[
الصفحة الرئيسية
] [
حول الموقع
] [
تعريف بصاحب الموقع
]
﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب
::
66- سافر معي في المشارق والمغارب
::
(34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف.
::
(067) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(066) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(065) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث
::
::
::
::
::
::
::
::
::
::
جملة البحث
جميع محتويات الموقع
المقالات العامة
مقالات الحدث
الجهاد في فلسطين
2 أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع المسلم
المقالات العامة
الإيمان هو الأساس
غيث الديمة الجزء الأول
غيث الديمة الجزء الثاني
حوارات مع أوربيين مسلمين
حوارات مع أوربيين غير مسلمين
الحدود و السلطان
حكم زواج المسلم بالكتابية
رحلة هونج كونج
جوهرة الإسلام
كتاب الجهاد
المسئولية في الإسلام
دور المسجد في التربية
كتاب سبب الجريمة
كتاب الشورى في الإسلام
كتاب السباق إلى العقول
الإيمان إصطلاحاً و أثره سلوكاً
كتاب طل الربوة
كتاب الوقاية من المسكرات
الكفاءة الإدارية
معارج الصعود إلى تفسير سورة هود
مقدمة سلسلة في المشارق و المغارب
المجلد الأول : رحلات الولايات المتحدة الأمريكية
المجلد الثاني : رحلات المملكة المتحدة (بريطانيا) و آيرلندا
المجلد الثالث : رحلات اليابان وكوريا وهونغ كونغ
المجلد الرابع:رحلات إندونيسيا الجزء الأول 1400هـ ـ 1980م
المجلد الخامس : الرحلة إلى إندونيسيا الجزء الثاني 1410هـ ـ 1990م
المجلد السادس : رحلات إندونيسيا الجزء الثالث 1419هـ ـ 1989م
المجلد السابع : رحلات أستراليا و نيوزيلاندا و سريلانكا
المجلد الثامن : رحلات كندا و إسبانيا
المجلد التاسع : رحلات سويسرا و ألمانيا و النمسا
المجلد العاشر : رحلات بلجيكا و هولندا و الدنمارك
المجلد الحادي عشر:رحلات السويد و فنلندا و النرويج
المجلد الثاني عشر : رحلات فرنسا و البرتغال و إيطاليا
المجلد الثالث عشر : رحلات سنغافورة و بروناي و تايوان
المجلد الرابع عشر : رحلات باكستان و الهند
المجلد الخامس عشر : رحلات تايلاند (بانكوك)
المجلد السادس عشر : الرحلة إلى ماليزيا
المجلد السابع عشر : رحلات الفلبين
المجلد الثامن عشر : رحلة كينيا
الفهرس
المبحث الأول: الإيمان بالقدر داعي سعي وعمل، وليس داعيَ اتكال وكسل:
المبحث الأول: الإيمان بالقدر داعي سعي وعمل، وليس داعيَ اتكال وكسل:
1 ـ النصوص الدالة على الإيمان بالقدر.
2 ـ معنى الإيمان بالقدر والحذر من شبه المبتدعة.
3 ـ القدر سر الله في خلقه.
4 ـ وضوح النجدين.
5 ـ ويهدي الله لنوره من يشاء.
6 ـ لا يشرع ترك الأسباب لتخلف بعض المسببات.
7 ـ مواقف الناس من الأسباب.
8 ـ الإيمان بالقدر لا يقتضي الاتكال وترك العمل.
9 ـ القرآن والسنة يدحضان هذا الظن.
10 ـ واقع المسلمين الملتزمين بالإسلام يخالف هذا الظن.
11 ـ شبهة قديمة وجواب شاف كاف.
1 ـ النصوص الدالة على الإيمان بالقدر:
الإيمان بقدر الله ومراتبه: علماً، وكتابةً، و مشيئةً كونية قدرية، وخلقاً .
[هذه الأربعة هي مراتب القدر التي دلت عليها نصوص القرآن والسنة، وحققها علماء الإسلام من أهل السنة. راجع كتاب:
(شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل)
لابن قيم الجوزية رحمه الله:
(صفحة: 63 ـ 109)
نشر دار التراث القاهرة]
. هو أحد أركان الإيمان الستة التي من أنكرها أو أنكر بعضها كفر، وقد وردت بإثبات هذا الركن ـ كغيره من الأركان الأخرى ـ نصوص كثيرة، في الكتاب والسنة، وأجمع على وجوب الإيمان به سلف الأمة، من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
وقد دلت نصوص القرآن والسنة الكثيرة على هذه المراتب الأربع..
