﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


المبحث الخامس: تحريم قتل الأولاد وإجهاض الحوامل.

المبحث الخامس: تحريم قتل الأولاد وإجهاض الحوامل.

إن هبة الله سبحانه وتعالى للوالدين أولاداً، نعمة من نعمه عليهما وعلى المجتمع، وهؤلاء الأولاد أمانة عندهم، يجب أن يشكروه سبحانه على وجودهم.
كما يجب أن يحفظوا تلك النعمة من الأضرار المؤدية إلى فقدها، وحفظ الولد عبادة إذا قصد به طاعة الله تعالى.
والطفل الصغير الذي قد لا يحفل به أهله، قد يكون في يوم من الأيام إمام أمة، أو قائد جيش، أو عالماً من كبار العلماء في أي علم ينفع الأمة، أو غير ذلك مما يعود بالخير على المجتمع.
ولكن المستقبل غيب والغيب مجهول، والمقدر عند الله كائن لا محالة.
ولقد جاء الإسلام والمشركون يقتلون أولادهم لأحد سببين:
السبب الأول: التخفيف من أعباء نفقات الأسرة خشية الفقر.
كما قال سبحانه وتعالى ناهياً عن ذلك: ?قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرمَ ربُّكُمْ عَلَيْكُمْ ألا تُشْركُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ولا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ولا تَقْربُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَر مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ولا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ?. [الأنعام: 151].
قال القرطبي، رحمه الله: "وقد كان منهم من يفعل ذلك بالإناث والذكور خشية الفقر. كما هو ظاهر الآية، أملق أي افتقر". [الجامع لأحكام القرآن (7/132)].
وقال تعالى: ?ولا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيراً?. [الإسراء: 31].
السبب الثاني: نَظَرْة كثير منهم للأنثى وكراهتهم لها، خشية العار بالزنا أو السبي.
كما قال تعالى: ?وَإِذَا بُشِّر أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّر بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ ألا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ?. [النحل: 58-59].
والآية تشير إلى الجريمة التي كانوا يرتكبونها، وهى دفن الطفلة حية في الأرض، وهى الموءودة التي هددهم الله بالسؤال عن سبب قتلها يوم القيامة.
بقوله تعالى: ?وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ?. [التكوير: 8-9].
فلما جاء الإسلام نهى الله سبحانه وتعالى عن قتل النفس بغير حق عموماً، ونهى عن قتل الأولاد خصوصاً.
فأصبح المسلمون يحتفلون بالولد الجديد ذكراً كان أو أنثى، ويذبحون لقدومه الذبائح شكراً لله، ويتصدقون بوزن شعر رأسه ذهباً ويختنونه وهو صغير ويربونه تربية رحيمة كريمة.
وقد أُلِّفَتْ في أحكامه كتبٌ تناولته قبل الولادة وبعدها، ولا يخلو كتاب من كتب الفقه من أبواب تتعلق به. [2].
ويدخل في النهي عن قتل الأولاد العزل عند بعض العلماء ـ أي عزل الرجل ماءه عن المرأة عند الجماع ـ لأنه منع لأصل النسل، ولكنهم حملوا النهي في ذلك على الكراهة، لا على التحريم. [راجع كتاب الجامع لأحكام القرآن (7/132)للقرطبي].
قال النووي، رحمه الله: "العزل هو أن يجامع، فإذا قارب الإنزال نزع وأنزل خارج الفرج، وهو مكروه عندنا في كل حال وكل امرأة، سواء رضيت أم لا؛ لأنه طريق إلى قطع النسل.
ولهذا جاء في الحديث الآخر تسميته: ((الوأد الخفي))؛ لأنه قطع طريق الولادة، كما يقتل المولود بالوأد.
وأما التحريم فقال أصحابنا: لا يحرم في مملوكته، ولا في زوجته الأمة ـ سواء رضيت أم لا ـ لأن عليه ضرراً في مملوكته بمصيرها أم ولد، وامتناع بيعها، وعليه ضرر في زوجته الرقيقة بمصير ولده رقيقاً، تبعاً لأمه.
وأما زوجته الحرة، فإن أذنت فيه لم يحرم، وإلا فوجهان: أصحهما لا يحرم.
ثم هذه الأحاديث مع غيرها، يجمع بينها بأن ما ورد في النهي محمول على كراهة التنـزيه، وما ورد في الإذن في ذلك محمول على أنه ليس بحرام، وليس معناه نفي الكراهة". [شرح النووي على صحيح مسلم (10/9-10)].
والذي يتأمل الأحاديث الواردة في العزل يبدو له كراهة الرسول صلى الله عليه وسلم له، وأنه رخَّص فيه للحاجة مع كراهته له.
والحديث الذي أشار إليه النووي رحمه الله الذي سمى فيه: ((الوأد الخفي)). [وهو في مسلم "ثم سألوه عن العزل، فقال: ((ذلك الوأد الخفي))"، شرح النووي على مسلم (10/17)]. واضح في ذلك، وقد ذهب ابن حزم، رحمه الله إلى تحريمه مطلقاً. [المحلى (10/70-71) وراجع في ذلك كتاب تحديد النسل لمحمد سعيد رمضان البوطي، في أول الكتاب].
وإذا علم حكم العزل، سواء قلنا بالكراهة أم بالتحريم، بان لنا حرص الشريعة على حفظ النسل وبغض التسبب في قطعه، ولو بإلقاء النطفة خارج الرحم قبل أن تستقر فيه.
ويجب التنبيه هنا إلى أن ترخيص الرسول صلى الله عليه وسلم في العزل لبعض الأفراد مع الكراهة، لا يجوز أن يؤخذ منه إباحة اتخاذ وسائل منع الحمل لعامة الناس، ولا أن يجعل الحاكم ذلك قانوناً يسري على رعيته كلهم، أو أغلبهم؛ لأن ذلك مناف لمقصود الشارع، وهو حفظ النسل واستمراره، بخلاف تنظيم النسل عندما تدعو حاجة الأسرة إليه. ولأن الإذن للفرد للحاجة مع الكراهة أو بدونها، لا يدل على إباحة اتخاذ قوانين لتعميمه، فهي رخصة تخالف الأصل. [7].
بل لا يجوز للناس كلهم، أن يعزلوا ولو بدون قانون؛ لما في ذلك من الإطباق على مخالفة قصد الشارع من النكاح.
هذا ما يتعلق بالعزل، فما حكم الإجهاض؟
الإجهاض هو إسقاط الحمل من رحم المرأة.
وقد اختُلف في ذلك:
فذهب بعض فقهاء الحنفية إلى جوازه قبل نفخ الروح فيه لعذر. [حاشية ابن عابدين (3/176)].
وأوجب فيه الشافعية الضمان إذا أسقط مضغة لم يتبين فيه عضو من أعضاء الآدمي، ولكن شهد أربع من ذوات الخبرة الثقات أوطبيبان ثقتان أن فيه تخطيطاً لآدمي. [تكملة المجموع للمطيعي (17/382-383)].
ومعلوم أن الجنين يبلغ أوج نشاطه عند الأطباء الآن في تكون الأعضاء في الأسبوع السادس. [10].
ويرى المالكية أن الإجهاض لا يجوز ولو قبل أربعين يوماً. [11].
ويرى الحنابلة ضمان الجنين إذا سقط ميتاً دون تفريق. [المغني (8/432)].
قال محمد سلام مدكور ـ بعد عرض المذاهب الفقهية ـ: "ومن كل ما عرضنا في هذا الموضوع، يتبين أن الاتجاه الفقهي لا تختلف فيه وجهات النظر، في أن الإجهاض بعد نفخ الروح عمداً بلا عذر محرم شرعاً.
وأما قبل ذلك فقد اختلفت وجهات نظرهم على ما بيَّنَّا، وقد أوردنا وجهة نظرناً من ترجيح القول بمنع الإجهاض قبل نفخ الروح وبعده ما لم يكن هناك عذر يقتضى ذلك". [13].
والذي يظهر أن هذا هو الصواب؛ لأن النطفة بعد أن استقرت في قرارها المكين لا يجوز الاعتداء عليها بدون عذر شرعي.
وبهذا يظهر حرص الإسلام على حفظ النسل وأنه من الضرورات التي يحرم الاعتداء عليها.



