﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


حفظ المال بالكتابة والشهادة:

حفظ المال بالكتابة والشهادة:
هذا، ولقد أكد الله سبحانه وتعالى حفظ الحقوق، ولا سيما الدين، حيث أمر بكتابته والإشهاد عليه، و لو كان شيئاً يسيراً، وإذا تعذرت الكتابة أو الإشهاد، شرع الله لضمان الدين رهن المدين ما يفي بما استدان، حرصاً على حفظ المال وعدم ضياع الحق.
كما قال تعالى في آية الدين: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ولا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ ربَّهُ ولا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رجُلَيْنِ فَرجُلٌ وَامْرأَتَانِ مِمَّنْ تَرضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّر إِحْدَاهُمَا الأُخْرى ولا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ولا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى ألا تَرتَابُوا إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارةً حَاضِرةً تُدِيرونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ألا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ ولا يُضَار كَاتِبٌ ولا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282) وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ ربَّهُ ولا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ ءَاثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ?. [البقرة: 282-283].
تأمل هذه التأكيدات الشديدة على حفظ المال:
أمر بكتابته بالعدل، أي بدون زيادة ولا نقصان، مع تحديد الأجل، ونهى الكاتب عن الامتناع من الكتابة، وأمر من عليه الدين أن يملي على الكاتب بنفسه، فإن لم يكن أهلاً للإملاء أو كان غير قادر أملى وليه، والتحذير من أن ينقص في إملائه شيئاً من الحق الذي عليه.
ورخص سبحانه وتعالى في ترك الكتابة في حالتين:
الحالة الأولى: أن يكون البيع والشراء نقداً، ليس فيه دين، ويكون التسليم في نفس المجلس: ? إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارةً حَاضِرةً تُدِيرونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ألا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ ?.
الحالة الثانية: أن تكون المعاملة بين الدائن والمدين في سفر يصعب فيه وجود كاتب وشاهدين، وقد أمر المستدين أن يضع لدى دائنه رهناً يوثق به حقه بدلاً من الكاتب والشاهدين.
? وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرهَانٌ مَقْبُوضَةٌ ?.
فإن لم يكن شيء لدى المدين يسلمه لصاحب الدين رهناً، وأمنه الدائن، فعلى المدين أن يتقي الله ويؤدي ما أمنه عليه صاحبه.
وأمر سبحانه وتعالى بالكتابة وأكد ذلك بعدة أمور:
الأمر الأول: قوله تعالى: ? فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ?.
فليس المطلوب مجرد كتابة كاتب، وإنما كتابة كاتب عدل يوثق في كتابته، بحيث لا يزيد على المدين ولا ينقص من حق الدائن.
الأمر الثاني: قوله تعالى: ? ولا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ}.. {فَلْيَكْتُبْ?.
نهى سبحانه الكاتب عن الامتناع من الكتابة، وأمره أن يكتب؛ لأن في امتناع الكاتب أن يكتب ما يحتاج الناس إلى كتابته، ضياعاً للحقوق وإهداراً للمصالح.
ولم يكتفِ سبحانه بالنهي عن الامتناع بل أتبع ذلك النهي بأمره بالكتابة تأكيداً للحكم ودلالة عليه من وجهين:
الوجه الأول: النهي الذي يقتضى التحريم.
والوجه الثاني: الأمر الذي يقتضى الوجوب.
الأمر الثالث: قوله تعالى: ? كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ?.
وهو تذكير للكاتب الذي يحتاج الناس إلى كتابته، بأن معرفته للكتابة نعمة امتن الله بها عليه، ولولا أنه تعالى علمه ذلك لكان مثل من يجهلها.
ومن شكره لله تعالى على ذلك التعليم، أن يكتب حقوق الناس ولا يمتنع عن الكتابة.
الأمر الرابع: قوله تعالى: ? ولا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ?.
فقد علم سبحانه وتعالى أن الناس قد يتساهلون في كتابة الدين ويثق بعضهم في بعض، ولكنه علم سبحانه كذلك أن في عدم الكتابة أضراراً قد تنجم إما عن نسيان وإما عن موت وإما عن خيانة، وأن الكتابة أقوم لشهادة الشهود وأنفي للشك والريبة، وإن كان الدين قليلاً.
الأمر الخامس: قوله تعالى: ? ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ?.
و الأقسط هو الأعدل وكونه أقسط عند الله، فالأرضى له والأحب إليه هو فعله، فلا يليق بالمسلم أن يعدل عما هو كذلك عند الله.
الأمر السادس: قوله تعالى: ? وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ ?.
فإن الشهادة وحدها قد تُنسى، وقد يغيب الشاهد وقت الحاجة بسفر أو موت والكتابة أكثر بقاء.
الأمر السابع: قوله تعالى: ? وَأَدْنَى ألا تَرتَابُوا ?.
والريبة تُحدث الشجار والأحقاد بين الناس، وكل شيء ينفي تلك الريبة أو يخففها لا ينبغي التفريط فيه.
الأمر الثامن: قوله تعالى: ? إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارةً حَاضِرةً تُدِيرونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ألا تَكْتُبُوهَا ?.
ونفي الجناح في هذه الحالة الخاصة، يدل على ثبوته فيما عداها.
وقد أمر سبحانه وتعالى مع الكتابة بالشهادة.
وأكد ذلك الأمر من وجوه أيضاً:
الوجه الأول: اشتراط النِّصاب، وهو رجلان، أو رجل وامرأتان، لتكون الشهادة مؤدية الغرض منها، وهو حفظ الحق المشهود عليه.
الوجه الثاني: اشتراط كون الشهداء مسلمين بدليل قوله تعالى: ? مِنْ رجَالِكُمْ ? أي المسلمين؛ لأن المسلم هو الذي يخاف الله ويؤدي الشهادة على وجهها في الغالب، وأكد ذلك بقوله: ? مِمَّنْ تَرضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ ? والمسلم إنما يرضي أخاه المسلم العدل.
الوجه الثالث: قوله تعالى: ? ولا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ? وهو نهي عن الامتناع عن تحمل الشهادة وأدائها، والنهي يقتضي التحريم إذا تعين المدعو لتحمل الشهادة، لما في الإباء عن الشهادة من ضياع الحقوق.
الوجه الرابع: قوله تعالى: ? ولا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ ءَاثِمٌ قَلْبُهُ ? وهو يؤكد أن النهي عن الإباء عن الشهادة للتحريم لما فيه من الإثم.
والآية الكريمة (آية الدين) والتي تليها تستوعب شرحاً مطولاً بأحكامها المفصلة في كتب التفسير وكتب الفقه، والمقصود هنا الإشارة إلى وجوب أداء الدين لصاحبه وفي هذا القدر كفاية. [وقد أجاد القرطبي رحمه الله في تفسيره: الجامع لأحكام القرآن (3/377-420) في أحكام هاتين الآيتين وأكد في مواضع كثيرة على دلالتهما على وجوب حفظ المال وتنميته فراجعه إن شئت].

1 - وقد أجاد القرطبي رحمه الله في تفسيره: الجامع لأحكام القرآن (3/377-420) في أحكام هاتين الآيتين وأكد في مواضع كثيرة على دلالتهما على وجوب حفظ المال وتنميته فراجعه إن شئت



السابق

الفهرس

التالي


16103342

عداد الصفحات العام

92

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م