﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


المبحث الأول: الإخلاص:

المبحث الأول: الإخلاص:
المراد بالإخلاص هنا معناه الشرعي الذي ينال المسلم العامل المتصف به ثواب الله سبحانه وتعالى في الآخرة، وإن أخذ على عمله في الدنيا أجرا ماديا، وهو تصفية الإنسان عمله من شوائب إرادة غير وجه الله سبحانه وتعالى، أي أن يقصد بعمله وجه ربه ولا يقصد به أحداً سواه، فيتجرد له ولا يلتفت إلى سواه، والذي يتصف بهذه الصفة يؤدي عمله بإتقان في سره وعلنه مراقبا ربه في ذلك، ويحرص كل الحرص أن يتقن ما أسند إليه من مصالح المسلمين، لأنه يعتبر ذلك عبادة لربه يثيبه على ما أتقن ويحاسبه على ما قصر فيه، ونجاحه في عمله من السعي في نصر دين الله، وتقصيره فيه مضر بنفسه وبمجتمعه....
وقد تعبدنا الله سبحانه وتعالى بالنصح له ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم..
قال سبحانه وتعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}. [البينة:5].
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) . [البخاري (1/2) ومسلم (3/1515)].
والذي يتولى أمور المسلمين لغرض آخر، كالطمع في الجاه أو المنصب أو التقرب إلى من هو أعلى منه من المسؤولين عن الأمة، وليس قصده إرضاء ربه بقيامه بمصالح الأمة، لا يؤمن تقصيره في عمله إذا ما حصل على بغيته، بل إذا رأى أن تقصيره قد يحقق له بعض المكاسب المادية في بعض الأحيان قد يتعمد ذلك التقصير، وإذا خلا عن المراقبة البشرية لا يبالي بمصالح الناس، بخلاف المخلص لله المتجرد لرضاه..
فإنه كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)) . [البخاري (6/20) من حديث أبي هريرة. ومسلم (1/37) من حديث عمر بن الخطاب..].
فهو محسن عمله في كل الأحوال لأنه يتقي الله، ويخاف مقامه بين يديه.
كما قال سبحانه وتعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}. [النازعات: 40-41].
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((اتق الله حيثما كنت)) . [الترمذي (4/355) من حديث لأبي ذر، وقال: هذا حديث حسن صحيح، والدارمي في سننه (2/231) وقال محققه: رواه أيضاً أحمد والبيهقي والترمذي والحاكم، وصححه الذهبي].
ولقد ابتليت الأمة الإسلامية بمن يـلي أمورها في ولاياتها الكبرى والصغرى من غير المتقين المخلصين أعمالهم لربهم والمراقبين له في سرهم وعلنهم..
بل بذوي المطامع والأهواء الذين لا يقصدون بولاياتهم إلا تحقيق مآربهم، من جاه ومنصب وجمع مال وتسلط علي رقاب الناس، إلا من شاء ربك وقليل ما هم.
ولهذا ظهرت في الأمة الخيانات المالية والسياسية والعسكرية والإدارية، وتعطلت الأعمال ومنع الناس من حقوقهم وقل النتاج..
كل ذلك بسبب فقد الإخلاص أو ضعفه الشديد وحلول المطامع الشخصية محله.
ولقد أصبح بعض من يتصدون للكتابة في شؤون الإدارة يتمنى وجود الإخلاص في العمل، ولكنه لم يهتد إلى الميزان الذي يوزن به إخلاص الموظف عند الله وعند رسوله وعباده المؤمنين..
بل نظر إلى الإخلاص للعمل نفسه، ثم جزم بأنه يستطيع أن يحكم على الشخص بأنه مخلص بمقابلته في أول لقاء، معتمداً على النظرات والإيماءات والتعبيرات..
فقال: "الإخلاص أعظم قوة في العالم، إنه نور يشع في الأعين وقوة تبدو في الصوت، لذلك إذا تقابل اثنان معاً لأول مرة، فإنه يمكن لكل منهما أن يحكم على الآخر حكماً عادلاً اعتماداً على نظراته وإيماءاته وتعبيراته، إنني استطع دائماً أن أتعامل مع الشخص المخلص بصرف النظر عما إذا كان مخطئاً أم مصيباً لأنني أعرف موقفه تمام المعرفة". [4].
إن كون المخلص محل ثقة الناس أمر مسلم لا شك فيه، لكن يجب أن يعلم أن المخلص الذي يكون محل ثقة الناس هو المخلص لله الذي يطمع في ثوابه ويخاف من عقابه.. وليس من يقال عنه إنه مخلص للزعيم أو للشركة أو للعمل، فإن خيانة هذا متوقعة؛ لأن الذي أخلص له في زعمهم لا قدرة له على مراقبته في كل مكان حتى يتقيه ويخلص له حيثما كان، بخلاف من أخلص لله فإن مراقبته له دائمة في كل مكان.
