﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


المبحث الثالث: الترغيب في النكاح:

المبحث الثالث: الترغيب في النكاح:

رغب الله تعالى عباده في النكاح في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
فقال سبحانه وتعالى: ?فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَربَاعَ?. [النساء: 3].
وقال سبحانه وتعالى: ?وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ?. [النور: 32].
وعن علقمة بن قيس، رحمه الله، قال: "كنت أمشي مع عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، فلقيه عثمان، رضي الله عنه، فقام معه يحدثه فقال له عثمان: يا أبا عبد الرحمن، ألا نزوجك جارية شابة، لعلها تذكرك ببعض ما مضى من زمانك؟
فقال عبد الله: لئن قلت ذاك، لقد قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)). [البخاري (6/117) ومسلم (2/1018)].
يؤخذ من هذا الحديث تنبيه على ثلاثة أمور:
الأمر الأول: مشروعية النكاح للقادر على الوطء، والمال الكافي مهراً ونفقة، سواء كان المال حاضراً بيده أو في حكم الحاضر، وهو ما جرت العادة على حصوله عليه بالعمل، وهذا بعض معنى الباءة فيما يظهر.
الأمر الثاني: أن النكاح أكثر حصانة للمتزوج المتقي من تقواه وحدها؛ لأن داعي الشهوة شديد، والإنسان بشر غير معصوم، ضعيف أمام شهواته، فإذا اجتمعت التقوى والنكاح كان ذلك أحصن لصاحبهما.
الأمر الثالث: أن غير القادر على الزواج ممن يشتهيه، يجب عليه أن يجتهد في تحصين نفسه من الوقوع في فاحشة الزنا، وذلك بخشية الله وتقواه والإكثار من عبادته، وبخاصة الصيام الذي يقلل من ثورة الشهوة ويفضي إلى تقوى الله تعالى.
قال عز وجل: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ?. [البقرة: 183].
فقوله: ? لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ? بعد الأمر بالصيام يدل أن الصوم يثمر التقوى.
وبهذا يعلم أن النسل الذي يحب الله سبحانه بقاءه واستمراره وحفظه هو الذي يأتي عن طريق الزواج المشروع، لا عن طريق غيره.
ومن حكمة الله تعالى وعلمه بالمصالح المترتبة على الزواج والمفاسد المبنية على تركه، أنه رغَّب فيه وأمر به، ليس أمر إباحة فقط، كما هو الشأن في غيره مما تتوافر الدواعي إلى تناوله، كالأكل والشرب واللباس والمسكن وغيرها.
وإنما هو أمر إيجاب، أو استحباب ـ على الأقل ـ وإن اختلف العلماء في حكمه وبعضهم ذكر له حالات، يجب في بعضها، ويستحب في بعضها، ويباح في بعضها، ويكره في بعضها، ويحرم في بعض. [راجع إحكام الأحكام لابن دقيق العيد، مع حاشية الصنعاني المسماة بالعدة (4/171)].
وليس هذا محل تفصيل لهذا الأمر، إذ المقصود التنبيه على أن دواعي شهوة الوطء موجودة أكثر من غيرها من الشهوات الأخرى، وأن الشارع أكد مشروعيتها بالزواج لجلب مصالح عظيمة ودرء مفاسد كثيرة.
ولمزيد الفائدة نذكر ـ هنا ـ أنموذجين:
أحدهما يرى عدم وجوبه إلا في حالة خشية العنت.
والآخر يرى وجوبه على القادر مطلقاً.
قال ابن قدامة، رحمه الله: "النكاح مشروع، أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم.
فقال تعالى: ?فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَربَاعَ?.
وقال سبحانه: ?وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ?. [3].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فليصم فإن الصوم له وجاء)). [4].
إلى أن قال: "وقد رُوي عن أحمد أن النكاح واجب، اختاره أبو بكر لظاهر هذه النصوص، فظاهر المذهب أنه لا يجب إلا على من يخاف بتركه موافقة المحظور فيلزمه النكاح؛ لأنه يجب عليه اجتناب المحظور، وطريقه النكاح، ولا يجب على غيره. [الكافي (2/627)].
وقال ابن حزم، رحمه الله: "وفرض على كل قادر على الوطء، إن وجد من أين يتزوج أو يتسرى أن يفعل أحدَهما ولا بد، فإن عجز عن ذلك فليكثر من الصوم.
وذكر حديث ابن مسعود المتقدم وحديث عثمان بن مظعون في النهى عن التبتل، وسيأتي إن شاء الله قريباً.
ثم قال: "وقد احتج قوم في خلاف هذا بقول الله تعالى: ?وَسَيِّدًا وَحَصُورا?. [آل عمران: 39].
وهذا لا حجة فيه؛ لأننا لم نأمر الحصور باتخاذ النساء، إنما أمرنا بذلك من له قوة على الجماع، وموهوا أيضاً بخبرين:
أحدهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((خيركم في المائتين الخفيف الحاد الذي لا أهل له ولا ولد)).
والآخر من طريق حذيفة أنه قال: ((إذا كان سنة خمس ومائة فلأن يربي أحدكم جرو كلب خير من أن يربى ولداً)).
وهذان خبران موضوعان؛ لأنهما من رواية أبي عصام رواد بن الجراح العسقلاني، وهو منكر الحديث لا يحتج به.
وبيان وضعهما أنه لو استعمل الناس ما فيهما من ترك النسل لبطل الإسلام والجهاد والدين، وغلب أهل الكفر، مع ما فيه من تربية الكلاب، فظهر فساد كذب رواد بلا شك. [المحلى (9/440-441)].
قلت: يوجد في تنـزيه الشريعة ما يشبه حديث حذيفة، من حديث ابن عباس، وذكر أنه ورد من حديث حذيفة، أخرجه أبو نعيم في الحلية، ثم قال: قلت أخرجه ابن الجوزي في الواهيات، وقال الذهبي في تلخيصها: هذا باطل.



1 - البخاري (6/117) ومسلم (2/1018)
2 - راجع إحكام الأحكام لابن دقيق العيد، مع حاشية الصنعاني المسماة بالعدة (4/171)
3 - سبق ترقيم الآيتين في أول هذا المبحث
4 - سبق قريبا
5 - الكافي (2/627)
6 - المحلى (9/440-441)



السابق

الفهرس

التالي


16103109

عداد الصفحات العام

3981

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م