﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


المبحث الثالث: في طاعة الملائكة لربهم قدوة حسنة للمؤمنين:

المبحث الثالث: في طاعة الملائكة لربهم قدوة حسنة للمؤمنين:
إن الذي يريد أن يطبق شريعة الله، ليكون صالحاً مصلحاً، لابد أن يسعى جاهداً في التعرف على عباد الله الصالحين، وعلى أعمالهم التي يتقربون بها إلى الله، والإكثار من مرافقتهم وحبهم والاقتداء بهم، فالجليس الصالح يؤثر في جليسه بصلاحه، كما أن جليس السوء يؤثر في جليسه بسوئه، والذي يزهد في مجالسة الصالحين ومرافقتهم، لا بد أن يجالس أهل السوء ويرافقهم ويكتسب منهم سوء فعالهم.
فالأرواح جنود مجندة، ماتوافق منها ائتلف وما تنافر اختلف، والطيور على أشباهها تقع، وقد شرع الله لعباده المؤمنين قراءة سورة الفاتحة في صلاتهم، فرضاً كانت أم نفلاً، وفيها هذا الدعاء العظيم: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}. والذين أنعم الله عليهم، هم عباد الله الصالحون الذين هم القدوة الحسنة لمن أراد الصلاح في الدارين، وقد وعدهم الله تعالى بتحقيق دعائهم هذا إذا حققوا طاعته وطاعة رسوله، صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: {وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً}. [النساء: 69]
وقد طبع الله الملائكة على المداومة على طاعته، وعدم معصيته وأخبر تعالى أنهم لا يفترون عن عبادته ولا يسأمون، فحياتهم كلها عبادة، كما قال تعالى: {فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ}. [فصلت: 38].
وقال تعالى: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ}. [الأنبياء: 20].
وقال تعالى:{ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}. [التحريم: 6].
وفي إخبار الله لنا عنهم بذلك حض لنا على الاجتهاد في طاعته، وإذا كانوا هم مجبولين على تلك الطاعة، ونحن لسنا مثلهم في ذلك فإننا مكلفون أن نجتهد في طاعته في حدود طاقتنا، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ونشترك نحن والملائكة في أننا جميعاً مأمورون بطاعة الله، وإن اختلفت قدراتنا، و نحن مأمورون بمجاهدة أنفسنا في الله تعالى لنبقى على هداه وتقواه، ليكون الله معنا ونكون معه، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}. [العنكبوت (69)].
وإن اشتراكنا معهم في الإيمان بالله وطاعته ومحبته وتطبيق ما أمرنا به، والولاء الذي يربطنا بهم، كل ذلك جعلهم يهتمون بنا ويدعون لنا، ويشاركوننا في جهادنا ضد أعدائنا، وهم يلازموننا بكتابة أعمالنا، وينفخون الروح فينا ونحن أجنة في أرحام أمهاتنا، ويزوروننا ليلاً ونهاراً ويسرون بعبادتنا لربنا وطاعتنا له، وهم الذين يقبضون أرواحنا، ويمتحنوننا في قبورنا ويسألوننا عن ربنا وديننا ونبينا، ويبشرون المؤمنين منا بالنعيم في قبورنا كما ينذرون الكافرين بالعذاب فيها، ويستقبلون عباد الله المؤمنين عند دخولهم الجنة فيبشرونهم بالنعيم المقيم والجزاء العظيم، ويستقبلون أعداء الله من الكافرين عند دخولهم النار بالتبكيت والتقريع والعذاب الأليم.
قال تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}. [الزمر: 71-73].
إن في ذلك كله لما يحفز المؤمن على الاجتهاد في طاعة الله والبعد عن معصيته اقتداء بإخوانه الملائكة الذين يلازمونه بإذن الله من زمن خلقه في رحم أمه إلى أن يدخل الجنة، فذلك يجعل المؤمن يستحيي من إتيان المعصية أو ترك الطاعة، وأهل الطاعة لله لا يفارقونه، بل منهم من يلازمه لكتابة حسناته وسيئاته.
هذا وقد نبه الرسول صلى الله عليه وسلم أمته على الإقتداء بالملائكة في صفة من صفات أعظم عبادة ـ بعد الشهادتين ـ وهي الصلاة، كما روى جابر بن سمرة، رضي الله عنه، قال: ".... ثم خرج علينا ـ رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ فقال: ((ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟))، فقلنا: يا رسول الله! وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: ((يتمون الصف الأول ويتراصون في الصفوف)). [مسلم (1/322)].
وإن الذي لا يتخذ عباد الله المتقين، من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ـ ومنهم الملائكة المقربون ـ، قدوة له في طاعة ربه فلا بد أن يتخذ أعداء الله المفسدين من الشيطان الرجيم وأتباعه قدوته إلى معصية الله. فليعلم الإنسان من يرافق، فإن المرء مع من أحب، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي سأله: متى الساعة؟ فقال له صلى الله عليه وسلم: ((ما ذا أعددت لها؟)) قال: حب الله ورسوله. فقال له صلى الله عليه وسلم: ((المرء مع من أحب)). [2].
[sh]
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه=فكل قرين بالمقارن يقتدي
[/sh]



1 - مسلم (1/322)
2 - رواه مسلم



السابق

الفهرس

التالي


16123519

عداد الصفحات العام

2134

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م