيت سريلانكا، والفرق بين توقيت سريلانكا والمملكة العربية السعودية ساعتان ونصف الساعة.

وبعد عشرين دقيقة تقريباً كانت الطائرة تمر فوق القرن الهندي في الجنوب، فبدت لنا الجبال والأشجار والمزارع، وكانت السحب كعادتها معنا تقل فنرى ما تحتها، وتكثر فتغطي كل شيء، وكانت القرى منتشرة متصلاً بعضها ببعض، وبعد عشر دقائق من مرورنا فوق ذلك القرن أصبحت الطائرة فوق البحر (المحيط الهندي) وعلى يمينها أطراف الهند الجنوبية، ثم الجنوبية الغربية.

وفي الطائرة طلبت من الشيخ أن يعطيني الكراسة التي كتب فيها إحدى قصائده وقد كان أنشأها يوم الثلاثاء الموافق 17/11/1404ﻫ عندما اطلع على قصيدتي السابقة التي مطلعها:

أدافع أشواقي العظام تصبرا
وتنسيني الأعمال شوقي إذا طرا

فأعطانيها لأسجلها هذا نصها:

تجشمت هذا الأمر لكن تجلدا،،،،،،،،،،،،،،وعزمة إيمان على ما تقررا
وقلت لنفسي أين أنت من الذي،،،،،،إذا شاء أمراً قال كن كان لا مِرا
فجمعت أمري وارتديت ملابسي،،،،،،،وودعت أهلي والبلاد ومن أرى
وصاحبت شخصاً سيداً وابن سيدٍ،،،،حبوت له ودي امتثالاً لسيد الورى
وساءلت ربي أن يرينا كرامة،،،،،،،،،،،،،،وأن يمنحني طيبة النفس لا مِرا
لأن دعاء الله يعطي حصانة،،،،،،،،،،،،،،،،ومن يتمسك بالإله سيجبرا
فمرت ليال ثم أيام حلوة،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،دعونا إلى دين عظيم مبشرا
قطعنا وهاداً ثم جزنا مفاوزاً،،،،،،،،،على طائرات فوق سحب على الثرى
وكان زميلي تارةً يسأل الورى،،،،،،،،،،،،،،وطوراً ينادي أننا نحمد السرى
وطوراً يناجي ربه يسأل الهدى،،،،،،،،،،،،وطوراً يزيل المنكرات من القِرى
وطوراً يلاقي جفوة من زميله،،،،،،،،،،،،،،،،وطورا إذا ما جنّ ليل تذكرا
أخلاء أو أبناء أو ذا قرابة،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،لنحلم وداً ويعطي وينظرا
شكرت له حسن الصحابة يا فتى،،،،،،،،،،،،،وكان خليلاً صابراً ومصبرا
أقول بأني لا أدانيه رتبةً،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،لأن التلاقي يظهر المرء أكثرا
وكان ابن خطاب يقول لشاهد،،،،،،،،،،،،أصاحبته أو كيف تشهد ولم ترا
وقد كان مني ما أقول صراحة،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، كان هذا أو أكثرا
إذا كان اعتراف المرء يمحو ذنوبه،،،،،،،،،،،،فهلا يرى هذا اعترافاً فيسترا
لعل أموراً أظهر البين وقعها،،،،،،،،،،،،،،،،،ومن يبلغ الستين يعفى ويعذرا
إذا شئت يا هذا مثالاً لوضعنا،،،،،،،،،،،،،،فخذ مثلاً يوم الثلاثاء ما جرى
ذهبنا إلى شخص ليكمل حجزنا،،،،،،،،،،فكان كلاماً منه يلقى على الثرى
يقطع أكباداً ويخذل راجياً،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،ويدني هموم المرء والله أكبرا
وبعد قليل جاء يسر إلهنا،،،،،،،،،،،،،،،،،،فأظهر يسراً واضحاً سر من أرى
فقال رفيقي: إننا نشبه الذي،،،،،،،،،،،،،،،،يجوب الفيافي يطلب الماء لا يرى
على ظهره ماءً غزيراً بقربة،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،ليعلم أن الله ما شاء قدرا
نظمت القوافي بعد شعر قرأته،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،لخل كريم ناظم عقد جوهرا
(أدافع أشواقي العظام تصبرا،،،،،،،،،،،،،،،،،،وتنسيني الأعمال شوقي إذا طرا
ولكن أقدار الإله سوابق،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،وما كان مختاراً له كان أخيرا
وهاهو قد خار الرجوع لربعنا،،،،،،،،،،،،،،،،،،ولم يبغنا سنداً ولا أخت أنقرا)

عملت على إنشائها قبل نومنا،،،،،،،،،،،،وعند الصباح يحمد الساري السرى
رجوت إلهي أن يقيل عثارنا،،،،،،،،،،،،،،،،،وأن يرزقنا النصر واللطف يشهرا
وصلي على طه نبي زمـاننا،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،ومن يتبعه كان أحصى وأنظرا


واستمرت الطائرة تسير فوق المحيط الهندي الذي كنا نراه عندما يأذن الله لنا بانقشاع السحاب عنه، وكان الجو صحواً في الغالب، وتارة يحول السحاب بيننا وبين رؤية البحر، وهو شبيه بالسقف المستعار بالنسبة للأرض، وكالأرض المستعارة بالنسبة للطائرة وكان الأفق في غاية من الجمال، وكنت أنا أتابعه، أما الشيخ فقد استغل الهدوء الذي خيم على الدرجة الأولى، فلم يوجد بها غيرنا إلا القليل، فلبس غطاء العينين [سترة توزع على الركاب لتغطية العينين لمن يريد النوم]، وأسلم نفسه لربه حتى أعادها إليه بعد أن أخذ راحته بالنوم.
وبدا لنا بعد ذلك جزء من الأرض فترة ثم حلقنا على مياه الخليج العربي في مذهب العرب [على استحياء] والفارسي في مذهب الشيعة، بإصرار وقوة، وهو آية من آيات الله، كغيره من البحار والمخلوقات الأخرى، وقد شاهدت عدداً من السفن التي تمخر عبابه، وكان أثرها أمامها كالتل الصغير، ووراءها كواد بين جبلين يغلب عليه البياض الذي يحدث من احتكاك جرم السفينة بالبحر.
كما رأيت جزيرة صغيرة جدا تشبه السمكة في صورتها، وهي مليئة بالخزانات، والظاهر أنها خزانات نفط، ولا أدري في أي دولة هي؟!.







السابق

الفهرس

التالي


15331721

عداد الصفحات العام

3854

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م