فالنصوص الدالة على كمال علمه وإحاطته بكل شيء، لا تحصى كثرة، من ذلك قوله تعالى:
{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ}
. [البقرة: 30].
وقوله تعالى:
{كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}
. [البقرة: 216].
وقوله تعالى:
{وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}
. [النور: 35].
وقال تعالى:
{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}
. [الأنعام: 59].
ومن النصوص كذلك على المرتبة الثانية، وهي كتابته تعالى الأشياء في الأزل، قوله تعالى:
{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}
. [الحديد: 22].
وقوله تعالى:
{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ}
. [يس: 12].
وقوله تعالى:
{وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ}
. [القمر: 52]. وفسر بعض السلف الزبر باللوح المحفوظ، الذي قال الله تعالى فيه:
{بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ
(21)
فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ}
. [البروج: 21 ـ 22].
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
(
(
إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العينين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك و يكذبه
)
)
.
[اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان
(صفحة: 720)
المطبعة العصرية الكويت]
.
وفي حديث عمران بن حصين، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
(
(
..كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء..
)
)
.
[البخاري، بشرح فتح الباري:
(6/286)
]
.
قال ابن القيم، رحمه الله: "وأجمع الصحابة والتابعون وجميع أهل السنة والحديث، أن كل كائن إلى يوم القيامة فهو مكتوب في أم الكتاب.." .
[شفاء العليل:
(صفحة: 89)
]
.
ومن النصوص الدالة على المرتبة الثالثة من مراتب الإيمان بالقدر، وهي مشيئته تعالى، فمنها قوله تعالى:
{يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}
.
[
5
]
.
وقوله تعالى:
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
.
[
6
]
.
وقوله تعالى:
{قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
.
[
7
]
.
وقوله تعالى:
{إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}
.
[
8
]
.
ومن النصوص الدالة على المرتبة الرابعة، وهي خلقه كل شيء وإيجاده وتكوينه، قوله تعالى:
{ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ}
.
[
9
]
.
وقوله تعالى:
{أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ
(95)
وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}
.
[
10
]
.
وقوله تعالى:
{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}
.
[
11
]
.
وكل شيء في الكون من أعيان وصفات وحركات وسكنات، يدل على أن الله تعالى هو خالقه ومقدره ومدبره، لا إله إلا هو.
فله تعالى الملك التام على كل شيء كما قال :
{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
. [الملك: 1].
وقال:
{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
. [البقرة: 20].
وقد عدالرسول صلى الله عليه وسلم القدر، من أصول الإيمان التي سأله عنها جبريل فقال صلى الله عليه وسلم:
(
(
الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره
)
)
.
[مسلم
(1/37)
]
.
2 ـ معنى الإيمان بالقدر، والحذر من شبه أهل البدع:
ومعنى الإيمان بالقدر أن يعتقد المؤمن أن الله تعالى علم كل ما هو كائن، قبل أن يكون، وكتبه كذلك، وهو الذي يوجده على ما هو عليه، بحسب مقتضى علمه، وأنه لا قدرة لأحد أن يخرج عن مشيئة الله وقدره، وهذا هو مقتضى النصوص مثل قوله تعالى:
{إن الله على كل شيء قدير}
، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
(
(
وتؤمن بالقدر خيره وشره
)
)
.
وقد مضى على هذا الإيمان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبعهم على ذلك الصالحون من التابعين لهم بإحسان، وهو الحق الذي لا يجوز خلافه؛ لأنه مقتضى النصوص القرآنية، والسنة الصحيحة .
[الإيمان بالقدر على ما ورد به القرآن والسنة، هو الواجب، وفيه السلامة من سلوك أهل البدع، وأول البدع ظهوراً، كانت بدعة القائلين: إن الأمر أنف، أي إن الله تعالى وتقدس عما يقولون، لا يعلم الأشياء، إلا بعد وقوعها، وقد قال فيهم عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما: "فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم برآء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً، فأنفقه ما قبل الله منه، حتى يؤمن بالقدر"، ثم ذكر حديث أبيه عمر، في قصة سؤال جبريل الرسول صلى الله عليه وسلم عن أركان الإيمان والإسلام. راجع شرح النووي على مسلم
(1/156)
]
.
