﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(65) حوار مع الأخ مالك مربت الذي أسلم بعد الحوار.

(65) حوار مع الأخ مالك مربت الذي أسلم بعد الحوار.
[كينيا جنوب نيروبي]
السبت 24/10/1415هـ / 25/3/1995م
ألقيت محاضرة للأساتذة والطلاب في مركز الهدى التابع للجنة مسلمي أفريقيا التي أسسها ورعاها ولا يزال يتابعها الداعية الإسلامي الدكتور عبد الرحمن سميط وفقه الله، وبعد أن خرجنا من القاعة رأيت رجلا طويلا، يختلف في لباسه وهيئته عن الحاضرين حيث يلبس إزارا بادي الساقين والركبتين ويلتحف برداء، وأذناه مثقوبتان ثقبين كبيرين، وبيده عصى، فسألت عن الرجل؟ فقيل لي: هذا أحد بدو قبيلة الماساي جاء من الغابة لزيارة ولد أخيه الذي يسكن في المركز ويدرس في المدرسة، وقد توفي والده وسلمه عمه هذا للمركز.
قلت: هذه فرصة لنجلس معه ونسأله بعض الأسئلة، لأن من مهمة رحلتي هذه مقابلة من يسمون بالوثنيين، فنادوه وجلسنا تحت مظلة من الخشب وأغصان الشجر المصنوعة محليا في فناء المركز الواسع، ونادوا ابن أخيه اليتيم فجلس بجانبه، كما حضر بعض الطلاب الذين أسلموا وهم من قبيلته.
سألته: ما اسمك؟
فقال: (ماكُوي مَرْبِتْ).
قلت: كم عمرك؟
قال: ستون سنة، والذي ظهر لي من شكله أنه لا يزيد عن خمسين سنة.
قلت: هل أنت متحقق من أن هذا هو عمرك؟
قال: لا أدري.
قلت: هل بقي أبواك على قيد الحياة؟
قال: إن أباه توفي، وأمه لازالت حية.
قلت له: من خلقك؟
قال: (مانغو)، أي الله.
قلت: هل تعرف شيئا يدل على أنه الخالق؟
تحير قليلا وسكت.
قال له أحد الإخوة: أين هو الله؟
قال: هو فوق.
قلت له: من أخبرك أن الله خلقك؟
قال: الشيوخ.
قلت: ومن خلق البقر والشجر والبحر والنهر والسمك والشمس وكل شيء تشاهده في الكون؟
قال: (مانغو)
قلت: فمن تعبد؟
قال: لا أعرف العبادة ولكن ندعو.
قلت: من تدعوا؟
قال: (مانغو)
قلت: دعاء الله عبادة، ونحن نعبده بالصلاة والصيام والذكر... فبماذا أنتم تعبدونه؟
قال: العبادة عندنا أنواع، من ذلك إذا جاء الجفاف وانقطع المطر نشعل النار في حظيرة الحيوانات ونتصدق.
قلت: لماذا تحرقون النار [كنت أظن أنهم يعبدونها].
قال: نطبخ الطعام وننشد نشيدا نصف الله به (يقصد أنهم يثنون على الله).
قلت: ماذا تقولون؟ وطلبت منه أن ينشد بصوت مرتفع وفتحت المسجل، فأخذ ينشد فترجم لي الإخوة بالنص الآتي:
(أنت ربنا وخالقنا ورب أجدادنا وخالقهم، يارب أعطنا حياة طيبة وارزقنا رزقا ومواشي وبارك لنا في مواشينا).
قلت له: نحن أيضا إذا أصابنا الجفاف نفعل مثلكم في دعاء الله، نخرج إلى الصحراء بعد أن نصوم ونتصدق ونصلي لله وندعوه ليسقينا.
قال: ومن ذلك-أي من أنواع عبادتهم-أن نساءنا عندما يستيقظن من النوم صباحا، ويحلبن الأبقار ويأتين بالمواعين التي فيها الحليب، يضعن قليلا من الحليب في غطاء الإناء ويرمينه إلى الجهات الأربع ويقلن (اللهم أعطيتنا هذا الحليب فزدنا منه) وعندما يظهر قوس قزح يرمين بالحليب أيضا إلى جهته.
قلت: لمن يرمين الحليب في كلتا الحالتين؟
قال: لـ(مانغو) وكذلك نرمي الحليب له في أوقات الخوف كالرعد والبرق، وندعو قليلا عندما نستيقظ من النوم، نقول: (يارب نشكرك على نعمائك وحفظك فاحفظنا مثل ذلك من السباع والأسود والسيارات والإنسان حتى نمسي في اليوم كله).
قلت: من علمكم هذه الأدعية؟
فال: علماؤنا.
قلت: وهم من علمهم؟
قال: هكذا علموا.
قلت: هل جاء الله إليهم، أو هم ذهبوا إليه فعلمهم؟
قال: لم يذهبوا إلى الله ولم يأت الله إليهم، ولكن عرفوا ذلك بعقولهم، وهم مثلنا يأكلون ويشربون ويلبسون ولكن لهم عقول-وأشار إلى رأسه-ليست مثل عقولنا، وهذا العلم توارثوه.
قلت له: هذا الولد-وهو ابن أخيه اليتيم-يمكن أن يكون عالما لكم يعلمكم الدين والدعاء الذي من عند الله.
قال: لا، هذا العلم وراثي لا يكون إلى عند العلماء ويسميهم: (لِيْبُونْ).
قلت له: هل تحب أن تسمع مني كيف يأتي العلم من عند الله؟
قال: نعم.


