﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(016)سافر معي في المشارق والمغارب

(016)سافر معي في المشارق والمغارب

في مطار الظهران:

ثم هبطت بنا الطائرة في مطار الظهران في الساعة الثالثة والدقيقة الخامسة والثلاثين بتوقيت سريلانكا، أي الواحدة والدقيقة الخامسة بتوقيت المملكة العربية السعودية. وبعد الإجراءات اللازمة في مطار الظهران أقلعت الطائرة في الساعة الثالثة ودقائق.

أين تلك من هذه؟

كان الشيخ يحاول أن يؤثرني بالقعود بجوار النافذة في كل طائرة، وكنت إذا حاولت أن يقعد هو بجانبها يأبى ويصر على أن أقعد أنا، ويعلل إصراره بأني أنا أكتب ما أرى وهو لا يكتب وانسحبت هذه القاعدة على سفرنا من الظهران إلى جدة: فأطللت من النافذة، فرأيت صحراء قاحلة، ذات رمال كثيفة، كالتلول، تنقلها السوافي الذاريات من مكان إلى آخر، وجبال جرداء، لا يكسوها نجم ولا شجر، كأنها رؤوس رجال صلع.

فقلت: لقد غابت عنا مناظر عجيبة جميلة، لا يحب الإنسان أن تفارق ناظريه: أنهار جارية وبحار هادرة، وغابات كثيفة ذات أزهار متنوعة، وثمار يانعة، وجبال شاهقة ملتحفة بغابات ملتفة، لا يرى الناظر في أغلبها صخرة بارزة، يزين قمم بعضها الجليد الذي يغطيها في الليالي القارسةِ البرد، والمدن الجميلة ذات العمارات المتناسقة، قصيرة كانت أو شاهقة، والشوارع الواسعة الجميلة النظيفة التي لو وضع إنسان طعامه عليها لأكل منه دون أن يرى فيه ما يعلق به من قذر، والنظام الدقيق والمعاملة الإنسانية المظاهر التي يتمنى أن يراها الإنسان في كل مكان.

غاب أكثر هذه الأمور عن ناظري، ولكني رأيت صحراء البترول وآباره، وأهم من ذلك رأيت بلاد النور ومهبط الوحي، وأحسست وأنا أغادر الظهران متجهاً إلى الحجاز بمهابة أول بيت لعبادة الله وضعه الله على أرضه، وأسند بناءه إلى من اصطفاه من خلقه خليله وابن خليله، وطاف به الصالحون من أنبيائه ورسله وأتباعهم، فيه آيات بينات: مقام إبراهيم، والأمن والعبادة الدائمة، فيه زمزم والصفا والمروة، ومنى ومزدلفة، وبجواره عرفات، فيه قبلة الأمة الإسلامية في كل مكان، وفيه شع نور الهداية، وبه غار حراء الذي كان يتحنث فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله عليه فيه جبريل بسورة: (اقرأ) التي نبأه بها، ثم أرسله بسورة المدثر، وبعثه إلى الناس عامة، وفيه غار ثور الذي ضم جسده الطاهر – مع صاحبه الصديق – واقياً له من مؤامرة أعدائه المشركين، وجعله خاتم الرسل فجاهد هو وصحبه الكرام في الله حق جهاده، ودعوا إلى الله صابرين على ما نالهم من أذى في سبيل الله، حتى غابت شمس أبي جهل وأمية بن خلف، وأبي لهب وغيرهم من طغاة الكفر والشرك، وأصبح ذكر الله واسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراية الإسلام، ترفرف على سماء هذا البلد الغالي الذي يؤمه عباد الله الصالحون من كل فج عميق، للطواف بالبيت العتيق وملء القلوب إيماناً بما يؤدون من مناسك أمرهم الله بأدائها.

وعلى مقربة من قبلة المسلمين مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي أقامه رسول الله، عندما أوى هو وأصحابه المهاجرون من مكة فراراً بدينهم ونصراً له، فاستقبلهم إخوانهم الأنصار، كتيبة الإسلام.
الصلاة في المسجد الحرام تفضل الصلاة في غيره بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بألف.

ويحيط بالمسجدين أو تقع بينهما أماكن كانت مهبطاً لجبريل عليه السلام، الذي ينزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوحي، ورافقت فيها الملائكةُ جنودَ الله وحزبَه من المجاهدين في سبيله، رووا فيها دماء شهداء، ولا زالت شاهدة حقٍّ لانطلاق الدعوة إلى الله منها إلى كل المعمورة.

فأين تلك المناظر المادية مهما كان جمالها، ومهما خلبت الألباب مناظرها، من هذه الربوع الإسلامية التي لا تضاهيها أي ربوع في الأرض؟‍ فإذا كانت تلك المناظر الجميلة قد غابت، فقد حل محلها ما لا يؤهلها للمقارنة بينها وبينه، وهل الفول والعدس والبصل والكراث مثل التمر والأترج والعسل المصفى؟ أين تلك من هذه عند أولي الألباب؟

في مطار الملك عبد العزيز بجدة:

وهبطت الطائرة في مطار الملك عبد العزيز في جدة في الساعة الخامسة إلا ربعاً مساء، وبهبوطها تمت هذه الرحلة وتم هذا الكتاب من سلسلة في: (المشارق والمغارب). وإلى مجلد آخر من هذه السلسلة، وبلدان أخرى
وسبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، وأصلى وأسلم على خير الأنبياء والمرسلين وعلة آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين.




السابق

الفهرس

التالي


16131120

عداد الصفحات العام

1846

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م