3 ـ القدر سر الله في خلقه:
ويجب أن يعلم أن ما يقدره الله، هو من الغيب الذي لا يعلمه قبل وقوعه إلا هو سبحانه، إلا ما أطلع عليه هو أحداً من خلقه، كإعلامه الملَك برزق المخلوق وأجله وكونه شقياً أو سعيداً، وهو لا يزال في رحم أمه، وكإخباره بعض رسله ببعض المغيبات، كما قال تعالى:
{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً
(26)
إِلاَّ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ..}
. [الجن: 26 ـ 7].
فلا علم للعبد بما قدره الله تعالى، من صحة ومرض، وفقر وغنى، وعز وذل، وشقاوة وسعادة، إلا بعد وجود ما يقدره تعالى.
4 ـ وضوح النجدين:
وقد منح الله الإنسان ما يفرق به بين الحق والباطل، فمنحه العقل الذي يقيس به الخير والشر، ويزن به النافع من الضار، في كثير من شؤون حياته، وهذا يكون فيما اتفق عقلاء بني آدم على مدحه من جلب المنافع ودفع المضار، كالصدق والعدل وأداء الأمانات، وترك الظلم، وغير ذلك مما يرون أن مصالحهم لا تتم إلا به، وإن اختلفوا في التفاصيل .
[ولبس المراد به التحسين والتقبيح على الوجه المتنازع فيه، بل ما اتفق عليه المسلمون وغيرهم، في الجملة، لا في التفصيل. راجع مجموع الفتاوى، لابن تيمية
(20/66)
وما بعدها]
.
ولعلمه تعالى أن هذا العقل له قدرات محدودة في مجالات معينة، إذا تجاوزها تاه واختلت أحكامه، منح الله خلقه ما يهدي تلك العقول إلى ما ينفعهم ويضرهم، فأنزل عليهم كتبه وبعث إليهم رسله.
فقد منح الله العبد ما يفرق به بين ما ينفعه وما يضره في حياته، وخلق له قدرة على فعل ما ينفعه وترك ما يضره، وأمره سبحانه بفعل ما يحبه ويرضاه ـ وهو الذي ينفعه في دنياه وآخرته ـ من الأعمال الصالحة، ووعده عليها بالإثابة، ونهاه عما يسخطه تعالى ويأباه ـ وهو ما يضره في دنياه وآخرته ـ من الأعمال الفاسدة، وتوعده عليها بالعقاب، ووعده تعالى أن يعينه ـ إذا استعان به ـ على فعل الخير وترك الشر.
وعِلْمُ الإنسان بأنه قادر على السعي في جلب ما ينفعه ودفع أو رفع ما يضره، من البدهيات التي لا ينكرها إلا مكابر، ولذا ترى الناس يكدحون ويجتهدون في جلب أرزاقهم وصحة أبدانهم، وترى الساعي في جلب رزقه وصحة بدنه يصل إلى مقصده في الغالب، كما ترى القاعد عن طلب الرزق وصحة البدن، يناله من الضنك والفقر والمرض والأوجاع بمقدار قعوده وإهماله.
والذي يريد السيادة والملك يسعى في سبيل ذلك بتعاطي الأسباب المناسبة لهذا الغرض، والذي يريد رضا الله و ثواب الآخرة ونعيمها يتعاطى الأسباب الموصلة له إلى ذلك، وهكذا، بل إنك لترى الكفيف الذي فقد بصره، يتعلم كيف يقرأ، وينجح في قصده، وترى الأصم الذي فقد سمعه يتعلم كيف يفهم ما يريده غيره بالإشارة، وترى الناس رائحين غادين في قضاء حوائجهم، بناء على معرفتهم الفطرية بأن الأسباب تترتب عليها مسبباتها غالباً، وهذه المعرفة يشترك فيها البشر كلهم، مسلمهم وكافرهم، فهي بديهة فطرية لا ينازع فيها عاقل.