مالك يصغي مسرورا وقت الحوار
قلت: الله خلق الناس واتخذ من الملائكة رسلا، يرسلهم إلى بعض الناس الذين يختارهم لعلمه الذي يبلغونه إلى الناس، ويسمون بالأنبياء، والناس بعد وفاة ذلك النبي يتناقلون ذلك العلم.
والآن لم يبق من العلم الصحيح الذي جاء من عند الله إلا القرآن الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم، أما غير القرآن من الكتب السابقة فقد حرفت ولم يعد يوجد منها نقل صحيح.
ثم قلت له: أنت تقول: إن الذي خلق كل شيء هو الله؟
قال: نعم.
قلت: هل يوجد خالق غيره؟
قال: لا.
قلت: يعني لا إله إلا هو.
قال: أنا موافق.
قلت فلا بد ونحن نعترف أنه لا إله إلا الله، أن نبحث عما يريد الله منا فعله.
قال: أنا موافق.
قلت: ولا بد أن يكون العلم الذي نعرف به ماذا يريد الله منا صحيحا عن الله.
قال: أنا أوافق.
قلت: فعندنا نحن العلم الصحيح: القرآن والسنة، فهل توافق؟
قال: سواء سَواء (بهذا اللفظ عندهم في السواحلية).
قلت: إذا، فلا بد أن تسلم وتعرف ماذا يريد الله منك.
قال: من يعلمني الإسلام؟
قلت: نحن الآن نعلمك أسس الإسلام، وهؤلاء الأساتذة في المركز يزورونك، وأبناؤكم الذين يدرسون في المركز يعودون إليكم ويعلمونك، وأنت تزور المركز وتتعلم.
قال: أنا أخاف أن أدخل في الإسلام وأذهب إلى الغابة فلا أجد مسلما يعلمني الإسلام.
قلت: أقترح عليك أن تدخل في الإسلام الآن، لأن الحجة قد قامت عليك فإذا ذهبت وجاءك الموت بعد قليل وأنت مسلم فإنك تدخل الجنة إن شاء الله، وإذا رفضت الإسلام وقد أقيمت عليك الحجة فيخشى عليك من دخول النار، ويمكنك أن تبقى في المركز أسبوعا أو أكثر تتعلم مبادئ الإسلام، ثم تذهب وتعود مرة أخرى.
قال: لا أستطيع الجلوس، لأن أهلي يحتاجون إلى مصاريف فأذهب إليهم وأبحث لهم عن مصاريف، وإذا رجعت مرة أخرى إلى المركز يمكن أن أسلم.
قلت: ما رأيك لو دخلت الآن في الإسلام وتبقى الليلة وغدا في المركز، ويذهب معك
بعض المسئولين في المركز بمصاريف لأهلك وتعود معه، ويتكرر مجيئك إلى المركز وزيارتهم لك؟

