﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


( 3 ) أساس فساد العالم هو اتباع الهوى:

( 3 ) أساس فساد العالم هو اتباع الهوى:
اتباع الهوى الشاذ عن هدى الله، هو أساس الفساد في الأرض وأهواء الناس تختلف وتتضارب لا يضبطها ضابط، بل إن هوى الإنسان الواحد يختلف بين وقت وآخر، فقد يرى الشيء الآن حسناً فيفعله ويدعو إلى فعله ويرغِّب فيه، وقد يرى هذا الإنسان نفسه ذلك الشيء بذاته في وقت آخر ـ قَرُب أم بَعُد ـ قبيحاً يكرهه ويبتعد عنه وينفر منه ويعادي من يفعله، بدون ضابط من دين أو خلق أو مصلحة راجحة في الحالين، إلا اتباع الهوى، كما قال الشاعر:
[sh]
لا تمدحن ابن عباد وإن هطلت=يداه كالمزن حتى تخجل الديما
فإنها فلتات من وساوسه=يعطي ويمنع لا بخلاً ولا كرما
[/sh]
وبذلك تتصادم الأهواء، وتتعارض الرغبات، ويتنافس أصحابها في إشباعها، كل يريد أن يشبع هواه ورغبته، ضد شهوات الآخرين ورغباتهم، فيعم الأرض الفساد وتهدر فيها الضرورات التي اتفقت الشرائع على وجوب حفظها ـ ولا حفظ لها بدون اتباع أمر الله ونهيه ـ ويصبح التنازع والخصام والظلم والحروب هي القاعدة التي يتعامل بها الناس، كما هو شأن العالم اليوم.
لذلك لابد أن يكون هذا المعنى واضحاً في أذهان الناس ـ وبخاصة المسلمين ـ أفراداً وأسراً وشعوباً، حكاماً ومحكومين؛ لأن كل تصرف يبنى على هذا المعنى يكون صلاحاً، وكل تصرف يبنى على غيره، يكون فساداً، ومن هنا نفى الله سبحانه تعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم أن ينطق في ما جاء به من رسالته عن هواه غير المحكوم بالوحي، بل أكد تعالى أنه لا ينطق إلا عن وحي منه، قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}. [1].
وأخبر سبحانه أن الذين يخالفون وحيه، ويتركون اتباع رسوله المبرأ من الهوى، ويصرون على الكفر به وبما جاء به من عند ربه، وعلى الاستهزاء به واعتقاد أن ما هم عليه من الضلال هو الحق وما جاء به من الهدى هو الضلال، أخبر تعالى أن سبب ذلك كله هو اتباع الهوى الذي لا مطمع في اهتداء صاحبه؛ لأنه اتخذ إلهه هواه، فقال تعالى: {وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً (41) إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً (42) أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً}. [2].
وأخبر تعالى أن اتباع الهوى يورث الفساد في الكون كله، وأنه ـ تعالى وتنزه ـ لو راعى في تدبير الكون أهواء أعداء الحق وأنصار الباطل لعم هذا الكونَ الفسادُ، قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (70) وَلَوْ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتْ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ}. [3].
قال ابن جرير رحمه الله: "يقول تعالى ذكره: ولو عمل الرب تعالى ذكره بما يهوى هؤلاء المشركون، وأجرى التدبير على مشيئتهم وإرادتهم وترك الحق الذي هم له كارهون لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن، وذلك أنهم لا يعرفون عواقب الأمور والصحيح من التدبير والفاسد، فلو كانت الأمور جارية على مشيئتهم وأهوائهم، مع إيثار أكثرهم الباطل على الحق، لم تقر السماوات والأرض ومن فيهن من خلق الله". [4].
فإذا قام العبد بطاعة ربه على أساس أمره ونهيه ـ الذين تضمنهما هذا التوحيد ـ وخالف هواه وهوى غيره ـ المخالفَين لوحيه ـ تحققت له ولأمته السالكة مسلكه السعادة والصلاح في الدنيا والآخرة، وزالت من حياتهم الشقاوة التي لا تزول إلا باتباع أمر الله، وذلك هو تطبيق شريعته المبني على الإقرار بألوهيته والعمل بمقتضاها وإلا عم الكونَ كلَّه الفسادُ باتباع الهوى، جزاءً وفاقاً.



1 - النجم:3 ـ 4
2 - الفرقان:41 ـ 44
3 - المؤمنون: 70 ـ 71
4 - جامع البيان عن تأويل آي القرآن، في تفسير الآية المذكورة



السابق

الفهرس

التالي


16123614

عداد الصفحات العام

2229

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م