أما الحكم على الإنسان بالإخلاص أو عدمه والثقة به أو عدمها بمجرد مقابلته أول مرة، اعتماداً على التعبيرات والإيماءات والنظرات، فإن ذلك غير مسلم، مهما أوتي الإنسان من الذكاء والفراسة..
فإن كثيراً من الناس عندهم القدرة على تلبس ما يجعله محل الثقة، من تصنع الصدق في الحركة والانفعال العاطفي، وهو بخلاف ذلك، وإنما يظهر الإخلاص في الإنسان بالمخالطة الطويلة والتجربة..
وقد قال الله سبحانه وتعالى عن المنافقين: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}. [المنافقون: 4].
والذي لا يرزق خلق الإخلاص لا يجد ما يزن به تصرفاته إلا هواه، وهو متقلب بتقلب شهواته ورضاه وغضبه..
فالأمر الذي يراه اليوم وينصر أهله ويقف ضد من عاداه، ينقلب عليه غداً فيكرهه ويكره مَن يعمله ويقف ضد من يراه، لا يستقر في آرائه على قرار، ولا يوثق بكلمته في شيء، لشدة اضطرابه بسبب اضطراب هواه وشهواته.. وهو إذا ولى أمراً من أمور الأمة وبال على الأمة.
قال ابن تيمية رحمه الله: "قوم لا يقومون إلا في أهواء نفوسهم فلا يرضون إلا بما يعطونه، ولا يغضبون إلا لما يحرمونه.
فإذا أُعطِيَ أحدهم ما يشتهيه، صار الأمر الذي كان عنده منكراً ينهي عنه ويعاقب عليه ويذم صاحبه ويغضب عليه، مَرْضِياً عنده وصار فاعلاً له وشريكاً فيه ومعاوناً عليه ومعادياً لمن نهى عنه.. وهذا غالب في بني آدم يرى الإنسان ويسمع من ذلك مالا يحصيه". [الفتاوى (28/147). راجع أيضاً نفس الكتاب (28/361)].
وننبه بعد هذا على أن من يتقن عمله الإداري ـ أو غيره من الأعمال غير العبادية ـ ويقوم به على الوجه المطلوب، ويعطي كل ذي حق حقه بلا تأخير ولا مماطلة ولا يقصد به ثواب الله، بل يقوم به في مقابل ما يناله من أجر أو جاه أو منصب...
أقول: ننبه على أن من يتقن عمله بهذه الصفة ينبغي أن يشكر على إتقان عمله وأدائه حقوق من تولى شئونهم الإدارية، لما يترتب على إحسان العمل وإتقانه من تقدم وتفوق لشعبه، لاطمئنان الناس على نيل حقوقهم بدون حيف ولا غش، فيدفعهم ذلك إلى العمل الجاد كل فيما يجيده....
وما تَقَدُّمُ كثيرٍ من الدول والشعوب الغربية - وهي غير مسلمة - في الصنائع و التجارات والعلوم وغيرها من الحضارة المادية، إلا ثمرة من ثمار إتقان الأعمال تطبيقا للأنظمة والقوانين الإدارية الضابطة لكل من يتولى أمرا من أمور الناس، من أعلى رتبة إلى أدناها.
والذي يقيم في الدول الغربية أو يزورها ويقارن بين ما يجري فيها في المجال الإداري، وبين ما يجري الشعوب الإسلامية، يصاب بالدهشة والعجب، ويضيق صدره من تصرفات المديرين الكبار والصغار في بلاده التي كان أهلها أولى بإتقان العمل من غيرهم، لأن دينهم هو دين الإحسان والعدل والرحمة وإعطاء كل ذي حق حقه....
وليس من يتقن عمله الإداري من المسلمين وإن لم يرد بإتقانه ثواب الله، معرضا للإثم وإن حرم من ثواب الله لعدم إرادته ذلك، مثله مثل صاحب أي مهنة من المهن العادية يتقن مهنته ولا يقصد بإتقانه وجه الله، بل يقصد به ما يناله من وراء لك من أجر مادي أو ثناء من الناس، كالنجار والمزارع والتاجر والمهندس وغيرهم....
والخلاصة أن إرادة المسلم من عمله العادي الذي يتقنه ثواب الله سبحانه وتعالى، ينقلب إلى عمل عبادي بتلك الإرادة فيثاب على نيته، ويرجى منه الاستمرار في إتقان أعماله، بسبب اتصافه بتلك الصفة التي تجعله يستمر في إتقان عمله في كل الأحوال، لإخلاصه لربه ومراقبته في عمله، لأن المسلم يحرص أن يكون نشاطه كله عبادة لله سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}. [الأنعام: 163].