قال: أنا أوافق.
فمددت له يدي ونطقت له بالشهادتين كلمة كلمة، لأنه لا يستطيع نطقهما مرة
واحدة، فصافحني ونطق الشهادة، ثم علمه الأخ إبراهيم شيخ معناها، بلغته.
قلت له: الآن تذهب وتغتسل ويعطيك الإخوة ثيابا أخرى تلبسها، وتتوضأ ثم تأتي فنصلي الظهر في المسجد سويا.
قال: أنا أوافق.

مالك يصلي مع الجماعة في المسجد بعد إسلامه مباشرة، وهو أطول من في الصف وراء الإمام وهو الكاتب
فذهب واغتسل وتوضأ-علمه الوضوء بعض الإخوة-ولبس ثوبا طويلا وأعطي معطفا
وطاقية، ثم جاء وصلى معنا، وكان في غاية السرور والاطمئنان، فإذا الرجل الآن غير

الرجل الذي كان قبل قليل، وكان إسلامه في الساعة الواحدة والدقيقة الثالثة والعشرين بعد الظهر، وقد سُرَّ ولد أخيه بإسلامه غاية السرور.


مالك بلباسه الجديد بعد إسلامه وأدائه صلاة العصر في المسجد
جنوب إفريقيا-كينيا/كاجيادو/مركز الهدى 24/10/1415هـ ـ25/03/1995م
وكان يوجد في المسجد جماعة من التبليغيين فسروا بذلك أيضا.
ثم ذهب مدير المركز عبد الله بن إبراهيم وبعض المدرسين وأعضاء جماعة التبليغ مع (ماكوي مربت الذي سميناه بعد إسلامه (مالك) في ثلاث سيارات إلى منزله بالغابة.)
نسأل الله أن يستمر على إسلامه وأن يهدي به غيره، وقد وافق على أن يلتحق ابنه وعمره 6 سنوات بالمدرسة مع ابن عمه.
لقد أتى بهذا الرجل قدر الله إلى هذا المركز الذي أتى بي كذلك القدر إليه، أنا من المدينة المنورة وهو من الغابة في وفت واحد فسبحان الذي يقول للشيء كن فيكون.
المرة الأولى في رحلاتي المتكررة.
لقد مضى لي في الترحال في مشارق الأرض ومغاربها ما يقارب عقدين من الزمن، قابلت في تلك الرحلات أعدادا كثيرة من البشر، في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وغالب دول أوروبا الغربية-بما فيها الدول الاسكندينافية-واليابان وشرق وجنوب شرق آسيا، ثم الصين في عام: 1406هـ-1996م.
التقيت في تلك الرحلات مثقفين من غير المسلمين، ومنهم مستشرقون وقسس وشباب وكبار سن من الرجال والنساء، وغير المثقفين، حاورت وناقشت وأقمت الحجة تلو الحجة على من التقيتهم من تلك الأصناف، ولم أحظ في كل تلك الرحلات بأي شخص-مثقف أو غير مثقف-يستجيب لدعوة الإسلام التي أوجهها إليه، إلا هذا الرجل (مالك) الذي ساقني الله إليه وساقه إلي، فجمعنا في وقت واحد ومكان واحد، ليكتب الله له الفوز بهداه، فالحمد لله على توفيقه، وأسأل الله عز وجل أن أنال حظا مما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم) [متفق عليه]
وإني لأعتقد أن غالب أهل إفريقيا على فطرتهم، وأنهم مستعدون للدخول في دين الله أفواجا، لو وجد من يهتم بدعوتهم ومتابعة تعليمهم وتربيتهم، وإنهم لأمانة في أعناقنا يجب أن نؤدي واجبنا نحوهم، وألا يسبقنا إليهم أعداء دين الإسلام من ذوي الأديان المحرفة المنحرفة الذين يفسدون فطرهم وأخلاقهم.
مالك مربت.
سألني الإخوة الحاضرون: ماذا نسميه؟
فقلت لهم: لا يشترط تغيير الاسم إلا إذا كان فيه تعبيد لغير الله، أو كان الاسم قبيحا... وكونه قد دخل في الإسلام نخيره، هل يريد اسما عربيا إسلاميا؟
فقيل له. فقال: لا مانع، فرأيت أن اسم (مالك) قريب من حروف اسمه (ماكوي)، فسميته مالكا، وهو الآن يدعى (مالك مربت) وفقنا الله وإياه لكل خير.
ونظرا لكون مالك قد هداه الله إلى الإسلام، فقد أدخلته في زمرة إخوانه المسلمين، وإن كنت حاورته قبل أن يسلم، فلله الحمد والمنة...
(صورة)
بشرى سارة.
بعد ثلاثة شهور من إسلام (مالك مربت) جاءتني رسالة عن طريق الفاكس من مكتب لجنة مسلمي إفريقيا في كينيا بتوقيع الأخ الشيخ إبراهيم شيخ إسحاق، بتاريخ 24/6/1995م الموافق 26/1/1416هـ، يزف إلي في الرسالة بشرى استمرار مالك على التمسك بالإسلام، وإسلام أسرته كلها، وغيرها من أسر قبيلته المجاورة له.
وأنقل هنا نص الرسالة التي تبين ما كنت أعتقده من سهولة انتشار الإسلام في إفريقيا وقبول الإفريقيين للدخول في دين الله أكثر من قبولهم للدخول في أديا أخرى، لقرب فطرتهم من هذا الدين.

