﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


الفرع الثاني: في ضررها:

الفرع الثاني: في ضررها:
وذلك من وجهين:
الوجه الأول: إخلالها بالأمن:
وهذا أمر يعلمه كل من شاهد السكارى وتصرفاتهم، ولو كانوا عند عدم سكرهم من أرجح الناس عقلاً واتزاناً.
ولعل في قراءة قصة قتل حمزة بن عبد المطلب، عم الرسول صلى الله عليه وسلم، ناقَتَيْ علي بن أبي طالب، رضي الله عنه بسبب سُكر حمزة، رضي الله عنه قبل تحريم الخمر.
لعل في قراءة هذه القصة عبرة ودلالة على مدى إخلال الخمر بأمن الناس على أنفسهم وأموالهم.
وهذا نصها: قال على رضي الله عنه: "كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني شارفاً من الخُمس يومئذ.
فلما أردت أن أبتني بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعدت رجلاً صواغاً من بني قينقاع، يرتحل معي، فنأتي بإذخر أردت أن أبيعه من الصواغين، فأستعين به في وليمة عرسي.
فبينما أنا أجمع لشارفي متاعاً من الأقتاب والغرائر والحبال، وشارفَيَّ مناخان إلى جنب حجرة رجل من الأنصار، أقبلت حين جمعت ما جمعت، فإذا شارفاي قد جُبَّت أسنمتهما، وبُقِرت خواصرهما، وأخذ من أكبادهما.
فلم أملك عيني حين رأيت ذلك المنظر منهما، فقلت: من فعل هذا؟، قالوا: فعله حمزة، وهو في هذا البيت في شرب من الأنصار، غَنَّتْه قَيْنَة وأصحابَه، فقالت في غنائها: ألا يا حَمْزُ للشرف النواء.
فوثب حمزة رضي الله عنه إلى السيف فاجتب أسنمتهما، وبقر خواصرهما، وأخذ من أكبادهما.
قال علي: فانطلقت حتى أدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده زيد بن حارثة، قال: فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهي الذي لقيت.
فقال: ((مالك؟)) قلت: يا رسول الله، ما رأيت كاليوم قط، عدا حمزة على ناقَتَيَّ فاحتز أسنمتهما وبقر خواصرهما، وها هو ذا في بيت معه شرب.
قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه، فارتدى ثم انطلق يمشي واتبعته أنا وزيد بن حارثة، حتى جاء البيت الذي فيه حمزة، فاستأذن فأذن له، فإذا هم شرب.
فطفق رسول الله صلى يلوم حمزة فيما فعل، فإذا حمزة ثَمِل محمرة عيناه، فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعّد النظر إلى ركبتيه، ثم صعد النظر إلى سرته، ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه.
ثم قال حمزة: وهل أنتم إلا عبيدٌ لأبى، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ثمل.
فنكص رسول الله صلى الله عليه وسلم على عقبيه القهقرى وخرج وخرجنا معه.
وفي رواية: "وذلك قبل تحريم الخمر". [البخاري (3/80) ومسلم (3/1568)].
والشَّرب بفتح الشين وإسكان الراء، وهم الجماعة الشاربون والقينة: المغنية. والشُّرف: جمع شارف، وهي الناقة. والنِّواء الناقة السمينة، وكأن حمزة رضي الله عنه، عندما سكر وحرضته تلك المغنية على الناقتين استجاب لإغرائها، ففعل ما فعل. [يراجع شرح النووي على صحيح مسلم (13/147) وفتح الباري (6/200)].
انظر ماذا فعلت الخمر بحمزة، أسد الله، وعم رسول الله صلى الله عليه وسلم، رضي الله عنه؟
كيف اعتدى على مال ابن أخيه، الذي كان في أمس الحاجة إليه؟
وكيف خاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه بقوله: وهل أنتم إلا عبيد لأبى؟
وكان من المحتمل أن يعتدي، وهو في تلك الحال على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، كما اعتدى على الشارفين، لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمادى في عتابه، ولكنه عندما رآه على تلك الحال تركه وكر راجعاً.
ولقد سمى عثمان بن عفان، رضي الله عنه الخمر: "أم الخبائث".
وذكر قصة تدل على خطرها وكونها تقود شاربها إلى معاصي الله من كبائر الذنوب، وإن كان قبل شربه من الصالحين المتقربين إلى الله بطاعته.
