﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


المثال الأول: الغصب:

المثال الأول: الغصب:
والغصب لا يحصل ـ عادة ـ إلا من قوى لضعيف، يستغل القوى قوته، و يهتبل فرصة ضعف الآخر الذي لا يقدر على الدفاع عن ماله، ولا يجد من ينصره على القوى الغاصب، فيستولي على ماله بغير حق سواء أكان ذلك غصباً صريحاً أم بحيل تظهر الباطل بمظهر الحق.
وقد حرم الله ذلك تحريماً باتاً كما في آية البقرة السابقة: ?ولا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ?.
قال القرطبي، رحمه الله: "والمعنى لا يأكل بعضكم مال بعض بغير حق، فيدخل في هذا القمار والخداع والغصوب وجحد الحقوق، وما لا تطيب به نفس مالكه أو حَرَّمته الشريعة. وإن طابت به نفس مالكه كمهر البغي وحلوان الكاهن وأثمان الخمور والخنازير وغير ذلك". [الجامع لأحكام القرآن (2/338)].
كما وردت أحاديث كثيرة تحظر أخذ المال بالباطل حظراً شديداً بوعيدٍ شديد، ولو في شيء يسير.
ومنها: حديث أبي أمامة، إياس بن ثعلبة الحارثي، رضي الله عنه، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: ((من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة وأوجب له النار)) قال رجل: وإن كان شيئا يسيراً يا رسول الله؟ قال: ((وإن كان قضيباً من أراك)). [مسلم (1/122)].
ومنها حديث عبد الله بن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من حلف على يمين صبر، وهو فيها فاجر، يقتطع بها مال امرئ مسلم، لقي الله يوم القيامة، وهو عليه غضبان)). [البخاري (7/228) ومسلم (1/122)].
والذي يظلم الناس ويأخذ أموالهم بالباطل، قد يظهر للناس غنياً في الدنيا، وهو في واقع الأمر مفلس إفلاساً شنيعاً عندما يلقى الله، وهو أحوج ما يكون إلى أقل القليل مما ينجيه من عذاب الله، فيعوض الله بحسناته من ظلمهم في الدنيا.
كما روى أبو هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أتدرون ما المفلس؟)).
قالوا: المفلس من لا درهم له ولا متاع.
فقال: ((إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار)). [مسلم (4/1997)].
قال ابن قدامة في تعريف الغصب وبيان حرمته: "وهو استيلاء الإنسان على مال غيره بغير حق، وهو محرم بالإجماع، وقد روى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم النحر: ((إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا)). رواه مسلم. [صحيح مسلم (2/886-892) ورواه البخاري وغيره عن عدد من الصحابة، منهم أبو بكرة وابن عباس وابن عمر. وغيرهم].
ومن غصب شيئاً لزمه رده. كما روى سمرة: عن النبي صلى، أنه قال: ((على اليد ما أخذت حتى ترده)). [الكافي (2/389)، وحديث سمرة رواه ابن ماجة (2/802) والترمذي (3/557) وقال هذا حديث حسن صحيح، وضعّفه الألباني في إرواء الغليل (5/348-349) لعدم تصريح الحسن بالتحديث عن سمرة، وهو مدلس، وقد عنعنه لكن النصوص تشهد بما دل عليه؛ لأن حقوق الناس يجب ردها].
وقال ابن حزم، رحمه الله: "لا يحل لأحد مال مسلم ولا ذمي، إلا بما أباح الله عز وجل، على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن أو السنة، نقل ماله عنه إلى غيره، أو بالوجه الذي أوجب الله تعالى به أيضاً نقله عنه إلى غيره، كالهبات الجائزة، والتجارة الجائزة، أو القضاء الواجب بالديات والتَّقاص، وغير ذلك مما هو منصوص.
