[
الصفحة الرئيسية
] [
حول الموقع
] [
تعريف بصاحب الموقع
]
﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب
::
66- سافر معي في المشارق والمغارب
::
(34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف.
::
(067) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(066) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(065) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث
::
::
::
::
::
::
::
::
::
::
جملة البحث
جميع محتويات الموقع
المقالات العامة
مقالات الحدث
الجهاد في فلسطين
2 أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع المسلم
المقالات العامة
الإيمان هو الأساس
غيث الديمة الجزء الأول
غيث الديمة الجزء الثاني
حوارات مع أوربيين مسلمين
حوارات مع أوربيين غير مسلمين
الحدود و السلطان
حكم زواج المسلم بالكتابية
رحلة هونج كونج
جوهرة الإسلام
كتاب الجهاد
المسئولية في الإسلام
دور المسجد في التربية
كتاب سبب الجريمة
كتاب الشورى في الإسلام
كتاب السباق إلى العقول
الإيمان إصطلاحاً و أثره سلوكاً
كتاب طل الربوة
كتاب الوقاية من المسكرات
الكفاءة الإدارية
معارج الصعود إلى تفسير سورة هود
مقدمة سلسلة في المشارق و المغارب
المجلد الأول : رحلات الولايات المتحدة الأمريكية
المجلد الثاني : رحلات المملكة المتحدة (بريطانيا) و آيرلندا
المجلد الثالث : رحلات اليابان وكوريا وهونغ كونغ
المجلد الرابع:رحلات إندونيسيا الجزء الأول 1400هـ ـ 1980م
المجلد الخامس : الرحلة إلى إندونيسيا الجزء الثاني 1410هـ ـ 1990م
المجلد السادس : رحلات إندونيسيا الجزء الثالث 1419هـ ـ 1989م
المجلد السابع : رحلات أستراليا و نيوزيلاندا و سريلانكا
المجلد الثامن : رحلات كندا و إسبانيا
المجلد التاسع : رحلات سويسرا و ألمانيا و النمسا
المجلد العاشر : رحلات بلجيكا و هولندا و الدنمارك
المجلد الحادي عشر:رحلات السويد و فنلندا و النرويج
المجلد الثاني عشر : رحلات فرنسا و البرتغال و إيطاليا
المجلد الثالث عشر : رحلات سنغافورة و بروناي و تايوان
المجلد الرابع عشر : رحلات باكستان و الهند
المجلد الخامس عشر : رحلات تايلاند (بانكوك)
المجلد السادس عشر : الرحلة إلى ماليزيا
المجلد السابع عشر : رحلات الفلبين
المجلد الثامن عشر : رحلة كينيا
الفهرس
عظمة الإبداع والخلق:
عظمة الإبداع والخلق:
إن كل إنسان عاقل لو تأمل ما أمكنه تأمله من خلق الله تعالى، من
13
ة إلى الفيل، ومن ذرة الرمل إلى شواهق الجبال، ومن أقل قطرة ماء إلى محيطات البحار، ومن أصغر زهرة في نبتة إلى أسمق شجرة وأعظم غابة، ومن أصغر نجم في الفضاء إلى أعظم مجرة خلقها الله تعالى في الكون العلوي، بل في أي عضو من أعضاء جسمه وما هيأه الله تعالى له من وظيفة ظاهرة يقوم بها، لتجلَّت له عظمة الله في خلقه، وأوجب له ذلك غاية الخشية والرهبة والخشوع والإخبات لربه الخالق المبدع العظيم.
قال تعالى:
{بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
(117)
}
[
1
]
والبديع اسم فاعل جاء على صيغة المبالغة المعروفة في اللغة العربية، كما قال القرطبي رحمه الله:
{بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}
[
2
]
فَعِيل للمبالغة.... واسم الفاعل مبدع، كبصير من مبصر. أبدعت الشيء لا عن مثال، فالله عز وجل بديع السموات والأرض، أي منشئها وموجدها ومبدعها ومخترعها على غير حد ولا مثال. وكل من أنشأ ما لم
15
بق إليه قيل له مبدع...
[
(2/86)
.]