وبهذا الفهم الشامل فَهِم السلفُ الصالِحُ معنى العبادة، فلم تشذ حركة أو سَكْنَة في حياة المسلم، من الواجبات التي تؤدَى، وكذلك المندوبات والمباحات -إذا قصد بها وجه الله - والمحرمات التي تترك، وكذلك المكروهات، لم تشذ عن العبادة التي هي معنى وجود الإنسان، ولهذا كان السلف يرجون ثواب الله على نشاطهم كله، كما قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: "والله إني لأحتسب نومتي، كما أحتسب قومتي". [البخاري رقم الحديث 4342، فتح الباري (8/60)، ومسلم (3/1456)]. أي أرجو بنومي على سريري ثواب الله، كما أرجو ذلك من قيامي الليل].
وعرف شيخ الإسلام ابن تيمية العبادة حسب هذا الفهم الواسع بقوله: "اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة". [مجموع الفتاوى (10/149)].
فما من أمر ينوي الإنسان فعله، من الطاعات أو المباحات، قاصداً به وجه الله، ثم يفعله، أو لا يفعله، لعدم قدرته على فعله إلا كتبه الله في ميزان حسناته، فهو عبادة.
وما من أمر ينوي المؤمن تركه من المحرمات والمكروهات والمباحات، قاصداً بتركه وجه الله، ثم يتركه، إلا كتب الله له تركه في ميزان حسناته، فهو عبادة أيضاً، بل إذا هم بسيئة ثم تركها لله كتبها الله له حسنة.
فحياة المؤمن كلها عبادة، ولذلك يستكثر من الطاعات سواء كان في الإدارة أو المسجد أو في السوق، في المصنع أو في الدكان، في المنزل أو خارجه، نائماً أو مستيقظاً: "والله إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي".
وإن الله سبحانه وتعالى ليأجر المسلم حتى على اللقمة يضعها في فم امرأته، كما في حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: ((وإنك لن تنفق نفقة إلا أجرت عليها حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك...)) . [صحيح البخاري، برقم (6352) ومسلم، برقم (1628)].
وقال النووي رحمه الله: "وفيه أن المباح إذا قصد به وجه الله سبحانه وتعالى، صار طاعة ويثاب عليه، وقد نبه على هذا بقوله : حتى اللقمة تجعلها فِي في امرأتك، لأن زوجة الإنسان هي من أخص حظوظه الدنيوية وشهواته وملاذه المباحة". [شرح النووي على مسلم(11/77)].
و قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "قال بن دقيق العيد: فيه أن الثواب في الإنفاق مشروط بصحة النية وابتغاء وجه الله، وهذا عسر إذا عارضه مقتضى الشهوة، فإن ذلك لا يحصل الغرض من الثواب حتى يبتغي به وجه الله وسبق تخليص هذا المقصود مما يشوبه". [فتح الباري (5/367) ].
بل يؤجر الرجل على إتيان امرأته ليحصنها ويحصن نفسه، ويطلب بذلك الولد صدقة يثاب عليها..
كما في حديث أبي ذر رضي الله عنه، أن ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم.
قال: ((أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهى عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة)).
قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: ((أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر)) . [صحيح مسلم، برقم 1006) ].
قال النووي رحمه الله: "قوله صلى الله عليه وسلم ((وفي بضع أحدكم صدقة)) .... وفي هذا دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات، فالجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر الله سبحانه وتعالى به، أو طلب ولد صالح أو إعفاف نفسه أو إعفاف الزوجة، ومنعهما جميعا من النظر إلى حرام أو الفكر فيه أو الهم به، أو غير ذلك من المقاصد الصالحة ". [شرح النووي على مسلم (7/92)].
ولا شك أن ولي أمر المسلمين أولى بنيل ثواب الله على عمله الإداري الذي يقضي به حوائج رعيته، ممن يأتي امرأته لأن هذا مدفوع بدافع قوي وهو حظ نفسه وقضاء شهوته، بخلاف الأول الذي يدعوه حظه إلى الراحة وقلة الاهتمام يشئون الأمة، إن لم يكن حريصا على رضا ربه بعمله.

