[
الصفحة الرئيسية
] [
حول الموقع
] [
تعريف بصاحب الموقع
]
﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب
::
66- سافر معي في المشارق والمغارب
::
(34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف.
::
(067) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(066) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(065) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث
::
::
::
::
::
::
::
::
::
::
جملة البحث
جميع محتويات الموقع
المقالات العامة
مقالات الحدث
الجهاد في فلسطين
2 أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع المسلم
المقالات العامة
الإيمان هو الأساس
غيث الديمة الجزء الأول
غيث الديمة الجزء الثاني
حوارات مع أوربيين مسلمين
حوارات مع أوربيين غير مسلمين
الحدود و السلطان
حكم زواج المسلم بالكتابية
رحلة هونج كونج
جوهرة الإسلام
كتاب الجهاد
المسئولية في الإسلام
دور المسجد في التربية
كتاب سبب الجريمة
كتاب الشورى في الإسلام
كتاب السباق إلى العقول
الإيمان إصطلاحاً و أثره سلوكاً
كتاب طل الربوة
كتاب الوقاية من المسكرات
الكفاءة الإدارية
معارج الصعود إلى تفسير سورة هود
مقدمة سلسلة في المشارق و المغارب
المجلد الأول : رحلات الولايات المتحدة الأمريكية
المجلد الثاني : رحلات المملكة المتحدة (بريطانيا) و آيرلندا
المجلد الثالث : رحلات اليابان وكوريا وهونغ كونغ
المجلد الرابع:رحلات إندونيسيا الجزء الأول 1400هـ ـ 1980م
المجلد الخامس : الرحلة إلى إندونيسيا الجزء الثاني 1410هـ ـ 1990م
المجلد السادس : رحلات إندونيسيا الجزء الثالث 1419هـ ـ 1989م
المجلد السابع : رحلات أستراليا و نيوزيلاندا و سريلانكا
المجلد الثامن : رحلات كندا و إسبانيا
المجلد التاسع : رحلات سويسرا و ألمانيا و النمسا
المجلد العاشر : رحلات بلجيكا و هولندا و الدنمارك
المجلد الحادي عشر:رحلات السويد و فنلندا و النرويج
المجلد الثاني عشر : رحلات فرنسا و البرتغال و إيطاليا
المجلد الثالث عشر : رحلات سنغافورة و بروناي و تايوان
المجلد الرابع عشر : رحلات باكستان و الهند
المجلد الخامس عشر : رحلات تايلاند (بانكوك)
المجلد السادس عشر : الرحلة إلى ماليزيا
المجلد السابع عشر : رحلات الفلبين
المجلد الثامن عشر : رحلة كينيا
الفهرس
المبحث الثالث: القوة والقدرة على التنفيذ:
المبحث الثالث: القوة والقدرة على التنفيذ:
من الأسس التي لا غنى عنها في ولي الأمر أن يكون قوياً ذا إرادة وعزم وإقدام على تنفيذ ما يجب تنفيذه..
فلا يكون ضعيفاً ولا متردداً فإن الضعيف والمتردد لا يصلحان للقيام بالولايات، لما فيهما من تفويت الفرص المتاحة وما ينجم عنهما من الضرر على الولاية.
فالقوي يجتاز العقبات، ويحطم المعوقات، ويجتهد في بلوغ الغاية، ما دامت محققة للمصلحة، والضعيف أوالمتردد يقدم رجلاً ويؤخر أخرى حتى تفوت المصلحة أو تهجم المفسدة..
لذلك كانت القوة من أهم الأسس التي يجب وجودها في المؤمن - وبخاصة ولي الأمر - في الشريعة الإسلامية.
ولقد أمر الله سبحانه وتعالى أن يؤخذ شرعه مأخذ الجد والعزم والقوة.. فقال سبحانه وتعالى مخاطباً بني إسرائيل:
{.. خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
. [البقرة:63].
وقال سبحانه وتعالى:
{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}
. [البقرة:93].
وقال سبحانه وتعالى مخاطباً موسى عليه السلام - وهو رسول بنى إسرائيل:
{وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ}
. [الأعراف:145].
وقال عفريت سليمان :
{قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ}
. [النمل:39].