نعم إنه المبدع الذي لا يوجد مبدع سواه، فالبشر مهما اخترعوا من مخترعات، ومهما أوجدوا من صناعات، إنما بنوها على أمثلة سبقهم إلى أصلها غيرهم من المخلوقين ممن علمهم الله تعالى ما لم يعلموا إلا بتعليمه:
{وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ
(31)
قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ
(32)
}
[
4
]
وإبداعه تعالى خلقه على غير مثال سابق، ل
15
قاصراً على شيء دون شيء، بل هو شامل لكل الكون:
{بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}
، وهو تعالى يُكَوِّنُ مبدعاته بكلمة واحدة:
{وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}
.
وقال تعالى:
{وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
(101)
ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ...
(102)
}
[
5
]
تأمل قوله تعالى:
{وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ}
بلفظ الماضي، وقوله عز وجل:
{خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}
بلفظ اسم الفاعل الدال على الاستقبال، و
{يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ..}
[
6
]
. في الحال، فكل ما مضى في الكون خلقه الله وحده، وكل ما يوجد في الحال، وكل ما سيأتي من موجودات علوية أو سفلية فالله تعالى وحده خالقها، ولا خالق سواه لما مضى ولا لما
15
تقبل:
{هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ
(3)
}
[
7
]
أيهما أولى بالتفكر والاعتبار؟
ومن غرائب الأمور أن ترى الناس يعجبون كل العجب، لرسم رسَّام صورة لمخلوق من مخلوقات الله، كإنسان أو شجرة أو جبل، أو أي منظر خلاب خلقه المبدع الوهاب، أو رسم صورة لبناء ـ كتاج محل مثلاً ـ أتقن تخطيطه مهندس من عباد الله قضى في تعلمه وتدربه وقتاً غير
15
ير من عمره، حتى وصل إلى ما وصل إليه، مع أن الله هو الذي وهبه ما مكنه من ذلك، فترى الآلاف والملايين من البشر يشدون الرحال ويتعرضون للمخاطر والأهوال وينفقون الجمَّ من الأموال، ليقفوا أمام ذلك الرسم أو ذلك البناء، مظهرين الدهش والعجب من تلك الأعمال العظام التي تطرب القلوب وتأسر العقول والأحلام.
ول
15
التعجب من الأعمال الضخمة المتقنة التي يقوم بها الإنسان بمستنكر، بل إن ذلك مما جبل عليه البشر، والسبب في تعجبهم أن غير القادر على صنع مثل تلك الأعمال، إما لجهله وإما لعجزه وإما لضعف همته وإرادته، يتعجب من صنع من تعلَّم وتدرَّب وعَلَت همته حتى وصل إلى ما وصل إليه.
وإنما المستنكر والعجب ممن كبرت عنده صناعة المخلوق مهما عظمت، وغفل عن بديع صنع الله تعالى وعظم خلقه الذي لا يرد عليه العجب كما يرد على صنع المخلوق؛ لأن الله تعالى قادر على كل شيء ولا يعجزه شيء.
ولهذا ورد في كتاب الله الحث على التفكر والتدبر وإعمال العقل فيما صنع سبحانه، مثل قوله تعالى:
{كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ
(266)
}
[
8
]
وقوله:
{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَت التَّوْرَاةُ وَالإِنجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ
(65)
}
[
9
]
وقوله:
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ
(190)
الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
(191)
}
[
9
]
{كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
(61)
}
[
11
]
بل ورد في كتاب الله إنكار التعجب من صنعه تعالى الذي جاء على خلاف ما اعتاده البشر في الغالب، كما قال تعالى عن الملائكة في خطابهم لزوج إبراهيم عليه السلام عندما تعجبت من بشراهم لها بأنها سيولد لها ولد مع كبرها وكبر زوجها:
{وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَقَ يَعْقُوبَ
(71)
قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ
(72)
قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ
(73)
}
[
12
]
قال السيد محمد رشيد رضا رحمه الله، في قوله تعالى:
{قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ}
: "هَذَا الِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارٌ لِاسْتِفْهَامِهَا التَّعَجُّبِيِّ ، أَيْ لَا يَنْبَغِي لَكِ أَنْ تَعْجَبِي مِنْ شَيْءٍ هُوَ مِنْ أَمْرِ اللهِ الَّذِي لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ ، - إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ - 36 : 82 وَإِنَّمَا يَصِحُّ الْعَجَبُ مِنْ وُقُوعِ مَا يُخَالِفُ سُنَّتَهُ - تَعَالَى - فِي خَلْقِهِ ، إِذَا لَمْ يَكُنْ وَاضِعُ السُّنَنِ وَنِظَامِ الْأَسْبَابَ هُوَ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهَا وَاقِعَةً يَجْعَلُهَا مِنْ آيَاتِهِ ; لِحِكْمَةٍ مِنْ حِكَمِهِ فِي عِبَادِهِ" انتهى
فهو تعالى القادر على كل شيء، يحيي الميت ويميت الحي، ويخلق الإنسان من الترب، ومن نطفة، ويخلقه من أبوين، ويخلقه من أب فقط، ويجعل النار محرقة، و
15
لب منها الإحراق، ويفلق البحر، فيجله يبسا، يتخذ الإنسان طريقا:
{صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ....