لجنة مسلمي إفريقيا
مكتب كينيا AFRICA MUSLIM AGENCY
التاريخ: 24/6/1995م
سماحة الشيخ العزيز الدكتور عبد الله أحمد قادري الأهدل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... وبعد.
الموضوع: إسلام السيد مالك وجهوده في الدعوة إلى الله في قبيلته، وانتشار الإسلام في بوادي الماساي
1) فجزاكم الله خيرا على زيارتكم وتوجيهاتكم ونصائحكم ومحاضراتكم لإخوانكم في كينيا، فإنه كان لذلك أثره الواضح فينا، ولا يمكن أن ننساها، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعا لما فيه الأصلح قي الدارين، وأن يرزقنا زيارات لكم متكررة إلينا، ويمتعكم وإيانا بصحة وعافية في الدين والدنيا.
2) أما (مالك) الماساي الذي أسلم على يديكم بعد المحاورة في داخل مركز الهدى الإسلامي في (كجيادو) فإنه بحمد الله مجتهد في تعلم الإسلام وتطبيق ما تعلمه، ويأتي من مسافات طويلة بالرِّجْل ليحضر صلاة الجمعة أو يتعلم مسألة شرعية.
3) وبحمد الله أسلم عن طريقه ستة من رجالات (الماساي) في القرى المجاورة له، وهم جميعا متحمسون لنشر الإسلام في الماساي، ومن السهل لهم جدا أن يقنعوا غيرهم بالدخول في الإسلام، أسهل مما نجد منهم إذا تكلما معهم، حيث يتكلمون بلغتهم وهم من بني جلدتهم ويلبسون مثلهم ويعرفونهم حيث كانوا يعيشون معاً فيكفي أن يقول الكبير:
(والله إنني أرى أن هذا هو الحق) فلا يبقى أحد من أهله وذويه إلا أسلم.
4) شيخي العزيز، بحمد الله إسلام (مالك) كان فاتحة خير لدخول الإسلام إلى بوادي قبيلة (الماساي)، حيث كان يأتي إلى قريته مجموعات ممن سمعوا أننا نأتيهم يوم السبت والأحد (نهاية الأسبوع) فيدخلون في الإسلام، فيكون الاجتماع في الأسبوع الآخر في قرية أخرى وجهة أخرى وفخذ آخر من قبيلة الماساي.
5) قال أحد هؤلاء مشيرا إلى مركز لجنة مسلمي إفريقيا المجاور-وهو أسلم قبل يوم من هذا الكلام-: إخوتي، نعم أرسلنا أولادنا إلى هذا المركز الإسلامي قبل ثلاث سنوات على مضض، حيث كان يقال: إن الأولاد يتخربون (يفسدون) ويتعلمون السحر ويعصون أسرهم ولا ينفعون في مجتمع الماساي، ولكن نراهم بحمد الله في أحسن حال: ملابس نظيفة، مساعدة للأسر، تعليم بدون رسوم، أولاد الذين أخذتهم الكنيسة تشهدون أن كلهم طُردوا لأجل رسوم دراسية، عندما دخلوا الثانوية، وهؤلاء أولاد المركز الإسلامي هل سُمِع أحد سُئل عن رسوم أو بدلة مدرسية؟ فالشؤم والبؤس إذاً فيمن ذهب إلى هنالك (الكنيسة)، ليس فيمن ذهب إلى المركز الإسلامي، فها أنا أسلمت وهؤلاء أسلموا (مشيرا إلى ثلاثة آخرين) وهذا هو الطريق الصحيح والخير، والشيوخ موجودون فليسلم من يسلم، فأسلم أربعة آخرون، والرجل إذا أسلم، أسلم أهله ونساء أهل بيته وأولاده خاصة غير البالغين يسلمون رأساً.
