﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


المبحث الثاني: مشروعية السعي في جمع المال واقتنائه.

المبحث الثاني: مشروعية السعي في جمع المال واقتنائه.

إن الفرد الذي لا مال له يقيم به حياته، يعيش حياة مهينة ينتظر فيها لقمة عيشه من مخلوق مثله يمنُّ بها عليه، أو الهلاك، أين يسكن؟ ماذا يلبس؟ ماذا يأكل؟ كيف ينتقل من مكان إلى آخر؟ كيف يحصن نفسه بالزواج؟ ومن أين ينفق على أهله وأسرته؟
وكذلك الأُمة التي لا مال لها أُمة فقيرة معدمة، تستجدي ضروراتها من سواها، أمة جائعة، عارية، غير مستقرة، أرضها موات، وعمرانها خراب، وأمنها مختل، يقودها أمم الأرض القوية لحاجتها إليهم في كل شؤون حياتها، يسيطر الجهل على أبنائها، ويقتلهم المرض، أمة تنتظر الزوال لعزوفها عن تحقيق مراد الله من تسخير الكون للبشر، وهو استغلاله وعمارة الأرض به.
وقد أمر الله تعالى بطلب الرزق، كما في قوله تعالى: ?هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُور?. [الملك: 15].
قال ابن كثير، رحمه الله: "أي فسافروا حيث شئتم من أقطارها، وترددوا في أقاليمها وأرجائها، في أنواع المكاسب، والتجارات، واعلموا أن سعيكم لا يجدي عليكم شيئاً إلا أن ييسره الله". [تفسير القرآن العظيم (4/397)].
والأمر هنا: ?فامشوا}، {وكلوا? يقصد به الإباحة في الجملة، أي أن الفرد لا يجب عليه أن يمشي في مناكب الأرض طالباً للرزق، بل يباح له ذلك.
إلا انه إذا ترك السعي في طلب الرزق، وترتب على ذلك فقره واضطراره لسؤال الناس واستجدائهم، كان آثماً ووجب عليه حفظ ماء وجهه بطلب الرزق الحلال بكسب يده ما دام قادراً على ذلك.
أما ترك الأمة كلها للمكاسب، فانه لا يجوز؛ لأنه خلاف مقصود الله من عمارة الأرض.
قال الإمام الشاطبي، رحمه الله: "فالمباح يكون مباحاً بالجزء، مطلوباً بالكل على جهة الندب أو الوجوب.
فالأول كالتمتع بالطيبات، من المأكل والمشرب والمركب والملبس، مما سوى الواجب من ذلك، والمندوب المطلوب في محاسن العبادات.
والثاني كالأكل والشرب ووطء الزوجات والبيع والشراء ووجوه الاكتسابات الجائزة.
كقوله تعالى: ?الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الربَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الربَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرمَ الربَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ ربِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ?. [البقرة: 275].
?أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْر وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارةِ وَحُرمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَر مَا دُمْتُمْ حُرمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرونَ?. [المائدة:(96)].
?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْر مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُريدُ?. [المائدة: 1].
وكثير من ذلك، كل هذه الأسباب مباحة بالجزء، أي إذا اختار أحد من هذه الأشياء على ما سواها فذلك جائز، أو تركها الرجل في بعض الأحوال والأزمان، أو تركها بعض الناس، لم يقدح ذلك.
فلو فرضنا ترك الناس كلهم لكان تركاً لما هو من الضروريات المأمور بها، فكان الدخول فيها واجبا بالكل". [الموافقات (1/130-132)].
ومن الآيات الدالة دلالة قوية على وجوب سعى الأمة في تحصيل المال. قوله تعالى: ?وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ ربَاطِ الْخَيْلِ تُرهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَءَاخَرينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ?. [الأنفال: 60].
فإن المال يدخل دخولاً أولياً في إعداد العدة للعدو، ولعل ذكر الإنفاق في الآية يشير إلى هذا المعنى، وإلا فما معنى الإعداد بدون مال؟
وكيف الحصول على الخيل والسلاح المناسب لكل عصر بدون مال؟
فالسعي في طلب المال مشروع، وهو وإن كان مباحاً بالجزء، كما قال الشاطبي فانه ضروري بالكل.

1 - تفسير القرآن العظيم (4/397)
2 - الموافقات (1/130-132)



السابق

الفهرس

التالي


16103295

عداد الصفحات العام

45

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م