1 - البخاري (1/2) ومسلم (3/1515)
2 - البخاري (6/20) من حديث أبي هريرة. ومسلم (1/37) من حديث عمر بن الخطاب..
3 - الترمذي (4/355) من حديث لأبي ذر، وقال: هذا حديث حسن صحيح، والدارمي في سننه (2/231) وقال محققه: رواه أيضاً أحمد والبيهقي والترمذي والحاكم، وصححه الذهبي
4 - القيادة الإدارية الحديثة لأحمد الشنتاوي ـ الطبعة الأولى ـ دار المعرفة ـ القاهرة ص26
5 - الفتاوى (28/147). راجع أيضاً نفس الكتاب (28/361)
6 - البخاري رقم الحديث 4342، فتح الباري (8/60)، ومسلم (3/1456)
7 - مجموع الفتاوى (10/149)]]. فما من أمر ينوي الإنسان فعله، من الطاعات أو المباحات، قاصداً به وجه الله، ثم يفعله، أو لا يفعله، لعدم قدرته على فعله إلا كتبه الله في ميزان حسناته، فهو عبادة. وما من أمر ينوي المؤمن تركه من المحرمات والمكروهات والمباحات، قاصداً بتركه وجه الله، ثم يتركه، إلا كتب الله له تركه في ميزان حسناته، فهو عبادة أيضاً، بل إذا هم بسيئة ثم تركها لله كتبها الله له حسنة. فحياة المؤمن كلها عبادة، ولذلك يستكثر من الطاعات سواء كان في الإدارة أو المسجد أو في السوق، في المصنع أو في الدكان، في المنزل أو خارجه، نائماً أو مستيقظاً: "والله إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي". وإن الله سبحانه وتعالى ليأجر المسلم حتى على اللقمة يضعها في فم امرأته، كما في حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: ((وإنك لن تنفق نفقة إلا أجرت عليها حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك...)) . [[صحيح البخاري، برقم (6352) ومسلم، برقم (1628)]]. وقال النووي رحمه الله: "وفيه أن المباح إذا قصد به وجه الله سبحانه وتعالى، صار طاعة ويثاب عليه، وقد نبه على هذا بقوله : حتى اللقمة تجعلها فِي في امرأتك، لأن زوجة الإنسان هي من أخص حظوظه الدنيوية وشهواته وملاذه المباحة". [[شرح النووي على مسلم(11/77)]]. و قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "قال بن دقيق العيد: فيه أن الثواب في الإنفاق مشروط بصحة النية وابتغاء وجه الله، وهذا عسر إذا عارضه مقتضى الشهوة، فإن ذلك لا يحصل الغرض من الثواب حتى يبتغي به وجه الله وسبق تخليص هذا المقصود مما يشوبه". [[فتح الباري (5/367) ]]. بل يؤجر الرجل على إتيان امرأته ليحصنها ويحصن نفسه، ويطلب بذلك الولد صدقة يثاب عليها.. كما في حديث أبي ذر رضي الله عنه، أن ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم. قال: ((أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهى عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة)). قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: ((أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر)) . [[صحيح مسلم، برقم 1006) ]]. قال النووي رحمه الله: "قوله صلى الله عليه وسلم ((وفي بضع أحدكم صدقة)) .... وفي هذا دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات، فالجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر الله سبحانه وتعالى به، أو طلب ولد صالح أو إعفاف نفسه أو إعفاف الزوجة، ومنعهما جميعا من النظر إلى حرام أو الفكر فيه أو الهم به، أو غير ذلك من المقاصد الصالحة ". [[شرح النووي على مسلم (7/92)]]. ولا شك أن ولي أمر المسلمين أولى بنيل ثواب الله على عمله الإداري الذي يقضي به حوائج رعيته، ممن يأتي امرأته لأن هذا مدف