6) في زيارة مفاجئة لإحدى البيوتات، فاجأنا الناس يأتون إلينا من البيوت والحيوانات التي يرعونها، فاجتمعوا حولنا، الرجال في جهة والنساء في جهة أخرى، والجميع يرددون معنا: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)، وأحيانا معناها بالسواحلية، وأحيانا بلغة الماساي، مع شرح معاني الإسلام.
فقام أحدهم ممن أسلم في النهاية بعد وعظ مترجم من السواحلية بلغتهم حيث إنهم لم يأتوا إلى المدن، فيعرفون اللغة السواحلية التي هي اللغة المحلية في البلد، قال هذا الأخ من الماساي، وهو ممن أسلم حديثا يتكلم بلغتهم ويترجم أحد أيتام اللجنة إلى اللغة السواحلية من أقاربه: (أيها الماساي الإسلام ما كنا نعرفه، انظروا وجوه هؤلاء فيهم الخير، ولا تظنون أن المسلمين قلائل في العالم، هنالك مسلمون في نيروبي وممباسا وتنزانيا وأوغندا وباكستان والكويت والسعودية ومصر وغيرها، ويوجد لدى المسلمين بترول والمسلمون لهم ثقلهم.
ووزعنا في نهاية الزيارة بعض الملابس المستعملة التي كانت لدينا في ربطات، خاصة بملابس الرجال وغيرها للنساء، وتبرع صاحب الحي باثنين أيكر لبناء مسجد ومدرسة ولو بناءً مؤقتا لهم.
7)
وأشار الإخوة الدعاة أيضاً عمل مساجد من مبان مؤقتة أو مواضع للصلاة في قراهم، مع بث معلمين في تلك القرى يعلمونهم هنالك، لأن هذا أستر حتى لا يجلب الانتباه مجيء رحالهم ونسائهم يتعلمون الإسلام في المركز الواقع في قلب المدينة، وقد تسبب الكنائس فوضى بأي ادعاء، والحمد لله الدعوة جارية فيهم.
8) جاء مرة الأخ (مالك) مهرولاً من قريته يقول: (شغلني أمر كبير من أمس فأفتوني؟ هنالك آبار نستقي منها المياه، وممن يستخدمون البئر هؤلاء إخواننا الوثنيون وعلى أجسادهم وملابسهم نجاسة (حسب رأيه) وعندما يدلون الدلاء ينكب الماء على أجسادهم وملابسهم ويرجع إلى البئر، فهل يحل استخدام مثل هذا البئر وهل ينجس ماؤه؟؟ وهذه الآبار غالباً مياهها كثيرة لا تنقطع)، فأجابه الإخوة: استخدموا ولا حرج.
