﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


المثال الثالث: الربا:

المثال الثالث: الربا:
وهو في اللغة الزيادة.
وفي الشرع: الزيادة في أشياء مخصوصة. كما قال ابن قدامة، رحمه الله. [راجع المغني (4/3)].
وقال ابن القيم، رحمه الله: "الربا نوعان: جلي، وخفي، فالجلي حرم لما فيه من الضرر العظيم، والخفي حرم لأنه ذريعة إلى الجلي، فتحريم الأول قصداً، وتحريم الثاني وسيلة.
فأما الجلي فربا النسيئة، وهو الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية، مثل أن يؤخر دينه ويزيده في المال، وكلما أخره زاده في المال، حتى تصير المائة عنده آلافاً مؤلفة.
وفي الغالب لا يفعل ذلك إلا معدم محتاج، فإذا رأي أن المستحق يؤخر مطالبته ويصبر عليه بزيادة يبذلها له، تكلف بذلها له ليفتدي من أسر المطالبة والحبس، ويدافع من وقت إلى وقت.
فيشتد ضرره وتعظم مصيبته ويعلوه الدين، حتى يستغرق جميع موجودة، فيربو المال على المحتاج من غير نفع يحصل له.
ويزيد مال المرابي من غير نفع يحصل منه لأخيه، فيأكل مال أخيه بالباطل ويحصل أخوه على غاية الضرر.
فمن رحمة أرحم الراحمين وحكمته وإحسانه إلى خلقه، أن حرم الربا ولعن آكله وموكله وكاتبه وشاهديه، وآذن من لم يدعه بحربه وحرب رسوله، ولم ير مثل هذا الوعيد في كبيرة غيره، ولذا كان من أكبر الكبائر".
ثم بين ربا الفضل والأصناف المالية التي يدخلها، وهي الذهب والفضة، لأنهما أثمان، والثمن معيار لتقويم الأموال، والمعيار يجب أن يكون محدوداً مضبوطاً لا يرتفع ولا ينخفض لما في ذلك من فساد معاملات الناس.
وأن ثلاثة منها أقوات العالم التي يعتمد عليها، وهي البر والشعير والتمر، وواحد يعد ضرورة لصلاح تلك الأقوات، وهو الملح، وهي التي نص عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم. [راجع أعلام الموقعين عن رب العالمين (2/154-159)].
والذي يتأمل في أحوال العالم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية، التي نشأت من الربا في هذا العصر، يفهم السبب في هذه الحملة الشديدة على الربا والمرابين، في هذه الآيات القرآنية، وفي الأحاديث النبوية، وفي أقوال علماء الإسلام.
فكم أفقر من غني؟ وكم أثرى منه من فقير بدون جهد يذكر؟ بل كم من دول افتقرت بسبب تراكم الديون ذات الفوائد المتراكمة؟ وكم من بلدان احتُلَّت بحجة تلك الديون، وكم غُرست من أحقاد في نفوس من حطم الربا حياتهم، فتعاطوا من الجنايات على الأموال والنفوس ما يفوق الحصر؟
قال الشيخ عيسى عبده رحمه الله في تعليل تحريم الربا: "لأنه يعتصر الفقير فيزيده فقراً، ويركم على أموال الغنى أوزاراً من فوق أوزاره، ويستغل حاجة المحروم ـ وهو عادة من سواد الناس ـ ومن ثم يمتص دماء الكادحين باحتكار السلع ورفع الأثمان، كما يترتب عليه ضعف الجماهير، وهم قاعدة التنظيم الاجتماعي وهو هرمي الشكل كجميع الظاهرات المنتظمة الرأسية.
ومن ثم يهتز البناء الاقتصادي بضعف الكافة، وهذه الكافة هي جمهرة المشترين والمستهلكين والعاملين في مجالات الإنتاج، وهم أيضا الذائدون عن الحياض والساهرون على أمن الدولة.
فإن إرهاقهم بالاستغلال الربوي، لهو مفسدة للمجتمع وإخلال بثبات القاعدة التي كان ينبغي أن تتلقى العون، لا أن تستعسر وتستغل.
ويطغى الغني؛ لأنه يزيده قوة فيكون من الفرد أو من الجماعة الرأسمالية الربوية، دولة أو دويلات تناهض سلطان ولي الأمر، وتهدد الأمن والاستقرار، بما تملكه من مال فائض، تسخره في الطغيان.
كما نصت الآيات الكريمة صراحة حين قررت: ?كلا إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى?. [العلق: 6].
ويشيع الخوف في جميع الطبقات، فالضعيف المحروم غير آمن على رزقه؛ لأنه من شأن التنظيم الربوي أن لا يكون فضل في المعاملة، ولا عفو ولا صدقة.
وقد قال تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ولا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ?. [3].
وأخذ الشيخ يعدد المضار التي يصاب بها المجتمع الذي تتفشى فيه المعاملات الربوية، فإقرار الربا إجرام ومحاربة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين.
وهو عون للمفسدين في الأرض الذين يختل بهم الأمن على كل الضرورات، ولذا عدَّ الله سبحانه وتعالى المرابين ومن أقرهم وهو قادر على منعهم من الربا، أو شاركهم في أعماله محاربين لله ولرسوله، يستحقون الطرد والإبعاد عن رحمة الله.
كما قال تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَروا مَا بَقِيَ مِنَ الربَا إِنْ كُنْتُمْ مؤمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَربٍ مِنَ اللَّهِ وَرسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ ولا تُظْلَمُون?. [البقرة: 278-279].
وفي حديث عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله".
وفي حديث جابر رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكاتبه وشاهديه وقال: ((هم سواء))". [الحديثان في صحيح مسلم (3/1218،1219)].
قال ابن حزم، رحمه الله: "والربا من أكبر الكبائر". [المحلى (8/468)] ثم ساق الأدلة على ذلك.

1 - راجع المغني (4/3)
2 - راجع أعلام الموقعين عن رب العالمين (2/154-159)
3 - البقرة: 208، والنص من كتاب وضع الربا في البناء الاقتصادي الطبعة الثانية دار الاعتصام
4 - الحديثان في صحيح مسلم (3/1218،1219)
5 - المحلى (8/468)



السابق

الفهرس

التالي


16103270

عداد الصفحات العام

20

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م