﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


حث الرسول صلى الله عليه وسلم على العمل:

حث الرسول صلى الله عليه وسلم على العمل:
ولقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، وهو حث لأمته كلها على عمل اليد، ووصف طعام هذا العمل خير طعام وأطيبه، كما في حديث المقدام بن معد يكرب، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما أكل أحدٌ طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده)). [البخاري (3/9)].
وفي حديت عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم)). [أبو داود (3/800) والنسائي (7/212) والترمذي (3/630-631) وقال: وفي الباب عن جابر وعبد الله بن عمرو. هذا حديث حسن صحيح].
و في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله وليس في وجهه مزعة لحم)). [البخاري (2/130) ومسلم (2/720)].
وفي حديث الزبير بن العوام، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأن يأخذ أحدكم حبله ثم يأتي الجبل، فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه)). [البخاري (2/129) والنسائي (5/96)].
في هذه الأحاديث الشريفة توجيه إسلامي لكل فرد من أفراد المسلمين، أن يعمل لكسب رزقه بيده، وأن كسب اليد خير ما يكسب، وهو سبيل أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام.
وفيها التحذير والتنفير الشديدان من السؤال الذي يورث الذلة في الدنيا والآخرة، ولقد طبق رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه التوجيهات القولية بالتوجيه العملي.
فدرب من جاء يسأله ـ وهو الكريم الذي كان أجود من الريح المرسلة ـ على السعي لكسب الرزق بعمله، وأثبت له أن ترك الكسب بالعمل عجز وكسل، وأن البدء بالكسب القليل يبارك الله فيه ويغنى صاحبه عن الناس.
تأمل في هذا المعنى حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رجلاً من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله.
فقال: ((أما في بيتك شيء؟)).
قال: بلى، حِلْس نلبس بعضه ونبسط بعضه، وقَعْب نشرب فيه الماء.
قال: ((ائتني بهما)).
فأتاه بهما، فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وقال: ((من يشترى هذين؟)).
قال رجل: أنا آخذهما بدرهم.
فقال صلى الله عليه وسلم: ((من يزيد على درهم)) مرتين أو ثلاثاً؟
قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين فأعطاهما إياها، فأخذ الدرهمين فأعطاهما الأنصاري.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((اشتر بأحدهما طعاماً، فانبذه إلى أهلك، واشتر بالآخر قدوماً فأتني به)).
فأتاه به، فشد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عوداً بيده، ثم قال: ((اذهب فاحتطب وبع، ولا أرينك خمسة عشر يوماً)).
ففعل وجاء وقد أصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها ثوباً وببعضها طعاماً.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هذا خيرٌ لك من أن تجئ المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاث: لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع)). [أبو داود (2/292-294) وابن ماجة (2/740) والنسائي (7/227) والترمذي (3/513) وقال هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث الأخضر بن عجلان. والعمل على هذا عند أهل العلم، لم يرو بأساً ببيع من يزيد في الغنائم والمواريث، وضعَّف الشيخ ناصر الدين الألباني إسناده في إرواء الغليل (5/130) من أجل أبي بكر الحنفي، لجهالته. والحلس كساء غليظ ممتهن يكون على ظهر البعير، والقعب قدح من الخشب].
وفي هذا التوجيه النبوي دلالات عظيمة، نوجزها في الأمور الآتية:
الأمر الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينهر السائل ولم يقل له: إن العمل خير لك من السؤال بمجرد سؤاله، وإنما سأله: ((أما يوجد في بيتك شيء؟)).
وكأنه يقول له: إن على المرء أن يبحث عما عنده في بيته، فإن وجد ما يُمْكنه أن يكتسب به رزقه، فليفعل ذلك قبل أن يتوجه إلى سؤال الناس.
الأمر الثاني: أنه أراد أن يعلمه كيف يعمل فلم يقل له: اذهب وبع الحلس والقعب وارتزق منهما ببيع الحطب ونحوه، وإنما طلب منه أن يأتيه بهما.