(88)
}
[
13
]
{وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ
(19)
}
[
14
]
{وَآيَةٌ لَهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ
(37)
وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ
(38)
وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ
(39)
لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ
(40)
}
[
15
]
فأيِّ الأمرين أولى بالتفكر والتأمل والاعتبار؟ أل
15
ما خلقه الله وأبدعه في كونه الفسيح ما علم منه في سماواته وأرضه للعلماء والأميين، وإن تفاوتوا في علمه وفهمه وعمق معانيه، وما اختص به العلماء، وما لم يعلم للجميع، هو الجدير بالتفكر والتأمل ليرى العاقل فيه عظمة الله وقوته وقدرته وحكمته، فيأسر تلك العقول بما يدهشها، ويملأ تلك القلوب بما يحييها ويكسبها حباً للخالق المبدع، وهيبة وخشية وخشوعاً وإخباتاً؟!
عظمة الله في رزقه:
الله وحده هو الذي يرزق مخلوقاته كلها فلا رازق سواه كما أنه لا خالق ولا مبدع غيره، وقد نبَّهنا تعالى في كتابه على ذلك، وأكَّده كثيراً بأساليب متنوعة؛ لأن الرزق إحدى القضايا الكبرى التي تهم الإنسان في حياته ويخاف من انقطاعها، والذي يضعف إيمانه ويقل يقينه بأن الله تعالى هو وحده واهبه ومانعه ويظن أن رزقه مرتبط بأي مخلوق من خلق الله يقدر على منحه له أو منعه منه، لا بد أن
15
لم نفسه له ويتبعه ويصير متعلق القلب به شبيهاً بالحيوانات المستألفة التي يدربها من
15
وسها على السمع والطاعة له عن طريق ما يجود به لها من الطعام والشراب، إذا هي نجحت في الطاعة، ويحرمها منهما إذا هي فشلت في ذلك، فإذا افتقر أو فارق الحياة علمت أنه لا حول له ولا قوة في رزقها.
فأكثر الله تعالى في كتابه من بيان أن الرزق كله بيده يؤتيه من يشاء واسعاً كثيراً، ويقدره لمن يشاء ضيقاً قليلاً، ليعلم الإنسان أن غير الله لا يقدر على منحه ولا منعه، ويكون عبداً له لا لسواه من العبيد، مهما ظهرت لهم من سلطة وعظمة في الدنيا.
ولنتأمل بعض تلك الآيات التي تثبت في قلب المؤمن اليقين الجازم بأن الخالق وحده هو الرزاق وحده:
قال تعالى:
{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ
(6)
}
[
12
]
الآية الكريمة عامة في كل دابة في الأرض، والدابة كل ما يدب على الأرض ـ من المخلوقات التي لا حياة لها إلا بالرزق ـ ويشمل ذلك الطيور على اختلاف أنواعها؛ لأن طيرانها في الجو ل
15
دائماً، فهي تتناول طعامها وشرابها في الأرض وتنام على الأرض أو على الأشجار النابتة فيها.
