﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


الأمر السادس: مصاحبة الخاشعين:

الأمر السادس: مصاحبة الخاشعين:
ومعلوم هو أثر مصاحبة القرين الصالح فيمن يصاحبه، وقرين السوء فيمن يجالسه، قال تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (27) يَا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً (29)} [1]
وقال عز من قائل: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37) حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (38)} [2]
وروى أبو موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير. فحامل المسك، إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة. ونافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحاً خبيثة) [البخاري (2/740) و مسلم (16/152).]
ولقد كان بعض أصحاب الرسول ‘صلى الله عليه وسلم، لكثرة مصاحبتهم له، ولشدَّة تأثرهم بوعظه لهم وخشوعهم لربهم بسبب ذلك، يخافون على أنفسهم من النفاق إذا فقدوا ذلك الخشوع عندما يخرجون من عنده.
وتأمل قصة حنظلة وأبي بكر الصديق في شكواهما ذلك إليه صلى الله عليه وسلم، قال حنظلة: "كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوعظنا فذكر النار، قال: ثم جئت إلى البيت فضاحكت الصبيان ولاعبت المرأة، قال: فخرجت فلقيت أبا بكر. فذكرت ذلك له. فقال: وأنا قد فعلت مثل ما تذكر. فلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! نافق حنظلة، فقال: (مه) فحدثته بالحديث. فقال أبو بكر: وأنا قد فعلت مثل ما فعل. فقال: (يا حنظلة! ساعة وساعة. ولو كانت ما تكون قلوبكم كما تكون عند الذكر، لصافحتكم الملائكة، حتى تسلم عليكم في الطرق). وفي رواية: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده! إن لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم. ولكن، يا حنظلة! ساعة وساعة) ثلاث مرات.[مسلم (17/58).]
تفسير أهل الفسق لحديث حنظلة!
نعم! ساعة وساعة، ومن الصعب على الإنسان مهما بلغ إيمانه أن يكون على حالةٍ واحدة من خشية الله والخشوع له في كل أحيانه، ولكن على المؤمن أن يتعاهد نفسه بذكر الله تعالى ويتذكر عظمته، حتى لا يطول عليه الأمد فيقسو قلبه كما قست قلوب الأمم قبله، فساعة في ذكر الله والخشوع له، وساعة في الترويح عن نفسه بالمباحات، لا في المكروهات والمحرمات. وما هي ساعة حنظلة وأبي بكر التي شكَوَا منها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم؟ إنها في السعي في الرزق وفي المعاشرة الحسنة للأزواج وفي ملاعبتهن ومضاحكة الأولاد التي تنفعهم، وهي من الأعمال المباحة التي يؤجر عليها، لما فيها من إدخال السرور على الأهل والأبناء، ولاسيما الأطفال!
ولقد صدق إبليس ظنه على حزبه الذين اتبعوا خطواته، وانغمسوا في فجوره وفسقه من كثير من ذراري المسلمين الذين أراد الله لهم الطهر والتزكية، وأرادوا لأنفسهم ولمن أضلوهم من أوليائهم من التدنيس والتدسية، غير ما أراده الله لهم: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً(27)} [5]
هؤلاء الذين يبيتون يجاهرون الله بالمعصية في المراقص والمسارح، وعلى شاشات الفضائيات يختلط فيها رجالهم ونساؤهم عارية أبدان نسائهم من الألبسة الساترة للعورات، فارغة قلوبهم من خشية الله وتقواه، يتعاطون من المنكرات ما يسخط الله ورسوله والمؤمنين، يحملون قول الرسول صلى الله عليه وسلم لحنظلة: (ساعة وساعة) على ساعات فسقهم وفجورهم الذي يجاهرون الله به من معاصيه، ومن عجب أن يستدلوا على فسقهم بهذا الحديث، ويغير بعضهم معناه، فيقول: "ساعة لربك وساعة لقلبك" فبدلاً من تزكية قلوبهم وتطهيرها بطاعة الله وذكره وخشيته والخشوع له، يدنسون تلك القلوب بالأدناس والشهوات المحرمة والأرجاس، فتمضي غالب ساعات أعمارهم للشيطان والنفس الأمارة بالسوء والهوى المردي، في غفلة دائمة عن الله وهجر مستمر لكتابه وذكره، وغالب لهوهم ولعبهم يقضونه في أكثر آناء الليل الذي هو محل العبادة والتفكر في خلق السماوات والأرض لأولي الألباب!


1 - الفرقان
2 - الزخرف
3 - البخاري (2/740) و مسلم (16/152).
4 - مسلم (17/58).
5 - النساء



السابق

الفهرس

التالي


16124007

عداد الصفحات العام

2622

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م