﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


أمثلة من مواقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

أمثلة من مواقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
المثال الأول: موقفه رضي الله عنه من الإقدام بأصحابه إلى أرض الشام التي انتشر فيها مرض الطاعون..
فقد استشار أصحابه رضي الله عنهم فاختلفوا وطال الحوار بينه وبينهم، وترجح له عدم الإقدام، فقال له أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه: "أفراراً من قدر الله؟".
فقال عمر رضي الله عنه: "لو غيرك قالها يا أبا عبيدة؟ نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كان لك إبل هبطت وادياً له عدوتان: إحداهما خصبة، والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟".
وكان ذلك اجتهاداً من عمر رضي الله عنه، ولكن عبد الرحمن بن عوف أسعفه بالدليل المؤيد لرأيه من قول الرسول صلى الله عليه وسلم.
وهذا نص ما أدلى به :" قال فجاء عبد الرحمن بن عوف، وكان متغيباً في بعض حاجته، فقال: إن عندي في هذا علما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه)) قال فحمد الله عمر ثم انصرف". [البخاري، برقم (5397) ومسلم (2219)، وفي كتابي الشورى تفصيل لهذه المسألة والتي تليها].
المثال الثاني: موقفه من حبس أرض العراق والشام التي فتحت عنوة..
وقد استشار الصحابة رضي الله عنهم، فوافقه بعضهم على الحبس لما أظهر من الحجج وأهمها رعاية مستقبل المحتاجين من المسلمين وسد الثغور وحماية المدن والقرى..
وعارضه بعض الصحابة مستدلين بظاهر القرآن الكريم: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. [الأنفال:41].
ولكنه أمضى ما رآه ووافقه عليه بعض الصحابة لما استقر عندهم من ضرورة الحبس وما يترتب عليه من الآثار والمصالح العامة. [2].
وما أمضاه عمر رضي الله عنه في هذه القضية، كان اجتهادا منه القصد منه جلب مصلحة عامة راجحة، ودفع مفسدة عامة راجحة... يمكن تشبيهها بضرورة حفظ النفس بأكل الميتة عندما لا يجد المضطر غيرها... واضطرار الأمة أولى بالرعاية من اضطرار الفرد، ويبقى الحكم على ما هو عليه، إذا زالت المفسدة
فقد دل القرآن الكريم، والسنة النبوية القولية والفعلية، وعمل خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم أن القوة من الأسس التي لا غنى لولي الأمر عنها..
لأن الضعيف لا يستطيع أن ينفذ الحق الذي يدين الله به، وتنفيذ الحق هو الذي يظهر الحق ويثبته ويجعل الناس يخضعون له، وليس مجرد الدعوة إليه وإظهار محاسنه بالكلام..
وكم من ولاة لأمور الناس أساؤوا إلى دين الله بسبب سعيهم لتولي مناصب لا قدرة لهم على القيام بها، أو قبلوها وهم يعلمون من أنفسهم ذلك؟!
والقوة شاملة لقوة العقل وقوة الإرادة وقوة الحواس، ومن أخطر الأمور الدالة على ضعف المسؤول كثرة التردد والشك والخوف من اتخاذ القرار في وقته، والإصغاء للمثبطين بعد ظهور رجحان الإقدام في الأمر.. فإن مَن تلك حاله يكون محلاً لطمع الطامعين وتثبيط المثبطين، ولذلك قال الله لرسوله صلى الله عليه وسلم وهو قدوة أمته: {..فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}. [آل عمران: من الآية159].
وقد أوجز شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الكلام على الأسس الثلاثة المذكورة وهي: الأمانة والعلم والخبرة، والقوة والقدرة على التنفيذ فقال:
" فان الولاية لها ركنان: القوة والأمانة..كما قال سبحانه وتعالى: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ}. [القصص:26].
وقال صاحب مصر ليوسف عليه السلام: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ}. [يوسف:54].
وقال سبحانه وتعالى في صفة جبريل: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ}. [التكوير:19-21].
والقوة في كل ولاية بحسبها، فالقوة في إمارة الحرب ترجع إلى شجاعة القلب وإلى الخبرة بالحروب والمخادعة فيها، فإن الحرب خدعة وإلى القدرة على أنواع القتال، من رمى وطعن وضرب وركوب وكر وفر، ونحو ذلك.
كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ}. [الأنفال:60].
ينبغي التنبه إلى أن ابن تيمية أدخل الخبرة في القوة، وذلك أن قوة الإنسان بدون خبرة ليست قوة في حقيقة الأمر؛ لأنها قد تضر ولا تنفع، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب))..
ثم قال: "والقوة في الحكم بين الناس ترجع إلى العلم بالعدل الذي دل عليه الكتاب والسنة، وإلى القدرة على تنفيذ الأحكام..
والأمانة ترجع إلى خشية الله، وأن لا يشتري بآياته ثمناً قليلاً، وترك خشية الناس، وهذه الخصال الثلاث التي أخذها الله على كل من حكم على الناس..
{..فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}. [مجموع الفتاوى (28/253) والآية في المائدة: من الآية44].
وكان ولاة الأمور الأقوياء الأمناء الخبراء يختارون لولاياتهم من تتوافر فيهم تلك الصفات.
ومما يروي في هذا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولَّى شرحبيل بن حسنة على الشام ثم عزله وأضاف عمله إلى معاوية بن أبي سفيان، فقال شرحبيل: أعن سخطة عزلتنى يا أمير المؤمنين؟ قال: لا إنك لكما أحب، ولكني أريد رجلاً أقوى من رجل.. فقال شرحبيل: فأعذرني في الناس لا تدركني هجنة، فقام عمر فقال: "أيها الناس إني والله ما عزلت شرحبيل عن سخطة، ولكني أردت رجلاً أقوى من رجل". [راجع عمر بن الخطاب وأصول السياسة والإدارة الحديثة صفحة 273 لسليمان محمد الطماوي، طبع دار الفكر العربي ـ مصر. وراجع كتاب بدائع السلك في طبائع الملك لأبي عبد الله بن الأزرق (1/498-505)].
1 - البخاري، برقم (5397) ومسلم (2219)، وفي كتابي الشورى تفصيل لهذه المسألة والتي تليها
2 - راجع كتاب الخراج لأبي يوسف صفحة 24-27
3 - مجموع الفتاوى (28/253) والآية في المائدة: من الآية44
4 - راجع عمر بن الخطاب وأصول السياسة والإدارة الحديثة صفحة 273 لسليمان محمد الطماوي، طبع دار الفكر العربي ـ مصر. وراجع كتاب بدائع السلك في طبائع الملك لأبي عبد الله بن الأزرق (1/498-505)



السابق

الفهرس

التالي


16124062

عداد الصفحات العام

2677

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م