5 ـ ويهدي الله لنوره من يشاء:
والمؤمن إضافة إلى ذلك يعلم أن الله القادر على كل شيء، قد أمره بالسعي في عمل ما يرضيه تعالى، من الإيمان الصادق والعلم النافع والعمل الصالح، ونهاه عما يسخطه تعالى ويأباه من الكفر والفسوق والعصيان، وكلاهما ـ الأمر والنهي ـ يحقق له المصالح ويدفع عنه المضار في الدنيا والآخرة، ويعلم أن الله تعالى لا يمكن أن يأمره وينهاه إلا بما هو قادر على فعله وتركه؛ لأن رحمة الله وحكمته تقتضيان أن لا يكلف عبده بما لا يطيق ولا يقدر، فالقدرة مناط التكليف
{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}
. [البقرة: 286].
فإذا أمر الله عبده المؤمن بطاعة أو نهاه عن معصية، علم العبد المأمور أن الله يحب له الصلاح، ويكره له الفساد، فيجتهد في فعل ما أمره الله به، طلباً لرضاه، وفي ترك ما نهاه عنه اتقاء لسخطه، ويستعين بربه الذي أمره ونهاه على فعل الطاعة وترك المعصية، لعلمه أنه تعالى على كل شيء قدير، والله يعينه إذا علم صدق نيته، ولذا شرع الله للمسلم أن يقول في كل صلاة:
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
(5)
اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}
.
ويعلم المؤمن أن الله تعالى استخلف الإنسان في الأرض لعمارتها مادياً ومعنوياً، على مقتضى هداه، فكما يعمر المسجد بالبناء والذكر والصلاة وغيرها طاعة لله، فهو كذلك يعمر المصانع والقلاع والحصون، ويصنع السلاح لرد العدوان وحماية الدعوة وتحرير الناس من عبودية العباد إلى عبادة الله رب العباد، ويشق الطرق ويحيك الملابس ويفلح الأرض لينفع نفسه وغيره من الناس..
يفعل كل ذلك وهو يعلم أن الله القادر على كل شيء هو الذي أمره بما فعل، وأن تمكين الله له في هذه الأرض يقتضي القيام بأمر الله، كما قال تعالى:
{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ}
. [الحج: 41].
وأن الله القادر على كل شيء هو الذي قال له:
{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ..}
. [آل عمران: 31 ـ 32].
ولولا أن الله تعالى القادر على كل شيء عالم أن عبده الذي أمره بعمارة الأرض وأمره بطاعته وطاعة رسوله، صلى الله عليه وسلم، قادر على فعل ما أمره به، لما كلفه ذلك.
6 ـ لا يشرع ترك الأسباب لتخلف بعض المسببات:
الأصل أن يترتب المسبب على وجود السبب، فالأكل سبب في إذهاب الجوع، وشرب الماء سبب في إذهاب العطش، وفلاحة الأرض وبذر الحب سبب في إنبات الزرع، والغطاء المناسب سبب في إذهاب البرد، والنار سبب في الإحراق، والجد في طلب العلم ـ أيِّ علم كان ـ سبب في الوصول إليه، وتناول الدواء سبب في إذهاب المرض، والإيمان والعمل الصالح سببان في نيل رضا الله ودخول الجنة، ومثل ذلك جميع الأسباب المناسبة لمسبباتها، وهي لا تحصى في حياة الأفراد والأمم من يوم وجدت الخلائق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وكون الإنسان قد يعمل السبب ليتوصل به إلى المسبب، ثم لا يتحقق له ذلك في بعض الأحيان، لا يسوغ له أن ييأس ويترك السبب، بل عليه أن يعيد الكرة مرات فقد يكون في السبب الذي عمله تقصير، فإذا عمل السبب كاملاً وجد المسبب، وقد توجد أسباب أخرى في الوقت الذي عمل فيه السبب معارضة لذلك السبب ومانعة له، فإذا عمله في وقت آخر، ترتب عليه مسببه.
وقد يكون ذلك راجعاً إلى تقدير الله في الأزل بأن لا يترتب المسبب على السبب، فإذا اتخذ المرء سبباً آخر لمسبب آخر وُجِد المسبب؛ لأن الله قدَّر في الأزل أن يترتب المسبب على السبب. هذه المسببات التي قد تتخلف بتقدير من الله ـ الذي لا يعلمه المكلف، بل هو غيب عنه ـ لا تسوغ للمكلف أن يترك الأسباب؛ لأنه مأمور بفعلها، وليس مأموراً أن يطلع على قدر الله الغائب عنه، ليعمل وفقه.