قال، رضي الله عنه: "اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث، إنه كان رجل ممن خلا قبلكم يتعبد، فعلقته امرأة، أغوته، فأرسلت إليه جاريتها فقالت له: إنها تدعوك للشهادة، فانطلق مع جاريتها.
فطفق كلما دخل باباً أغلقته دونه، حتى أفضى إلى امرأة وضيئة، وعندها غلام وباطية خمر.
فقالت: والله ما دعوتك للشهادة، ولكن دعوتك لتقع علَيَّ، أو تشرب من هذه الخمر كأساً، أو تقتل هذا الغلام.
قال: فاسقيني من هذه الخمر كأساً، فسقته كأساً، فقال: زيدوني، فلم يرم [3]. حتى وقع عليها وقتل الغلام. فاجتنبوا الخمر، فإنها والله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر، إلا ويوشك أن يخرج أحدهما صاحبه". [النسائي (8/282) وقال المحشي على جامع الأصول (5/103) وإسناده صحيح].
وإن ما يشاهده المرء من السكارى وتصرفاتهم، أمر لا خفاء به وبخاصة في البلدان التي لا ينتهي بعض سكانها من شرب كأس إلا ليتناول أخرى.
فإن بعض الأحياء في بعض مدن الغرب الكبرى، لا يجرؤ الإنسان على دخولها وحده في النهار، أما في الليل فهي مأوى لهلاك من دخل شوارعها واختلط بسكانها من غير أهلها. [5].
الوجه الثاني: ما ثبت في علم الطب من أضرار الخمر:
على النفوس، وليس على العقل وحده: قال ابن القيم، رحمه الله ـ وهو يتكلم عن تحريم التداوي بالمحرمات وضرره ـ: "ولنفرض الكلام في أم الخبائث التي ما جعل الله لنا فيها شفاء قط، فإنها شديدة المضرة بالدماغ الذي هو مركز العقل عند الأطباء، وكثير من الفقهاء والمتكلمين.
قال أبقراط في أثناء كلامه في الأمراض الحادة: ضرر الخمر بالرأس شديد؛ لأنه يسرع الارتفاع إليه، ويرتفع بارتفاعه الأخلاط التي تعلو في البدن، وهو كذلك يضر بالذهن.
وقال صاحب الكامل: إن خاصة الشراب الإضرار بالدماغ والعصب". [زاد المعاد (4/157) بتحقيق الأرناؤوط ـ الطبعة الثانية ـ 1402هـ].
وإذا استعرض القارئ أضرار الخمر في فهارس بعض الكتب الطبية الحديثة، وجد قائمة تحتوى على أضرار الخمر على جميع أجهزة الجسم تقريباً.
اقرأ مثلا في كتاب: الخمر بين الطب والفقه، العناوين الآتية:
الخمر والجهاز العصبي: وما يندرج تحته من أمراض:
ضمور خلايا قشرة المخ.
النوبات الدماغية.
الهذيان، الارتعاش، الهلوسة.
التهاب الأعصاب المتعدد.
التهاب عصب العين المؤدي إلى العمى.
تقرحات الفم، التهاب البلعوم المنتن، إصابات المريء.
التهاب المريء المزمن، قرحة المريء المزمنة.
سرطان المريء، القيء، فقدان الشهية.
الخمور والمعدة: وما يندرج تحته من أمراض:
التهابات المعدة الحادة.
التهابات المعدة المزمنة.
سرطان المعدة، قرحة المعدة والاثني عشر.
الخمور والتهابات الأمعاء الدقيقة والغليظة.
الخمر والكبد: تأثير الخمر على الكبد.
تضخم الطحال.
النزف المتكرر.
الخمر وأمراض القلب والدورة الدموية.
أمراض الدم الناتجة عن شرب الخمور.
الخمر وأمراض الجهاز التنفسي.
الخمر وأمراض الغدد والاستقلاب. [7].
فالخمر التي أكثر ما عرف عنها أنها تغطي العقل وبعض الأمراض الخفيفة في السابق، أصبحت خطراً على نفس الشارب وفقدان حياته واعتلاله بأمراض خطيرة.
دع عنك الجرائم التي يرتكبها الشارب في حق نفسه والمجتمع، فإنها تحتاج إلى مجلدات إحصائية أمينة.

1 - البخاري (3/80) ومسلم (3/1568)
2 - يراجع شرح النووي على صحيح مسلم (13/147) وفتح الباري (6/200)
3 - أي لم يبرح
4 - النسائي (8/282) وقال المحشي على جامع الأصول (5/103) وإسناده صحيح
5 - كما هو الحال في حي "هارلم" في مدينة نيويورك، وغيره من الأحياء في المدن الأمريكية، وغيرها من مدن الغرب، بل لا تخلو بعض البلدان الإسلامية من انتشار هذا الوباء!
6 - زاد المعاد (4/157) بتحقيق الأرناؤوط ـ الطبعة الثانية ـ 1402هـ
7 - راجع الكتاب المذكور لمؤلفه الدكتور محمد بن علي البار



السابق

الفهرس

التالي


16103256

عداد الصفحات العام

6

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م