﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


وجوب الخشوع في الصلاة:

وجوب الخشوع في الصلاة:
والذي يظهر أن مجاهدة المؤمن نفسه ليخشع لله تعالى واجبة عليه، وبخاصة في الصلاة، فقد جعل الله تعالى الخشوع أول صفة للمؤمن المصلي: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)} [1]
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره في أول السورة: "اختلف الناس في الخشوع، هل هو من فرائض الصلاة أو من فضائلها ومكملاتها على قولين. والصحيح الأول، ومحله القلب، وهو أول علم يرفع من الناس؛ قاله عبادة بن الصامت، رواه الترمذي من حديث جبير بن نفير عن أبي الدرداء، وقال: هذا حديث حسن غريب. وقد خرجه النسائي من حديث جبير بن نفير أيضاً عن عوف بن مالك الأشجعي من طريق صحيحة" [الجامع لأحكام القرآن (12/102).]
وقال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى: "فإن قيل‏:‏ فخشوع القلب لذكر اللّه وما نزل من الحق واجب؟‏ قيل‏:‏ نعم، لكن الناس فيه على قسمين‏: ‏مقتصد وسابق، فالسابقون يختصون بالمستحبات. والمقتصدون الأبرار‏:‏ هم عموم المؤمنين المستحقين للجنة، ومن لم يكن من هؤلاء، ولا هؤلاء، فهو ظالم لنفسه، وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏اللّهم، إني أعوذ بك من عِلْمٍ لا ينفع، وقلب لا يخشع، ونَفْسٍ لا تَشْبَعُ، ودعاء لا يُسْمَع‏)‏‏." انتهى.[الحديث ذكره ابن الأثير في جامع الأصول: "أخرجه الترمذي، والنسائي" ورواه الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة، بلفظ: "كان رسول الله ‘ يدعو فيقول: (اللهم إني أعوذ بك من الأربع، من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ونفس لا تشبع، ودعاء لا يسمع) وقال: "هذا حديث صحيح ولم يخرجاه".]

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول في ركوعه: (اللهم! لك ركعت. وبك آمنت. ولك أسلمت. خشع لك سمعي وبصري. ومخي وعظمي وعصبي). [4]
من مظاهر الخشوع البكاء من خشية الله:
أصل الخشوع في القلب ويظهر أثره على الجوارح، كما سبق في قوله تعالى: {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}.
هذه الآية تدل على ما سبق من أن من أهم أسباب الخشوع الخشية والرهبة من الله تعالى، فقد عطف لين القلوب وهو خشوعها، على قشعريرة الجلد من شدة الخوف من الله تعالى، فإذا كان الجلد يقشعر من خوف الله، والقلب يلين ويخشع ويطمئن إلى ذكر الله تعالى معظما له، فإن العين تدمع لذلك، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (108) وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً(109)} [5]
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم، قدوة لأمته في البكاء من خشية الله والخشوع له، كما في حديث ابن مَسعودٍ رضي الله عنه قالَ: قال لي النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (اقْرَأْ علَّي القُرآنَ) قلتُ: يا رسُولَ اللَّه، أَقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ ؟، قالَ: (إِني أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي) فقرَأْتُ عليه سورَةَ النِّساء، حتى جِئْتُ إلى هذِهِ الآية: {فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّة بِشَهيد وِجئْنا بِكَ عَلى هَؤلاءِ شَهِيداً} [6]. قال: (حَسْبُكَ الآن) فَالْتَفَتُّ إِليْهِ، فَإِذَا عِيْناهُ تَذْرِفانِ.[7]
وفي حديث مطرف بن الشخير عن أبيه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصلي وفي صدره أزيز كأزيز الرحى من البكاء ‘".[8]
وبشر صلى الله عليه وسلم، من بكى من خشية الله والخشوع له بالنجاة من النار، روى أبو هريرة، رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (لا يلجُ النَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيةِ اللَّهِ حتَّى يعُودَ اللَّبَن في الضَّرعِ، وَلاَ يَجْتَمِعُ عَلَى عَبْدٍ غُبَارٌ في سبيل اللَّهِ ودخَان جهَنَّم). [9]
كما ذكر حديثا آخر عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهـما، قال: سمعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يقول: (عينانِ لا تمسُّهُما النَّارُ عينٌ بكَتْ من خشيةِ اللهِ، وعينٌ باتتْ تحرسُ في سبيلِ اللهِ).[10]
وفي حديث لأبي هريرة... قالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظلُّهُ).. ومنهم: (رَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ). [رواه 7]
والقاعدة أن الفاء العاطفة تفيد الترتيب والتعقيب، وهي هنا سببية، أي إن ذكره الله تسبب عنه فيض عينيه مباشرة، ويبدو أنه سريع الخشية والخشوع من ذكر الله، وهذه السرعة في الخشوع لا يحرزها كل الخاشعين، بل يحتاج كثير من الناس إلى التأمل والمجاهدة حتى يخشع من ذكر الله، ولكلٍّ درجته وثوابه عند ربه.
ويبدو لي أن من المجاهدة تَكَلُّفَ المؤمن التخشع بينه وبين ربه إذا لم يحصل له بدون ذلك، ولعل ذلك يؤخذ من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ومن يَتَصَبَّر يصبره الله).[12] والتصبر تكلف الصبر ومعالجته مع ثقله على النفس، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح هذه الجملة الشرطية: "ومن يتصبر أي يعالج نفسه على ترك السؤال ويصبر إلى أن يحصل له الرزق، وقوله: يصبره الله أي فإنه يقويه ويمكنه من نفسه حتى تنقاد له ويذعن لتحمل الشدة فعند ذلك يكون الله معه فيظفره بمطلوبه" وقوله: (ذكر الله خاليا) يشمل كونه في الصلاة وخارجها.
ومعلوم أن الأخلاق التي يتحلى بها الإنسان قسمان: قسم فطري جبلي، يجبل الله الإنسان عليه، وقسم آخر يتخلق به ويدرب نفسه عليه حتى يتمكن من الاتصاف به، كما تدل على ذلك قصة أشج عبد القيس رضي الله عنه الذي قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن فيك خلتين يحبهما الله الحلم والأناة) قال: يا رسول الله أنا أتخلق بهما أم الله جبلني عليهما؟ قال: (بل الله جبلك عليهما) قال: الحمد لله الذي جبلني على خلتين يحبهما الله ورسوله". [13]

1 - المؤمنون
2 - الجامع لأحكام القرآن (12/102).
3 - الحديث ذكره ابن الأثير في جامع الأصول: "أخرجه الترمذي، والنسائي" ورواه الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة، بلفظ: "كان رسول الله ‘ يدعو فيقول: (اللهم إني أعوذ بك من الأربع، من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ونفس لا تشبع، ودعاء لا يسمع) وقال: "هذا حديث صحيح ولم يخرجاه".
4 - صحيح مسلم من حديث علي رضي الله عنه.
5 - الإسراء
6 - النساء: 40
7 - البخاري ومسلم.
8 - رواه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم في المستدرك، وقال: " حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه".
9 - ذكره في رياض الصالحين، وقال: رواه الترمذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
10 - رواه الترمذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ.
11 - رواه البخاري ومسلم.
12 - البخاري
13 - رواه أحمد ومسلم أبو داود وغيرهم واللفظ لأبي داود.



السابق

الفهرس

التالي


16124246

عداد الصفحات العام

2861

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م