8 - صحيح البخاري، برقم (6352) ومسلم، برقم (1628)]]. وقال النووي رحمه الله: "وفيه أن المباح إذا قصد به وجه الله سبحانه وتعالى، صار طاعة ويثاب عليه، وقد نبه على هذا بقوله : حتى اللقمة تجعلها فِي في امرأتك، لأن زوجة الإنسان هي من أخص حظوظه الدنيوية وشهواته وملاذه المباحة". [[شرح النووي على مسلم(11/77)]]. و قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "قال بن دقيق العيد: فيه أن الثواب في الإنفاق مشروط بصحة النية وابتغاء وجه الله، وهذا عسر إذا عارضه مقتضى الشهوة، فإن ذلك لا يحصل الغرض من الثواب حتى يبتغي به وجه الله وسبق تخليص هذا المقصود مما يشوبه". [[فتح الباري (5/367) ]]. بل يؤجر الرجل على إتيان امرأته ليحصنها ويحصن نفسه، ويطلب بذلك الولد صدقة يثاب عليها.. كما في حديث أبي ذر رضي الله عنه، أن ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم. قال: ((أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهى عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة)). قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: ((أرأيتم ل
9 - شرح النووي على مسلم(11/77)]]. و قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "قال بن دقيق العيد: فيه أن الثواب في الإنفاق مشروط بصحة النية وابتغاء وجه الله، وهذا عسر إذا عارضه مقتضى الشهوة، فإن ذلك لا يحصل الغرض من الثواب حتى يبتغي به وجه الله وسبق تخليص هذا المقصود مما يشوبه". [[فتح الباري (5/367) ]]. بل يؤجر الرجل على إتيان امرأته ليحصنها ويحصن نفسه، ويطلب بذلك الولد صدقة يثاب عليها.. كما في حديث أبي ذر رضي الله عنه، أن ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم. قال: ((أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهى عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة)). قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: ((أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر)) . [[صحيح مسلم، برقم 1006) ]]. قال النووي رحمه الله: "قوله صلى الله عليه وسلم ((وفي بضع أحدكم صدقة)) .... وفي هذا دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات، فالجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر الله سبحانه وتعالى به، أو طلب ولد صالح أو إعفاف نفسه أو إعفاف الزوجة، ومنعهما جميعا من النظر إلى حرام أو الفكر فيه أو الهم به، أو غير ذلك من المقاصد الصالحة ". [[شرح النووي على مسلم (7/92)]]. ولا شك أن ولي أمر المسلمين أولى بنيل
10 - فتح الباري (5/367) ]]. بل يؤجر الرجل على إتيان امرأته ليحصنها ويحصن نفسه، ويطلب بذلك الولد صدقة يثاب عليها.. كما في حديث أبي ذر رضي الله عنه، أن ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم. قال: ((أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهى عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة)). قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: ((أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر)) . [[صحيح مسلم، برقم 1006) ]]. قال النووي رحمه الله: "قوله صلى الله عليه وسلم ((وفي بضع أحدكم صدقة)) .... وفي هذا دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات، فالجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر الله سبحانه وتعالى به، أو طلب ولد صالح أو إعفاف نفسه أو إعفاف الزوجة، ومنعهما جميعا من النظر إلى حرام أو الفكر فيه أو الهم به، أو غير ذلك من المقاصد الصالحة ". [[شرح النووي على مسلم (7/92)]]. ولا شك أن ولي أمر المس
11 - صحيح مسلم، برقم 1006) ]]. قال النووي رحمه الله: "قوله صلى الله عليه
12 -



السابق

الفهرس

التالي


16124141

عداد الصفحات العام

2756

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م