فلما أتى بهما، أخذهما صلى الله عليه وسلم بيده وعرضهما للبيع بالمزايدة، وكأنه صلى الله عليه وسلم يقول له: كان عليك أن تأخذهما وتفعل بهما هكذا، وفي هذا تعليم عملي لمهنة التجارة.
الأمر الثالث: علَّمه أن يبدأ بقضاء حاجته العاجلة ببعض المال الذي حصل عليه، ويتسبب بالباقي.
الأمر الرابع: أنه صلى الله عليه وسلم وجهه إلى الكسب بالعمل باليد وزوده بآلته.
الأمر الخامس: أنه صلى الله عليه وسلم وجهه إلى أقرب مهنة ممكنة وهو الاحتطاب؛ لأن الحطب في متناول يده بدون ثمن غير جهده.
الأمر السادس: أنه صلى الله عليه وسلم وجهه إلى الصبر على العمل وعدم العجلة، فقال له: ((لا أرينك خمسة عشر يوماً)). ليكون أكثر عملاً وأوفر كسباً.
الأمر السابع: عندما جاء وقد قضيت حاجته، فاكتسى وأنفق على أهله أخبره الرسول صلى الله عليه وسلم أن عمله واكتسابه خيرٌ له من السؤال، وهذا الإخبار يقع موقعه بعد أن عرف السائل مضمونه عملياً وليس نظرياً فقط. فالتوجيه بالعمل أجدى من التوجيه بالقول وحده.
وفي هذا دليل على أنه ينبغي لولاة الأمر أن يعينوا المحتاج بما يجعله يسعى في كسب رزقه بنفسه من مال أو آلة أو غيرهما.
وهكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحترفون ويتجرون وهم فقراء، فيغنيهم الله. وفي قصة عبد الرحمن بن عوف ما يوضح ذلك.
روى أنس بن مالك، رضي الله عنه، قال: قدم عبد الرحمن بن عوف، فآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري، وعند الأنصاري امرأتان، فعرض عليه أن يناصفه أهله وماله.
فقال: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلوني على السوق، فأتى السوق، فربح شيئاً من أقط، وشيئاً من سمن، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم بعد أيام، وعليه وضر من صفرة.
فقال: ((مهيم يا عبد الرحمن)) فقال: تزوجت أنصارية، قال: ((فما سقت إليها؟)) قال: وزن نواة من ذهب، قال: ((أولم ولو بشاة)). [البخاري (4/268) ومسلم (3/1042)].
قال الحافظ بن حجر رحمه الله: "وقال معمر عن الزهري: تصدق عبد الرحمن بن عوف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشطر ماله، ثم تصدق بعد بأربعين ألف دينار، ثم حمل على خمسمائة فرس في سبيل الله وخمسمائة راحلة، وكان أكثر ماله من التجارة"، أخرجه ابن المبارك. [الإصابة (2/408)].
تم قال ابن حجر رحمه الله: "وذكر البخاري في تاريخه من طريق الزهري، قال: أوصى عبد الرحمن بن عوف لكل من شهد بدراً بأربعمائة دينار، فكانوا مائة رجل". [الإصابة (2/409)].
لقد هاجر عبد الرحمن رضي الله عنه فقيراً، كغيره من المهاجرين الذين فارقوا البلد والأهل والولد والمال والمنزل، فراراً إلى الله بدينهم.
وقد وصفهم الله تعالى بعد أن ذكر فقرهم بسبب إخراج المشركين لهم من ديارهم وأموالهم، وأنهم خرجوا يطلبون فضل الله ورزقه الذي يغنيهم به من الفقر، وينصرون رسوله صلى الله عليه وسلم، وصفهم تعالى بالصدق، فقال: ?لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ?. [الحشر: 8].
فعرض سعد بن الربيع الأنصاري على أخيه عبد الرحمن المهاجري الفقير المال والأهل، فأبي إلا الكسب باليد وهو مما ذكر الله تعالى من ابتغاء المهاجرين فضله، فأصبح من كبار أغنياء الصحابة، رضي الله عنهم الذين أنفقوا في سبيل الله في حياتهم وبعد مماتهم.

1 - البخاري (3/9)
2 - أبو داود (3/800) والنسائي (7/212) والترمذي (3/630-631) وقال: وفي الباب عن جابر وعبد الله بن عمرو. هذا حديث حسن صحيح
3 - البخاري (2/130) ومسلم (2/720)
4 - البخاري (2/129) والنسائي (5/96)
5 - أبو داود (2/292-294) وابن ماجة (2/740) والنسائي (7/227) والترمذي (3/513) وقال هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث الأخضر بن عجلان. والعمل على هذا عند أهل العلم، لم يرو بأساً ببيع من يزيد في الغنائم والمواريث، وضعَّف الشيخ ناصر الدين الألباني إسناده في إرواء الغليل (5/130) من أجل أبي بكر الحنفي، لجهالته. والحلس كساء غليظ ممتهن يكون على ظهر البعير، والقعب قدح من الخشب
6 - البخاري (4/268) ومسلم (3/1042)
7 - الإصابة (2/408)
8 - الإصابة (2/409)



السابق

الفهرس

التالي


16103250

عداد الصفحات العام

4122

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م