فهذه القصة تدل على اهتمام الأخ مالك، الأخ المسلم الجديد وحرصه على سلامة عبادته، ومحاولة وقوفه عند أوامر الشريعة، وفقه الله وإيانا لما يحبه ويرضاه، وجزاكم الله خيرا حيث كنتم سببا-بعد الله-لدخوله في الإسلام.
9) جاء يتيم من أيتام الماساي يبكي ليلاً إلى مشرف الأيتام في المركز، يقول: كل أسبوع نذهب إلى القرى للدعوة فيدخل الناس في الإسلام، فلماذا لا نوجه حملة دعوية إلى قريتي؟ فأرجو شيخنا الذهاب معي لدعوتهم إلى الإسلام، لا تزال أسرتي إلى الوثنية، وأنا أضمن أنهم يدخلون في الإسلام، ففرح الأخ المشرف الداعية هذا الحماس وهذه الروح وهذا الشعور، فقال: (أبشر إننا نذهب إليهم للدعوة) فذهبت مجموعة من طلبة الماساي والمشرف مشياً على الأقدام مسافات طويلة، حتى وصلوا إليهم، واستضافهم الأخ اليتيم الداعية من الماساي في بيتهم، ودخلت أسرته في الإسلام بحمد الله وغيرهم،
10) أحضر الأخ (مالك) ابنه إلى المركز وقال: (قد قال شيخنا القادري من المدينة المنورة بأن أحضر ابني إلى المركز، وهذا هو فخذوه وعلموه الإسلام وما ينفعه في الدنيا والآخرة) وغيره وأمثالهم كثيرون يرجون إحضار أولادهم للمركز ومراكز لجنة مسلمي إفريقيا الأخرى، إلا أنه يعوق أمام ذلك تكاليف إعاشتهم ودراستهم وزيهم المدرسي وكتبهم وعلاجهم ورواتب مشرفيهم ومعلميهم ومعدل ما يكفي الواحد منهم نحو خمسين دولارا أمريكياً شهريا (50$) بالإضافة إلى شراء ملابس مرتين في السنة وأحذية وكل ذلك يكلف للواحد نحو خمسين دولارا سنوياً.
فإذا وجد من يتبرع بكفالة واحد أو أكثر من هؤلاء التنسيق مع مكتب لجنة مسلمي إفريقيا في الدمام تلفون [ 38420201 ]
شيخنا الفاضل، متعكم الله كل خير وجزاكم الله خيرا وأجزل مثوبتكم، والأخ يوسف أحمد عبده والإخوة الآخرون وكثير ممن قابلتَهم يُقرِؤنكم السلام ويدعون لكم، وجزاكم الله خيرا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نسخة إلى مكتب اللجنة / الدمام. نسخة إلى مكتب اللجنة / الكويت.
ولقد أدى مالك فريضة الحج مع الأخ الشيخ إبراهيم شيخ إسحاق، وألح في زيارتي عندما جاءوا لزيارة المدينة النبوية، ولكني كنت غائبا في زيارة لإندونيسيا، وأسفت كثيرا عندما علمت ذلك.
أسأل الله أن يجمعني به وبكل من اهتدى على يده من قبيلته، في دار كرامته....




السابق

الفهرس

التالي


16124156

عداد الصفحات العام

2771

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م