7 ـ مواقف الناس من الأسباب:
وقد لخص ابن قيم الجوزية، رحمه الله مواقف الناس من الأسباب، تلخيصاً مفيداً، فقال: "والناس في الأسباب والقوى والطبائع ثلاثة أقسام:
منهم من بالغ في نفيها وإنكارها، فأضحك العقلاء على عقله وزعم أنه بذلك ينصر الشرع، فجنى على العقل والشرع، وسلط خصمه عليه.
ومنهم من ربط العالم العلوي والسفلي بها، بدون ارتباطها بمشيئة فاعل مختار، ومدبر لها يصرفها كيف أراد، فيسلب قوة هذا ويقيم لقوة هذا قوة تعارضه، ويكف قوة هذا عن التأثير مع بقائها، ويتصرف فيها كما يشاء ويختار. وهذان طرفان حائدان عن الصواب.
ومنهم من أثبتها خلقاً وأمراً، وقدراً وشرعاً، وأنزلها بالمحل الذي أنزلها الله به، من كونها تحت تدبيره ومشيئته، وهي طوع المشيئة والإرادة، ومحل جريان حكمها عليها، فيقوي سبحانه بعضها ببعض ويبطل ـ إن شاء ـ بعضها ببعض، ويسلب بعضها قوته وسببيته، ويعريها منها، ويمنعه من موجبها مع بقائها عليه، ليعلم خلقه أنه الفعَّال لما يريد، وأنه لا مستقل بالفعل والتأثير غير مشيئته، وأن التعلق بالسبب دونه كالتعلق ببيت العنكبوت، مع كونه سبباً".
[إغاثة اللهفان:
(1/243)
]
.
هكذا يجب أن يفقه المؤمن الأسباب ومسبباتها، وأنها كلها تابعة لمشيئة الله الذي يقول للشيء كن فيكون، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وهو مكلف بفعل السبب، فيفعله طاعة لله، لعلمه أن ما أمره الله به له فيه مصلحة في دينه ودنياه، ولهذا سعى عباد الله المؤمنون، من الأنبياء والمرسلين، وأتباعهم من الصديقين والشهداء والصالحين، سعياً حثيثاً في عمل ما يحبه الله ويرضاه، مع إيمانهم الصادق ويقينهم الكامل بأن الله على كل شيء قدير، ونشروا في الأرض الصلاح، وحاربوا الشر والفساد، واستعانوا بربهم على أعدائهم، فنصرهم الله عليهم.
ولكنهم كانوا يعلمون أن سعيهم ذلك إنما هو سبب مأمور به اقتضت حكمة الله أن يوصل ذلك السبب إلى النتائج المترتبة عليه، إلا أن تلك النتائج ليست حتمية الوقوع، بحيث يستقل السبب في إيجادها عن الله، بل لا بد في وجودها وترتبها على السبب من كون الله تعالى قدر ذلك وشاءه، فإذا شاء الله خلاف ذلك فإن السبب لا يستقل بوجود النتيجة، كما كانت النار برداً وسلاما على إبراهيم، عليه السلام.
8 ـ الإيمان بالقدر لا يقتضي الاتكال وترك العمل:
فالإيمان بالقدر لا يقتضي الاتكال والكسل، كما يظن ذلك بعض من لم يوفق لفقهه من المسلمين، الذين أوجدوا بهذا الظن أثرين خطيرين:
أولهما: تشبث به بعض جهال المسلمين، وقعدوا عن فعل أسباب الخير والفلاح في شؤون دينهم ودنياهم، وصاروا جبرية من حيث العمل، وإن لم يفهموا معنى الجبرية من حيث الفكر، ففقدوا بذلك القوة والعزة، ووصلوا إلى ما وصلوا إليه من التأخر والانحطاط، وأخذ أعداؤهم بأسباب القوة المادية، فسبقوهم في كل ميدان، وحال المسلمين اليوم شاهد وبرهان.
وثانيهما: اتخذه أعداء الإسلام حجةً ودليلاً على أن هذا الدين، هو دين تواكل وكسل، وليس دين سعي وعمل.
