﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


الشورى من صفات المؤمنين التي أثنى الله بها عليهم..

الشورى من صفات المؤمنين التي أثنى الله بها عليهم..
كما قال سبحانه وتعالى: {فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الِإثم وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ * وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}. [الشورى: 36_39وهي من السور المكية].
وأمر الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يشاور أصحابه، فقال:
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}. [آل عمران: 159].
إن مشاورة ولي الأمر رعيته في الأمور المهمة التي لم يرد بها نص من كتاب ولا سنة ولم ينعقد عليها الإجماع ولم يظهر دليل رجحان الإقدام عليها أو الإحجام عنها لهي مما لا غنى لولي الأمر عنها..
ولقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأولياء أمور أمته قاعدة الشورى التي وصف الله بها عباده المؤمنين، وأمَر بها رسولَه الأمين، وتبعه في ذلك خلفاؤه الراشدون رضوان الله عليهم، وشملت مشورة الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه كثيراً من الأمور السياسية والاقتصادية والصحية والاجتماعية والحربية..
والنصوص الدالة على ذلك كثيرة منثورة في أبواب متفرقة من كتب العلم المتنوعة، ككتب التفسير والحديث والفقه وكتب السياسة الشرعية..
وفيها بيان لصفات أهل الشورى وأمثلة لبعض أساليب إجرائها، وحكمها وما يترتب على العمل بها من آثار حميدة، وما يترتب على تركها من أضرار..
وليس المقام هنا مقام تفصيل في ذلك لأن المقصود بيان كون الشورى من صفات ولي الأمر الكفء الذي يستحق أن يكون قائداً للأمة، وقد أوضح علماء الإسلام أنها من قواعد سياسة المسلمين.
قال القرطبي رحمه الله: "قال ابن عطية: والشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام، من لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب، هذا ما لا خلاف فيه، وقد مدح الله المؤمنين بقوله: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}.. قال ابن خويز منداد: واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون، وفيما أشكل عليهم من أمور الدين، ووجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب، ووجوه الناس فيما يتعلق بالمصالح، ووجوه الكتاب والوزراء والعمال فيما يتعلق بمصالح البلاد وعمارتها.
والشورى بركة قال عليه السلام: ((ما ندم من استشار ولا خاب من استخار))" . [قال الحافظ ابن حجر: "والحديث أخرجه الطبراني في الصغير بسند واه جدا" فتح الباري (11/148) وراجع فيض القدير شرح الجامع الصغير (5/442-443)].
وقال بعضهم: شاور من جرب الأمور، فإنه يعطيك من رأيه ما وقع عليه غالباً، وأنت تأخذه مجاناً.. وقد جعل عمر ابن الخطاب رضي الله عنه الخلافة، وهي أعظم النوازل آنذاك شورى.. وقال سفيان الثوري: "ليكن أهل مشورتك أهل التقوى والأمانة ومن يخشى الله سبحانه وتعالى". [الجامع لأحكام القرآن (4/249)].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله: "لا غنى لولي الأمر عن المشاورة، فإن الله سبحانه وتعالى أمر بها نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} - إلى أن قال-: "فغيره صلى الله عليه وسلم أولى بالمشورة". [الفتاوى (28/386-387)].
وقد أجمل الحافظ ابن حجر رحمه الله عدة حوادث استشار فيها أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي تدل أن المشورة كانت دأبهم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتداء به. [راجع فتح الباري (13/342-343) وراجع صحيح البخاري (8/162)].
وإنما كانت للشورى هذه المنزلة في الإسلام لما يترتب عليها من المصالح، كظهور الصواب لولي الأمر بعد سماع الآراء والمشاورات وذكر حجج كل صاحب رأي، وإشعار ولي الأمر رعيته بأنهم أهل الشأن ليتحملوا معه مسؤوليته التي كُلِّفَها، واستفادة بعضهم من خبرة بعض، واستمرار الثقة بين ولي الأمر ورعيته..
وذلك يقوي جانبه ويدعم قراراته، ويشعر الرعية بالطمأنينة والرضا عن ولي أمرهم، ولما في ذلك من جمع كلمة أهل الحل والعقد عندما يتشاورون في أمرهم ويصدرون عن رأي واحد.. [5].
ومعلوم هو نجاح الأعمال الإدارية التي يكون لأفرادها مشاركة في مناقشة الأمور قبل اتخاذ القرارات المتعلقة بها. [6].
وإذا كان علماء الإدارة إنما وصلوا إلى هذه النتيجة بالتجارب الطويلة ولا زالوا يواصلون تجاربهم للارتقاء بها، فإن الله سبحانه وتعالى قد تعبد بها عباده المؤمنين في وحيه الذي أنزله على رسوله قبل خمسة عشر قرناً من الزمان.
ولقد ابتليت الأمة الإسلامية في غالب بلدانها، بمن يستبد بأمرها من دونها في عامة شئونها السياسية والدبلوماسية، والاقتصادية والمالية، والاجتماعية والتعليمية والإعلامية، فترتب على ذلك مفاسد عظيمة:
المفسدة الأولى: فقد صفةٍ مدح الله بها هذه الأمة في كتابه الكريم، كما مدحها بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة...
المفسدة الثانية: عصيان أمر الله سبحانه وتعالى بعدم تنفيذ أمره بها.
المفسدة الثالثة: شعور الرعية بأن ولي أمرها مستبد بالأمر لا يلقي لها بالاً، بل يتصرف في شئونهم بمفرده فيحدث ذلك جفاء بينه وبينهم.
المفسدة الرابعة: تحمل الأمة عواقب وخيمة ناشئة من التصرفات السيئة التي صدرت ممن استبد بأمرها وحرمها من المشاركة في تقرير شئونها...

1 - قال الحافظ ابن حجر: "والحديث أخرجه الطبراني في الصغير بسند واه جدا" فتح الباري (11/148) وراجع فيض القدير شرح الجامع الصغير (5/442-443)
2 - الجامع لأحكام القرآن (4/249)
3 - الفتاوى (28/386-387)
4 - راجع فتح الباري (13/342-343) وراجع صحيح البخاري (8/162)
5 - لصاحب البحث رسالة مستقلة في الشورى بعنوان: "الشورى" جمع فيها كثيراً من النصوص المتعلقة بالشورى من الكتاب والسنة وسيرة الصحابة وأقوال العلماء، وفصل القول في مسائل مهمة فيها، وقارن باختصار بين الشورى والديمقراطية والاستبداد "الديكتاتورية" مبيناً ما تميزت به الشورى على غيرها من المحاسن، وسلامتها من المفاسد التي تنجم عن تطبيق النظامين الآخرين باختصار مفيد
6 - القيادة الإدارية الحديثة لأحمد الشنتاوي ص227



السابق

الفهرس

التالي


16124401

عداد الصفحات العام

3016

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م