﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


وسائل حفظ هذا الدين :

وسائل حفظ هذا الدين :
لذلك كانت الضرورة الأولى من ضرورات الحياة، هي حفظ هذا الدين الذي لا حياة بدونهـا للبشر، إلا إذا كانت حياة ضنك وشقاء.
وقد تعددت وسائل حفظ هذا الدين في كتاب الله، فمنها حفظ مصدره من التغيير والتبديل ـ أي حفظ كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ـ وقد تكفل الله بحفظهما فحفظ كتابه المنزل من تحريف المبطلين وكيد الكائدين.
كما قال تعالى: ?إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْر وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ?. [الحجر: 9].
وحفظ سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، حيث هيأ الله لها علماء الملة من أهل الحديث الذين عنوا بتدوينه وحفظ أسانيده وتمحيص صحيحه من ضعيفه.
كما هيأ علماء أصول الفقه وأئمته لتأصيل الأصول، وتقعيد القواعد ليؤخذ كل فرع من أصله، ويعود كل حكم إلى قاعدته.
ووفَّق أئمة الفقه في الدين لاستنباط الأحكام من أدلتها والتوفيق بين ما قد يظهر لأول وهلة من تعارض بينها، وفتح لهم باب الاجتهاد ليبيِّنوا لكل حادثة تحدث حكمها، إما أخذاً له من النصوص العامة والمطلقة، وإما إعطاءً للنظير حكم نظيره. [راجع الموافقات للشاطبي (2/40) وما بعدها].
وتوعَّد سبحانه وتعالى من كتم شيئاً من هذا الدين بعدم بيانه للناس بأعظم الوعيد، ليبقى الدين معلوماً عند الناس محفوظاً بالعلم والعمل في كل عصر وجيل..
قال تعالى: ?إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ (159) إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرحِيمُ?. [البقرة: 159-160].
ومن وسائل حفظ هذا الدين، أمر الله سبحانه وتعالى كل فرد من أفراد البشر أن يقوم بعبادة ربه التي فرضها عليه فرض عين وتوعَّد تعالى كل من توانى عنها بالوعيد الشديد.
كما قال تعالى: ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا ربَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ?. [البقرة: 21].
وقال تعالى: ?وَقَالَ ربُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرينَ?. [غافر: 60].
ومن وسائل حفظ هذا الدين أن فَرضَ على القادرين الجهادَ في سبيل الله لحفظه بالدعوة إليه والدفاع عنه، ورفع رايته في الأرض كلها.
كما قال تعالى: ?قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤمِنُونَ بِاللَّهِ ولا بِالْيَوْمِ الآخِر ولا يُحَرمُونَ مَا حَرمَ اللَّهُ وَرسُولُهُ ولا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرونَ?. [التوبة: 29].
وقال تعالى: ?وَقَاتِلُوا الْمُشْركِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ?. [التوبة: 36].
وتوعد من لم يحفظ هذا الدين بالجهاد في سبيل الله.
فقال: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِروا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرضِ أَرضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرةِ إِلا قَلِيلٌ إِلا تَنْفِروا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْركُمْ ولا تَضُروهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير?. [التوبة: 38ـ39].
ومن وسائل حفظ هذا الدين؛ أن فرض الله على الحكام أن يحكموا بما أنزل الله في كل شيء من حياة البشر، وحَكَمَ علي من لم يحكم به بالكفر والظلم والفسق.
كما قال تعالي: ?إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيهَا هُدًى وَنُور يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالربَّانِيُّونَ وَالأَحْبَار بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِِ ولا تَشْتَروا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرونَ (44) وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُروحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) وَقَفَّيْنَا عَلَى ءَاثَارهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَريَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَءَاتَيْنَاهُ الإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُور وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ?. [المائدة: 44-47].
ومن وسائل حفظه فرضه سبحانه على الناس أن يقبلوا حكم الله برضا واختيار، وحكمه على من لم يرضَ بحكم الله بنفي الإيمان عنه.
كما قال تعالى: ?فلا وَربِّكَ لا يُؤمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَر بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا?. [النساء: 65].
ومن وسائل حفظه تبيين أحكامه:
أصولها وفروعها، حلالها وحرامها، وواجبها ومندوبها ومكروهها، وقد بيَّن ذلك كله رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن ينتقل إلى الرفيق الأعلى بأمر من ربه وذلك مقتضى الرسالة.
?يَا أَيُّهَا الرسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ ربِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرينَ?. [المائدة: 67].
?وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْر لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرونَ?. [النحل: 44].
وما من باب من أبواب حياة الإنسان في الأرض إلا وفي دين الله ما يهديه إلى أقوم سبيل فيه.
?إِنَّ هَذَا الْقُرءَانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّر المؤمنين الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً?. [الإسراء: 9].
?ولا تَنْكِحُوا الْمُشْركَاتِ حَتَّى يؤمن ولأمة مُؤمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْركَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ولا تُنْكِحُوا الْمُشْركِينَ حَتَّى يُؤمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤمِنٌ خَيْر مِنْ مُشْركٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّار وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ ءَايَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرونَ?. [البقرة: 221].
والذي يتتبع أبواب الأحكام التكليفية والوضعية ـ أقصد فروعها ـ في نصوص القرآن والسنة، وشروح الحديث وتفسير القرآن الكريم وكتب الفقه، وكتب الأخلاق وغيرها من الكتب الإسلامية يتضح له ذلك تمام الاتضاح.
وبحفظ هذا الدين الذي هو الضرورة الأولى من ضرورات الحياة تحفظ بقية الضرورات تبعاً لحفظه؛ لأنه يقتضى حفظها.
وتلك الضرورات هي:
النفس، والعقل، والنسل، والمال، والعرض، وسيأتي إن شاء الله ما يوضح ذلك ويبينه، كل منها في مبحثه الخاص به.


1 - راجع الموافقات للشاطبي (2/40) وما بعدها



السابق

الفهرس

التالي


16103204

عداد الصفحات العام

4076

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م