فمن أخذ شيئاً من مال غيره، أو صار إليه بغير ما ذكرنا، فإن كان عامداً عالماً بالغاً مميزاً، فهو عاصٍ لله عز وجل، وإن كان غير عالم أو غير عامد أو غير مخاطب، فلا إثم عليه، إلا أنهما سواء في الحكم، في وجوب رد ذلك إلى صاحبه أو في وجوب ضمان مثله، إن كان ما صار إليه من مال غيره قد تلفت عينه أو لم يقدر عليه.
وبرهان ذلك، قول الله عز وجل: ? وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَريقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ?. [البقرة: 188].
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام)). [المحلى (8/134-135) وتقدم تخريج الحديث قريباً].
ومما يدل على أن حفظ المال ضروري، إذن الرسول صلى الله عليه وسلم لصاحبه في منع غيره من أخذه بالباطل، ولو ترتب على ذلك قتل المعتدي أو قتل صاحب المال، واستحقاق صاحب المال إذا قتل دخول الجنة شهيداً، واستحقاق المعتدي عليه دخول النار.
كما روى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من قتل دون ماله فهو شهيد)). [صحيح البخاري (2/877) و صحيح مسلم (1 /124)].
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم..
فقال: يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟
قال: ((فلا تعطه مالك)).
قال: أرأيت إن قاتلني؟
قال: ((قاتله)).
قال: أرأيت إن قتلني؟
قال: ((فأنت شهيد)).
قال: أرأيت إن قتلته؟
قال: ((هو في النار)). [صحيح مسلم (1/124)].
وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم من أراد أحد غصب ماله، أن يستعين عليه بتذكيره بالله، فإن أبي استعان عليه بمن يعينه من المسلمين أو سلطانهم، فإن لم يجد عوناً فبدفاعه عن ماله حتى يمنعه أو يموت شهيداً.
كما في حديث مخارق بن عبد الله، رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال: الرجل يأتيني فيأخذ مالي.
قال: ((ذّكِّره بالله)).
قال: فإن لم يذكر؟
قال: ((فاستعن عليه من حولك من المسلمين)).
قال: فإن لم يكن حولي أحد من المسلمين؟
قال: ((فاستعن عليه بالسلطان)).
قال: فإن نأى السلطان عنى؟
قال: ((قاتل دون مالك حتى تكون شهيدَ الآخرة أو تمنع ذلك)). [النسائي (7/104) قال المحشي على جامع الأصول (10/215) وهو حديث حسن].
تأمل كيف أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل بالمحافظة على ماله، بتذكير من أراد اغتصابه بالله، ثم الاستعانة عليه بالمسلمين، ثم بذي السلطان، فإن لم يتمكن من حفظ ماله بشيء من ذلك، فليدافع عنه حتى يمنعه أو يقتل دونه فيكون شهيداً في الآخرة، وقد يقتل الغاصب فيصير هذا إلى النار، كما سبق قريباً.
والحديث يدل على وجوب نصر صاحب المال على من أراد أخذ ماله، سواء كان الناصر من عامة الناس، أو من ذي سلطان.

1 - الجامع لأحكام القرآن (2/338)
2 - مسلم (1/122)
3 - البخاري (7/228) ومسلم (1/122)
4 - مسلم (4/1997)
5 - صحيح مسلم (2/886-892) ورواه البخاري وغيره عن عدد من الصحابة، منهم أبو بكرة وابن عباس وابن عمر. وغيرهم
6 - الكافي (2/389)، وحديث سمرة رواه ابن ماجة (2/802) والترمذي (3/557) وقال هذا حديث حسن صحيح، وضعّفه الألباني في إرواء الغليل (5/348-349) لعدم تصريح الحسن بالتحديث عن سمرة، وهو مدلس، وقد عنعنه لكن النصوص تشهد بما دل عليه؛ لأن حقوق الناس يجب ردها
7 - المحلى (8/134-135) وتقدم تخريج الحديث قريباً
8 - صحيح البخاري (2/877) و صحيح مسلم (1 /124)
9 - صحيح مسلم (1/124)
10 - النسائي (7/104) قال المحشي على جامع الأصول (10/215) وهو حديث حسن



السابق

الفهرس

التالي


16103326

عداد الصفحات العام

76

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م