وقالت ابنة الرجل الصالح صاحب مدين الذي لجأ إليه موسى عليه السلام قبل بعثته، فاراً من بطش فرعون، مبينة لأبيها أنه كفء للقيام بالعمل..
قال سبحانه وتعالى :
{قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ}
. [القصص:26].
تأمل كيف جمعت بين صفتي القوة والأمانة كما جمع بينهما عفريت سليمان.
وأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم إذا عزم على أمر أن يمضيه متوكلاً على ربه..
فقال:
{وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}
. [آل عمران: من الآية159].
وأمره صلى الله عليه وسلم أن يصبر على ما يصيبه من أذى وهو ينفذ أمر ربه كما صبر أولو العزم من الرسل، فقال:
{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُل}
. [الأحقاف: من الآية35].
وهناك آيات أخرى لم يصرح فيها بالقوة والعزم لفظاً ولكنها تحمل معناها، مثل قوله سبحانه وتعالى عن يوسف عليه السلام عندما طلب من ملك مصر أن يوليه شؤون المال:
{قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}
[يوسف:55]. فإن الحفظ لا يوجد إلا بأمرين:
الأمر الأول الأمانة، وهي التي وصف بها العزيز يوسف عندما قال له:
{إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ}
. [يوسف: من الآية54].
والأمر الثاني: القوة والقدرة على الحفظ.
وكذلك قوله عز وجل:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً}
. [النساء:58].
فإن الحكم بالعدل لا يوجد إلا بالأركان الثلاثة:
الأمانة..والعلم بأن هذا عدل وذاك ظلم.. والقدرة على تنفيذ الحكم..
وكذلك وصف الله سبحانه وتعالى طالوت بزيادته إياه بسطة في العلم والجسم، فإن ذلك دليل أنه قوي قادر على القيام بشأن الحرب، والقوة في كل شيء بحسبه، كما قرر ذلك العلماء وسيأتي كلام ابن تيمية رحمه الله في هذا.
وبين الرسول صلى الله عليه وسلم أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف..كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(
(
المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان
)
)
.
[مسلم
(4/2052)
]
.
وإنما كان المؤمن القوي خيراً وأحب إلى الله لوجود مزية فيه على غيره، وهى تلك القوة التي ينفذ بها أوامر الله، وأحوج الناس إلى القوة لتنفيذ أوامر الله هم ولاة الأمر المؤمنون الذين أنيط بهم هذا التنفيذ أكثر من غيرهم، بل لا قدرة لغيرهم مثلهم على تنفيذ الحق الذي أمر الله به، لأن غيرهم وإن كانوا أقوياء على ما كلفوا تنفيذه، قد لا يخضعون لأمر الله، بل يعارضون ويحاربون أهله...
ونصح صلى الله عليه وسلم أمته من أن يتولى شؤونها من هو ضعيف عن القيام بولاياتها، نصح الأمة في شخص أبي ذر رضي الله عنه حيث أمره أن يبتعد عن الإمارة لعدم قدرته على تنفيذها..كما روى هو رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله ألا تستعملني؟
قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال:
(
(
يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها
)
)
.
[مسلم
(3/1457)
]
.
إن أبا ذر لا ينقصه العلم ولا تنقصه الأمانة والإرادة، ولكن تنقصه القوة، فكانت سبباً في عدم إسناد الرسول صلى الله عليه وسلم إليه ولاية.
وإن الذي يتتبع قصص الأنبياء والرسل عليهم السلام مع قومهم، يجدهم قد ضربوا أروع الأمثلة على العزم والقوة في تنفيذ ما ولاهم الله سبحانه وتعالى أمره، وهم قدوة البشر في كل خير..
وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقتدى بهداهم بعد أن ذكر منهم ثمانية عشر نبياً.
فقال الله عز وجل له:
{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ}
. [الأنعام:90].
فمن مواقف نبي الله ورسوله نوح عليه السلام ذلك الموقف من المستضعفين الفقراء الذين شنع عليه الملأ بسبب اتباعهم له وقربهم منه، وطلبهم منه طردهم ليتمكنوا في زعمهم من اتباعه، لأنه لا يسعهم أن يكونوا وهم أهل الغنى والجاه أن يجتمعوا مع من هم أذلاء..
فقال لهم نوح عليه السلام:
{وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ * وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}
. [هود:29-30].