9 ـ القرآن والسنة يدحضان هذا الظن:
ونحن لا نريد أن نطيل في الرد عليهم من الناحية النظرية، وإنما نحيلهم للرجوع إلى القرآن الكريم لإحصاء ما ورد فيه من ذكر العمل الصالح الذي كلفه الله عباده المؤمنين، وما ورد في معناه، من سعي وفعل وسباق ومسارعة إلى الخيرات، ومن أوامر بتعاطي أعمال بعينها، كالأمر بالعدل والإحسان، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والإنفاق والجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. ومن نواهيَ عن أعمال الفساد والفواحش والمنكرات كالزنى، وشرب الخمر والظلم وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، ومجالات العمل الذي كلفهموه من أبواب الخير القاصرة والمتعدية، وهكذا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم..
إن الذي يتتبع أبواب العمل في الكتاب والسنة سوف لا يجد وقت فراغ في حياة المسلم، بل سيجد وقته كله وقت عمل وعمارة للأرض بالخير والصلاح، ليس للمسلمين فقط، بل للبشرية جمعاء، وهو معنى الخلافة التي أراد الله من عباده القيام بها على الأرض، وهذا وحده يبطل تلك الدعوى الكاذبة.
10 ـ واقع المسلمين الملتزمين بالإسلام يخالف هذا الظن:
وبالعودة إلى تاريخ المسلمين في العصور التي طبق فيها الإسلام، والتي قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم:
(
(
خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم
)
)
.
[اللؤلؤ والمرجان، فيما اتفق عليه الشيخان
(ص: 689)
رقم الحديث: 1647]
. يرى المنصف كذب هذا الظن، و كيف كان العرب الأميون قبل الإسلام، الذين كانت تأكلهم الحروب لأتفه الأسباب، رعاة الإبل والغنم، الذين تحكمهم أعراف الجاهلية الظالمة، في الأنفس والأموال والأعراض يأكل القوي الضعيف، ويهضم الحقير الشريف، لا وزن لهم بين الأمم، فإذا هم بعد الإسلام سادة وقادة، يعلمون ذوي الحضارات العريقة من زعماء فارس والروم.
فتحوا القلوب بالإيمان والقرآن، وفتحوا البلدان التي أذاق الطغاة فيها أهلها سوء العذاب، بالسيف والسنان، ونشروا في الأرض العدل وحاربوا الظلم، وعمروا الأرض في فترة قصيرة من الزمن، عم فيها الصلاح مشارق الأرض ومغاربها، وانزوى الفساد في كل أرض وطئتها أقدامهم.
والذي ينظر إلى الإسلام ويحكم عليه من خلال أحوال المسلمين في أوقات ابتعادهم عنه إنما يتهم البريء بجرائم المذنب، وكفى بذلك ظلماً!
وتأمل قول الله تعالى:
{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
. [البقرة: 148].
كيف أمر الله عباده باستباق الخيرات قبل أن يقرر قدرته على كل شيء، أهذا السياق وأمثاله يدل على أن الإيمان بالقدر يقتضي التواكل والكسل، أم على العكس من ذلك يقتضي السعي والعمل؟!
كيف والرسول صلى الله عليه وسلم يستعيذ بربه مما يؤدي إلى الاتكال البغيض، كما في حديث أنس، رضي الله عنه، قال كان نبي الله صلى الله عليه وسلم، يقول:
(
(
اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والهرم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات
)
)
.
[اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان
(ص737، رقم 1732)
]
.
11 ـ شبهة قديمة وجواب شاف كاف:
هذا هو معنى الإيمان بالقدر، وهذه هي منزلة العمل في الإسلام مع الإيمان بالقدر، ولقد وضح الرسول صلى الله عليه وسلم هذا المعنى غاية الإيضاح، عندما سألوه عما إذا كان لهم أن يتكلوا ويتركوا العمل، بناء على أن الله قد قدر لأهل الجنة دخولها، وقدر لأهل النار دخولها؟
فبين لهم صلى الله عليه وسلم، أن الإيمان بالقدر، لا يقتضي الاتكال وترك العمل، بل يجب العمل، مع الإيمان بالقدر فإن الله قدر لأهل الجنة دخولها بطاعته، وقدر لأهل النار دخولها بمعصيته، وما دام الإنسان لا يعلم أهو ـ في قدر الله ـ من أهل السعادة والجنة، أم من أهل الشقاوة والنار، وقد أمره ربه بطاعته التي هي سبب في السعادة ودخول الجنة، ونهاه عن معصيته التي هي سبب في الشقاوة ودخول النار، وعنده فرصة في حياته يستطيع أن يعمل بعمل أهل السعادة والجنة، ويبتعد عن عمل أهل الشقاوة والنار، فلِمَ يتقاعس عن ذلك اتكالاً على القدر الغائب عنه؟
ففي حديث علي، رضي الله عنه، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بقيع الغرقد، في جنازة، فقال:
(
(
ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار
)
)
فقالوا: يا رسول الله أفلا نتكل؟ فقال:
(
(
اعملوا، فكل ميسر لما خلق له
)
)
، ثم قرأ:
{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى
(5)
وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى
(6)
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى
(7)
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى
(8)
وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى
(9)
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}
، وفي رواية:
(
(
ما منكم من أحد، وما من نفس منفوسة إلا كتب مكانها من الجنة والنار، وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة
)
)
فقال رجل: يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل، فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى أهل السعادة، ومن كان منا من أهل الشقاء فسيصير من أهل الشقاء؟ قال:
(
(
أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاء
)
)
، ثم قرأ:
{ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى
(5)
وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى}
.
