﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


المبحث السابع: حماية الأموال من السفهاء.

المبحث السابع: حماية الأموال من السفهاء.

إن أولئك السفهاء والمبذرين والمترفين، الذين ينفقون الأموال في المفاسد التي تعود عليهم وعلى غيرهم من الأمة بالضرر والوبال، ويبخلون بإنفاقها فيما شرع الله، لهم حكم شرعي في باب من أبواب الفقه الإسلامي يمنعهم من إضاعة الأموال والتعدي على حفظها، يسمى: باب الحجر.
أساس هذا الباب قوله تعالى: ?ولا تُؤتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْروفًا?. [النساء: 5].
والحجر قسمان:
القسم الأول: الحجر على الإنسان لحق نفسه.
والقسم الثاني: الحجر عليه لحق غيره.
فالمحجور عليه لحق نفسه، يشمل الصبي والمجنون والسفيه، فلا يجوز أن يدفع المال إلى الصبي، إلا إذا بلغ الصبي وأفاق المجنون من جنونه، رشده و اطمأن وكيلهما أو وصيهما على رشدهما وحسن تصرفاتهما.
وبذلك يزول عنهما السفه المقتضي للحجر عليهما، وذلك لا يحصل إلا بتمرينهما واختبارهما.
كما قال تعالى: ?وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ ءَانَسْتُمْ مِنْهُمْ رشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ولا تَأْكُلُوهَا إِسْرافًا وَبِدَارا أَنْ يَكْبَروا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْروفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا?. [النساء: 6].
والمجنون كالصبي، بل أشد؛ لأنه فاقد العقل جملة.
تأمل التعبير القرآني في الآيتين: الآية السابقة لهذه.
قال تعالى: ? وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ ?.
أضاف الأموال إلى المسؤولين عن حفظها، وهم ليسوا مالكين لها حقيقة.
وفي هذه الآية قال تعالى: ? فَإِنْ ءَانَسْتُمْ مِنْهُمْ رشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ?.
أضاف الأموال إلى أهلها أصلاً، بعد أن تبين أنهم جديرون بحفظها.
ومثل الصبي المجنون، فلا يجوز أن يدفع إليه ماله إلا إذا زال جنونه، وأصبح حسن التصرف فيه بعد الاختبار.
وأما الكبير الذي يُضَيِّع ماله، كالصبي والمجنون، فهو داخل في حكمهما، بسبب السفه القائم به، مثلهما.
لأن صفة السفه هي سبب الحجر على الصبي والمجنون، وهو إذا وجد في الكبير غير المجنون مقتضٍ للحجر عليه، مهما كان كبيراً.
قال ابن قدامة رحمه الله: "الفصل الثاني أن لا يدفع إليه ماله قبل وجود الأمرين: البلوغ والرشد، ولو صار شيخاً، وهذا قول أكثر أهل العلم..
ثم ذكر أن أبا حنيفة، رحمه الله يرى أنه إذا بلغ خمساً وعشرين سنة فك الحجر عنه.
ورد ذلك بقوله: "ولنا قول الله تعالى: ? وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ ءَانَسْتُمْ مِنْهُمْ رشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ?
علق الدفع على شرطين، والحكم المعلق على شرطين لا يثبت بدونهما.
وقال الله تعالى: ? وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ ? يعني أموالهم.
وقول الله تعالى: ? فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً?. [البقرة: 282] فأثبت الولاية على السفيه، ولأنه مبذر لماله فلا يجوز دفعه إليه". [المغني (4/344)].
أما الذي يحجر عليه لحق غيره، فهو المفلس الذي تحمل أموال الناس ديناً، ولم يبق له مال يفي بحاجته وحق غرمائه. فيحجر عليه حتى ينظر الحاكم في ذلك. [راجع المغني (4/306) والمحلى لابن حزم (8/168)].
قلت: وإذا كان الحجر واجباً على السفيه لحق نفسه، فيمنع من التصرف في أمواله لمصلحته، فإن الحجر على السفيه الذي يبذر أموال الأمة، كالولاة، أولى لأنه يضيع أموال الناس ويتصرف فيها تصرف السفيه.
وضرر تصرفه فيها أعظم خطراً بأضعاف مضاعفة من تصرف سفيه في مال يخصه؛ لأن الضرر الواقع على الفرد يهون بجانب الضرر الواقع على الأمة، إلا أن الحجر على أمثال هؤلاء في صعوبة بسبب استبدادهم وقوتهم.

1 - راجع المغني (4/306) والمحلى لابن حزم (8/168)



السابق

الفهرس

التالي


16103322

عداد الصفحات العام

72

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م