ومن مواقف نبي الله ورسوله هود عليه السلام ذلك الإصرار على السير في طاعة الله والدعوة إليه مهما تآمر عليه القوم وكادوا فقال لهم - في عزم..
{ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}
. [هود:54-56].
ومن مواقف الرسول صلى الله عليه وسلم الصارمة موقفه من إمضاء صلح الحديبية مع المشركين الذي كان ظاهره الحيف بالمسلمين، كما فهم ذلك بعض صحابته.
لما في شروط الصلح من رجوع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن البيت قبل أداء العمرة، وإرجاع من جاء من المشركين مسلماً إليهم، وعدم إرجاع من جاء من المسلمين إلى المشركين..
حتى أخذ عمر رضي الله عنه يصول ويجول ويراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أبا بكر، متعجبا من الصلح الذي ظهر له منه غبن أهل الحق..
كما في حديث سهل بن حنيف: "إنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ولو نرى قتالا لقاتلنا، فجاء عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ فقال:
(
(
بلى
)
)
فقال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال:
(
(
بلى
)
)
قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا أنرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟
فقال:
(
(
يا بن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبداً
)
)
فانطلق عمر إلى أبي بكر فقال له مثل ما قال للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبداً. فنزلت سورة الفتح فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمر إلى آخرها. فقال عمر: يا رسول الله أو فتح هو؟ قال:
(
(
نعم
)
)
" .
[البخاري، برقم
(3011)
ومسلم
(1785)
]
.
وكذلك موقفه صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى أحد حيث كان رأيه أولاً عدم الخروج من المدينة، بل يبقى هو وأصحابه بها، فإذا هاجمهم المشركون قاتلهم الرجال في الطرقات والنساء من على سطوح المنازل.
ثم لما تنازل عن رأيه وعزم على الخروج ندم الذين طلبوا منه الخروج وطلبوا منه البقاء فأبى أن يتنازل بل عزم على الخروج.. وقال:
(
(
ما ينبغي لنبي لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه
)
)
.
[راجع زاد المعاد
(3/193)
بتحقيق الأرناؤوط، قال المحقق: "أخرجه ابن هشام عن ابن إسحاق، عن الزهري وغيره مرسلاً وعلق البخاري بعضه وأخرجه بتمامه ونحوه أحمد.. والدارمي.. موصولاً من طريق أبن الزبير عن جابر ورجاله ثقات، وله شاهد من حديث ابن عباس عند الحاكم وأحمد.. وصححه ووافقه الذهبي]
.
وهو تنفيذ لقوله سبحانه وتعالى:
{وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}
. [آل عمران: من الآية159].
ولو أن ولي الأمر يتردد في الأمور فلا يبت فيها ولا يتخذ القرار المناسب في وقته، لكان في ذلك فشله الذريع وطمع الناس في ثَنْيِه عن أمره الذي يجب عليه تنفيذه إذا كان لهم في ذلك مصلحة ولو خالفت المصلحة العامة.
ومن مواقفه الحازمة صلى الله عليه وسلم، ما جاء في قصة الزبير والأنصاري عندما اختصما إليه في سقي أرضيهما..
كما روى عروة بن الزبير: "أن الزبير كان يحدث أنه خاصم رجلاً من الأنصار قد شهد بدراً، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراج من الحرة، كانا يسقيان به كلاهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير:
(
(
اسق يا زبير ثم أرسل إلى جارك
)
)
فغضب الأنصاري فقال: يا رسول الله أن كان ابن عمتك.. فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال:
(
(
اسق ثم احبس حتى يبلغ الجدر
)
)
..
فاستوعى رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ حقه للزبير، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك أشار على الزبير برأي سعة له وللأنصاري، فلما أحفظ الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وسلم، استوعى للزبير حقه في صريح الحكم..
قال عروة: والله ما أحسب هذه الآية نزلت إلا في ذلك:
{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}
.
[البخاري، برقم
(2561)
(3/171)
ومسلم
(2357)
والآية في سورة النساء:65]
.
فقد أشار صلى الله عليه وسلم في أول الأمر بالصلح الذي لا يضر صاحب الحق، وينفع من يليه، وهو الأنصاري بقوله:
(
(
اسق يا زبير ثم أرسل إلى جارك
)
)
حيث يفهم منه أن يسقي الزبير أرضه سقياً كافياً في الجملة، مع شيء من التسامح لخصمه..