ويجوز في غير القرآن أن تقول: "وما دابة في الأرض إلا على الله رزقها" مبتدأ وخبر، والنكرة في سياق النفي يفيد ظاهرها العموم، كما هو معروف عند العلماء، والقاعدة عندهم أن ما أفاد ظاهره العموم قد يخرج منه بعض أفراده بالتخصيص، كما تقول: ما جاء من القوم أحد، يجوز أن يكون جاء بعضهم، فإذا أدخلت "مِن" على النكرة المنفية، فقلت: ما جاء من القوم من أحد أفاد ذلك التنصيص على عموم النفي، فلا يبقى احتمال خروج بعض أفراد المنفي من هذا النفي بل القوم كلهم مقطوع بنفي مجيئهم، والأمر كذلك في الآية فقد دخلت "مِن" على النكرة وهي "دابة" ومعنى ذلك أن كل ما يدب على الأرض قد كتب الله على نفسه رزقه، وهو وحده الذي يرزقه.
ومثل الآية السابقة قوله تعالى:
{وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
(60)
}
. إلى أن قال تعالى:
{... اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
(62)
}
[
17
]
وقال تعالى:
{ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ
(58)
}
[
18
]
أكَّد الله تعالى في هذه الآية اختصاصه برزقه مخلوقاته بحرف إن المفيدة للتأكيد، والجملة الإسمية: المبتدأ والخبر المعرفان بأل وهما "الله..الرزاق" وبالضمير الفاصل بينهما "هو" والمقصود من هذه التأكيدات، هم الذين مسخ الشيطان فطرهم الذين لم يهتدوا بهدى الله تعالى ولم يتفكروا بعقولهم فيما أوجده الله تعالى من الكون العلوي والسفلي، بخلاف من آمن بالغيب وصدق رسوله فيما جاء به من الوحي وفكر فيما خلق الله من السماوات والأرض وما بينهما وما فيهما من دقة وإتقان، فإنهم يعلمون أنه لا رازق سوى الله تعالى.
قال تعالى:
{أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ
(21)
}
[
19
]
فإذا تصورالعاقل الكم الذي لا يحصيه إلا الله من الدواب صغارها وكبارها التي لا يرزقها على هذه الأرض إلا الله الواحد تعالى، أوجب له ذلك غاية التعظيم والتمجيد للخالق الرازق العظيم، وخشع له قلبه وأخبتت له جوارحه في كل لحظة يتفكر فيها في اسم الله الرازق.
وإذا ما تفكر العاقل في الأسباب التي هيأها الله تعالى ولا يزال يهيئها لإيجاد رزقه سبحانه لهذه الدواب، ومنها الإنسان لأنه يدب على الأرض، زاده ذلك لربه إجلالاً وتعظيماً وإخباتاً، فالمطر الذي يودعه الله في السحب والهواء الذي
15
خره ل
15
وق السحاب إلى حيث شاء من أرضه، فيعصره على أرض ميتة فيحييها به، والشمس التي تنعش بأشعتها الزروع والأشجار، والأرض الخصبة التي ينبت الله فيها تلك الزروع والأشجار، وسُوق الشجر والزرع التي جعلها تتشرب الماء لسقيها وتنميتها وبقائها مخضرة حتى تؤتي ثمارها، ثم تسخير الله لكل دابة السبل التي تتمكن بها من تناول رزقها، كل ذلك وغيره مما لا يحصيه إلا الله تعالى من أسباب الرزق، إن ذلك موجب للعاقل كمال الخضوع وغاية الرهبة والخشوع والمحبة للخالق المبدع الرازق.
إضافة إلى الأسباب التي زود الله بها الإنسان لصنع رزقه وتناوله، كعقله الذي يمكنه من التفكير في ذلك مثل التجارة والزراعة والصناعة وأدواتها، وكذلك الأدوات التي أوجدها في ذاته كاليدين والرجلين والجهاز الهضمي والجهاز الإخراجي، وغير ذلك مما يشمله قوله تعالى:
{وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ
(20)
وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ
(21)
}
[
18
]
1
- البقرة.
2
- البقرة116
3
- (2/86).
4
- البقرة
5
- الأنعام
6
- القصص
7
- فاطر
8
- القرة
9
- آل عمران
10
- آل عمران
11
- النور
12
- هود
13
- النمل
14
- الحجر
15
- يس
16
- هود
17
- العنكبوت
18
- الذاريات
19
- الملك
20
- الذاريات
الفهرس
16124020
عداد الصفحات العام
2635
عداد الصفحات اليومي
جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م