1 - الجامع لأحكام القرآن (7/132)
2 - ومن المؤلفات الخاصة بالأجنة والأطفال: كتاب "تحفة المودود في أحكام المولود" وكتاب "جامع أحكام الصغار لمحمد بن محمود الأسروشني" وكتاب "الجنين والأحكام المتعلقة به لمحمد سلام مدكور"
3 - راجع كتاب الجامع لأحكام القرآن (7/132)للقرطبي
4 - شرح النووي على صحيح مسلم (10/9-10)
5 - وهو في مسلم "ثم سألوه عن العزل، فقال: ((ذلك الوأد الخفي))"، شرح النووي على مسلم (10/17)
6 - المحلى (10/70-71) وراجع في ذلك كتاب تحديد النسل لمحمد سعيد رمضان البوطي، في أول الكتاب
7 - راجع كتاب البوطي السابق ص33
8 - حاشية ابن عابدين (3/176)
9 - تكملة المجموع للمطيعي (17/382-383)
10 - راجع خلق الإنسان بين الطب والقرآن، لمحمد بن علي البار ص377-395 الطبعة الثانية، الدار السعودية
11 - الشرح الكبير على الدردير، نقلاً عن كتاب الجنين والأحكام المتعلقة به لمحمد سلام مدكور ص302
12 - المغني (8/432)
13 - الجنين والأحكام المتعلقة به في الفقه الإسلامي ص305-306، وراجع أيضاً كتاب تحديد النسل لمحمد رمضان البوطي



السابق

الفهرس

التالي


16103057

عداد الصفحات العام

3929

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م