فلما صدر من خصمه ذلك الكلام الذي فيه اعتراض على رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبارته التي كانت في مصلحته، غضب الرسول صلى الله عليه وسلم وحكم بالحق الذي للزبير أن يستوفيه، وهو سقى أرضه حتى يبلغ الماء الجدر..
وفيه مع كونه حكماً شرعياً - حزم وضبط إداري، وإصرار وقوة على التنفيذ.
[راجع شرح الحديث في فتح الباري
(5/34-40)
]
.
ومن أظهر مواقف الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الباب موقفه من الشفاعة في إقامة الحد الذي أمر الله به..
كما في قصة المخزومية التي روتها عائشة رضي الله عنهـا: "أن قريشاً أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: من يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يجترئ عليه إلا أسامة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم.. فقال:
(
(
أتشفع في حد من حدود الله
)
)
.. ثم قام فخطب فقال:
(
(
يا أيها الناس إنما ضل من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها
)
)
.
[البخاري، برقم
(6406)
ومسلم، برقم
(1688)
]
.
وقد دل الحديث على المراد من وجوه:
الوجه الأول: إنكار رسول الله صلى الله عليه وسلم على الشافع.
الوجه الثاني: إنكاره على المتشفعين في خطبته العامة.
الوجه الثالث: بيانه ذلك لعامة الناس.
الوجه الرابع: إخباره بأن صنع ذلك، وهو التفريق بين الشريف والضعيف ضلال سبقت به الأمم الماضية.
الوجه الخامس: إصراره على التنفيذ ولو كان الذي يستحق العقوبة أقرب الناس إليه صلى الله عليه وسلم، وهي بنته وهو غاية في الحزم والتنفيذ والبعد عن التردد في إحقاق الحق.
والأمثلة من مواقفه صلى الله عليه وسلم كلها كانت حزماً وإصراراً على تنفيذ أمر الله والانتقام لحرماته.. كما روت عائشة رضي الله عنهـا قالت: "ما خير النبي صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثم، فإذا كان الإثم كان أبعدهما منه، والله ما انتقم لنفسه في شيء يؤتى إليه، حتى تنتهك حرمات الله فينتقم لله.
[البخاري
(8/16)
ومسلم
(4/1813-1814)
]
.
وبمثل هذه المواقف التي لا يحابي فيها من يتولى إدارة شئون الناس أحدا منهم، يأمنون على حقوقهم، فلا تسلبهم الشفاعات غير الشرعية ولا الرشوة الآثمة ما يستحقونه شرعا، كما تسلبهم ذلك تانك البليتان، وكما هو الواقع اليوم في عامة البلدان الإسلامية...
وإنه صلى الله عليه وسلم لأسوة حسنة في قوله وفي فعله، فقد مضى أنه صلى الله عليه وسلم قال:
(
(
المؤمن القوى خير من المؤمن الضعيف وفي كل خير
)
)
.
وأنه قال لأبي ذر:
(
(
إنك ضعيف
)
)
.
[
9
]
.
1
- مسلم (4/2052)
2
- مسلم (3/1457)
3
- البخاري، برقم (3011) ومسلم (1785)
4
- راجع زاد المعاد (3/193) بتحقيق الأرناؤوط، قال المحقق: "أخرجه ابن هشام عن ابن إسحاق، عن الزهري وغيره مرسلاً وعلق البخاري بعضه وأخرجه بتمامه ونحوه أحمد.. والدارمي.. موصولاً من طريق أبن الزبير عن جابر ورجاله ثقات، وله شاهد من حديث ابن عباس عند الحاكم وأحمد.. وصححه ووافقه الذهبي
5
- البخاري، برقم (2561) (3/171) ومسلم (2357) والآية في سورة النساء:65
6
- راجع شرح الحديث في فتح الباري (5/34-40)
7
- البخاري، برقم (6406) ومسلم، برقم (1688)
8
- البخاري (8/16) ومسلم (4/1813-1814)
9
- ذكرت مصادرهما قريباً
الفهرس
16124052
عداد الصفحات العام
2667
عداد الصفحات اليومي
جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م