[البخاري:
(6/85)
ومسلم
(4/2039)
، والآيات من سورة الليل: 5-10]
.
فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن العمل لا بد منه، وأن الذي يجتهد في عمل أهل السعادة، ييسر الله له عمل أهل السعادة، والذي يجتهد في عمل أهل الشقاوة، ييسر له عمل أهل الشقاوة، كما دلت على ذلك الآيات التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يجيب السائل، وهو جواب شاف كاف على هذه الشبهة لمن وفقه الله لقبول الحق.
فالإيمان بالقدر داعي سعي وعمل، وليس داعيَ اتكال وكسل، بل إنه ليدفع صاحبه إلى اتخاذ الأسباب لعمل ما يرضي الله، ولا يقتضي الاتكال والقعود عن العمل، كما هو واضح من نصوص الكتاب والسنة، والواقع العملي في حياة الناس، يدل على ذلك..
وهذا المعنى الواضح هو المحكم، وما قد يطرأ على الإنسان من شبه ووساوس شيطانية متشابه، والله تعالى يقول في الأمرين:
{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}
. [آل عمران: 7].
1
- هذه الأربعة هي مراتب القدر التي دلت عليها نصوص القرآن والسنة، وحققها علماء الإسلام من أهل السنة. راجع كتاب: (شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل) لابن قيم الجوزية رحمه الله: (صفحة: 63 ـ 109) نشر دار التراث القاهرة
2
- اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان (صفحة: 720) المطبعة العصرية الكويت
3
- البخاري، بشرح فتح الباري: (6/286)
4
- شفاء العليل: (صفحة: 89)
5
- الرعد: 39
6
- إبراهيم: 4
7
- آل عمران: 26
8
- التكوير: 29
9
- الأنعام: 102
10
- الصافات: 95-96
11
- يس: 82
12
- مسلم (1/37)
13
- الإيمان بالقدر على ما ورد به القرآن والسنة، هو الواجب، وفيه السلامة من سلوك أهل البدع، وأول البدع ظهوراً، كانت بدعة القائلين: إن الأمر أنف، أي إن الله تعالى وتقدس عما يقولون، لا يعلم الأشياء، إلا بعد وقوعها، وقد قال فيهم عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما: "فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم برآء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً، فأنفقه ما قبل الله منه، حتى يؤمن بالقدر"، ثم ذكر حديث أبيه عمر، في قصة سؤال جبريل الرسول صلى الله عليه وسلم عن أركان الإيمان والإسلام. راجع شرح النووي على مسلم (1/156)
14
- ولبس المراد به التحسين والتقبيح على الوجه المتنازع فيه، بل ما اتفق عليه المسلمون وغيرهم، في الجملة، لا في التفصيل. راجع مجموع الفتاوى، لابن تيمية (20/66) وما بعدها
15
- إغاثة اللهفان: (1/243)
16
- اللؤلؤ والمرجان، فيما اتفق عليه الشيخان (ص: 689) رقم الحديث: 1647
17
- اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان (ص737، رقم 1732)
18
- البخاري: (6/85) ومسلم (4/2039)، والآيات من سورة الليل: 5-10
الفهرس
16123378
عداد الصفحات العام
1993
عداد الصفحات اليومي
جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م