﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


المبحث الرابع: تناول المضطر ما يحرم عليه لإنقاذ حياته .

المبحث الرابع: تناول المضطر ما يحرم عليه لإنقاذ حياته .

والمحرمات تنقسم قسمين:
قسم ليس ملكاً لأحد، كالميتة، والصيد الحرام، كصيد البر بالنسبة للمحرم، وصيد الحرم، وكذلك السباع المحرمة، وهى كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير، وكذلك الدم المسفوح.
فللمضطر أن يتناول ما وجده منها لإنقاذ نفسه من الهلاك.
وقسم هو ملك لمن عُصم دمه وماله، كمالِ المؤمن والذمي، فللمضطر أيضاً تناول ما ينقذ نفسه من الهلاك ولو بالقوة، ومقاتلة مالكه عند الامتناع من بذله بالمعروف.
وإذا لم يستطع التغلب على صاحب المال فمات جوعاً أو عطشاً فإن صاحب الطعام يضمن ذلك المضطر.
قال ابن حزم رحمه الله: "وكل ما حرم الله عز وجل من المآكل والمشارب من خنزير أو صيد حرام، أو ميتة أو دم، أو لحم سبع، طائر أو ذي أربع، أو حشرة أو خمر، أو غير ذلك. فهو كله عند الضرورة حلال، حاشا لحوم بني آدم وما يَقتُل مَن تناوله، فلا يحل من ذلك شيء، لا بضرورة ولا بغيرها.
فمن اضطر إلى شيء مما ذكرنا قبل ولم يجد مال مسلم أو ذمي فله أن يأكل حتى يشبع، ويتزود حتى يجد حلالاً فإذا وجده عاد الحلال من ذلك حراماً. كما كان عند ارتفاع الضرورة.
أما تحليله عند الضرورة فلقوله تعالى: ?وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُررتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْر عِلْمٍ إِنَّ ربَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ?. [المحلى (7/426) والآية من سورة الأنعام: 119].
وقال ابن قدامة، رحمه الله: "ومن اضطر إلى طعام إنسان أو شرابه، فمنعه مع غناه عنه فهلك، ضمنه؛ لأن عمر رضي الله عنه قضى بذلك.
ولأنه قتله بمنعه طعاماً يجب دفعه إليه، فضمنه، كما لو منعه طعامه فهلك بذلك، وإن رآه في مهلكة فلم ينجه لم يضمنه؛ لأنه لم يتسبب إلى قتله، بخلاف التي قبلها.
وقال أبو الخطاب رحمه الله: "يلزمه ضمانه على قياس التي قبلها". [الكافي (3/71)].
والذي يظهر أن المسألتين سواء؛ لأن الأول قادر على إنقاذ النفس من الهلاك بماله، والثاني قادر على ذلك بجهده، والمعرض للهلاك مضطر إلى المال في الأولى، وإلى الجهد في الثانية.
فلا فرق بين من منعه ماله الذي هو في غنىً عنه، وبين من منعه جهده الذي لا يضيره بذله لإنقاذ نفس معصومة، وإن حصل له ضرر فهو يسير في جانب مصلحة إحياء نفس مؤمنة.
ومثل ذلك ـ بل أولى منه ـ الطفل المنبوذ، فإنه يجب على من وجده أن ينجيه من الهلاك عند القدرة.
قال ابن قدامة، رحمه الله: "وهو ـ أي اللقيط ـ الطفل المنبوذ، والتقاطه فرض علي الكفاية؛ لأنه إنجاء آدمي من الهلاك، فوجب كتخليص الغريق، وهو محكوم بحريته.
لما روى سنين أبو جميلة، قال: "وجدت ملقوطاً فأتيت به عمر، رضي الله عنه، فقال: اذهب فهو حر و لك ولاؤه، وعلينا نفقته. [3]؛ ولأن الأصل في الآدميين الحرية، ويحكم بإسلامه في دار الإسلام". [الكافي (2/363)].
والذي يظهر أنه يجب على المضطر أن يتناول ما ينقذ به نفسه من الهلاك، وليس هو من باب الندب أو الإباحة فقط؛ لأن في عدم تناوله ما ينقذه من الهلاك مع القدرة عليه إلقاء للنفس إلى التهلكة، والله تعالى قد نهى عن ذلك: ?وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ?. [البقرة: 195].
والأصل في النهي التحريم، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فأي تهلكة يجب على المؤمن أن يبتعد عن إلقاء نفسه فيها إلا ما استثناه الله تعالى، كالجهاد. [راجع في هذه المسألة ـ مسألة حكم المضطر ـ في كتاب شيخنا العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن (1/169) وما بعدها].



1 - المحلى (7/426) والآية من سورة الأنعام: 119
2 - الكافي (3/71)
3 - رواه سعيد في سننه
4 - الكافي (2/363)
5 - راجع في هذه المسألة ـ مسألة حكم المضطر ـ في كتاب شيخنا العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن (1/169) وما بعدها



السابق

الفهرس

التالي


16103062

عداد الصفحات العام

3934

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م