﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


الأمر الخامس: الوعظ المؤثر:

الأمر الخامس: الوعظ المؤثر:
والوعظ هو الكلام الذي تلين به القلوب، مثل خطب الجمعة وغيرها من المواعظ التي تشد السامع وتجعله يقبل إلى الواعظ منتبها لما يسمع ليعقل ما يقوله، وتجعل قلبه يتشرب معاني الموعظة فيلين فعلاً ويطمئن إليها، فيعزم في نفسه إلى العمل بما علم.
ولست أقصد هنا تعليم القارئ بيان أساليب الخطابة والحديث عن الخطباء المؤثرين فلست متخصصاً في الخطابة، وإنما أقصد مجرد الإشارة إلى اهتمام المسلم بما يذكِّره بالله تعالى دائماً، ليمتلئ قلبه بعظمة الله وخشيته والخشوع له، فإذا اهتم بذلك فسيجيد اختيار من يحضر خطبه ومواعظه ومجالسه، ويقطف ثمرة ذلك الحضور.
وأصغ سمعك إلى هذه الآية الكريمة، التي أرشد فيها الله تعالى رسوله إلى قوة التأثير في نفوس فئة من الناس لا تستقيم على منهاج واضح في حياتها، فلا إيمان صادق، ولا كفر صريح، وإنما هو نفاق ملتوٍ، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، وما أكثرهم في كل زمان، وما أعظم ضررهم على هذه الأمة: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63)} [1]
تأمل كيف وصفهم الله تعالى لرسوله، وتأمل خطاب الله تعالى لنبيه في الجملتين الأخيرتين من الآيات: {وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً} لأن إيصال الحق بالقول البليغ يقطع شبههم ويبالغ في إقامة الحجة عليهم فقد يؤثر ذلك في بعضهم فيؤوب إلى الله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (92)} [2]
قال ابن كثير رحمه الله في معنى {قُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ...} "{ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً }: أي وانصحهم فيما بينك وبينهم بكلام بليغ رادع لهم"..
قال الشيخ السعدي رحمه الله: "{وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلا بَلِيغًا} أي: انصحهم سراً بينك وبينهم، فإنه أنجح لحصول المقصود، وبالغ في زجرهم وقمعهم عمَّا كانوا عليه، وفي هذا دليل على أن مقترف المعاصي وإن أعرض عنه فإنه ينصح سرًا، ويبالغ في وعظه بما يظن حصول المقصود به".
ولقد طلب موسى من الله تعالى أن يرسل معه أخاه هارون، ليبلغ معه فرعون وقومه؛ لأنه أوضح منه بياناً وأكثر فصاحة، والكلام الفصيح أكثر تأثيراً في المخاطبين من غيره: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ(34)} [3] لأنه كان يعلم أن عدوه قد يستغل ضعف فصاحته، ويعيبه به، وقد ذكر الله تعالى عن فرعون قوله: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ (52)} [4]
ولا بد مع فصاحة الخطيب أو الواعظ، أن يكون قدوة حسنة للسامعين، يرون فعله مطابقاً لقوله كما قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (21)} [5].
وقال تعالى عن نبيه شعيب الذي لقبه بعض المفسرين بخطيب الأنبياء، قال عنه وهو يخاطب قومه: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ(88)} [6]
وقد كان رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، عظيم التأثير في أصحابه، يجعل قلوبهم ترتعد خوفاً ووجلاً من ربهم، وعيونهم تدمع من قوة الأسلوب البليغ الذي يخاطبهم به، وسمو المعاني التي تتغلغل في قلوبهم، كما في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: "وَعَظَنَا رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، مَوْعِظَةً بليغةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُون، فقُلْنَا: يا رَسولَ اللَّه كَأَنَهَا موْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا... الحديث" [7]


1 - النساء
2 - المائدة
3 - القصص
4 - الزخرف
5 - الأحزاب
6 - هود
7 - سبق تخريج الحديث وكلام ابن رجب عليه.



السابق

الفهرس

التالي


16124206

عداد الصفحات العام

2821

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م