﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


المثال السادس: حق الضيافة:

المثال السادس: حق الضيافة:
ومن الحقوق التي أثبتها الشارع في المال حق الضيف، وهو إيواؤه وتقديم ما يحتاج إليه من طعام وشراب.
وقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم للضيافة ثلاث حالات:
الحالة الأولى: وجوبها على من نزل به ضيف، ومدتها يوم وليلة.
الحالة الثانية: ندبها وكونها من مكارم الأخلاق التي لا يليق بمن نزل به ضيف أن يقصِّر فيها، ومدتها ثلاثة أيام.
الحالة الثالثة: أن تطيب نفس من نزل به ضيف بالاستمرار في إكرامه أكثر من ثلاثة أيام، وذلك صدقة منه.
أما الحالة الأولى فيدل عليها حديث المقدام بن معد يكرب الكندي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ((ليلة الضيف حق على كل مسلم، فمن أصبح بفنائه فهو عليه دين، إن شاء اقتضى وإن شاء ترك)). [أبو داود (4/127) وابن ماجة (2/1212) قال المحشي على جامع الأصول (7/55): وإسناده صحيح].
وكذلك حديث عقبة بن عامر، رضي الله عنه، قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: إنك تبعثنا، فننزل بقوم فلا يقروننا، فما ترى؟
فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف، فاقبلوا، فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم)). [البخاري (7/104) ومسلم (3/1353)].
فقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم الضيافة حقاً عند المضيف للضيف، وله الحق أن يطالبه بها، كما في حديث المقدام، وأمر صلى الله عليه وسلم الضيف إذا لم يقره من نزل به، أن يأخذ بنفسه ما ينبغي للضيف.
واختلف العلماء في الحكم المراد بهذه الصيغة في الحديثين، وما في معناهما. [راجع سنن أبي داود (4/129)].
فرأى بعضهم أنها دالة على الوجوب، كما هو ظاهر من الحديثين.
ورأى بعضهم أنها دالة على الوجوب، ولكن ليس في كل الأحوال، وإنما في الحالات التي يضطر فيها الضيف فلا يجد شيئاً غير ذلك.
والغالب أن يكون ذلك في البوادي والقرى الصغيرة، وليست واجبة على أهل المدن.
والسبب في القول الأول الإطلاق الذي يظهر من النصوص.
والسبب في القول بالتخصيص، أن النازل بالمدن يستطيع الحصول على قوته بماله، إذ يجد الطعام المعد والشراب، وكذلك يجد المكان الذي ينزل فيه بأجرة، بخلاف البوادي والقرى الصغيرة، فإنه مضطر إلى من يقدم له ما يحتاجه؛ لأنه قد لا يجد من يبيعه أو يؤيه بأجر.
ويرى الجمهور أن الضيافة سُنة مؤكدة وليست واجبة، وتأوَّل بعضهم هذه التأكيدات الدال ظاهرها على الوجوب، بأن الوجوب يكون في حق المضطر. [راجع شرح النووي على مسلم (12/30-31) وجامع الأصول (7/56)].
وعلى كل حال فإن الضيف له حق واجب لا بد من أدائه إليه في صورة من الصور.
والذي يظهر من النصوص أن هذا الحق لا بد منه في اليوم والليلة؛ لأن الضيف قد لا يكون مضطراً، ولكنه يحتاج إلى المساعدة أول نزوله في البلد.
أما الحالة الثانية والثالثة فقد جمعهما ـ مع الحالة الأولى ـ حديث أبي شريح العدوى، رضي الله عنه، قال: سمعت أذناي، وأبصرت عيناي ووعاه قلبي، حين تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم..
فقال: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته)).
قالوا: وما جائزته يا رسول الله؟
قال: ((يومه وليلته، والضيافة ثلاثة أيام فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه)).
وفي رواية: ((ولا يحل لرجل مسلم أن يقيم عند أخيه حتى يؤثمه)).
قالوا: يا رسول الله، وكيف يؤثمه؟
قال: ((يقيم عنده ولا شيء يقريه به)). [البخاري (7/103-104) ومسلم (3/1352-1353) وأبو داود (4/127)].
وذهب ابن حزم رحمه الله إلى وجوب الضيافة مطلقاً.
وقال: "وروينا عن مالك: لا ضيافة على أهل الحاضرة وعلى الفقهاء، وهذا قول في غاية الفساد". وردٌّ على من أوَّل الأحاديث بحال دون حال. [راجع المحلى (9/174-175)].
وننبه على أن المسافر لا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن يكون عنده ما يكفيه من ماله، ويجد ما يشتريه من الطعام والشراب من ماله، ويجد المأوى الذي بستأجره منه، ففي هذه الحالة لا ينبغي له أن يحرج الناس بنزوله عندهم، بل الأولى به أن يعف نفسه ويريح غيره.
الحالة الثانية: أن يكون له مال، ولكنه لا يجد ما يشتريه مما يحتاجه من الطعام والشراب، ويستأجره من المأوى، ففي هذه الحال يعتبر كمن لا مال له، وتجب ضيافته على من نزل عليه.
ولا شك أن معنى الضيافة معقول وليس تعبداً، فإذا وجد المعنى الذي شرعت له الضيافة وجبت، وإذا فقد لم تجب، ولعل ابن حزم قصد هذا المعنى، عندما ساوى بين الحضر والبادية، وهو وجود الحاجة في كلتا الحالتين، والله أعلم.

1 - أبو داود (4/127) وابن ماجة (2/1212) قال المحشي على جامع الأصول (7/55): وإسناده صحيح
2 - البخاري (7/104) ومسلم (3/1353)
3 - راجع سنن أبي داود (4/129)
4 - راجع شرح النووي على مسلم (12/30-31) وجامع الأصول (7/56)
5 - البخاري (7/103-104) ومسلم (3/1352-1353) وأبو داود (4/127)
6 - راجع المحلى (9/174-175)



السابق

الفهرس

التالي


16103315

عداد الصفحات العام

65

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م